تحليل حول دولة قطر

ركائز إستقرار النفوذ السياسي والخارجي والأمني للنظام القطري

المصدر: صحيفة القوة الثالثة، العراق

يطرح النفوذ القطري المتعاظم في العالم العربي نفسه داخل أروقة مراكز الأبحاث والدراسات الدولية مثيراً أسئلة حول وجود هذا النفوذ من عدمه، وإن وجد هذا النفوذ ما هي أسبابه وركائزه. وهل يحمل هذا النفوذ مخاطر ويجر على النظام القطري مشاكل متعددة ومختلفة المصادر. وهل قطر في معزل عن التغيرات والتحديات التي تلف العالم العربي من ثورات وتحركات لإزاحة أنظمة غير ديمقراطية.

السؤال الذي يفرض نفسه ما الذي يجعل دولة يبلغ طولها 160 كيلومتراً وعرضها تسعين تملك كل هذا النفوذ وهل كل هذا جزء من نفوذ يتعاظم أم أن الأمر لا يعدو كونه فقاعة إذا أخذ في الإعتبار حجم قطر الجغرافي.

البعض يرى أن قطر لاعب رئيس في المنطقة، والبعض الأخر لا يراها سوى أداة في يد الولايات المتحدة توجهها تبعا لمصالحها ويضرب بالوجود العسكري الاميركي دليلا على ذلك وبالتوجه القطري لمساندة حملة إسقاط القذافي في ظل حاجة القوى الغربية لداعم عربي في الحملة لتشريعها عربيا ودوليا وأصحاب هذا القول يتغافلون عن التقاطعات السياسية التي يمكن لها أن تمكن قطر من العمل دوليا ضمن جوقة متحالفة لأهداف معينة.

ركائز النفوذ

المعادلة القطرية للحصول على نفوذ كبير تتضمن "المال + الإعلام + المرونة السياسية". فبعيداً عن الذراع الإستثمارية القوية التي توفر لقطر قوة في الغرب والشرق هناك أذرع نفوذ قطرية أخرى تثير جدلا أهمها قناة الجزيرة التي قضت مضجع الأنظمة العربية فساعدت عبر التحشيد والعداء الواضح والإنحياز للشارع لا للقصور في إسقاط أنظمة عربية وفي الوقت التي تتفنن وتبدع فيه وسائل الاعلام القطرية في انتقاد زين العابدين بن علي الرئيس التونسي السابق على بقائه في الحكم اكثر من عشرين عاما يتمتع الأمير القطري بعدم تداول السلطة ويقترب رئيس وزرائه من عشرين عاما في الوزارة دون أن يتيح للشباب القطري المشاركة في الحكم. وفي الزمان الذي يرى فيه الإعلام القطري وخاصة الجزيرة أن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لا يرغب في الرحيل عن الحكم، لا يتمتع القطريون بحقهم في اختيار حاكمهم عبر صناديق الإقتراع حتى لو عشقوا أميرهم وهاموا حبا فيه بسبب خدماته لبلاده وانتشالها من حالة الجمود السياسي التي عاشته في زمان حكم الأب المغيب عن الإعلام حاليا.

تقترب الحالة القطرية إلى ما يشبه البارانويا السياسية فلم تبق الجزيرة شعرة في رأس الرئيس المصري إلا ووضعتها تحت المجهر والسبب عمالته لأميركا ورعايته لمصالح اسرائيل وبيعه الغاز لها وإرتفاع العلم الاسرائيلي على نهر النيل بينما لا توجد في مصر قاعدة أميركية بحجم العيديد ولم تزد عن قطر في شيء خاصة بعد المعلومات الاسرائيلية المشاعة عن أنه قد تم الاتفاق في أحد الفنادق اللندنية بين قطر وإسرائيل على بيع الغاز القطري لإسرائيل باسعار أقل من أسعار الغاز المصري وحتى الآن لم يؤيد ذلك بتصريح رسمي.

لكن ما يثير الاعجاب هو المرونة السياسية القطرية وتحركها الفعال ومبادراتها السريعة التي تحوز دائما على رضا قطاع كبير من الشارع العربي. ولعل هذه المرونة تتشكل في مواقف قطرية إنسانية أو سياسية في قضايا مثل حرب لبنان وغزو غزة

والقضية الليبية، كانت هذه المرونة عاجلة ومتسقة مع العواطف العربية ترافقها زخم إعلامي عبر الجزيرة يمكن لقطر من امتلاك نفوذ داخل الشارع العربي.

الاستقرار السياسي

في حال غياب أمير قطر الحالي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن سدة الحكم سيكون الموقف داخل عائلة آل ثاني صعباً جداً. فالقطريون يعتقدون أن من يرجع تطور قدراتهم ونفوذهم إلى المال والثروات التي يملكونها غير منصف أو دقيق، فالتصميم على التغيير وإنجازه من قبل الأمير الحالي وقدراته وتفكيره الثاقب وحكمته وسعة أفقه ونجاحه في اختيار فريق حكمه هي الأسباب الرئيسية لنجاح قطر.

منذ أن أسس الشيخ محمد آل ثاني قطر ككيان مستقل عن البحرين وشيوخها يفقدون مقاعدهم إما مقتولين غدرا أو مزاحين قسرا وذلك لخلافات عائلية. وعلى الرغم من أن بعض السياسيين والمؤرخين في الخليج ينتظرون استمرار هذا المصير في عائلة آل ثاني إلا أن القريبين من الوضع في الدوحة يرون غير ذلك. فالتأييد الشعبي للأمير قوي والعرفان له على ما قدمه لقطر واضح، لكن حجة المراهنين على أن التغيير الفجائي سمة لحكم آل ثاني تتركز في تساؤلهم إن كان أمر الخلافة مفروغاً منه. فلماذا غيّر الأمير ولاية العهد عدة مرات، وهل حقيقة كان الأمير يبحث عن ولي عهد قوي بين أبنائه حتى يقف أمام المنافس الحقيقي ورجل قطر القوي مهندس التغيير رئيس الوزراء ووزير الخارجية؟

تبدو الحجة قوية إلا أنها تفتقد لمحفزات الإيمان بها وأولها أن مصير الخلافة في قطر لا يقرره عدة أشخاص فقط بل يرتبط بعائلة آل ثاني بقضها وقضيضها والتي يبلغ عدد أفرادها أكثر من عشرين الف شخص.

تولى ولاية العهد في بداية حكم الأمير ابنه جاسم بعد أن تم استبعاد الأخوين الأكبر منه في السن لكونهما من زوجة من بنات عمومة الأمير وجاسم. وهو ابن للسيدة موزة المسند ابنة المعارض القطري السابق. ويشيع مراقبون إن أبناء الأمير الكبار يبدون امتعاضهم من استبعادهم بل أن بعضهم وصل به الأمر إلى التدين والزهد في الحياة والملذات.

قضى الشيخ جاسم وقتا لا بأس به في ولاية العهد لكنه تنازل عنها لأخيه بسبب مطالبته المتكررة بصلاحيات كان أبوه يمارسها أثناء ولايته العهد سابقا وليتولى الشيخ تميم ولاية العهد ويحاول بدوره انتزاع دور سياسي كبير ليزاحم أضلاعاً كبيرة في المؤسسة السياسية القطرية لعل أهمها الأمير ثم زوجته موزة وأخيرا الشيخ المهندس رئيس الوزراء.

يعتقد مراقبون غربيون أن عائلة آل ثاني تقف صامتة وهي تتفرج على صراع الصلاحيات بين الإضلاع الكبيرة ويشيع بعضهم أن أقطاب كثيرة داخل عائلة آل ثاني تطالب بتوسيع عضوية مجلس الأسرة الحاكمة في مقاربة للتجربة السعودية في إنشاء هيئة البيعة لأسرة ال سعود وضم كافة أجنحة الحكم عبر ممثلين في الهيئة. هذا الامر يعد دمقرطة لأسرة آل ثاني وجعل أمر من يرأسها وبالتالي يحكم قطر يكون مختاراً من قبل الأسرة الحاكمة كلها التي أصبحت قبيلة بحد ذاتها. يؤيد ذلك أن هناك أفرعاً داخل العائلة يجاهر بعض أفرادها بالتساؤل حول استئثار عائلة الامير بالثروات القطرية فأصوات داخل فروع الجبر والأحمد/العبدالرحمن والعيد يعتبرون أن أمر تضخم ثروة رئيس الوزراء يجب أن يطرح للنقاش داخل الأسرة. ويضم مجلس الأسرة الحاكمة حاليا ما بين خمسة وتسعة أعضاء منهم رئيس مجلس الوزراء ورئيس الديوان الاميري إضافة إلى الأمير وولي عهده. وتتكون أسرة آل ثاني من ستة فروع هم، آل جاسم، آل جبر، آل عيد، آل فهد، آل احمد/آل عبدالرحمن، آل ثامر.

الاستقرار الاجتماعي

المشكلة الكبيرة التي تواجه النظام القطري هي في حالة التوتر بين أسرة آل ثاني وقبيلة بني مرة التي تشكل مكوناً كبيراً في المجتمع القطري، ففي عام 2005 قامت الحكومة القطرية بإبعاد ما يصل إلى سبعة الاف منهم إلى السعودية بحكم أنهم مزدوجو الجنسية والقانون القطري يمنع ذلك، وكان التعامل مع هؤلاء قاسيا حيث تم قطع الكهرباء والماء عن منازلهم لطردهم منها وتم تجريدهم من أوراقهم الرسمية القطرية. ويرى بعض زعماء القبيلة ان السبب الحقيقي هو أن عدد سكان قطر من بني مرة يفوق أسرة آل ثاني مما يشكل خطرا استراتيجيا على عائلة آل ثاني في المستقبل لو سار الأمير في ما أعلن عنه من تغييرات ديموقراطية في النظام.

لكن بعض المراقبين يرون أن السبب الحقيقي هو معاقبة القبيلة لاشتراك بعض أفراد عشيرة الغفران من قبيلة بني مرة في محاولة انقلابية ضد الأمير لم تنجح وقيل أن السعودية ومصر كانتا تدعمها. وبعد ان زالت حالة الجفاء بين قطر والسعودية بدأت العلاقات تتحسن بين بني مرة وآل ثاني وبدأ بعض المبعدين يعودون إلى ديارهم وقيل أن بعضهم استرد جنسيته القطرية بعد إعلانه الولاء للامير والخلاص من الشرك السعودي.

الاستقرار الخارجي

أحد المخاطر التي تحيط بدولة قطر إشتعال حرب بين إيران والخليج وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين قطر وايران وطول الجفاء بينها وبين السعودية إلا أنّ العلاقات تحسنت بصورة كبيرة خاصة بعد أن تقبل الشقيق الكبير بأن يشارك شقيقه الصغير في لعب أدوار مهمة وأن يتقاسم الشقيقان الأدوار في المنطقة فقطر بعلاقاتها الوثيقة مع إيران تهدأ من إنفعال تابع ايران في لبنان حزب الله وتسهم في ملء الفجوة بين سوريا والسعودية ليصلوا إلى مصالحة بمساهمة كويتية.

تغضب الجهود القطرية إيران وخاصة المواقف القطرية الإخيرة عبر محطة الجزيرة التي يدعي القطريون عدم تدخلهم في سياساتها التحريرية وكأنها محطة تلفزيون خيرية. وتشير التقارير إلى أن وزير خارجية ايران علي أكبر صالحي حمل خلال زيارته الاخيرة إلى الدوحة امتعاضا إيرانيا من الزيادة "الخجولة" في جرعة التثوير والتحريض ضد نظام بشار الاسد. ويشعر القطريون بالخشية من أن تؤثر مواقفهم الإعلامية على التعاون مع إيران في حقول الشمال التي تواجهها حقول فارس المليئة بالغاز ضمن الحدود البحرية الإيرانية، ولولا العلاقات الوثيقة مع إيران والسياسة القطرية المتمهلة في التشدد ضد إيران لما تمتعت قطر بإستثمار احتياطياتها بكل سهولة. ولا يغفل المراقبون كيف أن إيران ترسل بين فينة وأخرى رسائل إثبات وجود فالقوارب الإيرانية العسكرية تقترب من الحقول القطرية وضمن المياة القطرية وبعد ان تعتب قطر دون ضجيج يعتذر الإيرانيون بأن المشكلة أن الحقول القطرية والإيرانية متداخلة بينما الحقيقة أن البلدين يشتركان في حقل كبير كل منهما يسميه حسب رغبته ولم يكتشفا ذلك في وقت ترسيم الحدود المائية حيث لم يعلم الشاه ولا أمير قطر آنذاك أن حقل الغاز الكبير يمتد من أمام بر عربستان إلى داخل شبه الجزيرة القطرية.

القارئ للواقع القطري قد يجد العذر لحاكم قطر بأن لا يصعد موقفه ضد إيران، لكنه وخشية على نمو بلاده الإقتصادي وإزدهار بلاده لا يريد أن يدخل في معارك قد يربحها بالعون الغربي والخليجي لكنه لن يستطيع الوقوف أمام المنغصات الإيرانية المستقبلية.

ولعلاج ذلك ولكي لا تصبح قطر رهينة للمزاج الإيراني المتقلب يقوم أمير قطر الان باتباع الإستراتيجية التي ذكرناها سابقا وهي جعل قطر تسير على النموذج النرويجي في أن تصبح البلاد مستغنية عن أموال النفط والغاز في تسييرها لميزانياتها وإحتياجاتها النقدية وأن تعتمد على مردود استثماراتها الخارجية في سد حاجات مواطنيها بينما تذهب أموال الغاز والنفط للإستثمارات فقط. وذلك سيجعل قطر تتحمل وقتا طويلا من الصراع العسكري الذي قد يؤثر على إنتاج حقولها الشمالية، وللوصول إلى ذلك الهدف وقد لا يبدو بعيدا يجب على الأمير الإبتعاد عن الإستثمار في المشاكل السياسية ودعم دول غير مستقرة وحركات ثورية غير مربحة ماليا إلا لو كان تفكيره بعيدا جدا في الاستثمار في دعم المجلس الإنتقالي الليبي والذي قد يحكم يوما ليبيا ويفتحها أمام الاستثمارات القطرية التي تعاني كثيرا في سوريا من ابتزاز الطبقة الحاكمة هناك.

يبدو الموقف القطري الاخير في إرسال خمسمائة جندي الى البحرين لمساعدة نظامها المهدد تقدما كبيرا في العلاقات بين البلدين من جهة خاصة وأن البلدين خرجا من معركة قانونية طويلة حول جزر حوار توجت بحيازة البحرين للجزر وحصول قطر على مكاسب بسيطة لا تقارن بما حصلت عليها البحرين. لكن الموقف القطري بالوقوف الى جوار أسرة آل خليفة ليس فقط فزعة عربي لشقيقه بل ايضا اقتناع قطري بالخطر الإيراني على دول الخليج حتى ولو كانت العلاقة القطرية الإيرانية ممتازة.

كان لإرسال القطريين جنودهم للبحرين أبعادا أخرى أهمها أن آل ثاني يعرفون جيدا أن سقوط البحرين ضمن المشروع الفارسي سيكون أولى حلقات هذا المشروع حيث ستتبعه قطر التي هي أقرب لإيران من البحرين. وحينما سئل أحد الدبلوماسيين القطريين في ندوة مغلقة في أحد مراكز الدراسات البريطانية حول ما هي أسباب التوتر في العلاقات المتكررة بين قطر والبحرين وأحيانا الإمارات قال أن قدر الأسرة الحاكمة في قطر هو أن يستمر آل خليفة غاضبون لفصل البريطانيون قطر عن البحرين واعتبار آل

ثاني حكامها حتى لو كان هذا الأمر قديما. وحول العلاقات مع الإمارات لا يبدو أنها ستتوتر في المستقبل إلا لو تعثر أمر حل الحدود البحرية في منطقة خور العيديد مع السعودية والامارات والتي تجمد الحكومات الخليجية اثارتها في الوقت الراهن.

الاستقرار الأمني

هناك عوامل قد تؤثر على النفوذ والإستقرار القطري أهمها الموقف الاميركي من التواجد العسكري في قاعدة العيديد، فحين وصول أوباما إلى البيت الأبيض ومحاولته تطبيق تعهداته بالانسحاب من مناطق عديدة في العالم وتقليص الإنفاق العسكري الاميركي وضع القطريون أيديهم على قلوبهم خوفا من إغلاق قاعدة العيديد. وتشير المصادر إلى أن القطريين تعهدوا بدفع كافة تكاليف بقاء العيديد أميركية السكن والاستعمال.

ويبدو أن المساعي القطرية كللت بالنجاح إلى فترة زمنية مقبلة ويمثل هذا التواجد ضمانة أمنية مهمة لقطر ضد أية اطماع من الجيران، وايضا يجعل النظام يبدي مواقف سياسية متفردة ومستقلة معتمدا على محدودية الأضرار الخارجية لوجود داعم أمني قوي يتمثل في القوات الاميركية.

قد يتساءل البعض: لماذا ترسل قطر ستة طائرات قتالية لتحرر ليبيا من صديقها السابق القذافي وما الذي يدعو قطر ان تستنفر إمكانياتها ضد دولة بعيدة عنها ونظام حكم شمولي مماثل لنظامها؟

بعض المحللين الغربيين لديهم إجابة جاهزة وهي أن ذلك رسالة إلى الجيران الكبار بأن قطر شبت عن الطوق وأيديها وصلت بمباركة دولية الى بقاع أبعد من حدودها بحرية كانت أو برية، هذا التحليل الغربي غريب جداً فهل ست طائرات سيجعلن الجيران يخشون من قطر، الحقيقة هي أن الرسالة ليست عسكرية بل سياسية.

الأمر الأمني الأخر هو انتقام المتضررين من الجزيرة والذي يعد أحد العوامل التي تؤرق صانع القرار القطري فقد نبهت أجهزة أمنية قطرية مؤخرا أبناء الأمير إلى مؤامرة لتصفية أحدهم من قبل عصابة قتلة صربية تم استئجارها من قبل العقيد القذافي. وتشير المصادر إلى أن الإمارات ساعدت في القبض على بعض أفراد العصابة. ويبدو أن هذه المعلومات تشير إلى أن للجزيرة ثمنا غير المال والقلق السياسي وإغلاق السفارات وينتظر أن يتصاعد الأمر إلى أبعاد أخرى بسبب التدخل العسكري القطري وتضييق الخناق على العقيد الليبي الذي عرف عنه عنفه مع معارضيه خاصة وأن الأمر يتعلق بحياته.

ومن العوامل التي تقلق القطريين هي التحركات داخل المؤسسة العسكرية وتغير التحالفات وارتباط ذلك بلعبة الحكم والخلافة على الرغم من أن كثير من المؤشرات ترى بارتياح سيطرة الأمير لا تزال قوية وتفاعل ولي العهد مع المستقبل تؤشر بالهدوء والإستمرارية.

الخلاصة:

ف ي النهاية لا نجد أمامنا سوى احتمالات مهمة تقلق مستقبل قطر وتعتمد كثيرا على وجود صراع إيراني خليجي يجعل من قطر في خضمه وضحية له، وقد يكون هذا الصراع الآن مستترا في أماكن عديدة وظاهرا للعيان في البحرين إلا أن وقوف قطر ضمن مجلس التعاون الخليجي ضد المطامع الإيرانية قد يحدد قوة علاقاتها مع إيران فقد راهنت قطر كثيرا على أنها تستطيع أن تلعب على منتصف الحبال لكن إيران هي من يحاول خض الحبال وقد يطيح ذلك بمحاولة القطريين الوقوف في المنتصف وهذا ما يبدو للعيان وخاصة في الموقف القطري الإعلامي من سورية والأحداث الأخيرة فيها.

بالنسبة للخطر السعودي فيبدو الأمر بعيدا في الوقت الراهن خاصة أن العلاقة تحسنت كثيرا بل أن هناك مشاريع عمل غير معلنة بين الجانبين وينتظر أن يتوج التعاون بمشاريع إقتصادية كبيرة كمد أنبوب الغاز القطري عبر السعودية ودخول مؤسسات الاستثمار القطرية سوق ضخمة كالسوق السعودية وذوبان الثلج بين عائلتي آل ثاني وآل سعود. والسياسة السعودية في الوقت الراهن ترحب كثيرا بالعمل الخليجي المشترك ما دام أنه يصب في مصالحها. ونقاط الالتقاء القطرية السعودية تكبر يوما بعد يوم على الرغم من الحديث السعودي عن المغامرات غير المحسوبة للقطريين وخاصة في ليبيا ولبنان وغيرها. كما أن السياسي السعودي اصبح أكثر قبولا لوجود أخ شقيق قد يصغره حجما لكن قد يشاركه في القيام بأدوار مهمة في المنطقة ويتوقف الأمر

على نجاح المسؤولين السعوديين والقطريين في الاقتراب من صياغة استراتيجيات بعيدة المدى ضمن مجلس التعاون لمواجهة التحديات الإستراتيجية.

يبقى أمامنا من عوامل تهديد الإستقرار القطري الوضع الداخلي فشعبيا لا يمكن رؤية أي ملامح للتململ ضد حكم أمير قطر بل على العكس هناك تأييد جارف نتيجة للنجاحات الاقتصادية والسياسية ويمكننا فقط رؤية خطر واحد هو في مرحلة "ما بعد حمد"، حيث أن مسألة الخلافة التي يراها كثير من المراقبين ما يهدد مستقبل قطر كدولة بدأت تستمتع بثروتها وتفخر بنجاحاتها. ولإنهاء هذا الخطر فإن آل ثاني بمختلف أفرعهم وإختلافاتهم يمكنهم من وأد وإقفال باب هذا الخطر بوقوفهم وراء من يختارونه أو قد أختاره لهم الأمير. وهنا نرى أنه حتى من يسمون بالعائلات الحاكمة الديكتاتورية والتي تحكم بملك عضوض تحتاج كي تستمر في الحكم أن تؤمن بالديموقراطية ولو كانت فقط ضمن دائرتها المصغرة ولا علاقة للمواطن بها في دولة لا تختلف عن السعودية في شيء فلا يوجد فيها من العمل السياسي الديموقراطي سوى مجلس بلدي منتخب وإن زاد عن الحالة السعودية بحق المرأة في الإنتخاب.