-
أقلام وآراء (740 )
أقلام وآراء ( 740)
ذكرى حرب وإعمار غزة المركز الفلسطيني للإعلام،،، فلسطين أون لاين،،، د. أيمن أبو ناهية
الحرب على غزة أولاً المركز الفلسطيني للإعلام،،، عماد صلاح الدين
الواقعية السياسية وفن الممكن المركز الفلسطيني للإعلام،،، خالد معالي
هل هناك حدود لحرية التعبير؟؟ المركز الفلسطيني للإعلام ،،، فلسطين أون لاين،،، أحمد أبورتيمة
عندما ترث حماس نظام مبارك! فلسطين الآن،،فلسطين أون لاين،،، فايز أبو شمالة
في ذكراها الثالثة.. الحرب تتجدد في حمص فلسطين الآن،، فلسطين أون لاين،،، حمزة اسماعيل أبو شنب
تأملات على هامش ذكرى الفرقان! فلسطين الآن،،فلسطين أون لاين،،، لمى خاطر
الدلالات السياسية لجولة هنية فلسطين أون لاين،،، جمال أبو ريدة
ذكرى حرب وإعمار غزة
المركز الفلسطيني للإعلام،،، فلسطين أون لاين،،، د. أيمن أبو ناهية
في الذكرى الثالثة للحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2008-2009 التي استخدمت فيها أعتى أنواع الأسلحة المتطورة بمختلف أنواعها وأصنافها وقوتها التدميرية من سلاح الدبابات والمدفعية والدروع والجرافات والكاسحات وسلاح البوارج والزوارق البحرية وسلاح الجو بطيرانه متعدد الأنواع والأحجام، بالإضافة إلى سلاح المشاة والمدرعات وجهاز المخابرات.
فحسب المصادر العسكرية الإسرائيلية قدر حجم هذه الحرب بما استخدم فيها من أسلحة بثلاثة أضعاف ما تم استخدامه في حرب حزيران عام 1967 على أربعة جبهات مع دول المواجهة ناهيك عن الاختلاف الشاسع للتطور التكنولوجي والتقني ومدى القوة التدميرية لتلك الأسلحة.
كل هذه الأسلحة والكم الهائل من العدة والعتاد والذخائر والقنابل العنقودية الانشطارية التي كانت مزودة بالإشعاعات الفسفورية الحارقة الخارقة للحوم وعظام البشر والمزودة بمادة اليورانيوم المخصب وقنابل الدايم المحرم دولياً التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في تلك الحرب غير المتكافئة والتي استمرت لاثنين وعشرين يوماً متواصلة في قتل 1300 مدني من بينهم 410 أطفال و104 امرأة وأصيب أكثر من 5500 شخص من بينهم 2000 طفل و800 امرأة بمن فيهم الأطفال...
ناهيك عن التدمير الشامل للبلديات وشبكات الكهرباء والمياه والمباني السكانية والإذاعات والمساجد والجامعات والمصانع والمحال التجارية والجمعيات الخيرية الإنسانية ومدارس والمقرات الحكومية ومقرات وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة ومدرسة الفاخورة على رأس من فيها من عاملين وعائلات فلسطينية قد لجأت إليها كمكان وملاذ آمن، "فأخلاق الجيش الإسرائيلي" الذي يتغنى بها باراك دون خجل قد تسببت في جعل أكثر من 3500 شخص في العراء دون مأوى، وخير شاهد على ذلك تقرير غولدستون لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتقرير ريتشارد فولك مُقَرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وتقرير فرد أبرامز "هيومن رايتس ووتش".
فرغم كل هذا الدمار الذي لحق بقطاع غزة وبنيته التحتية والمحاصر منذ 5 سنوات على التوالي لم تحقق دولة الاحتلال أياً من أهدافها التي أعلنت عنها على رأسها استعادة الجندي شاليط الذي أنهك جهاز استخباراتها واستنفد قواها المادية والعسكرية طوال سنوات الأسر ولم تستطع استعادته إلا بصفقة تبادل الأسرى المهينة والمذلة لها، كما فشلت في القضاء على المقاومة وإنهاء حركة وحكومة حماس، ووقفت عاجزة أمام صواريخ المقاومة رغم زعمها امتلاكها صواريخ أمريكية متطورة بما يسمى بمنظومة "القبة الفولاذية" ومنظومة "الإنذار المبكر"، كما أنها فشلت في استعادة هيبة الجندي الإسرائيلي التي استمدتها من الحروب العربية السابقة بما كان يعرف بـ"الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر" أو مقولة "رابع أقوى جيش في العالم" خاصة وأنها قد فقدت هيبة الجندي الإسرائيلي في حرب تموز مع حزب الله عام 2006، بل أصبح شعار الجندي الإسرائيلي "الخوف من الخطف والأسر" وشعار الجيش الإسرائيلي "قصفه وخاطفيه بنيران صديقة".
صحيح أن قطاع غزة لا يزال يعاني من تلك الحرب والحصار الجائر على أمل أن تقدم الدول العربية، كما أعلنوا في مؤتمر "إعمار قطاع غزة" في شرم الشيخ عام 2009 بتقديم الدعم المادي الذي وعدوا به، وقد خصصوا لذلك مبلغ 4.5 مليار دولار وهو مبلغ متواضع بالنسبة للدول العربية لأشقائهم الفلسطينيين المنكوبين في قطاع غزة. فالجامعة العربية التي لا تحرك ساكناً قد أسدلت الستار على قضية إعمار غزة بمبلغ ضئيل جداً مقارنة بالمبلغ الأساسي الموعود ليصل إلى 32 مليون دولار وأعتقد أن هذا المبلغ في حد ذاته لا يرقى إلى ترميم المساكن التي أصابها القصف، ولا يفي بسد الاحتياجات الأساسية للأسر المنكوبة. والأدهى والأمرّ من هذا أن الجامعة العربية قد أطالت طريق إعمار غزة حين حولت هذا المبلغ إلى رام الله بدلاً من أن تسلمه إلى المعنيين والمتضررين من الأهالي في القطاع الذين ينتظرون العون لحظة بلحظة، ويبقى السؤال المفتوح، متى يتم إعمار غزة؟!
الحرب على غزة أولاً
المركز الفلسطيني للإعلام،،، عماد صلاح الدين
كتبت بتاريخ 25-7-2007 مقالا عن الوضع في قطاع غزة عنونته ب( حتمية الهجوم على قطاع غزة). وهو منشور بشكل واسع في كثير من المواقع الالكترونية وفي صحف فلسطينية وعربية. وانطلقت يومها في تفسير وتحليل مسألة حتمية الحرب على قطاع غزة من عدة نواح أهمها على الإطلاق أولوية وخطورة الجبهات الحربية المحيطة بإسرائيل: غزة وجنوب لبنان وسوريا وإيران.
وأشرت في المقال المذكور انه لا يعقل أن تكون هناك جبهة ملاصقة جدا للخاصرة الإسرائيلية في الجنوب، وهي جبهة تتعاظم يوما عن يوم خصوصا في مجال التطوير العسكري والبحث ليلا نهارا عن كل أداة بل وكل رصاصة تعمل حثيثا على تسارع وتائر تقوية وتحصين الجبهة في قطاع غزة. هذا إضافة إلى أن جلعاد شليط الذي أسرته المقاومة الفلسطينية عام 2002 في عملية الوهم المبدد، كان إطلاق سراحه بدون ثمن المقاومة الفلسطينية وفي المقدم منها حركة المقاومة الإسلامية حماس الشغل الشاغل لإسرائيل قبل إطلاق سراحه مؤخرا في صفقة التبادل الشهيرة بين حماس وإسرائيل في أواخر هذا العام.
والأكثر من هذا كله، أنني حاولت أن ابني تصوري عن حتمية الحرب القادمة- في حينها- التي تحققت بالفعل في أواخر عام 2008 وبداية عام 2009، والتي تصادف ذكراها هذه الأيام، من منطلقات فلسفية متعلقة بطبيعة الكيان الصهيوني، ومتعلقة في الجانب الآخر المتمثل في فلسفة التاريخ الناظم للأحداث عموما وللوقائع الإنسانية ذات الخطورة، خصوصا الماثلة في مشاهد الحروب وشواهدها ومسألة إطلاقها، وغياب التوقع بشأن انتهائها.
لقد كتبت يومها، أن طبيعة الكيان الأمنية المجردة، تجعله في حالة من الوسواس الأمني القاهر للذات الموضوعية، التي لا يهدأ لها بال إلا بمقارفة الحالة الموسوسة لها بأي ثمن، ولو برسم الخسارة لإسرائيل نفسها، وان الهوس الأمني هذا يقارف في تحركاته الأقرب فالأقرب من زاوية الملامسة الحسية المباشرة لجبهة الحرب والمخاطر الأقرب منه.
ومن مشهد التاريخ، و في الزاوية المتعلقة بمكمن الحقائق وماهيتها، فان دارس التاريخ كثيرا ما يتساءل، عن سبب التدافع في نقطة أو مجال ما لم تكن مرشحة للتدافع أولا أو ثانيا في سلم الرائي والمحس للوقائع بتجريدياتها، في حين أن نقطا ومجالات أخرى بالقياس الحسي المادي كانت مرشحة في الأولويات الأولى والتالية للتدافع الإنساني المطروق عبر التاريخ.
وهنا المسألة يتدخل فيها علم فلسفة التاريخ، الذي يبحث عن الماهيات وعن طبيعة النظم والأهداف الجلية والمخفية.
أيعقل يا سادة أن إسرائيل التي تريد فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، نظيفة من كل عنصر بشري غير العنصر اليهودي النقي. وفلسطين هي الجغرافية الأساسية الأولى لتوسع مشروعها الكلي في كامل مساحة الإقليم العربي، أن تذهب إلى حروب في لبنان- مالم تكن مضطرة اضطرارا- والى سوريا وإيران، وتترك المجاميع العسكرية الوطنية الإسلامية في غزة التي تقودها حماس، والتي تتطور يوما بعد يوم سريعا ودون توقف؟؟. هذا لا يعقل فقط في منطق الفهم الأمني الإسرائيلي الحساس، بل أيضا لا يعقل بمنطق الدول والكيانات السياسية والعسكرية الطبيعية التي تفرض عليها استراتيجياتها السليمة أن تواجه المخاطر القريبة المحدقة إن في جهة الخاصرات اللصيقة بكياناتها أوان في جهة التهديدات التي تقاربها على حدودها في كل جهة واتجاه.
دفعني إلى كتابة هذا المقال، خوفي المتزايد على المقاومة في غزة، وعلى ضرورة أن تكون الأوضاع على الدوام في غزة وخصوصا ما يتعلق بالاستعداد العسكري وتهيئة الحياة المدنية لكل قادم خطير من الكيان الإسرائيلي، ومن جهة ثانية أنني ربما الوحيد الذي كتب عن حتمية الحرب على قطاع غزة في أواسط عام 2007. وكان كثيرون في ذلك الوقت يستبعدون قيامها، وثالثا، أنني ارقب منذ فترة مسار الأحداث في غزة من جهة علاقة المحتل الإسرائيلي بها، وارى حرب الاستنزاف الإسرائيلية عليها قائمة على مدار الساعة، والتي يفهم منها أي استراتيجي متواضع أنها مقدمة لحرب شاملة على غزة. هذا بالإضافة إلى جملة التهديدات والحرب الإعلامية والسياسية التي تقودها إسرائيل على غزة من ناحية تضخيم القدرات العسكرية والأمنية المتزايدة في قطاع غزة.
وها هو رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس يصرح بتصريحات لوسائل إعلام صحافية وعسكرية إسرائيلية مؤخرا، بأنه لا مفر من حرب واسعة وشاملة على غزة، تختلف عن سابقتها في 2008،2009، بزعم التهديدات المتزايدة من قطاع غزة، ومن شمال سيناء، بعد سقوط نظام حسني مبارك المخلوع في بداية العام الحالي.
وعلى أي حال، لا يستبعد أن إسرائيل تريد أن توجه ضربة استباقية قاضية لطموحات المشروع الإسلامي المصري الذي يقوده الإخوان، من خلال القضاء على نموذج الإخوان الأول في تجربة الحكم والسلطة والمتمثل بحركة المقاومة الإسلامية حماس، باعتبارها فكريا وتاريخيا امتدادا لحركة الإخوان المسلمين في مصر والعالم العربي.
الواقعية السياسية وفن الممكن
المركز الفلسطيني للإعلام،،، خالد معالي
يختلف تعريف السياسة من مدرسة إلى مدرسة، ومن حقبة تاريخية لأخرى؛ إلا أن التعريف الدارج يكون مصاحبا للقوة المسيطرة في منطقة معينة، أو للحضارة السائدة في فترة زمنية بعينها.
في المرحلة الحالية تسيطر أمريكا وما تحمله من أفكار على غالبية دول العالم؛ كونها الدولة الأقوى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، واستفرادها بقيادة العالم، ولو بشكل مؤقت، يطول أو يقصر.
ابن خلدون يقول في مقدمته:" القوي يتبعه الكثيرون لمجرد انه قوي". ومن طبائع الأشياء أن يكون القوي – قوة شريرة أو خيرة- يحمل أفكارا يريد من الآخرين أن يحملوها وينشروها بمختلف الطرق، لأن الضعيف لا يقلده ولا يقتدي به أحد، ولا يرغبه أي كان، حتى لو كان صاحب فكر سياسي متطور، ومنطق قوي، وهو نادر الحدوث.
يمكن تعريف الواقعية السياسية بأنها "الممارسة السياسية المستندة إلى القراءة الموضوعية العلمية للواقع، بهدف التعامل مع الواقع بحكمة، وبما هو معلوم وموجود؛ بقصد تحويله وتغيير معطياته بما يوجد واقعا آخر مختلفا بشكل أفضل ".
فالواقعية السياسية هي عملية توفيق خلاقة ومعقدة بين متناقضات على ضوء ما هو معلوم وملموس، وتوظف المعرفة في كشف أسرار الواقع واتجاهاته.يروج كثيرون – خاصة في دول العالم الثالث- ويعرفون السياسة بأنها فن الممكن، ويعرفون أنفسهم بأنهم أصحاب المدرسة الواقعية التي تدعو للاعتراف بالواقع السياسي والتعامل معه كما هو، دون التحليق في عالم النظريات والأحلام والأوهام.
مريدو مدرسة فن الممكن، يقولون بأنهم يتعاملون مع الواقع وبما يحويه من موازين قوى بعقلانية، ويستدلون على ذلك بان الانحناء للموجة العاتية والقوية أفضل من التصدي لها؛ لأنه في المحصلة لا يمكن إيقافها. فلا حكمة في هدر الطاقات بشكل مجاني دون نتيجة تذكر، أو عدم تحقيق الأهداف المرجوة.
المرونة، والموضوعية، ودراسة الإمكانيات المتاحة والتعاطي معها، وعدم الانجرار وراء الخطابات الحماسية، وعدم بعثرة الشعارات البراقة، التي تضر ولا تنفع؛ كل ذلك يمكن له أن يعيد الحقوق لأصحابها بحسب منظرو مدرسة فن الممكن، لضمان عدم تقديم تضحيات مجانية.
الواقعيون في هذه المدرسة رأوا – وما زالوا – أن أفضل وسيلة للتعامل مع تصارع القوى؛ هو التعامل معها دون التصادم، في حال كانت موازين القوى لا تلعب لصالحهم، وهذا يقود بالتالي إلى الانصياع، أو التفاوض، أو التحايل على القوة المسيطرة، بدل مجانية التضحيات والتصدي لها بشكل عبثي وعلني متهور.
محاججة هذه المدرسة تقوم على أن ميزان القوى الحالي هو لصالح دولة الاحتلال ذات الرؤوس النووية، والمدعومة من قبل الغرب وأمريكا، وهو ما يجعلها تصول وتجول، وعندما تتغير الظروف، وقتها يكون لكل حادثة حديث.
الواقعية السياسية تعني التفكر والتدبر، والإعداد والتخطيط الجيد قبل القيام بفعل محسوم النتائج. وبنظر هذه المدرسة فان اتخاذ قرار مواجهة الاحتلال غير ممكن، وما هو إلا ضرب من الجنون والانتحار السياسي، يتحمل نتائجه تاريخيا، من اتخذ القرار دون التبصر والتمعن الكافي وبشكل عميق ومدروس في معرفة العواقب المترتبة عليه مسبقا.ويردون على منظرو المدارس الأخرى، والمختلفين معهم في تعريف السياسة، وأنهم قد استبد بهم وأعياهم طول وقت الانتظار، وتعايشوا مع
اللحظة العابرة، بأنهم هؤلاء جميعا يحلقون كثيرا في الأوهام، وان خطاباتهم ووسائلهم وأساليبهم ما هي إلا دغدغة للعواطف، وتصلح للعوام ولجموع الناس العاديين البسطاء سطحيو التفكير.
الصيرورة التاريخية تشير إلى أن التغيير والتبديل هي من سنن الكون وجدليته، وهو ما يردون عليه: هذا في حالة وجود قوة اكبر من الموجودة حاليا، لذلك يبررون لأنفسهم احترام خصوصيات الوضع القائم، والواقع الراهن.
تتعامل مدرسة فن الممكن بما هو موجود وحاصل، وبالتالي تبتعد قدر الإمكان عن سنة التدافع وحالة الجدل؛ وهو ما قد يقود لبطء حركة التغيير، ويردون على ذلك بان التغيير ليس شرطا أن يوجد الأفضل؛ بل قد يوصل للأسوأ مما كان في السابق.
ما جرى في دول عربية من سرعة التغيير والتبديل لزعماء ظن الكثيرون ومنهم منظرو مدرسة فن أنهم قدر لا مفر منه، وما جرى من انسحاب أمريكي من العراق، وما جرى في جنوب لبنان وغزة قبل ذلك، كل ذلك شكل ضربة قوية وفشل ذريع لمدرسة فن الممكن وحشرها في الزاوية، وهو ما يشير إلى ضرورة مراجعة أفكار هذه المدرسة من جديد، وما هم بفاعلين.
من يسقطون فن الممكن على الواقعية السياسية، يرون أن الحقيقة لها عدة أوجه، وبالتالي لا مفر من اختيار المناسب منها، والمناسب هنا هو حقيقة وجود قوة مهيمنة ومسيطرة، لابد من التعاطي معها.
من حق كل مدرسة أن تدافع عن نفسها وتطرح ما لديها من بضاعة، وتعززها بالدلائل والشواهد، وتدعم فكرها وطريقة فهمها للأمور، فلا حجر على الأفكار، ومن يبني أفكاره على أساس متين؛ يدوم ويستمر وينتصر. وتبقى الأعمال بخواتيمها، وهو ما لا تجيب عليه بشكل كافي مدرسة فن الممكن.وأخيرا يؤخذ على مدرسة فن الممكن ضعفها أمام المدارس الأخرى، خاصة المدرسة التي تعرف السياسة بأنها فن التغيير، والتي سنتناولها في مقال لاحق.
هل هناك حدود لحرية التعبير؟؟
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، فلسطين أون لاين،،، أحمد أبورتيمة
من المفاهيم الشائعة في ثقافتنا العربية أننا مع حرية التفكير والتعبير ولكن بحدود..تبدو هذه العبارة براقةً في ظاهرها..ولكن هل ينبغي أن تكون هناك حدود لحرية التفكير أو التعبير بالفعل ؟..بدايةً فإننا نقصد بحرية التعبير ما كان تعبيراً عن قناعة عقلية سواءً كانت تتفق مع ديننا أو تختلف معه، ولا يدخل في باب حرية التعبير السخرية والتهكم كالرسوم الكاريكاتورية أو الإخلال بالآداب العامة كأن يتجرد المرء من ثيابه أو يجاهر بالفاحشة، فهذه ليست آراءً أصلاً، بل هي جرح لمشاعر الآخرين..
التعبير هو صنو التفكير..فما دام الإنسان يفكر فلا بد أن يعبر ..وإذا لم يعبر الإنسان عن أفكاره ضاق صدره، وشعر بالاختناق..وفي كلام موسى عليه السلام مع ربه تتضح هذه العلاقة: "ويضيق صدري ولا ينطلق لساني"..فعدم انطلاق اللسان للتعبير عما يجيش في النفس يؤدي إلى ضيق الصدر، وقد امتن الله عز وجل على الإنسان بأن علمه البيان "خلق الإنسان علمه البيان"..والتفكير بطبيعته لا يعرف الحدود، فعقل الإنسان يفكر في كل الاتجاهات. والأسئلة تقفز على أذهاننا فجأةً دون أن تنتظر إذناً بالدخول..فالإنسان لا يستطيع أن يقيد تفكيره بقيود ومحددات، أن يفكر في هذا الاتجاه ولا يفكر في الاتجاه الآخر..الصحابة كانت تخطر ببالهم أسئلة في جميع الاتجاهات وكانوا يبوحون بها للرسول صلى الله عليه وسلم فلم يكن يرد منها سؤالاً وإنما كان يجيب عليها بالحجة العقلية ولم يرد في سيرته يوماً أنه أسكت صحابياً لأنه يسأل، وأتحدى من قال غير ذلك أن يأتيني بدليل واحد..بل في القرآن ذاته وهو كتاب الله رب العالمين كان يعرض أقوال الكفار ويرد عليها بالحجة والبرهان، فهو كتاب محاججة عقلية، وكان الله قادراً على أن يرد على هؤلاء الكفار بالقول إنني أنا الله رب العالمين وعليكم أن تؤمنوا بي أو أن أعذبكم، ولكنه عز وجل يريد أن يعلمنا نحن البشر القاصرين المخطئين أن نؤسس علاقاتنا على الإقناع وليس على الإسكات..القرآن زاخر بالأدلة العقلية لإثبات ألوهية الله، والشبهات التي يعرضها الناس يرد القرآن عليها رداً إقناعياً وليس رداً سلطوياً..حتى في تلك الحالات التي كان البشر يسيئون فيها إلى خالقهم فإنه لم يكن يتخلى عن منهج المحاججة العقلية، فحينما قال اليهود بحق الله عز وجل قولاً عظيماً "يد الله مغلولة"..رد عليهم رداً علمياً وليس رداً انفعالياً غاضباً: "بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء"..ولنا أن نقارن بين هذا الرد الإلهي القائم على الإقناع وإزالة الشبهات، وبين رد أحدنا حين يشتم فإنه سيتخلى عن لغة المنطق والحجة ويرد الشتيمة بأضعافها..صحيح أن الله لعن اليهود بهذا القول "غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا"، ولكن هذا اللعن هو حق إلهي كونه هو الخالق وهو الذي يعلم ما في الصدور، ويعلم أن قول اليهود لم يكن انطلاقاً من قناعة عقلية، بل هو جحود ونكران، ولكن حتى حين لعنهم فإنه لم يتخل عن المنهج الثابت بالرد الإقناعي العقلي "بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء"..
ما دام التفكير حراً بطبعه ولا يعرف الحدود فإن التعبير أيضاً يجب أن يكون حراً، فمن حق أي إنسان أن يعبر عما يجيش في صدره، وأن يتساءل، ومن حقنا أن نرد عليه ونبطل شبهاته بالحجة، ولكن ليس من حقنا أن ننهاه عن التساؤل لأننا إن فعلنا ذلك فلن يتوقف عن التفكير، وكل ما نكون قد فعلناه هو أننا خلقنا حالةً من الانفصام والازدواجية بين باطن المرء وظاهره، وبذلك فإننا نشجع النفاق ونقتل روح الإنسان، ونقضي على جو التفكير السليم..أن يعبر كل إنسان عما يجيش في خاطره من أفكار فهذا هو الجو الصحي السليم الذي يخلق الإبداع ويثري الأفكار، لكن أن نكبت حرية التعبير وأن نلوح بسيف التهديد للناس إذا عبروا عما لا تهواه أنفسنا فإننا بذلك نغذي عناصر التوتر في النفوس، ونخلق لنا أعداءً في الخفاء يكون خطرهم أعظم مما لو كانوا تحت ضوء الشمس.
قد ننجح في إسكات الناس عن التعبير عن أفكارهم وطرح تساؤلاتهم، ولكننا أبداً لن ننجح في تغيير قناعاتهم أو في كسب قلوبهم، أو في الاستفادة من إبداعاتهم في تطور المجتمع "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين".
حتى في الدائرة الضيقة التي نهى الإسلام عن التفكير فيها وهي التفكير في ذات الله، فإن هذا لا يمكن الاستشهاد به بأن هناك حدوداً لحرية التفكير أو حرية التعبير، لأن هذا النهي قائم على حجة عقلية أيضاً وهي أن الذات الإلهية فوق قدرة البشر على التصور، فلا توجد في متناولنا الأدوات التي يمكن الاستعانة بها في هذا التفكير، فهو تفكير لا يقوم على أساس علمي..والإنسان بحكم قصوره لا يستطيع تخيل شيء إلا وفق عناصر أولية متاحة له، فلو طلبنا منك أن تتخيل مخلوقاً غريباً فإنك ربما تتخيل كائناً له ثلاثة عيون مثلاً، أو ثلاثة أرجل، ولكنك حتماً لن تستطيع أن تخرج في تخيلك من دائرة العناصر الأولية المتاحة، فالأرجل والعيون نعرفها لذلك صرنا قادرين على تخيلها، وكل ما فعلناه هو أننا أعدنا ترتيبها أو غيرنا كميتها، ولكننا لم نتخيل شيئاً جديداً بشكل كامل..لكن الذات الإلهية ليس لها مثيل في كل مألوفاتنا، ولا يوجد في متناولنا ما يمكن الاستعانة به لنتمكن من تخيلها لذلك فإن النهي عن التفكير فيها ليس نهياً استبدادياً بل هو قائم على حجة عقلية "فإنكم لن تقدروا قدره"..
سيقول فريق من الناس إن فتح الباب أمام حرية التعبير دون قيود سيتيح الفرصة لأصحاب الفكر المنحرف لإفساد عقول الناس، وهذا الرأي يديننا قبل أن يدين هؤلاء المنحرفين، لأننا نفترض أن الحق الذي بين أيدينا ضعيف ولا يستطيع مواجهة الباطل، والواثق من قوة حجته لا يخشى المواجهة الفكرية، فالحق يستمد قوته من ذاته وليس من إسكات الآخرين، وحين تكون الفرصة متكافئةً بين الحق والباطل للتعبير عن نفسيهما فإن الغلبة ستكون للحق، لذلك كان الكفار هم من يرفض مبدأ الفرص المتساوية للتعبير وليس النبي محمد "وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون"..إن الواثق من حجته يرحب بطرح الأسئلة ولا يخشى منها، لأن هذه الأسئلة ستحفز عقله للتفكير للبحث عن إجابات عنها، وبذلك يكون الانتماء للدين هو انتماء على بصيرة، فإثارة الشبهات من شأنه أن يقوي حجة الإسلام لا أن يضعفها..
لو كان الرأي القائل بعدم فتح الباب للتساؤل صالحاً لزمان مضى فإنه لن يصلح في زمان الفضاءات المفتوحة الذي نعيشه..حيث تهب الأفكار من كل حدب وصوب وتغزو بيوتنا، ولم يعد يجدي أن نحجر على حرية الناس في التساؤل والتفكير، بل بات من الملح أن نبحث عن إجابات لكل الأسئلة المطروحة حتى تلك الحرجة منها إن أردنا إنقاذ أنفسنا من التلاشي..والله أعلم..
عندما ترث حماس نظام مبارك!
فلسطين الآن،،فلسطين أون لاين،،، فايز أبو شمالة
هل كان المخلوع "حسني مبارك" على حق، وهو يطلق يد إسرائيل العسكرية لتدمير حركة حماس؟ هل كان يقرأ المستقبل، وهو يعقد التحالفات، ويحشد المتعاونين معه ليحارب حركة حماس بعنف؟ هل كان المخلوع واثقاً أن صمود حركة حماس في وجه إسرائيل تعني نهاية نظامه؟ هل كان المخلوع "حسني مبارك" يتخيل أن عدم تصفية حركة حماس في غزة، تعني تضييق الخناق على معسكره في المنطقة، بعد خلعه عن حكم مصر ذليلاً مخزياً؟
من وجهة نظر "حسني مبارك"؛ مثل التآمر على قطاع غزة الضمانة الاستراتيجية لبقاء نظامه، ونجاح مسعاه في إفساد روح المجتمع المصري، وتحطيم قلبه النابض، فكان لقاؤه العلني والوقح مع "تسفي لفني" وزيره الخارجية الإسرائيلية قبل ثلاث سنوات، وهي تعلن الحرب على غزة من وسط القاهرة، وكان الهدف تصفية حركة حماس، بتغطية سياسية من المخلوع "حسني مبارك"، الذي وثق بقدرة الإسرائيليين، وآمن بأمريكا التي لا تقهر، فألقى بنفسه في أحضانهم، واستسلم لهم طائعاً، وظن نفسه آمناً خلف خط الدفاع الأول عن نظامه.
فمن كان يصدق قبل ثلاث سنوات، في مثل هذه الأيام، عندما كانت غزة تعيش ليلها ونهارها تحت قصف الطيران الإسرائيلي، وترتعد الأرض تحت هدير الدبابات؟ من كان يصدق قبل ثلاث سنوات، في ديسمبر 2008؛ أن الشيخ "إسماعيل هنية" سيستقبل في القاهرة في ديسمبر 2011، استقبال الأبطال؟ من كان يصدق أن الرجل الذي كان يتخفى عن عين الطيران الإسرائيلي سيتجول بعد ثلاث سنوات في شوارع مصر، ويحتضنه سكانها، ويلتقي مع قياداتها، وتغطي زيارته وسائل الإعلام
المصرية، ويفتخر بوقع أقدامه على تراب مصر كل مواطن مصري؟ من كان يصدق قبل ثلاث سنوات أن حليف إسرائيل "حسني مبارك" سيقضي نهايته مخلوعاً في السجن، ويحاكم في قفص من المذلة؟
وإذ يفتخر الشيخ "إسماعيل هنية" بعمق الروابط التاريخية بين حركة حماس وحركة الإخوان المسلمين، وإذ يؤكد على أن حركة حماس هي الذراع الجهادي لحركة الإخوان المسلمين، وهي خط الدفاع الأول عن أمة العرب، فمعنى ذلك أنه يؤكد أن انتصار حركة حماس ورجال المقاومة في حربهم ضد إسرائيل هو انتصار للحركات الإسلامية في المنطقة!.
فسبحان مغير الأحوال؛ والمجيب عن السؤال، سبحان الله الذي مكن حركة حماس من وراثة نظام حسني مبارك، وجعلها تفوز بالانتخابات البرلمانية في مصر مع فوز الأحزاب الإسلامية، وجعلها تفوز في تونس وفي المغرب وفي ليبيا وفي كل بلاد العرب، وهي تعلن الرفض المطلق للوجود الإسرائيلي، وتعزف لحن الحرية والعدالة على أوتار المقاومة.
في ذكراها الثالثة.. الحرب تتجدد في حمص
فلسطين الآن،، فلسطين أون لاين،،، حمزة اسماعيل أبو شنب
يعيش قطاع غزة في هذه الأيام ذكرى مرور ثلاثة أعوام على حملة الرصاص المصبوب التي شنها العدو الصهيوني الغاشم على أبناء قطاع غزة . المشهد يتكرر في مدينة حمص السورية حيث تجتمع صورة الدمار والشهداء والأشلاء وتتعالى صرخات من هم تحت الأنقاض ، مكافحة الإرهاب هدف الحرب على غزة وهذا الهدف يتكرر اليوم في حمص .
المشهد الذي نشاهده اليوم عبر شاشات الفضائيات العربية لما يجري في مدينة حمص السورية و باقي المدن لا يختلف كثيراً عما عايشناه في قطاع غزة من قطع الاتصالات وقلة الطعام والحصار ومعاناة المواطنين ، صورة تتكرر بنفس المعاناة وتتزايد الصرخات ، والنداءات تطلق من قلب المدينتين والنتيجة واحدة "لا حياة لمن تنادي .
لقد كانت أيام صعبة على أبناء غزة كما هي صعبة اليوم على أهلنا في سوريا ، كم هو صعب أن تشاهد إخوانك يذبحون ويقتلون ولا تجد من يعاونهم ولا من ينصرهم ، إن الذي لم يعش التجربة الحقيقية قد لا يكون كمن يسمع بها أو يتابعها ، لذا نحن نقدر ما يعانيه أهلنا في حمص من جبروت الطاغوت وظلمه ، نعم نحن نقدر بأن الصورة التي تنقل ليست كافية وليست كاملة لما يجري هناك من مجازر ضد المنتفضين من الشعب السوري .
الجامعة العربية تشترك في قلة الحركة ، فعلى صعيد الحرب على غزة كان دورها سلبياً واكتفت بالتنديد كما هو معتاد ، أما فيما يجري مع أهلنا في سوريا فقد استبشرنا خيراً في البداية، ولكن المهل قتلت الشعب السوري ، والجامعة تقود موقف المتفرج على من يقتل ويعذب ويشرد على يد بشار وعصابته .
حال الجامعة العربية لا يختلف كثيراً عن حال الدول العربية الأخرى ، فمازلنا نريد خطوات تجاه الأوضاع في سوريا في الوقت الذي مازالت غزة أيضاً تنتظر رفع الحصار عنها ، ربما القاتل يختلف ولكن الأدوات واحدة : جيش ودبابات وطائرات تقتل وتقصف المنتفضين المطالبين بالحقوق ، هذا هو حال غزة وحمص اليوم .
مازالت غزة تنتظر علماء الأمة ليتحركوا من أجل نصرتها ، فأين علماء المدينة المنورة عاصمة دولة رسول الله ؟ أين علماء مكة المكرمة؟! أين علماء الأمة كلهم؟ لماذا لا يجتمعون على كلمة واحدة من أجل نصرة المستضعفين في الأرض؟! أليس هذا واجبهم؟! فإن لم يكن اليوم دورهم فمتى سيكون دورهم ، حتى تباد حمص أم تهود القدس التي تعاني من تشريد أهلها وتغيير تراثها الإسلامي؟ .
أهل حمص ليس أمامكم إلا الصمود و الوقوف في وجه الظلم فلا ناصر لكم بعد الله إلا صمودكم ، فغزة صمدت بصبر أهلها وثباتهم والثبات هو سلاحكم الأول في الاستمرار ، لأن صمودكم سيكون شعلة نار ستحرق بائع الكلام الإعلامي ومدعي الممانعة وستحرك الشعوب النائمة ، فأنتم على عاتقكم أمانة كبيرة فعليكم أن تتحملوا من أجلها.
تأملات على هامش ذكرى الفرقان!
فلسطين الآن،،فلسطين أون لاين،،، لمى خاطر
الآن؛ بتنا ندرك جيداً كيف أن تسمية الحرب على غزة قبل ثلاث سنوات بالفرقان ما كانت عبثا، ولا مبالغة في إسقاط معاني غزوة بدر الكبرى على الحالة الغزية وهي تجابه آلة حرب مدمرة لا قبل لها بردّها وفق المقاييس المادية المجردة، لا سيما وأنها كانت محاصرة ومكبّلة ومحصورة في بقعة جغرافية صغيرة، بل كانت التسمية إلهاماً ربانياً للفئة المستضعفة التي حاربت بكل قوّتها حتى اللحظة الأخيرة وهي مدركة بأن الهدف كان رأسها وتحطيم وجودها، وبأنها إنما كانت تدفع ثمن مواقفها، وضريبة صلابتها وإصرارها على تقديم نموذج فلسطيني ممانع بالفعل لا بالكلام، وقادر على تحدّي كل ألوان الترغيب والترهيب التي تُبذَلُ لترويضه وتحويله عن أهدافه، وإبقائه تحت رحمة الاحتلال.
(فرقان غزة) الذي فرّق بين الحق الفلسطيني والباطل الصهيوني، لم يقف عند حدود الاكتفاء بدحر المحتل وردّه عاجزاً عن تحقيق أيّ من أهدافه، فلم يرهق الدم والدمار عزيمة الغزيين، بل كانت الحرب محطة المحنة الكبرى التي خلّفت وراءها دروساً وعبراً عديدة، وعتْها قيادة حماس، وظلّت تلهمها وهي تواصل مسيرتها بُعيد الحرب، فما نقص تمسكها بثوابتها ولا ألجأَها اشتداد الحصار إلى الانقلاب على المبادئ تحت ضغط الفاقة وانعدام النصير.
ولذلك، كان طبيعياً أن نرى بشائر الصمود تتوالى على غزة، ورغم أن صفقة (وفاء الأحرار) كانت المكافأة الأهم لغزة ولحماس ولأسرى الحرية، إلا أن ربيع غزة بدأ بالتشكل قبل عام من الآن، أي منذ انطلاق شرارة أول ثورة عربية، ثم تبرعمت زهوره عند سقوط نظام مبارك الذي كان شريكاً مباشراً للاحتلال في الانتقام من غزة، وفي ابتداع فنون حصارها سياسياً وجغرافيا واقتصاديا، ومع توالي انفراط حبات عقد الاستبداد العربي يزيد انتعاش غزة وتتوالى عليها خيرات العزة، فخذلان النظام الرسمي لغزة كان يدها المؤلمة على الدوام، وتنكّره لشرعيتها استجابة للإملاءات الأمريكية كان لوناً آخر من الحصار والإيذاء.
أما اليوم، فها نحن نرى تلك المشاهد الفريدة التي ما كانت لتزور أكثر أحلامنا وردية قبل ثلاث سنوات، وغزة تحت النار، ومنقطعة عن جميع أشكال التواصل مع الخارج. فها هو رئيس الحكومة في غزة إسماعيل هنية يزور العواصم العربية ويستقبل فيها بحفاوة، حاملاً معه دروس الصبر الغزي، ومبشراً بعهد جديد سيعم المنطقة كلّها، وهو أمر يلمسه ويحسّه كلّ من تنفّس هواء الحرية بعد عهود الاضطهاد، وكلّ من أيقن أن للثبات ثماره بعد أن تُدفعَ ضريبته، وأن للحرية الحقّة مهرها، وأن للمستضعفين يوماً بل أياماً سينصفون فيها ولو بعد حين.
غزة اليوم؛ هي صاحبة البريق الحقيقي، والممثل لألق القضية الفلسطينية، والمعبّر الصحيح عنها، فهي الجامعة كل مفرداتها؛ معاناة ومقاومة واستهدافا وثباتا، ولذلك ليس غريباً أن يظنّ بعض المتضامنين الغربيين من مسلمين وغيرهم أن عاصمة فلسطين هي غزة، وأن تصبح قبلة لأحرار العالم، وأن تهوي إليها أفئدتهم على اختلاف ألوانهم ودياناتهم، ففي غزة تتجدد معاني الانتماء لفلسطين القضية، لأنها أنموذج حيّ على الوفاء لأبجديات ذلك الانتماء، وعلى تحدّي المستحيل وكسر شوكته، وعلى استعذاب التضحيات في سبيل بلوغ الهدف.
ولو تأملنا فقط في (الوهم المتبدد) من حيث المكان والزمان والآلية، ثم في ضخامة إنجازها اللاحق المتمثل في (وفاء الأحرار) فسنقف على اعتقاد بأن تلك البقعة سيكون لها شأن عظيم ومركزي في مشروع التحرير الأكبر، المهم أن يظلّ بنوها وقادتهم مستشعرين حجم تلك المسؤولية، ومقدّرين بأن اصطفاء الله لفئة بعينها في أرض الرباط لحمل مشعل الجهاد يترتب عليه مسؤوليات جسام وواجبات كبيرة، تليق بشرف هذا الاصطفاء، وما يتطلبه من مواقف وأفعال. وذاك ظنّنا بغزة وأهلها، وبقيادتها ومقاومتها.
الدلالات السياسية لجولة هنية
فلسطين أون لاين،،، جمال أبو ريدة
أحسن رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هينة صنعًا بالبدء في هذا التوقيت بالذات بزيارة العديد من العواصم العربية، وفي مقدمتها القاهرة، وهي الزيارة الأولى له منذ فرض الحصار (الإسرائيلي) على قطاع غزة، منتصف عام 2007م، والثانية منذ عام 2006م، ويمكن القول إن هذه الزيارة جاءت للتأكيد على شرعية الحكومة الفلسطينية التي استمدتها من الانتخابات الشرعية التي جرت في عام 2006م، وفازت فيها حركة "حماس" بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، كما وجاءت هذه الزيارة لتوضيح شكل ومضمون العلاقة الجديدة التي بدأت تتشكل بين الحكومة الفلسطينية، وبعض الحكومات العربية، وتحديدًا بعد ربيع الثورات العربية، والتي نجحت حتى الآن في الإطاحة بالعديد من الأنظمة العربية، وفي مقدمتها نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، الذي ناصب الحكومة الفلسطينية العداء الواضح، وواحد من الأدلة على ذلك، هو شروع النظام المذكور ببناء الجدار الفولاذي على حدود مصر مع قطاع غزة، لمنع عمليات تهريب البضائع التي يحتاجها سكان القطاع المحاصرين عبر الأنفاق، وقائمة الإجراءات العقابية التي لجأ إليها النظام المصري المخلوع ضد الحكومة الفلسطينية، يصعب حصرها في هذه المقالة، والتي جاءت لاستكمال حلقات الحصار الذي فرضته (إسرائيل) على غزة، كذلك جاءت هذه الزيارة للتأكيد على الفشل الذريع للحصار(الإسرائيلي) في عزل الحكومة الفلسطينية عن المحيط العربي والإسلامي، بل يمكن القول بأن الحصار (الإسرائيلي) قد جاء بالعالم العربي والإسلامي إلى القطاع، والذي تمثل في قوافل المساعدات التي ما انفكت تصل تباعًا إلى غزة، للتعبير عن تعاطفها واعترافها بالحكومة الفلسطينية المحاصرة، كذلك جاءت هذه الزيارة للتأكيد على فشل كل الإجراءات العقابية التي قامت بها السلطة الفلسطينية في رام الله لإفشال ومحاصرة وإسقاط الحكومة الفلسطينية في غزة، كذلك جاءت هذه الزيارة للتأكيد على فشل شروط الرباعية الدولية، والتي اشترطت مقابل الاعتراف بالحكومة، اعتراف الأخيرة بحق (إسرائيل) في الوجود، ونبذ المقاومة، والاعتراف بالاتفاقات الموقعة مع الجانب (الإسرائيلي).
وعليه فإنه يمكن القول بأن هذه الجولة، ستحقق الكثير من المكاسب السياسية للشعب الفلسطيني، وواحد من المكاسب المأمولة هو حشد الدعم السياسي والمالي العربي لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في عدوانه على قطاع غزة في عام 2008/2009م، بالإضافة إلى رفع الحصار (الإسرائيلي) المفروض على القطاع منذ العام 2007م، وتحديدًا بعد توقيع حركة "حماس" على اتفاق المصالحة الوطنية الأخير في القاهرة، الأمر الذي يعني "انتفاء" كل الأسباب التي كانت "تتذرع" بها بعض العواصم العربية للامتناع عن تقديم الدعم المالي المباشر للحكومة الفلسطينية، لإعادة إعمار ما دمره العدوان (الإسرائيلي).
والشيء المؤكد أن نجاح هذه الجولة العربية، سيشكل رافعة لاتفاق المصالحة الوطنية، لأنها ستؤكد للسلطة الفلسطينية أن الربيع العربي يعمل لمصلحة حركة " حماس"، وتحديدًا بعد نتائج الانتخابات البرلمانية في تونس، المغرب، ومصر والتي فاز فيها الإسلاميون بأغلبية المقاعد البرلمانية، وأنه لم يعد هناك ما يبرر لها الانتظار أكثر لتعطيل المصالحة الوطنية، والقبول بالشراكة السياسية مع الحركة والابتعاد أكثر عن مربع المفاوضات مع الجانب (لإسرائيلي) التي تبين زيفها.
ولهذه الأسباب مجتمعة عبرت (إسرائيل) علانية عن مخاوفها من النتائج المترتبة عن هذه الزيارة، وأول هذه المخاوف، هو بدء اعتراف العواصم العربية بحكومة رئيس الوزراء هنية وبشرعيتها، الأمر الذي يعني نسف كل التدابير التي عمدت إليها (إسرائيل) منذ عام 2007م، لتطويق هذه الحكومة، توطئة لإسقاطها، لإفشال تجربة حركة " حماس" الأولى في الحكم، وذلك لتمرير مشروع " الاستسلام" في المنطقة العربية حتى نهايته.
إن النصيحة التي تتقدم بها الأنظمة العربية مجتمعة، هو الإسراع في الاعتراف بشرعية الحكومة الفلسطينية وتقديم كافة أشكال الدعم المالي والسياسي لها، وعدم انتظار الموافقة الأمريكية على ذلك، حتى لا يسجل التاريخ على هذه الأنظمة أنها شاركت (إسرائيل) في حصار هذه الحكومة حتى النهاية، وحتى لا تلقى المصير نفسه الذي لاقته بعض الأنظمة العربية(زين العابدين، مبارك، القذافي) بعد ربيع الثورات العربية.<hr>