النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: المقالات في الصحف المحلية 284

العرض المتطور

  1. #1

    المقالات في الصحف المحلية 284

    المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (284)


    المقالات في الصحف المحلية

    الخميس
    06/03/2014





    حديث القدس: ماذا بعد تصريحات نتانياهو في واشنطن ؟!
    بقلم: أسرة التحرير
    انتخابات البرلمان الأوروبي القادمة اختبار لشرعية اوروبا وتحدي جديد امام صعود التيارات المعادية لفكرة أوروبا الموحدة
    بقلم: أمجد ابو العز (أكاديمي متخصص في الشؤون الأوروبية)
    مأساة الفلسطينيين في سوريا اليرموك: ذاكرة وطن
    بقلم: أحمد يوسف
    يحدث في فلسطين الآن..
    بقلم: محمد السعيد إدريس


    أطراف النهار: شرخ خفيف في .. المرآة؟
    بقلم: حسن البطل
    أزمة حركة أم أزمة حكم؟
    بقلم: طلال عوكل
    أخطاء تاريخية
    بقلم: حمادة فراعنة
    "حماس" وقرار القضاء المصري
    بقلم: د. عبد المجيد سويلم


    تغريدة الصباح - ثالثة الأثافي.. من يوميات امرأة محاصرة في غزة
    بقلم: سما حسن
    استغلال حالة الانتظار
    بقلم: بكر أبو بكر
    القتل بمزاعم الشرف..جريمة مشروعة
    بقلم: موفق مطر
    انتبهوا لتداعيات القرار
    بقلم: عمر حلمي الغول








    مقالات جريدة القدس،،،،
    حديث القدس: ماذا بعد تصريحات نتانياهو في واشنطن ؟!
    بقلم: أسرة التحرير
    مواقف رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو من قضايا السلام الاساسية واضحة ومعروفة ومغرقة بالتشدد دائما، إلا ان خطابه في واشنطن امام مؤتمر منظمة إيباك، وبعد يوم واحد من محادثاته مع الرئيس اوباما، يكتسب اهمية خاصة ودلالة واضحة للغاية.
    كان المراقبون يتوقعون ان يكون اكثر توازنا وأقل حدة ولكن ما حدث كان العكس تماما وهو بذلك لا يوجه رسالة الى القيادة الفلسطينية فقط وانما الى الرئيس اوباما شخصيا والى مندوبه وممثله في محادثات السلام وزير الخارجية جون كيري.
    لقد كان اوباما قد صرح قبل وصول نتانياهو الى واشنطن ان عزلة اسرائيل في تزايد وان على نتانياهو اتخاذ قرارات صعبة، وقد اغضبت هذه الاقوال نتانياهو كثيرا، كما قيل، واراد في خطابه امام "ايباك" الرد على هذه الاقوال ولهذا تحدث بسخرية ونقد قاس للمقاطعة الدولية المتزايدة التي قال عنها اوباما انها عزلة، ووصفها رئس الوزراء الاسرائيلي بالعنصرية والعار. ولم تجد محاولة اوباما طمأنة نتانياهو بشأن الموضوع الايراني وتأكيده ان واشنطن ستعمل ضد امتلاك ايران اسلحة نووية.
    ومواقف نتانياهو المدوية والصارخة من قلب العاصمة الاميركية تقلب الطاولة على راس المساعي الاميركية لتحقيق تقدم او اتفاق اطار. لقد قال ان علينا الاعتراف بيهودية اسرائيل، وبقاء القوات الاسرائيلية في الاغوار وعدم عودة اللاجئين.. ولم يتحدث عن القدس لان هذا الموقف بالنسبة له صار بدهيا وهي ان القدس ستبقى موحدة وعاصمة اسرائيل الى الابد.. ولم يتحدث عن المستوطنات لانه يؤيد بقاء ما يريد منها، ولم يتحدث عن وقف الاستيطان الذي تزايد العام الماضي بنسبة فاقت المائة بالمائة، لانه يعتبر الاستيطان "حقا شرعيا" لا نقاش حوله.
    واضح ان نتانياهو اغلق الابواب امام اية احتمالات للتقدم او التوصل لاتفاق إطار كما يحاول كيري، لان كل ما تحدث عنه من شروط للسلام مرفوض قطعا من القيادة الفلسطينية رسميا وعلنا، ولا يبدو انه مستعد لتغيير هذه المواقف على المدى القريب على الاقل. ويزيد الامور تعقيدا ان هذه الاقوال ترافقها ممارسات ميدانية يومية تحولها من كلام الى افعال، فالاستيطان مستمر وبقوة، وتغيير ملامح القدس لا يتوقف، والاقتحامات متكررة للمسجد الاقصى واقتراحات فرض "السيادة" الاسرائيلية عليه متواصلة، وتهجير المواطنين ومصادرة الارض في كل انحاء الضفة لتعميق تجزئتها وتقطيع اوصالها صار عملا يوميا...
    ماذا علينا والحالة هذه ان نفعل ؟وكيف نواجه هذه الغطرسة وهذه الاطماع التوسعية ؟ وما الذي سيقوله الرئيس ابو مازن لدى زيارته واشنطن خلال نحو اسبوع ؟
    لقد تم التأكيد رسميا ان قيادة حركة "فتح" ستجتمع قبل سفر الرئيس، وهذه مناسبة وضرورة لبحث هذه التطورات التي اعلنها نتانياهو واكدها بقوة وبنبرة تحد .. كما ان على القيادة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير تدارس الوضع بكل الجدية والمسؤولية الواجبة، حتى يكون الموقف الوطني الفلسطيني واضحا للرد على هذه السياسة الاسرائيلية المدمرة لكل احتمالات وامكانات التوصل الى اي نوع من الاتفاقات.




    انتخابات البرلمان الأوروبي القادمة اختبار لشرعية اوروبا وتحدي جديد امام صعود التيارات المعادية لفكرة أوروبا الموحدة
    بقلم: أمجد ابو العز (أكاديمي متخصص في الشؤون الأوروبية)
    ساهمت معاهدة لشبونة التي دخلت حيز التنفيذ في أواخر عام 2009 في تغيير قواعد اللعبة وموازين القوي في الإتحاد الأوروبي. هدف المعاهدة إصلاح مؤسسات الإتحاد الأوروبي وتطويرها عبر منح البرلمان الأوروبي صلاحيات جديدة كهيئة تشريعية في عديد من المجالات، وتحديداً التعاون القضائي بين دول الاتحاد وتنسيق عمل أجهزة الشرطة في الدول الـ27، فضلا عن مسألة الميزانية الأوروبية، وتعزيز قدرة البرلمانات الوطنية على التعبير عن آرائها بشأن القوانين والتشريعات التي تسن على المستوى الاوروبي. تعتبر صلاحيات البرلمان الاوروبي المنتخب أعضائه مباشرة من مواطني الإتحاد محاولةً لإسكات الأصوات المعادية له والتي تتهمه بخطف القرار السيادي لإعضائه وبالتعقيد وبغياب الديموقراطية الحقيقية نتيجة غياب آلية الإنتخاب المباشر لصناع قراره، وهي نقطة محورية استغلتها الحركات اليمينية في أوروربا للتحريض عليه وعلى منجزاته التي حققها في عدة مجالات. ووفقا للمعاهدة سيلعب البرلمان الاوروبي دوراً قوياً في تحديد السياسات الأوروبية الداخلية التي ستؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية لنحو نصف مليار أوروبي في دول المجموعة الأوروبية الثماني والعشرين.
    الصلاحيات الواسعة للبرلمان في التأثير على حياة المواطنين الاوروبين واختيار قادة أوروبا أكسب إنتخاباته المقبلة والمزمع تنظيمها خلال الفترة بين الثاني والعشرين والخامس والعشرين من شهر ايار (مايو) المقبل أهمية خاصة. الأعضاء الجدد للبرلمان سيحددون العطل والحد الأقصى لساعات العمل خلال الإسبوع لموظفي الاتحاد الأوروبي، كما سيحددون تكاليف المكالمات للهواتف الجوالة في حالة السفر إلى بلد آخر في الاتحاد الأوروبي واخيراً سيلعبون دوراً كبيراً في سن التشريعات الاوروبية بالتعاون مع المجلس الاوروبي والبرلمانات الوطينة الرامية لاصلاح هيكلية الاتحاد الاوروبي الذي يشهد حاليا تراجعاً في شعبيته لاسيما في اوساط الشباب. وعلى مستوى صناع القرار فللمرة الأولى منذ نشأة الاتحاد الاوروبي يتوجب على الكتل النيابية في البرلمان اختيار مرشحيها لمنصب رئيس المفوضية الاوروبية التي تعد الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، أي ان رئيس المفوضية سيتم انتخابة من اكبر كتلة برلمانية في البرلمان الاوروبي في انتخابات ستنظم بعد انتخابات البرلمان الاوروبي.
    كما عملت المعاهدة على إعادة توزيع القوى في البرلمان الاوروبي لضمان عدم هيمنة الدول الأقوى على صنع قراره. فوفقاً لمعاهدة لشبونة تم تخصيص مقاعد الدول الأعضاء في البرلمان الأوروبي وفقاً لعدد السكان، وانخفض الحد الأقصى لعدد المقاعد المخصصة لأي دوله من 99 مقعداً إلى 96 مقعداً فيما بلغ العدد الأدنى لأي دولة هو 6 أعضاء بدلاً من 5 اعضاء. وبناءً على ذلك فإن ألمانيا ستكون الدولة الوحيدة التي ستفقد عدد من أعضائها لتجازهم الحد الأقصى المذكور لأي دولة.
    على الرغم من الجهود التي يبذلها صانع القرار الأوروبي في بروكسل لسد الفجوة بين مؤسسات الإتحاد ومواطنيه الا ان شعبية الاتحاد الاوروبي وبرلمانه في تراجع مستمر، وتنظر الغالبية العظمى من المواطنين الاوروبين للاتحاد بنظرة سلبية ولفكرة اوروبا الموحدة، لكن المواطنون الاوروبيون لا يريدون هدم منجزات الاتحاد بقدر اصلاحه والحد من سلطته عليهم وعلى حياتهم، بالمقابل تؤيد طبقة رجال الاعمال والبنوك وغيرها من افرع الاقتصاد الاوروبي الاتحاد الاوروبي ويشكلون رافعة ضغط على السياسين لدعم التكامل والاندماج الاقتصادي الاوروبي.
    ساهمت حقيقة أن نحو 80 في المائة من القوانين الداخلية للدول الاعضاء تصنع في بروكسل بدون موافقة البرلمانات المحلية، وازمة اليورو الاقتصادية في اضعاف شرعية الاتحاد الاوروبي. لعل تراجع شعبية الاتحاد الاوروبي في اوساط العامة من الاوروبين ترجع الى الخلل في مخرجاته التي ما زالت دون طموحاتهم، فالنمو الاقتصادي سلبي في معظم أنحاء أوروبا، والبطالة في منطقة اليورو بلغت نحو 12 في المائة والبطالة بين الشباب الاسبان واليونان على سبيل المثال اسبانيا أكثر من 50 في المائة. كما ان مدخلات الاتحاد الاوروبي غير واضحة نظراً لتعقيد عملية صنع قراره، وتشتتها بين العديد من المؤسسات الاوروبية، وضعف المساءلة والشفافية. واخيراً، شعور المواطنون الاوروبيون بأن من يحدد مستقبلهم هم مجموعة من الموظفين غير المنتخبين في بروكسل، يقبعون خلف ابواب مغلقة مما يعبر عن خلل ديمقراطي. كما ان غياب الاتحاد الاوروبي خلال ازمة اليورو بسبب قيام رؤساء الحكومات الاوروبية باتخاذ القرارات بشأن عمليات الإنقاذ زاد الفجوة بين المشرعين الاوروبين وبين مواطنيهم. بالمقابل لعبت البرلمانات الوطنية الدور الرئيس في تمويل وتنفيذ القرارات. كما يتهم أعضاء البرلمان الأوروبي بعدم التواصل مع دولهم ولا مع برلماناتهم الوطنية.
    تراجع شعبية الاتحاد الاوروبي عكسته التراجع المستمر في نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان منذ اول انتخابات مباشرة له في عام 1979 واستطلاعات الرأي الاخيرة. فعلى الرغم من أن صلاحيات البرلمان الاوروبي اتسعت بشكل مطرد الا أن نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان في انخفاض مستمر ووصلت في الانتخابات الاخيرة التي نظمت في عام 2009 الى نحو 43 في المائه بالمقارنة بنحو 63 في المائة في اول انتخابات في عام1979.
    انخفاض شرعية البرلمان الاوروبي زاد المخاوف من الاحجام عن التصويت في الانتخابات القادمة مما يعطي الفرصة للاحزاب المعادية للاتحاد الاوروبي للسيطرة ولاختراق الأحزاب الشعبوية. وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة قال نحو 49 في المائة من الاوروبين أنهم ينوون المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، بالمقارنة كان متوسط الإمتناع عن التصويت في انتخابات برلمان عام 2009 نحو 57 في المائه، وهو رقم قياسي. الازمة المالية جعلت مواطني الاتحاد الاوروبي يدفعون الثمن تحت وطأة البطالة والركود، مما ولد شكاً بالهوية الاوروبية وجدواها، لاسيما ان الاوروبيون لديهم حساسية متزايدة تجاه غياب المساواة والديموقراطية في الاتحاد الاوروبي، والهوية الاوروبية قائمة على فكرة النظام الإجتماعي.
    كما تشير الإحصائيات واستطلاعات الرأي الى أن الاوروبين لم يشاركوا في انتخابات اعضاء الاتحاد الاوروبي لإعتقادهم أن عديمة الجدوى وتكليف اضافية على ميزانية حكوماتهم. هذه النتائج ظهرت في السويد حيث أشار إستطلاع للرأي الى أن السويديين ومنذ دخولهم الإتحاد الأوروبي، لا يعتبرون التصويت لأعضاء برلمانهم الأوروبي أمراً مهماً، حيث وصلت نسبة المشاركين في الإنتخابات التي نظمت في عام 2009 الى حوالي أربعين في المائة. وحوالى ثلث السويديين الذين لديهم حق التصويت، لا يعلمون بأن في هذا العام 2014 ستجرى إنتخابات البرلمان الأوروبي.
    وفي المانيا احدة اعمدة الاتحاد الاوروبي اشارت الاستطلاعات الى ان البرلمان الاوروبي احتل المرتبة الاولي في قائمة المؤسسات الاقل ثقة، في حين اختار الالمان غرفة الدستور الالمانية المؤسسة الاكثر ثقة. وفي اسبانيا التي يعتبر شعبها من اكثر شعوب اوروبا تأيداً للاتحاد الاوروبي الا انها لأكثر تضرراً من البطالة والأزمة مما هز ثقة الاسبان في أوروبا. ويشير المراقبون الى ان موافقة السويسريون في الاستفتاء الاخير على الحد من الهجرة إلى بلدهم رسالة يجب على دول الاعضاء قراتها جيداً. وهو مؤشر على ان موضوع الهجرة سيكون المحرك الاساسي والاداة التحريضية الاقوى في يد الاحزاب اليمينية للتأثير في توجهات المواطنين الانتخابية في الاتحاد الأوروبي، وليس فقط في سويسرا.
    هناك اجماع على ان تفاقم الازمة الاقتصادية وارتفاع مستوى البطالة وتدفق المهاجرين وغياب الشرعية السياسية عوامل ستساهم في حصول الاصوات المعارضة لاوروبا مثل حزب الجبهة الوطنية الفرنسية وحزب استقلال بريطانيا على عدد كبير من المقاعد في البرلمان القادم. هذه التوقعات تعززت بعد التحالف الذي نشأ اخيراً بين الكتل البرلمانية اليمينية المعادية للاتحاد الاوروبي والتي تحاول حالياً تنسيق جهودها قبل الانتخابات الاوروبية. فعلى سبيل المثال، أعلن اخيراً عن تحالف بين رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الفرنسي مارين لوبن وزعيم اليمين المتطرف في هولندا جيرت فيلدرز. وحسب تصريحات مسؤولي الحزبين الهدف الرئيسي لهذا التحالف هو توحيد جهود الحركات المناهضة لفكرة الاتحاد الأوروبي وتشكيل مجموعة في البرلمان الأوروبي المقبل تكون قادرة على التأثير في الرأي العام الاوروبي والتحرير من قيود الاتحاد الاوروبي.
    عمليا بدأ المعارضون لاوروبا حملتهم وتشكل الهجرة وتحديده وحرية التنقل في دول الاتحاد الاوروبي والانسحاب من العملة المشتركة اليورو المواضيع الاكثر اهمية في حملاتهم. ومما يثير الاهتمام انه وللمرة الاولي يتحول موضوع حرية التنقل بين دول الاعضاء الى موضوع سياسي سيادي بعد ان كان من اهم منجزات الاتحاد الاوروبي. المعارضون للاتحاد الاوروبي لا يطرحون الحلول للبطالة والتغير المناخي والهجرة وجل ما يطرحونه يتمركز حول الانغلاق بحجة الحفاظ على الهوية الاوروبية ضد المهاجرين ولا سيما القادمون من الاعضاء الجدد للاتحاد الاوروبي والدول العربية والباكستان.
    تزايد شعبية الحركات والاحزاب المعارضة لاوروبا سيلقي بظله ايضا على السياسة الداخلية للدول الاعضاء فعلى سبيل المثال، اشارت الاستطلاعات الاخيرة التي نشرتها مؤسسة "يوجوف" ان إنتخابات البرلمان الأوروبي، ستشهد تقدماً كبيراً لحزب الاستقلال المعادي لاوروبا وقد يحتل الحزب المرتبة الاولي على قائمة الأحزاب البريطانية بنسبة 27 في المائة، يليه حزب العمال بنسبة 23 في المائة، والمحافظين بنسبة 21 في المائة. وقال نحو61 في المائة من المصوتين لصالح حزب استقلال المملكة المتحدة، انه من الضروري الخروج من الاتحاد الأوروبي.
    نتائج الاستطلاعات تشكل انتكاسة قوية لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي يحاول التعامل مع الاإنتقادات التي يوجهها له أعضاء حزبه الداعمين لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. فوز حزب الإستقلال سيقوض من فرص حزب المحافظين الحاكم في الانتخابات المقبلة التي ستقام العام القادم خاصة بعد ان تبني المحافظون سياسات حساسة مثل زواج المثليين والهجرة أدت إلى تحول ناخبي حزب المحافظين إلى التصويت لحزب الإستقلال المعادي لتلك السياسات. كما أن فوز حزب الإستقلال سيشكل كارثة لإيد ميليباند زعيم حزب العمال الذي يحاول بدوره المحافظة على زعامنة للحزب في ظل تراجع شعبيته في اوساط اتحادات العمال التي اوصلته لزعامة الحزب. كما سيشكل انتخاب حزب الاستقلال انتكاسة لجهود الرامية إلى إستعادة أصوات حزب العمال التي ذهبت في الانتخابات الاخيرة الى حزبي الديموقراطين الاحرار والمحافظين.

    مأساة الفلسطينيين في سوريا اليرموك: ذاكرة وطن
    بقلم: أحمد يوسف
    إن ما نشاهده يحدث للفلسطينيين في سوريا هو أكبر من نكبة وكارثة إنسانية موجعة.. من كان يظن أن الفلسطينيين الذين حطوا رحالهم في سوريا بعد نكبة 48، وكانوا يعيشون حياة آمنة مطمئنة وحالة متميزة تختلف عن كل محطات اللجوء والتشرد في العالم العربي، سينتهي بهم الحال إلى هذه المأساة بكل أبعادها الحزينة الدامية، والتي تورطت فيها - وا أسفاه - أطرافاً من الجيش النظامي السوري وبعض "التُبَّع" من الفلسطينيين هناك، حيث فقد الكثيرون من هؤلاء القتلة آدميتهم، واستباحوا حرمات هؤلاء الآمنين، وفتحوا الطريق لأنصار النظام وكل من يحمل السلاح لممارسة هوايته في الذبح والتعذيب، وكأن الفلسطيني في ذلك المخيم حقل تجارب للبراميل المتفجرة وسادية أزلام النظام.
    إن مخيم اليرموك هو "عاصمة الشتات" كما يحلو للفلسطينيين تسميته، إذ أنه يحتوي على أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، بالمقارنة مع وجودهم في باقي مدن ودول العالم.. إن في المخيم اليوم مآسي يندى لها الجبين، حيث الجوع والقتل والسحل والحصار، والانتهاكات التي لا يمكن تصنيفها - حسب المعايير الدولية - بأقل من درجة أنها "جريمة بحق الإنسانية".
    إن مخيم اليرموك هو أيقونة المخيمات الفلسطينية في الشتات، وما يجري اليوم في المخيم يعيدنا إلى ذكريات النكبة الأولى في عام 1948م والنكبة الثانية عام 1967م، حيث كان الفلسطيني يخرج من أرضه ودياره هائماً على وجهه طلباً لمكان آمن يلجأ إليه.. إن مشاهد الجوع والتدمير والقتل والحصار في مخيم اليرموك تحرك فينا كل مواجع الماضي وأحزانه، وتأسر الدمع في مآقينا من شدة الحسرة والألم على أهلنا وأحبتنا هناك. كان مخيم اليرموك في مشاهدات الفلسطيني وذكرياته هو موطن كل الثوار، فكل العناوين الكبيرة والقامات النضالية والرموز الوطنية والإسلامية لها موطن قدم هناك، لقد كان المخيم بأزقته وحواريه الجميلة هو الركيزة الأولى لكل فصائل العمل الوطني والإسلامي؛ فهناك تجد مكاتب إدارية لحركة فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وأخرى لحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، ولكل عناوين النضال الفلسطيني ستجد شقق ومحلات تجارية ومراكز ثقافية، وهناك "مقبرة الشهداء" حيث رفات الكثير من قياداتنا الفلسطينية، أمثال: خليل الوزير (رحمه الله) والذي قامت بتصفيته خلية تابعة للموساد الإسرائيلية في تونس بتاريخ 16 نيسان 1988م، والأخ د. فتحي الشقاقي (رحمه الله) أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، والذي استهدفه جهاز الموساد الإسرائيلي وهو في طريق عودته من ليبيا إلى سوريا عبر جزيرة مالطا بتاريخ 26 تشرين الاول 1995م، وكذلك الأخوين عز الدين الشيخ خليل ومحمود المبحوح؛ من كتائب الشهيد عز الدين القسام، واللذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلية في دمشق ودبي عامي (26 ايلول 2004م) و(19 كانون الثاني 2010م).
    ماذا ستكتب صفحات التاريخ عن مأساة أهلنا في اليرموك، عن الجريمة والجناة، عن النظام وجيشه وأجهزته الأمنية، وعن كل المتورطين من عرب وعجم، وعن الذين استباحوا حرمات المخيم وأعراض الحرائر فيه، وعن الذين أذاقوا أهلنا من صنوف العذاب ألواناً، وعن الذين دفعوا أطفال المخيم ليبحثوا بين خشاش الأرض ما يحفظ رمق الحياة ويقيم الأود، وعن الذين ولغوا في دم الأرامل والثكالى وأذهبوا هيبة الناس وكرامتهم بمشاهد البكاء والتسول والتدافع خلف العربات وقوافل الإغاثة الإنسانية.
    مخيم اليرموك: زيارات خاطفة وذكريات
    كانت أول زيارة أقوم فيها إلى سوريا هي بعد مشاركتي في المؤتمر التأسيسي لمؤسسة القدس الدولية والذي انعقد في العاصمة اللبنانية بيروت نهاية شهر كانون الثاني 2001م، حيث كنت أحد الأعضاء المؤسسين.. وبعد انتهاء المؤتمر سافرت خلسة إلى دمشق ولمدة 24 ساعة، حيث التقيت عدداً من قيادات المكتب السياسي في مكتب الحركة بمخيم اليرموك، والذي كنت أشاهد معالمه للمرة الأولى في حياتي، ثم عدت في صبيحة اليوم التالي لبيروت مع رغبة جامحة في زيارته مرة ثانية.. لقد كان جدول زيارتنا للبنان مكتظاً، فهناك بعض الترتيبات للالتقاء بعدد كبير من الشخصيات الاعتبارية والرموز الوطنية والإسلامية في بيروت، من بينها سماحة السيد محمد حسين فضل الله، والسيد حسن نصرالله، والإخوة في الجماعة الإسلامية الأستاذ إبراهيم المصري والشيخ فيصل مولوي والشيخ مالك الشَّعار، وأيضاً إخواننا الذين جاءوا من الكويت والجزائر ومصر واليمن وباكستان وفلسطين والسودان وسوريا وموريتانيا وتركيا وإيران ومن إندونيسيا وبريطانيا.. كان لبنان في تلك الأيام يعج بأكثر من مائة وخمسين شخصية إسلامية ما بين علماء ومفكرين ونشطاء حركيين وقيادات سياسية ودينية رسمية وشعبية.
    كانت تلك الأيام تشهد أروع تجليات التعاطف الإسلامي مع حركة حماس ومع فلسطين؛ الشعب والقضية.
    عدت مرة ثانية إلى لبنان عام 2004م قادماً من الجزائر، حيث مكثت عدة أيام في ضيافة مؤسسة القدس الدولية لتنسيق بعض الأعمال، وكذلك للمرور على مكتبات بيروت العامرة بالكتب والإصدارات الحديثة في مختلف فروع المعرفة والعلوم الإنسانية، بحثاً عما أحتاجه من مصادر لما كنت أقوم به من أبحاث.. ومن هناك، سافرت مرة ثانية إلى سوريا بترتيبات بين الحركة وحزب الله، حيث اتيح لي فرصة اللقاء بمعظم أعضاء المكتب السياسي والكثير من الاصدقاء بمخيم اليرموك، والذي وجدت فيه حاضنة للتاريخ والتراث والهوية والنضالية الفلسطينية.. وبالرغم أن الزيارة كانت خاطفة، إلا أنني علمت الكثير عن حياة أهلنا هناك، وأن الفلسطيني في سوريا – بشكل عام – يتمتع بمستوى معيشي لا بأس به، كما أن فرص العمل أمامه متاحة مثل أي مواطن سوري آخر.
    في منتصف عام 2004م، غادرت الولايات المتحدة بشكل نهائي إلى الجزائر، حيث استقر بي المقام هناك.. وبعد شهرين من إقامتي هناك، سافرت إلى سوريا، وكانت هذه الزيارة هي الثالثة لدمشق، حيث قدمت بشكل رسمي مباشرة من الجزائر للمشاركة في دورة سياسية مع نخبة من قيادات الحركة وممثليها في الدول العربية والإسلامية، ثم كانت لنا بعد الدورة سلسلة من اللقاءات والزيارات لبعض المؤسسات الإعلامية والإدارية التابعة للحركة في المخيم، وأيضاً مقابلات مع شخصيات اعتبارية وإعلامية سورية، وعناصر من كوادر حركة حماس التي حطت رحالها في سوريا إما للدراسة أو العلاج.. في تلك الزيارة، كانت محطتي الأولى هي مخيم اليرموك، وطلبت من السائق أن يأخذني إلى "مقبرة الشهداء"، حيث يرقد جثمان الأخ الشهيد فتحي الشقاقي (أبو إبراهيم)، والذي جمعتني به سنوات الدراسة في ثانوية بئر السبع قبل وبعد نكسة 67، وكان بيته بمخيم الشبورة في رفح بمثابة "دار الأرقم"، والذي كنا نجتمع فيه معظم أيام المساء لعقد جلساتنا الفكرية والتنظيمية كشباب إخوان مسلمين.. وفي عام 1969م سافرنا أنا والأخ فتحي إلى الضفة الغربية للدراسة، وكان الأخ فتحي (رحمه الله) هو المسئول التنظيمي عن شباب الإخوان من قطاع غزة؛ حيث كان يتواجد عدد من الطلاب الذين وفدوا من القطاع للدراسة في معاهد الضفة الغربية، مثل: معهد بير زيت ومعهد المعلمين التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) برام الله، وأيضا معهد اليتيم العربي في بيت حانينا وكذلك مدرسة الأقصى الشرعية بمدينة القدس. ثم كانت سنوات الدراسة في مصر بداية السبعينيات، حيث لم تنقطع لقاءاتنا التنظيمية لأكثر من ستة سنوات، كان يأتي فيها الأخ فتحي (رحمه الله) شهرياً من الزقازيق للقاهرة لزيارة إخوانه وأصدقائه وشخصيات إخوانية إعلامية مصرية، وأحياناً للمشاركة في الاجتماع القيادي للحركة.
    إن د. فتحي (رحمه الله) كان أخاً متميزاً بيننا؛ فهو واسع الثقافة والاطلاع المعرفي، ويتمتع بكاريزما إنسانية عالية، وصاحب بسمة ضاحكة تجعلك تأنس للجلوس معه ساعات بلا ملل، لقد كان يمثل بين أقرانه مدرسة فكرية، وهو صاحب قلم وأدب وعمق في الرؤية والتحليل، كان - بحق - سابقاً لزمانه؛ بشخصه وعمله.
    هذا الشريط الطويل للذكريات مرَّ من أمامي وأنا أمام قبره أقرأ الفاتحة وأدعوا الله لي وله، سائلاً المولى (عزَّ وجل) أن يكرمني بالشهادة في سبيله، وأن يجعل لنا مثله مأثرة وأثر.
    لقد كانت هذه الزيارة لمقبرة الشهداء هي بمثابة "وقفة وفاء" لمن باعدت الغربة بيننا منذ أن افترقنا عام 1979م، وظل التواصل بيننا مقصوراً على قراءة ما يكتب كل منا في المجلات الإسلامية والنشرات التنظيمية والصحف الفلسطينية، مثل مجلة "طريق فلسطين" و"فلسطين الغد" و"الطلائع الإسلامية" و"فلسطين المسلمة"، ونشرة "الإسلام وفلسطين" و"الأمة" و"السواعد الرامية"، والمجلة الفصلية "قراءات سياسية" و"دورية شئون الشرق الأوسط".. الخ
    لقد دمعت عيني مع خبر اغتياله في مالطا، وأحسب أن الحركة الإسلامية في ساحتنا الفلسطينية قد فقدت بغيابه قيادة تستحق منا ومن شعبنا كل التقدير والاحترام، فبصماته في مشروع الجهاد والمقاومة شاهدة له؛ فقد صَدق القول وصدَّقه العمل، فقد كان أيامه بعد "عملية بيت ليد" الاستشهادية بتاريخ 22 كانون الثاني 1995م، وتهديدات رابين له بالقتل يعتقدها البعض أنها معدودة، ولكنه عاش بلقب "الشهيد الحي" أكثر مما توقع، إلى أن أكرمه الله بالشهادة التي كان يطلبها عمره كله.
    لقد كانت زيارتي لقبره في مخيم اليرموك هي لحظة وداع لأخ أحببته من كل أعماقي، ولكنه غادرنا وأنا بعيد في أمريكا، وفي لحظة لم أكن قادراً فيها على السفر للمشاركة في جنازته المهيبة إلى مثواه الأخير في "مقبرة الشهداء".
    اليوم، وبكل فخر أخاطبك: يا أخي يا أبا إبراهيم.. إن غزة – بلد ملاحم البطولة والعزة – هي نبت عملك الصالح الذي لن ينقطع أجره؛ بوركت حياً، وبوركت شهيداً، وبورك غرسك الطيب الذي أثمر "جهاديين" وطلاب شهادة بالألاف من أبناء فلسطين.
    لم تتوقف زياراتي لسوريا ولمخيم اليرموك، فبعد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية في كانون الثاني 2006م وتشكيل الحكومة العاشرة برئاسة الأخ إسماعيل هنية، قمت بزيارة إلى دمشق بصفتي الرسمية؛ كمستشار سياسي لرئيس الوزراء، مما أتاح لي الفرصة للقاء شخصيات في الخارجية السورية، وإجراء مقابلات تلفزيونية وإذاعية وصحفية، والمشاركة في فعاليات وطنية داخل المخيم، والمرور على مكاتب الفصائل الفلسطينية هناك واللقاء بأمنائها العامين وبالسفير الفلسطيني في دمشق، وقد كانت هناك - أيضاً - الكثير من اللقاءات مع الكوادر الفلسطينية الإسلامية في مخيم اليرموك.. كان الحديث يدور بيننا حول التحديات التي تواجه حماس؛ الحركة والحكومة، وكيفية العمل لتحقيق رؤيتنا الاستراتيجية في توحيد شعبنا والتواصل مع عمقنا العربي والإسلامي وإنجاز مشروعنا الوطني في التحرير والعودة.
    كانت اللقاءات داخل المخيم ومع الشباب من أبناء غزة والضفة الغربية ذات نكهة وطنية خاصة، ونشعر معها بالمسئولية العالية الملقاة على أكتافنا تجاه أهلنا في الشتات، إذ ليس هناك ما يضاهي الوطن مكاناً للاستقرار والعيش الكريم، فمهما كانت تسهيلات الإقامة التي قدَّمتها بعض الدول العربية للاجئين الفلسطينيين تحت عناوين وشعارات إسلامية وقومية، صنعنا منها موشحات وزغاريد وأغاني وأشعار على شاكلة "بلاد العُرب أوطاني.!!"، إلا أن الحقيقة المرة هي أن اللاجئين الفلسطينيين ظلت تلاحقهم المصائب والنكبات حيثما وضعوا رحالهم ووطنوا أنفسهم على الإقامة والعمل، ريثما يحين وقت العودة إلى أرضهم؛ وطن الآباء والأجداد.. ومن باب الاعتراف بالحق والحقيقة، فإن جزءاً من تلك الكوارث والنكبات التي وقعت كان بما كسبت أيدينا - كفلسطينيين - وبأيدي قادتنا السياسيين.. ففي السبعينيات كانت هناك مجازر أيلول في الأردن، وكانت على أسوء منها ما وقع من تطهير عرقي وترحيل جماعي للفلسطينيين في مخيم تل الزعتر في لبنان، ثم مجازر مخيم صبرا وشاتيلا في الثمانينيات، ثم الترحيل الجماعي لحوالي 400 ألف فلسطينيي في الكويت مطلع التسعينيات، ثم مأساة الفلسطينيين في العراق على إثر الغزو الأمريكي عام 2003م، وأخيراً – وبالتأكيد ليس آخراً - ما يجري منذ أكثر من عدة شهور لأهلنا في سوريا وخاصة في مخيم اليرموك؛ وهو المشهد الأكثر دموية وبشاعة في سياسة التطهير العرقي التي تبناها نظام بشار الأسد بحق الفلسطينيين.
    واحسرتاه.. لا نملك إلا الآهات
    إن مشاهدة المخيم قبل هذا الدمار الذي حلَّ بعمرانه وساكنيه كان صورة مشرقة للفلسطيني المكافح والذي استطاع أن يتغلب على تشرده وحرمانه بعد تهجيره من أرضه عام 1948م، وأقام حياً سكنياً متميزاً بمرافقه واستقراره، وحواريه وأسواقه والتي كانت تضاهي من حيث الجودة والأسعار أسواق دمشق الشهيرة، فالمخيم يضج بالحيوية والحياة من الصباح الباكر وحتى الساعات المتأخرة من الليل.
    إن الزائر للمخيم بإمكانه أن يجد كل ما يحتاجه من الهدايا والتحف والمشغولات الفلسطينية بأسعار معقولة، وقد كانت مشترياتي في كل زيارة كمية من الحطَّات (الكوفية) والسناسل والعقود التي عليها مجسمات خريطة فلسطين وصورة المسجد الأقصى المبارك، وشالات بخطوط الكوفية الفلسطينية للفتيات، والتي كنت أهديها لأصدقائي وإخواننا وأخواتنا من الجزائريين العاشقين لكل رمزية تذكرهم بفلسطين وأهلها وتراثها النضالي والإسلامي.
    إن مشاهد التدمير والخراب والصدمة والفزع التي حلت بالمخيم جراء قصف الطائرات له بالبراميل المتفجرة، والتي جعلت البعض يصورها في وسائل الإعلام بأهوال يوم القيامة، حيث يتدافع الناس بين أنقاض بيوتهم المهدمة طلباً للنجاة، حيث الموت يلاحقهم في كل مكان، فمخالب القناصة والجوع والحصار، هي مشهد "الصدمة والرعب" الذي ملخصه في موسوعة الحياة والفناء "لا ملجأ من الله لا إليه".
    للأسف الكل قدراته مشلولة، حتى نحن أهل فلسطين عاجزون عن تقديم واجب الدعم والنُصرة، لتشرذمنا وعجزنا السياسي بسبب الانقسام وغياب الموقف الواحد، فليس لدينا إمكانيات التأثير على الحكومة السورية ولا حتى على أية فضاءات أممية بيدها أن تفعل شيئاً.. إننا نطالع مشاهد الموت اليومي والمجازر بالغة الفظاعة ولا نملك فعل شيء غير الدعاء، وتقديم بعض المساعدات الرمزية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وسط أوجاع المخيم وجياعه الذين يُعدُّون بالألاف، والذين لم يجدوا – واحسرتاه - بين جدران مساكنهم المهدمة وما تبقى من "خشاش الأرض" ما يُقيم أودهم ويحفظ حياتهم، فمات منهم بالجوع والعطش من مات، ومن نجا أدركته براميل الموت المتفجرة أو قتلته القناصة المتربصة بكل شيء يلوح في أفق المخيم أو يتحرك داخله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    لقد أظهر الانقسام مدى عجزنا وغياب قدرتنا على الفعل والتأثير، فأيدينا مشلولة ومواقفنا باهتة، ولا نملك إلا الآهات والدموع، حسرة على وطن أضعناه وشعب في الشتات خذلناه.
    مخيم اليرموك: المكانة والذكرى
    لقد وصف أخي د. مصطفى اللداوي مخيم اليرموك والذي عاش فيه منذ أبعدته السلطات الإسرائيلية إلى لبنان عام 1991م، ثم انتقل من هناك ليقيم في المخيم حيث مكان عمله بمكتب حركة حماس، ولقد كان د. مصطفى (أبو إسلام) أحد أعمدة المخيم برمزيته الإسلامية، وكان لي شرف زيارته أكثر من مرة هناك واللقاء عنده بالإخوة الشباب على مائده غداء أو عشاء، حيث كان أخي د. مصطفي رجل مضياف وصاحب كرم وعطاء.. لم أجد أصدق وصفاً لمخيم اليرموك أبلغ مما كتبه وأشار إليه، حيث قال: إن اليرموك هو اسمٌ عريقٌ يحمل دلالةً عظيمة، ومعاني مجيدة، تهتز لذكره المشاعر، وتفيض معه الأحاسيس، وتتوارد به الأفكار، وتقفز إلى الذاكرة منه سيولٌ من الأحداث والذكريات، فهو أرضُ معركة، وساحةُ قتال، صال فيها خالدٌ، ومرَّ فيها أبو عبيدة، ومشى فوق ترابها خيرةُ صحابة رسول الله، ودفن في جوفها رجالٌ خاضوا فيها أعظم معركةٍ صنعت للأمة مجداً، ورفعت للدين راية، وأدخلت الإسلام إلى الشام، فرفعت به شأن العرب، وصنعت منهم أمة، لتكون من بعده دمشق عاصمةً للدنيا، وحاضرةً للعالم، منارةً للهدى، وعلماً للإسلام، وسيفاً يدافع عنه، ويرفع رايته، نصرةً وجهاداً، ورباطاً وثباتاً.
    إن مخيم اليرموك هو أكبر المخيمات الفلسطينية مساحةً، وأكثرها سكاناً، وأفضلها تنظيماً، وأجملها بناءً، وأكثرها خدماتٍ، وأحسنها موقعاً، إنه صنو مخيمي جباليا بقطاع غزة، وعين الحلوة في مدينة صيدا بجنوب لبنان، لجهة المساحة وعدد السكان، يعتز به الفلسطينيون، ويحرص على الإقامة فيه كثيرٌ من السوريين، إنه عاصمة المخيمات الفلسطينية في سوريا، وعنوانها الأبرز، ولعله أحد أهم عواصم الشتات واللجوء الفلسطيني، كان منذ أن نشأ في بداية خمسينيات القرن الماضي، معقلاً للرجال، ومنبعاً للأبطال، ومدرسةً للثوار، تخرج منه آلاف المقاتلين، ومئات القادة وكبار الضباط، ومنه خرج المدد المقاتل، والزحف الكبير إلى لبنان، ليشارك في الدفاع عن أرضه، والذود عن حياضه، نصرةً للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وفيه سقط آلاف الشهداء دفاعاً عن أرض العرب في لبنان، أو استشهدوا في عملياتٍ جهادية داخل فلسطين المحتلة، وغيرهم كثير من الأسرى والمعتقلين الذين قضوا سنواتٍ طويلة من عمرهم في سجون العدو الصهيوني ومعتقلاته.
    لا يقوى أحدٌ على تجاوز مخيم اليرموك أو إهماله، فيخطئ في حقه ويضل في تصنيفه، وينكر أثره، أو يغمطه حقه، أو يخفي دوره، متجاهلاً معالمه، ومتجاوزاً مكانته وموقعه، فهو يتصدر المخيمات الفلسطينية، ويتقدم على كل التجمعات السكانية في الوطن والشتات، ولعله أحد الحواضر المدنية الفلسطينية الكبيرة، ففيه مدارسٌ ومعاهد، ومساجدٌ ومؤسسات، ومستشفياتٌ ومصحات، وأسواقٌ ومتاجر، وملاعبٌ ونوادي، وساحاتٌ وميادين، ومحكمةٌ وبلدية، ومراكز حكومية وأخرى أممية، وفيه كل التخصصات الطبية والمختبرات الفنية، ومكاتب الهندسة والعمران، ومكاتب المحامين وكتاب العدل، وغيرهم كثير ممن تزدهر بهم المدن وتتميز.
    لا فلسطيني غريبٌ في مخيم اليرموك، ولا احساس فيه بالوحدة أو الغربة، ولا معاناة بين أهله، ولا ضيق أو تبرم بين سكانه، فالألفة والمودة تجمع أهله، وتنظم العلاقة بين ساكنيه، في نسيجٍ فلسطيني وطنيٍ حميم، لا يعرف الكراهية، ولا يستجيب لمعاني البغض، ولا يقيم وزناً لمفاهيم التمييز والفرقة، بل يتساوى سكانه، ويتعاون أهله، ويتكافئ شعبه، ويتضامنون فيما بينهم، فلا شكوى من جوع، ولا ضائقة من فقر، ولا احساس بالظلم أو الضيم، في تركيبةٍ سكانية فريدة، جمعت شمال فلسطين إلى جنوبها، مع أهل غزة وسكان الضفة الغربية، فضلاً عن المقدسيين وبدو النقب، وغيرهم كثير ممن فضل الإقامة فيه، والسكن بين شارعيه الكبيرين، اليرموك وفلسطين.
    إن هذه الكلمات الحيّة لأخي د. مصطفي في وصف المخيم أرجعتني لتذكر كل تلك الشوارع والحوانيت والوجوه الفلسطينية التي طالعتها فيه، والسؤال – بلغة المجهول - عمن بقى حياً ممن عرفنا بين أهله من الإخوة والأصدقاء والمفكرين والأدباء والكوادر النضالية؛ الوطنية والإسلامية.. مخيم اليرموك - اليوم - تحول كله إلى ساحات ممتدة لمقبرة الشهداء؛ رحمهم الله جميعاً، وأسكنهم فسيح جناته، وألهمنا على فراقهم الصبر والسلوان.
    ختاماً: إن للفلسطيني ربٌّ يحميه
    كلما تذكرت ما جرى للمخيمات والتجمعات الفلسطينية في الشتات تذكرت كلمة لوالدي (رحمه الله)، قالها لي يوم جئته مهرولاً بعد سقوط قطاع غزة بأيدي المحتلين الصهاينة عام 1967م، لأخبره أن جيراننا في المخيم يشدون رحال الهجرة للأردن للنجاة بأنفسهم، حاثَّاً إياه أن نفعل مثلهم، حيث ناشدته قائلاً: هيا يا أبي نُعجَّل ونلحق بهم.!!
    كنت شاباً متحمساً وشعرت بقسوة الهزيمة والإحباط من حالتنا العربية التي أثخنتنا بشعاراتها الكاذبة حول التحرير والعودة.. نظر أبي في وجهي المملوء فزعاً، وقال: هؤلاء مجانين.. والله لن نُعيد تجربة الهجرة مرة ثانية؛ سوف نموت هنا في بيوتنا، فهذا أشرف لنا وأكرم.. قلت موضحاً باستجداء أكثر: يا أبي.. إن دار فلان وفلان قد رحلوا، وهناك آخرين يتجهزون للحاق بهم.. قال بلغة الحازم: سأموت على عتبة بيتي هذا ولن أغادر، ولو كنت أعلم أن خروجنا من قريتنا في حُليقات عام 48 سينتهي بنا إلى هذا المخيم وهذه الحياة لكنت فضلت الموت بجانب قبر أبي ووسط أرض أهلي وبساتين عائلتي. اهدأ.. لن نغادر، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
    اليوم، وأنا أطالع مسيرة المخيمات الفلسطينية وذكريات أحداثها والمجازر التي حلت بأهلنا فيها، أتذكر كل ما قاله أبى عن الهجرة والرحيل، ولعل حالنا - لو طاوعني أبي - هي ما شاهدناه أو نشاهده اليوم في مخيم اليرموك، وقبله في مخيم تل الزعتر (1976م) ومخيمات صبرا وشاتيلا (1982م) وحرب المخيمات في لبنان بين أعوام (1985- 1988م)، وأيضاً ما جرى من ترحيل جماعي للفلسطينيين بعد تحرير الكويت (1991م) باتجاه الأردن وكندا، وكذلك بعد الغزو الأمريكي للعراق (2003م)، حيث تعرض الفلسطينيون هناك لأقسى صنوف العذاب والإهانة والموت، ومن كان به استطاعة فقد آثر الرحيل إلى الأردن وسوريا وتركيا.
    ولعلي هنا أكرر التساؤلات التي طرحها أخي د. مصطفي متوجعاً وبأسلوب استنكاري حين قال: "ما هي الجريرة التي ارتكبها سكان مخيم اليرموك حتى يصيبه ما قد أصابه، ويلحق به هذا الحجم المهول من الدمار والخراب، ويُمنى أهله بمئات القتلى وآلاف الجرحى، ويشرد الباقون منهم في فيافي الأرض، هرباً ونزوحاً وهجرة ولجوءاً، ويضطر كثيرٌ منهم للمغامرة فيموتون غرقاً، أو تمزق أجسادهم نيران خفر السواحل العربية، أو يجبرون على العودة إلى مناطق الخطر.؟!! ألا يحق لنا أن نتساءل عن الجهات التي ورطت المخيمات الفلسطينية، وأقحمتها عنوةً في الأحداث، سواءً مخيم اليرموك أو غيره، دون أن يكون المخيم مبادراً أو مشاركاً، وقبل أن يتورط وينغمس، ويجر ويوجه، هل كان من العقل والمنطق قصف المخيمات بالصواريخ وقذائف الدبابات من معسكراتٍ ومنصاتٍ بعيدة، تقتل وتدمر وتخرب بصورةٍ عشوائية، وتصيب كيف تشاء دون تحديدٍ أو تصويب، وكيف يمكننا تفسير قصف مخيم اليرموك بطائرات الميغ الحربية المقاتلة، التي هزت أرض المخيم، ودمرت بيوته ومساجده، ومزقت الأجساد وبعثرت الأشلاء.؟!!
    ويضيف مستغرباً: "من الذي يحاصر المخيم، ويمنع إدخال المواد الغذائية والطبية لسكانه، ومن الذي يمنع أهله من الدخول إليه أو مغادرته، وهل أن حصار آلاف المدنيين في المخيم، سيجبر مجموعةً من المسلحين أو المقاتلين على إلقاء السلاح، وتسليم أنفسهم، والتوقف عن مقاتلة الجيش النظامي للدولة، وهل يجوز حصار شعبٍ إلى درجة الموت جوعاً، وتركه ينزف حتى الموت، من أجل إرغام مجموعةٍ صغيرة من المقاتلين على تسليم أنفسهم؟؟!! ويعقب بألمٍ وحسرة قائلاً: "أفلا ترون أن هذا هو العقاب الجماعي بعينه، إذ يعاقبون أبرياء بجريرة آخرين، ويقتلون أطفالاً وصغاراً ونساءً لا ذنب لهم، ولا جريمة اقترفوها سوى أنهم كانوا من سكان هذا المخيم.!!"
    ويطرح د. مصطفى السؤل الأكثر حرجاً حين يقول: "لماذا سكتت القوى والتنظيمات الفلسطينية على ما يجري في المخيم، ولماذا قبل بعضها أن يكون طرفاً في الأزمة مع فريقٍ ضد آخر، فحملت السلاح وقاتلت، وأطلقت بعضها النيران من داخله، وقصفت أخرى مواقعه من خارجه، وقد كان بإمكانهم تحصين المخيم، وحماية أهله، والنأي بهم جميعاً عن الأزمة، وعدم الانخراط في المعركة، فلا يكون المخيم مرتعاً آمناً لفريقٍ ضد آخر، وقد كان في المخيم قوىً فلسطينية قوية ومؤثرة، وصاحبة نفوذٍ ومالكة قرار، ولديها منتسبون وأتباع، وعناصرٌ ومكاتبٌ ومقرات.؟!!"
    ويأتي الجواب الذي يعكس واقع الحال، حيث أشار قائلاً: "كلاهما قد أخطئا القرار، وارتكبا معصيةً كبيرة، فأما أحدهما فقد تحزب وقاتل، وحمل السلاح، وانتظم في مجموعاتٍ ضد الدولة، ومارس العنف على أشده، ونصب من نفسه حاكماً وآمراً، وقاضياً وسجاناً وجلاداً، ومنفذاً للأحكام التي يصدر ومطبقاً لها، وأما الآخر فكان سيف الدولة المسلط، وسلطانها القاهر، فقاتل إلى جانبها، وقتل باسمها، ومارس البطش والإرهاب، والتضييق والتجويع والحصار أكثر منها، مغتراً بقوته، ومباهياً بما لديه من سلاحٍ وعتاد، وخبرةٍ وتجربةٍ ودراية، فكان المخيم ومن فيه هو الخاسر الأكبر، والمتضرر الأشد، تقتله الأطراف المتحاربة كلها، ولا تبالي بمصيبته، ولا تهب إلى نجدته، ولا تسمح لغيرها بغوثه وإنقاذه، ومساعدته وعلاجه.!!"
    إن ما يحدث اليوم في مخيم اليرموك من مجازر وأهوال، وما جرى قبله من قتل وتشريد بمخيمات اللاجئين في تل الزعتر وصبرا وشاتيلا، سيبقى شاهداً على مظلومية الفلسطينيين، ووصمةَ عارٍ في جبين العرب والمسلمين.

    يحدث في فلسطين الآن..
    بقلم: محمد السعيد إدريس
    منذ ثلاث سنوات مضت، وبالتحديد في يوم الاثنين الموافق 4/1/2011 حذرت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"، من مساع إسرائيلية متصاعدة تظهر على شكل فعاليات يهودية من أجل تسريع بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، وقالت المؤسسة إن مواقع إلكترونية تابعة لليمين الإسرائيلي والتيار الديني نشرت أخباراً وصوراً تقول إنه في يوم الخميس (31/12/2010) عقد مؤتمر كبير حضره الآلاف في "مباني الأمة" غربي القدس، خصص لقضية الهيكل، وحضره تيار الحريديم، وتمحور حول العمل من أجل تنشيط وتفعيل إقامة الهيكل المزعوم، وأضافت أن البرنامج تخلله عرض شرائح من أحد "الربانيم" يجسد إقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى خاصة في منطقة الجامع القبلي المسقوف، (مسجد عمر) .
    في ذلك الوقت كان اليمين الإسرائيلي يناشد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الوفاء بما تعهد به سابقاً من إقرار صلاة اليهود في المسجد الأقصى، وإصدار تعليمات لوزير الشرطة لترتيب أداء اليهود للصلاة داخل المسجد، أما الآن فإن الرجاء تحول إلى واقع، فالحكومة هي التي تتقدم دعوات اقتحام الأقصى، والكنيست هو الذي يشرع عبر سلسلة طويلة من القوانين تحويل دعوة "تهويد فلسطين" إلى "دولة يهودية"، فقد اعتادت قوات الأمن الإسرائيلية اقتحام الأقصى، وهو الاقتحام الذي وصل إلى ذروته يوم 25 شباط الفائت باقتحام المسجد من جهة باب المغاربة، وقامت بإطلاق وابل من القنابل الصوتية تجاه المصلين والمعتكفين وطلاب مصاطب العلم، ما أدى إلى إصابة عدد كبير منهم باختناق..
    كما صعّدت المنظمات اليهودية التي تعمل لإقامة الهيكل المزعوم من دعواتها التحريضية لاقتحام المسجد قبل ساعات من عقد الكنيست جلسة لمناقشة فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى الذي تقدم به النائب المتطرف، موشيه فيغلن الذي يقضي ببسط السيادة الإسرائيلية الكاملة على الأقصى بدلاً من الأردنية، وهي الجلسة التي انتهت من دون تصويت أو مقترحات حيث أعلن رئيس الكنيست في ختامها عن تحديد موعد لاحق آخر لمقترحات القانون والتصويت .
    ردود الفعل العربية لم تتجاوز الإدانات والمناشدات، أي لم تتجاوز الأطر التقليدية للمواقف العربية الرسمية والشعبية نحو القضية الفلسطينية وهو ما يكشف عن انصراف عربي شبه كامل عن كل ما يتعلق بما كان يسمى "الصراع العربي - الاسرائيلي" وبات يسمى "النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي" في الإعلام العربي الرسمي وغير الرسمي، وهو انصراف يبرر أحياناً بالانشغال بالهموم الداخلية في كل دولة عربية.
    فكل دولة عربية فيها ما يكفيها من المشاكل والهموم، لكن ذلك تعبير عن تحول في الإدراك العربي له أهميته نحو الصراع العربي - الاسرائيلي، حيث أضحى البعض مطبعاً مع اسرائيل علناً أو سراً، وبات الكثيرون يدركون أنه لا أمل من خوض صراع مسلح مع إسرائيل بعد أن تم تدمير معظم الجيوش العربية، وجار تفكيك دول وليس جيوشاً ضمن تداعيات ونتائج ما يعرف ب"الربيع العربي".
    للأسف الشديد معظم هؤلاء يتصورون أن الكوارث التي تحدث الآن في بعض الدول العربية من صراعات طائفية ودعوات تقسيمية هم في منأى عنها، أو إن الجانب الاسرائيلي ليس فاعلاً أصيلاً فيها، وأن الصمت على ما يحدث في فلسطين وما يحدث في دول عربية تواجه خطر الانهيار سوف يرتد إلى الجميع، ثم إن منظمات وجماعات تسمى ب"الجهادية" تحولت إلى طرف مباشر في الصراعات داخل الدول العربية متجاهلة تماماً ما يحدث في فلسطين من ضياع للمقدسات والأرض التي يعترفون أنها "أرض المحشر" متناسين شعاراتهم المدوية التي كانوا يطلقونها "على القدس رايحين شهداء بالملايين".
    تحول رهان القادة الاسرائيليين إلى واقع أن ينصرف العرب عن الصراع مع إسرائيل ليتصارعوا مع أنفسهم وليتحول الصراع في المنطقة إلى صراع داخل الدول وليس إلى صراع بين الدول ليؤكد هؤلاء القادة للعالم أن ما يشهده الشرق الأوسط من صراعات ليس سببه وجود إسرائيل لكن سببه أن دول المنطقة مفعمة بعوامل وأسباب الصراع الداخلي لأنها تأسست على قواعد عدم التجانس العرقي والديني والطائفي، وأن الحل هو إعادة ترسيم الخرائط وإعادة تقسيم هذه "الدول الفاشلة" .
    وهم بإصرارهم على اعتراف الفلسطينيين والعرب والمسلمين بأن "إسرائيل" دولة يهودية يهدفون إلى أخذ الشرعية لما يسمونه معركة التحرير والاستقلال اليهودية، فعندما يعترف الفلسطينيون بأن إسرائيل دولة يهودية، فإنهم يعترفون في اللحظة ذاتها بأنهم محتلون لأرض غيرهم، كما يعترفون بأن كل حروب إسرائيل ضد العرب هي حروب التحرير والاستقلال، ومن ثم يجب أن يحاكموا على ما ارتكبوه من جرائم ضد سكان البلاد الأصليين أي اليهود، ومن ثم يكون طرد كل العرب المقيمين داخل الكيان أمراً شرعياً، وليس جولة جديدة من فرض اللجوء على الشعب الفلسطيني كما يروج إعلام الفلسطينيين والعرب .
    هذا هو جوهر مشروع فرض "إسرائيل دولة يهودية" وهم يتحركون خطوة خطوة نحو النجاح من خلال منظومة متكاملة من السياسات والإجراءات، في مقدمتها التوسع الاستيطاني السريع في كل القدس وإجبار ما تبقى من أهلها على النزوح، والتوسع الاستيطاني في معظم أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وإلهاء السلطة الفلسطينية والنظام العربي في جولات متوالية من التفاوض لكسب الوقت، ثم التمدد في التهويد القانوني داخل الأراضي المحتلة وداخل فلسطين المحتلة عام 1948 أيضاً .
    وجاءت مصادقة لجنة التشريع الوزارية في إسرائيل أيضاً يوم الاثنين 25/2/2014 على قانون يقضي بحظر تسجيل أي جمعية أهلية لا تعترف بإسرائيل دولة يهودية لتكمل مشروع التهويد حيث يمضي الكنيست نحو تشريع ترسانة من القوانين العنصرية ضد العرب وتضييق هامش الحقوق والحريات بحقهم . فالقانون المشار إليه، وباعتراف منظمات حقوقية إسرائيلية هدفه "فرض الاعتراف بيهودية الدولة على الجمعيات الأهلية لفلسطينيي الداخل (عرب إسرائيل) عنوة .
    ويكمل هذا المسعى المشروع الذي يعده النائب ليفين" وينص على أن إسرائيل هي "دولة الشعب اليهودي" وأن حق تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل هو حق خاص بالشعب اليهودي، كل هذا يحدث في فلسطين ونحن خارج دائرة رد الفعل بعد أن هجرنا "دائرة الفعل" .



    مقالات جريدة الأيام,,,,
    أطراف النهار: شرخ خفيف في .. المرآة؟
    بقلم: حسن البطل
    ينمّي الطفل بعض مداركه متأملاً صورته في المرآة، وكانت المرايا والخرز الملون ..والملح بضائع "سحرية" في مقايضة جائرة لأوائل البيض المستعمرين مع شعوب غابات إفريقيا السوداء، مقابل العاج وجلود الحيوانات.. والذهب أيضاً!
    عمر إسرائيل 66 سنة، أي أصغر قليلاً من أعمار دول سايكس - بيكو العربية، التي هشمّ "الربيع العربي" صورتها في المرآة القومية والقطرية أيضاً.
    صورة إسرائيل هي صورتها في مرآتها، التي هي الجيش، أو "جيش الشعب" باعتبار أن "لكل دولة جيشا، ولإسرائيل جيش له دولة" كما يقولون هناك.
    منذ سنوات، اي منذ ولاية نتنياهو الثالثة، وضع مرآة لصورة إسرائيل، هي "يهودية الدولة" لأنه رأى شبحاً في المرآة هو "العودة" الفلسطينية.
    يهودية الدولة هل تعني يهودية الجيش، الذي بنى الدولة وحماها ويحميها، بصفته البوتقة لصهر اليهود شعباً، والجيش "جيش الشعب"؟
    حوالي 10٪ من سكان دولة إسرائيل هم من "الحريديم" (أتقياء الله) ويرون انفسهم جزءاً من الدولة والشعب، لكن ليس جزءاً من "جيش الشعب"، أي غير ملزمين بالخدمة فيه. هذه المشكلة قديمة من أيام قيام الدولة، وأعطاهم أول رئيس وزراء، بن - غوريون العلماني الصهيوني إعفاء من الخدمة العسكرية، احتراماً لـ "توراته عمله".
    الظروف تتغير، ومعها بنية الدولة والمجتمع .. والجيش طبعاً، ونسبة "الحريديم" من السكان زادت تبعاً لزيادة المولودية في صفوفهم على المعدل الوطني العام.
    منذ تظاهرة الاحتجاج في جادة روتشيلد - تل ابيب، قبل سنوات قليلة، او تظاهرة جبنة "الكوتيدج" للطبقة الوسطى الإسرائيلية المسحوقة بعد التحول لاقتصاد السوق، برز حزب يحمل مطالبها، ومنها "المساواة في تحمل العبء" أي انخراط "الحريديم" في دورة الاقتصاد المنتج، وخدمتهم في الجيش.
    في قيادة الجيش هناك من يدعو الى اعتماد "جيش محترف" من المتطوعين، بدلاً من "جيش الشعب" على غرار الجيوش الحديثة في الدول الديمقراطية، مثل الجيش الاميركي بعد حرب الفيتنام، اي "جيش صغير وعقل كبير"، وهناك من يرى ان هذا الخيار عالي الكلفة اقتصاديا اكثر من جيش الخدمة الإلزامية.
    هناك من يرى خطراً في تجنيد المتدينين المتشددين الذين سيطيعون تعليمات حاخاماتهم لا قادتهم العسكريين، سواء كانوا من "الصهيونية المتدينة" مثل الوزير بينيت، او "اليهودية المتدينة" مثل الحريديم.
    الحلول التوفيقية كثيرة، ومنها "مشروع طال" لاستيعاب تدريجي للحريديم في الجيش ليبقى "جيش الشعب"، المحكمة العليا اقرت بدء تجنيد متدرج للاصوليين من العام 2017، ووافقت الحكومة والبرلمان لكن تظاهرة احتجاج "مليونية" حريدية في القدس (لا في تل أبيب العلمانية) كانت اكبر تظاهرة للمتدينين على اختلافهم من غربيين وشرقيين ولتوانيين وحسيديين ..الخ!
    صارت "المليونية" شعاراً اقتباساً عالمياً من مليونية "ميدان التحرير" في القاهرة (ساحة تقسيم التركية، وساحة الميدان في كييف .. عدا جادة روتشيلد في تل ابيب).
    سواء شارك 600 ألف في التظاهرة، او 350 ألفا أو ربع مليون، فقد كانت ناجحة جداً من حيث التنظيم، واكثر تنظيما من تظاهرة احتجاج العلمانيين في تل ابيب، أو جنازة الحاخام عوفاديا يوسف.
    لن تتراجع الحكومة ولا الجيش عن "قانون التجنيد" لكن لن يتوقف "الحريديم" عن اتهام المحكمة العليا بالعلمانية المعادية لليهودية والتوراة.
    المسألة ليست في تجدد الشرخ القديم بين غلاة العلمانيين والمتدينين المتطرفين، لكن في ان تظاهرتهم الاحتجاجية صادفت في التوقيت سفر نتنياهو الى واشنطن، وتركيزه على مطلب "يهودية إسرائيل" خلال لقائه بأوباما وخطابه في "إيباك".
    الجيش الإسرائيلي يعتمد الخدمة الإلزامية لثلاث سنوات بعد الشهادة الثانوية، مع امتيازات اجتماعية واقتصادية، خاصة لكبار الضباط في "الجيش العامل"، وكذلك جيش كبير من الاحتياط، والفكرة الجديدة هي جيش ثالث يقوم بالخدمة المدنية، وبه تحاول إسرائيل تجنيد قطاعات الأصوليين والعرب، بديلاً عن الخدمة العسكرية المباشرة في الجيش العامل، وفي قوات الاحتياط سريعة التعبئة والانخراط في المجهود الحربي.
    مطالبات العلمانيين بتساوي حمل العبء أثمرت عن خفض سنوات الخدمة، وتعويض ذلك بخدمة اقل للأصوليين او خدمة مدنية، وأسباب العلمانيين اقتصادية أولاً، وتعاظمت بعد تحول إسرائيل الى اقتصاد السوق.
    الى جانب الخدمة في الجيش بالتساوي - غير المتساوي في الواقع، فإن اقتصاد الدولة يتطلب تغيير نظام التعليم في المدارس الأصولية "توراته - عمله" وإدخال الرياضيات والعلوم فيها للانخراط في دورة الاقتصاد المتنامية، والخروج من دائرة الفقر والاعتماد على إعانات الدولة للأصوليين، وتحديد اعداد دارسي التوراة سنوياً لإعفائهم من الخدمة، بدلاً من الإعفاء العام وخاصة للبنات الأصوليات.
    بينما بنية نظم ودول سايكس - بيكو تتحطم، فإن ما يجري في إسرائيل هو مجرد شرخ صغير في صورتها بمرآتها عن نفسها، وصورة الجيش في المرآة.

    أزمة حركة أم أزمة حكم؟
    بقلم: طلال عوكل
    القرار الذي صدر عن القضاء المصري، ويعتبر حركة حماس حركة ارهابية محظورة، يرفع مستوى التوتر القائم فعلياً بين الحركة وحكومتها في قطاع غزة، ومصر، الى درجات لم يعد ممكناً، اصلاح العلاقة، ويقفل الكثير من الخيارات امام الحركة والحكومة للإصلاح.
    لم تنفع كل الرسائل التي بثتها "حماس" وتؤكد انها تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية لمصر، او لأي دولة عربية، ولم تنفع محاولات تخفيف الدور السلبي للإعلام، ولا التصحيح الذي جرى للرسالة السلبية التي تلقتها مصر اثر الاستعراض العسكري الذي قامت به كتائب عز الدين القسام على الحدود في رفح وفهمت منه مصر، انه ينطوي على موقف وتهديد.
    لم تنفع التوضيحات المتكررة والتفصيلية التي دأب الدكتور موسى ابو مرزوق على تقديمها لنفي الادعاءات التي تطلقها وسائل الإعلام المصرية وتتهم حركة حماس بالتدخل في شؤون مصر الداخلية، ولا كل التصريحات التي كانت تشير الى ان التواصل لا يزال قائماً بينها وبين المخابرات المصرية، كجهة مكلفة بالاتصال.
    قرار القضاء المصري، سياسي، وهو مفتوح على المزيد من القرارات التي من شأنها ان تنقل العلاقة الى مستوى العداء، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول ما الذي يمكن ان تقوم به مصر الكبيرة ضد حركة حماس وحكومتها، ويدفع المواطن في قطاع غزة، الثمن باهظاً.
    يخشى البعض من أن مصر يمكن أن تبادر الى عمل عسكري مباشر، خصوصاً وان بعض الإعلاميين والسياسيين غير الرسميين، قد لوحوا بمثل هذا الخيار، بعض آخر يذهب الى التشكيك في أن تتخلى مصر عن دورها وموقفها بالتضامن مع قطاع غزة، في حال بادرت اسرائيل الى شن عدوان واسع على القطاع، الامر الذي يترك المزيد من التخوفات لدى المواطن كما لدى فصائل المقاومة.
    في الواقع فإن هذه التوقعات، تحتاج الى فحص وتدقيق، ولكن علينا ان نستثني منه احتمال ان تقوم مصر بأي دور او عمل عسكري مباشر ضد قطاع غزة، فمن غير المحتمل ان يقبل اي مصري مسؤولا كان ام مواطنا، بأن يلطخ يده بدم فلسطيني، وتاريخ مصر، شعبها وجيشها يشهد على ذلك.
    على انه يترتب على المسؤول الفلسطيني ان لا يستهين اطلاقا، بخطورة هذا التطور السلبي في العلاقة مع مصر، وتجربة اغلاق معبر رفح وحدها، وما ينجم عنها من اضرار بليغة بحال الناس، في القطاع، يقدم فقط، مؤشرا متواضعا على طبيعة المخاطر التي تنتظر القطاع في حال استمر هذا التوتر، او تفاقم الى مستوى العداء.
    لا بد ان المسؤول الفلسطيني يدرك بأن التطورات العربية والاقليمية التي وقعت منذ العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة عام 2012، قد ادت الى تراجع مستوى الاهتمام والتضامن مع القطاع، سواء فيما يتعلق بالحصار المشدد وآثاره، او في حال ارتكاب إسرائيل عدوانا جديدا على القطاع.
    لا مجال للخوض في هذه التطورات بالتفصيل، وبما يتناول كل دولة من الدول التي كانت تقف بقوة انتصارا للمقاومة وفي مواجهة عدوان اسرائيلي واسع على القطاع، ولكن من الواضح اننا سنكون امام مواقف وتصريحات كلامية لا اكثر.
    الآثار المترتبة عن هذا التصعيد لا يمكن حصرها، سواء على المستوى السياسي، او الاقتصادي، او المعيشي او الصحي او التعليمي لأهل القطاع، فاذا كانت الصورة قبل القرار سوداوية ومؤلمة فكيف ستكون بعد هذا التصعيد؟
    نعود الى السؤال الأساسي وهو هل هذا الموقف من مصر موجه للحكم او الحركة، قرار القضاء يتحدث عن الحركة، ولكن الحركة هي التي تدير الاوضاع في قطاع غزة، والحركة كانت موجودة دائما وفاعلة على الارض في ظروف صعبة جدا، وهي ستظل قادرة على الوجود والفعل في الارض الفلسطينية، ولكن المشكلة في مستوى المسؤولية التي وضعت حركة حماس نفسها فيها، منذ ان سيطرت على القطاع، واقامت عليه حكمها وحكومتها.
    من الواضح أن المشكلة في جوهرها تكمن في استمرار حماس وتفردها في ادارة قطاع غزة، وان ما اعتقدت حماس انه سيشكل لها ذخرا استراتيجيا يتحول الى عبء عليها، من حيث كونها اول فرع من الجماعة الاسلامية، يتاح لها فرصة تولي الحكم في مكان حساس وينطوي على اهمية كبيرة واستراتيجية، الحكم اصبح او تحول الى عبء كبير على حركة حماس التي تصر على دورها المقاوم، وانشأت بنية مقاومة، ولكنها تنطحت لتحمل أعباء ومسؤوليات ضخمة، غير قادرة في ظل الظروف المتغيرة، على ان تتحملها، في مجال الحديث عن الخيارات، نستبعد كليا ان يكون من مصلحة حماس وحكومتها، استمرار هذا التوتر، او التوجه نحو تأجيج هذا التوتر. ان الحركة والحكومة امام خيارات محدودة جداً فلا هي راغبة في التصعيد، ولا تملك الكثير في مجال التصعيد، ولا هي قادرة ايضا على مواصلة الصمت، "حماس" امام خيارين فإما المصالحة، واما خيار شمشون بمعنى التصعيد ضد اسرائيل. أخالف الدكتور الزهار الذي يرى بأن قرار القضاء المصري يغلق الطريق امام الدور المصري في المصالحة، واذا كان خيار شمشون مكلفا جدا، بل باهظ الثمن، فإن المصالحة هي الخيار الوحيد، المتاح. لقد بادرت حماس الى طرح الشراكة في ادارة القطاع، ولكن الفصائل لم تستجب، كما قدمت جملة من القرارات والمبادرات التي يفهم منها رغبتها واستعدادها لتنفيذ المصالحة، لكن المصالحة لا تزال معطلة او مؤجلة.
    في اطار الحوارات التي وقعت خلال الاشهر المنصرمة كانت النصيحة التي لم تأخذ بها حركة حماس، هي ان تقدم الحركة مبادرة كاملة، وان تستجيب لما تصر حركة فتح على المطالبة به، فيما يتعلق بالحكومة والانتخابات، اليوم يدرك الجميع ان اتخاذ القرار السليم في الوقت غير المناسب، تأخراً او استباقا، يعني ان القرار غير سليم، وان ذلك لا يمر بدون ثمن والثمن يتضخم يوماً بعد الآخر.
    الموقف المصري تجاه حركة حماس، كأنه شكل من اشكال المساهمة الفاعلة في المصالحة، لأن شعور الطرفين حماس وفتح بالازمة والضغط، هو الذي سيدفعهما نحو تحقيق المصالحة، وحينها فإن مصر لن تتخلى عن دورها في رعاية المصالحة.
    كلما اسرعتم في تنفيذ المصالحة، اختصرتم المعاناة، وكان الثمن لتحقيقها اقل، خصوصاً وان هناك من يريد لأهل غزة ان يكفروا بالوطنية وان يوافقوا على اي تسوية.
    أخطاء تاريخية
    بقلم: حمادة فراعنة
    أخطأ المفاوض الأردني، لأنه لم يضع الأولويات الوطنية الأردنية على طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين، وجعل من المصالح الأردنية العليا شرطاً قابلاً للتنفيذ، مقابل التوصل إلى معاهدة السلام الأردنية مع تل أبيب، ولم يكن المفاوض الفلسطيني، أفضل حالاً، إذ أيضاً، ارتكب أخطاء إستراتيجية، أخلت بشروط التفاوض، وانعكست على حقوق الشعب العربي الفلسطيني بالسلب، ومست بها وبمضمونها.
    صحيح أن موازين القوى، بيننا وبين المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، هي التي تحكم مسار التفاوض وتحكمت فيه، ولكن موازين القوى لا تقتصر على قدرات جيش الاحتلال، وعلى مدى وصول دبابته إلى أوسع مساحة من الأرض، بل ثمة عوامل أخرى معنوية، وأغراض سياسية تسعى أطراف الصراع للتوصل لها، تضعها في حساباتها حين التوصل إلى اتفاق، والجانب الأردني مثلاً وضع ولايته على المقدسات الإسلامية في القدس، شرطاً للموافقة على التوصل إلى إنهاء حالة الحرب، واتفاق سلام مع إسرائيل، وكان له ذلك، والجانب الإسرائيلي كان يرى في الاتفاق والمعاهدة مع الأردن، قفزة نوعية إضافية لنيل شرعيته المهزوزة على أرض فلسطين، وهو يرى أن تطبيع العلاقات مع أي بلد عربي انتصار، بعد سلسلة إنجازاته العسكرية، في 48 و 67، ولكنها بقيت ناقصة سياسياً، ولم تحقق أهدافها إلا بعد معاهدة كامب ديفيد مع مصر، ووادي عربة مع الأردن، وهو الآن يسعى لاصطياد شرعيته الحقيقية والنهائية، من الشعب العربي الفلسطيني وممثله منظمة التحرير، فبدونها لا يملك شرعية، مهما حصد من القوة والتوسع والهيمنة.
    إذن ثمة عوامل معنوية وسياسية ضرورية، يمكن أن يلجأ إليها المفاوض، غير تلك التي تفرضها جنازير الدبابات، وبساطير الجنود، وتحققها الجيوش في جبهات المواجهة القتالية، وأبرز دليل على ذلك تمسك المفاوض الفلسطيني برفضه وصف إسرائيل على أنها دولة يهودية، رغم إدراكه أن نتنياهو يضع ذلك شرطاً مسبقاً لعدم التوصل إلى اتفاق، لأنه لا يريد أي اتفاق يقوم على التنازل عن "أرض إسرائيل" لصالح الشعب العربي الفلسطيني، وهو لا يريد أن ينهي حياته السياسية، كما فعلها إسحق رابين، باغتياله لأنه ضحى بأرض إسرائيل، أو كما فعلها شارون في قطاع غزة، ورحل مشلولاً لأن "رب إسرائيل" غضب عليه، كما يقول حاخامات اليمين الإسرائيلي، لأنه رضخ مثل رابين وتنازل عن أرض إسرائيل.
    المفاوض الأردني أخل بالمصالح الوطنية الأردنية لأنه لم يتمسك بشرطين أساسيين، كان لازماً أن يتمسك بهما، ويفرضهما على المفاوض الإسرائيلي، ثمناً لمعاهدة السلام وهما:
    أولاً: إلغاء قرار الكنيست بضم القدس الشرقية الصادر في 30 حزيران 1980.
    وثانياً: حق عودة النازحين بسبب حرب 1967، إلى الضفة والقدس والقطاع.
    لقد ترك المفاوض الأردني للمفاوض الفلسطيني، مهام التفاوض على القضايا التي تخص المصالح الوطنية الفلسطينية في الضفة الفلسطينية وهي 1- استعادة القدس، 2- إزالة المستوطنات، 3- تحديد الحدود، 4- تقاسم المياه، 5- عودة النازحين، إضافة إلى القضية الجوهرية والعويصة والأصعب وهي عودة اللاجئين إلى مناطق 48، واستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها، وبذلك ترك للفلسطينيين أعباء ثقيلة، هو سببها، باستثناء قضية اللاجئين، لأن الاحتلال الإسرائيلي وقع على الضفة الغربية ومن ضمنها القدس، حينما كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية قبل 5 حزيران 1967، ولذلك كان يستوجب عليه حفاظاً للمصالح الوطنية الأردنية العليا أن يحقق شرطي التفاوض، لأنهما يمسان المصالح الأردنية المباشرة وهما أولاً إلغاء قرار الكنيست الإسرائيلي بضم القدس وجعلها جزءاً من دولة إسرائيل سياسياً وقانونياً، وكان يفترض أن تتحول إلى أراض فلسطينية محتلة ينطبق عليها قرار مجلس الأمن 242، وهو القرار الذي يفرض الانسحاب وعدم الضم، وهو الذي شكل المرجعية للتفاوض الأردني الإسرائيلي وبذلك تكون القدس مثلها مثل جنين وأريحا والخليل، أراضي محتلة غير مقيدة بقرارات إسرائيلية داخلية، طالما أن المقدسات الإسلامية والمسيحية ستبقى تحت الرعاية الهاشمية الأردنية حتى يتم رحيل الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
    والمصلحة الأردنية الثانية المؤجلة وكان يجب أن يكون لها الأولوية وتتمثل بالمطالبة بعودة النازحين الذين ُطردوا أو ُرحلوا بسبب حرب 1967، وهم أبناء قطاع غزة، وهم ليسوا بأردنيين، ويجب إعادتهم إلى قطاع غزة، لأنهم عبء سياسي ومالي وسكاني واقتصادي على الأردن وعلى الأردنيين، وحقهم في العودة إلى قطاع غزة حق طبيعي ومشروع، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية تستوجب بالضرورة، إنهاء تبعات حالة الحرب وتداعياتها، وفي طليعة مظاهر إنهاء الحرب عودة النازحين الذين نزحوا بسبب الحرب بين الأردن وإسرائيل، إضافة إلى أبناء الضفة الفلسطينية وأهالي القدس، فعودة هؤلاء إلى بيوتهم واستعادة ممتلكاتهم واجب، مثلما هي ضرورية للفلسطينيين هي ضرورة مماثلة للأردن وللأردنيين.
    لقد تم التوصل إلى معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية والتوقيع عليها من قبل الحكومتين، وتشريعها من قبل الكنيست الإسرائيلي ومن البرلمان الأردني، ولكن تبعاتها ستبقى حية وواجبة، ومنها وفي طليعتها عودة النازحين الفلسطينيين إلى الضفة والقدس والقطاع، والعمل على إحياء اللجنة الرباعية الأردنية الفلسطينية المصرية الإسرائيلية، لتنظيم وتسهيل عودة النازحين إلى مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، وبغير ذلك ستبقى معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية غير نافذة في بعض بنودها وموادها، وتحمل خللاً واجب التصويب والنفاذ، فمن يقرع جرس حق النازحين في العودة، الحكومة الأردنية، أم البرلمان الأردني، أم كليهما معاً، أم الأحزاب الأردنية؟ أم يتركون ذلك للفلسطينيين أنفسهم ووحدهم، ولن يتم ذلك إلا بعد تغيير موازين القوى التي ستفرض على المستعمر الإسرائيلي الرحيل بلا رجعة، وعندها فقط سيكون للفلسطينيين ليس فقط حق العودة بل وتسهيلات العودة بلا منة أو ضغط أو وسيط.

    "حماس" وقرار القضاء المصري
    بقلم: د. عبد المجيد سويلم
    لستُ ضليعاً في الأبعاد القانونية ولا حتى بتبعات القرار الإجرائي الذي حكمت به المحكمة المصرية على حركة حماس، ولكنني على يقين تام أن لهذا القرار من الأبعاد والتبعات السياسية الهائلة على مستقبل حركة حماس وعلى مسارها اللاحق ولسنوات طويلة قادمة.
    لم يحدث في التاريخ أن استطاع اي نظام سياسي البقاء على قيد الحياة في قطاع غزة دون رغبة ورعاية وحماية ودعم الدولة المصرية، كما لم يحدث أبداً أن استطاع أي حكم سياسي في القطاع معاداة الدولة المصرية والعمل ضدها إلا وانتهى الى الفناء التام.
    قرار المحكمة المصرية (بغض النظر عن خلفياته ومبرراته ومسوغاته) يضع حركة حماس في موقع "الكيان المعادي" وهو الأمر الذي يرتب على الدولة المصرية منع اي تواجد بأية صورة من الصور لحركة حماس على الأراضي المصرية، واصبح مستحيلاً إعطاء قادة وكوادر حركة حماس فرصة الانتقال من والى قطاع غزة عبر الأراضي المصرية.
    كما أن هذا الأمر سيسحب نفسه على مصادر تمويل حركة حماس وكافة القنوات التي يمكن ان تلعب اي دور من الأدوار في مدّ الحركة بوسائل البقاء والاستمرار في حكمها لقطاع غزة. وسيتبع بعد كل هذا ملاحقات شاملة لكل من يرتبط بحركة حماس على اي صعيد من الصعد وفرض حصار شامل عليها.
    باختصار قرار المحكمة المصرية يحول العلاقة بين الدولة المصرية من جهة وحركة حماس من جهة أُُخرى إلى حالة عداء ليس لها فرص للتراجع او الحلول الوسط.
    العكس تماما هو الصحيح، إذ إن الطابع "المؤقت" للقرار - على ما يبدو لي - هو كناية عن الطابع الاحترازي، وذلك في ضوء رؤية المحكة لما تشكله حركة حماس من "خطر" على الأمن القومي وهذا هو - على ما يبدو لي - الذي يفسّر اعتبار القضية قضية مستعجلة.
    إن صفة الاستعجال هنا ليس لها إلا معنى واحد، وهو ان الخطر داهم وخطير الى درجة لا يمكن انتظار القرائن والأدلة على ملابساتها واصبح البت المستعجل واجبا قانونيا بالنظر إلى درجة الخطورة.
    إذن، المسألة مرشحة فقط لمزيد من استحكام العداوة، وذلك في ضوء "الأدلة والقرائن" التي تتعلق بقضيتي التخابر والسجون والتي في حالة ثبوتها للمحكمة سيتم الانتقال الى طور جديد من الملاحقة القضائية لأشخاص بعينهم ولمؤسسات على وجه التحديد والخصوص ومحاكمات مختلفة على "جرائم" معينة وعقوبات محددة وملموسة عليها.
    في ضوء كل ذلك فإن الحديث عن الطابع "السياسي" للقضية لا يفيد كثيراً، لأن المسألة أدرجت موضوعياً في المسار القانوني والقضائي، وأصبح المسار القانوني والقضائي هو القناة الوحيدة الممكنة للمعالجة، ولم يعد ممكنا ان يتم تسييس المعالجة حتى ولو كانت "شُبه" السياسة متوفرة في خلفية المشهد.
    وحتى لو سلمنا جدلاً أن شبهة السياسة موجودة في خلفية القرار المستعجل فكيف ستتم المعالجة "سياسياً"، إذا ما حكمت المحكمة العادية (غير المستعجلة) بالقرائن والأدلة فيما هو منظور أمامها؟؟
    حاولت ان أورد كل هذا بهدف واحد، وهو أن هذا القرار ليس قراراً سياسياً او كيدياً كما قالت بعض الأوساط الحمساوية او الموالية لها طالما انه قد دخل القنوات القانونية والقضائية.
    لو تعلق الأمر بطرد قيادات معينة، أو اعتبار آخرين "غير مرغوب بهم" او حتى إغلاق مقر او مكتب بإعلان صحافي أو حتى بدون إعلان، لأمكن الحديث عن قرار سياسي، أما الذي صدر فهو قرار قضائي ما زال في مرحلة الاحتراز وهو مرشح فقط للتعمق في الأبعاد والتبعات والتأثير.
    مع هذا القرار تدخل حركة حماس في متاهة سياسية كبيرة، وقد تكون على أبواب مختنق صعب ليس من السهل تجاوزه او حتى التحايل السياسي عليه.
    لم تقدّر حركة حماس مع الأسف خطورة الموقف في الوقت المناسب ولم تستجب للدعوات الصادقة لها بالتراجع والمراجعة، ولم تدرك أبعاد الموقف وأخطاره عليها كحركة تتحمل مسؤولية الحكم في القطاع بغض النظر عن شرعية ومشروعية الحكم.
    لم تفهم حركة حماس مع الأسف الشديد ان التصرف كفصيل وطني فلسطيني وليس كفرع لجماعة الإخوان المسلمين كان هو الحل الوحيد والأمثل للتعامل مع الواقع الإقليمي، والحل الأوحد الذي كان أمامها للتعامل مع المتغير المصري تحديدا.
    لم تدرك الحركة (مع أن الفرصة كانت سانحة والمساحة كانت ما زالت متاحة) ان وقوف الجماعة في مواجهة الشعب المصري امر ينطوي على مقامرة سياسية مدمرة، وان الوقوف في مواجهة الجيش المصري والدولة المصرية هي مغامرة طائشة وعبثية وخطيئة لا تغتفر.
    اما أبعاد القرار على الوضع الفلسطيني العام فهي كبيرة وكبيرة للغاية.
    أهم الأخطار هو انعكاس القرار على أهلنا في القطاع، لان النوايا مهما كانت صادقة بالتفريق ما بين الحركة وما بين سكان القطاع فإن الواقع العملي المباشر لا يسمح بهذا التفريق بيسر وسهولة، وان ثمة تداخلا واقعيا وموضوعيا يستحيل تجاوزه.
    كذلك يمكن القول بعد هذا القرار ان الرعاية المصرية للمصالحة قد تبخرت الآن، ولن تقبل القيادة المصرية في ضوء القرار لا وساطة ولا تدخلا من اي نوع كان، وسترفض القيادة المصرية إعطاء اي صفة سياسية مباشرة لأي حراك من هذا القبيل، وأغلب الظن ان القيادة المصرية ستنتظر ما سيحدثه القرار من حراك داخل الحركة لكي تتابع دورها في مسألة المصالحة من على أُسس جديدة ومختلفة ومن منظور خطوات للتنفيذ المباشر على أبعد الحدود.


    مقالات الحياة الجديدة,,,
    تغريدة الصباح - ثالثة الأثافي.. من يوميات امرأة محاصرة في غزة
    بقلم: سما حسن
    ثلاثة حوادث تعرضت لها في ثلاثة أسابيع، والاصابة كانت في رجلي اليمنى وفي مواضع مختلفة منها، الحادثة الأولى حين التوى كاحلي وأنا أهبط درج “ كوفي نت” في مساء غائم حيث كان التيار الكهربي مقطوعا وشوارع المدينة تعج بالمولدات التي تجعل الضجيج لا يطاق والرؤية تكاد تكون معدومة، ولزمت الفراش لأيام قليلة, ولكني لم أتعاف تماما حين وقعت الحادثتان الأخريان وفي يوم واحد.
    كنت أجلس في المقعد الخلفي لسيارة أجرة عندما همت سيدة بدينة جدا بصعود السيارة ومعها طفلها الذي يبدو مثل نملة مقارنة بها ولغبائها فقد كانت تحثه ليصعد السيارة قبلها، وهو يمسك بشطيرة يلتهمها فما كان منها سوى أن دفعته بضربة واحدة وكأنها تركل كرة فقذفت بالمسكين الصغير داخل السيارة, وارتطم جسده الناحل وكأنه مطرقة بركبتي بشدة، فيما انشغلت أمه في نقاش حاد مع السائق الذي طلب منها زيادة الأجرة بسبب الصغير وهي ترفض في اصرار وظلت طول الطريق تقسم أن الطفل لا يشغل مكانا في السيارة وانه يجلس على ركبتها، ويبدو أنها من فرط بدانتها قد فقدت الاحساس بتضاريسها, فيما تحول السائق ليلعن ازمة الوقود وارتفاع سعر البنزين الاسرائيلي، وملاحقة الحكومة له بالضرائب.
    حين نزلت من السيارة كنت قد فقدت الاحساس بقدمي كلها, ونظرت نحو الراكبة البدينة فوجدتها قد دفعت الصغير في حضن رجل عجوز قاده حظه العاثر ليجلس مكاني وقد اصبحت السيارة مثل علبة سردين مكتظة بالركاب حيث يصر السائقون على حمل أكثر من حمولة السيارة العادية.
    وعندما فرغت من شراء حاجياتي وكنت أقطع الطريق لأستقل سيارة أخرى للعودة واذا بدراجة نارية “موتوسيكل” قادمة بسرعة تقل شابين تصطدم بي ولكني تمالكت نفسي ولم اسقط ارضا، لأني كنت أكره منظرا طالما رأيته لضحايا الدراجات النارية التي تم تهريبها من الأنفاق التي كانت تربط مصر بغزة، وتحاملت رغم أن الضربة موجعة وموجهة نحو ساقي اليمنى من الخلف والتف المارة حولي ولكنني طمأنتهم أنني بخير وواصلت طريقي فيما لم يعبأ راكبا الدراجة بما حدث وكأنهما اعتادا على الاصطدام بالبشر، بل توقفا ليتأكدا فقط من سلامة دراجتهما.
    حين عدت لبيتي وحكيت لاولادي ما حدث لي, ضحك ابني الأصغر والذي يقوم بدور المحقق وقال معلقا : وبناء على ما سبق نجد أن كاحل أمي الأيمن ضحية لأزمة الكهرباءعندما وقعت أول مرة, وركبتها ضحية لأزمة الوقود والمواصلات وساقها ضحية لتهريب الموتوسيكلات من الأنفاق, وقاطعه ابني الأكبر قائلا: على فكرة يا ماما يطلق على الدراجة النارية حاليا اسم “ الموت سيكل” يعني دراجة الموت.
    حاولت الضحك وقلت لأولادي المتجمعين حولي: رجلي هاي “ محسودة” .
    اللي نفسو فيها.... ياخدها.

    استغلال حالة الانتظار
    بقلم: بكر أبو بكر
    تعاني الحالة الفلسطينية من حالة ترقب وانتظار، يتراءى فيها للمنتظِر وكأن القادم المجهول يدغدغ آماله وأحلامه وتمنياته هذا إن امتلك قاعدة للتفكير الايجابي والعكس بالعكس مع أصحاب التوجس والتفكير السلبي، فيلقون جميعا -أي أصحاب العقليتين من المنتظِرين - بأعباء اليوم النفسية على الأفضل/الأسوأ القادم وهو المتوقع أو المحلوم به فلسطينيا أو عربيا، أو حتى شخصيا.
    إن حالة الترقب والانتظار الممزوجة بالحلم قد تكون حالة صحيّة، وتكون أداة تستخدمها السلطة أي سلطة (من سلطة العقل أو الحلم أوالشخص بوعيه أو عاطفته إلى سلطة الحاكم...) لإحكام السيطرة على التوجهات ومحاولة تخدير النفس/الناس، واشغالهم عن واقعهم البائس بآمال وصول قافلة الأمل.
    لا تمثل هذه الحالة الفكرية والنفسية شذوذا عن أحوال غيرها في المحيط العربي والإقليمي، أو لدى كثير من أصحاب الديانات والمذاهب التي تحلم (بالمخلِّص) القادم من فوق سبع سماوات لينشر العدل والازدهار، فيسود الحالمون من أتباع القادم ويقضون على المخالفين، وكأن رسالة الأديان هي الدمار والقتل حتى في حالة الانتظار، لا رسالة المحبة والتسامح والتعارف (شعوبا وقبائل لتعارفوا).
    لا نستطرد كثيرا في سياق الحالة الترقبية الانتظارية، ولكنها في الحالة الفلسطينية واضحة وجلية، وما يتبعها من قلق وتوتر وتوجس وتشكك، وبما يخالف المتوقع أو بما لا يتفق مع المأمول.
    إن اهتزاز الشارع الجماهيري السياسي العربي نتيجة "الربيع الذي تحول إلى شتاء"، ونمو الصراع المذهبي بل وداخل كل مذهب، وفي استفحال الحالة الاقتصادية السيئة فلا عدالة ولا عيش ولا أمن حسب المأمول، والكرامة تهدر والتطرف في ازدياد، وإغراق الكثيرين في التعصب الفكراني للرأي أو العقيدة أوالفكرة في سياق الطرد من الجنة أو العزف بشكل منفرد ينتقل للحالة الفلسطينية في التعصب للفكرة أوللتنظيم أو للتوجّه، أو حتى لرأي دون السعي لمد جسور التفاهم والتقارب مع القاعدة الصادقة التي تقول: ان من يختلف معي ليس عدوي.
    إن شخّصنا حالة الترقب والانتظار هذه فإنها قد تفضي لكارثة، وإن أحسن استخدامها قد تنعش المجتمع (او الفرد مع ذاته) حيث ترتبط برأينا بعوامل خمسة هي:
    1. اهتزاز الإرادة، واحتكار السطور: فالكثير من السياسيين وقادة الرأي بشكل رئيس كلّ يفتح كتابه الخاص ولا يقرأ سطور غيره، وكلٌّ يحرث في حقله ولا ينظر لغيره، وكل منهم يملي على الآخر ما يفعل ولا يتقبل المشورة أو النصح ما أدى لفقدان هؤلاء (ارادة) الاعتراف بالآخر فعليا وعقليا، التي تعني ضرورة اقراره على اختلافه والحوار معه، واقراره على اختلافه والتعايش معه. وفي هذه النقطة تحديدا تتقاطع المصالح الآنية على حساب الأهداف الكبرى لنرى الانقلاب في غزة عام 2007 يفرخ انقساما في الوطن يتقبل انعاسكات الإقليم المضطرب أو يوظفها بحنكة لإدارة الانقسام حفاظا على الكرسي والمقاعد والامتيازات، وبافتراض أنه هو شخصيا (الشخص أو التنظيم أو الجهة..) من يمثل الوطن أو الاسلام أو المصلحة لا غير.
    2. توترات المفاهيم وثقافة الكذب: ولنطرق مفهوم التعددية كمثال واحد، فلا يكاد السياسي الفلسطيني في كثير من تصريحات مختلف الأطراف يتعامل مع هذه " التعددية"، ومع العشرات غيرها من المفاهيم إلا على قاعدة كم أكسب من رفع الشعار؟ وأين حدود مصلحتي في ذلك ؟ وبمقدار ما تكون المعارضة "مسيطر عليها " أو " لطيفة " أو " مدجنة" أو "مأمورة" يكون تقبّلها واردا، والتصريح أننا مع الديمقراطية والرأي والرأي الآخر والتعددية ما هو الا كذب على الذات في ثقافة بدأت تحل محل ثقافة محمد عليه الصلاة والسلام وهي ثقافة الصدق.
    3. صعوبات في الفهم والتأمل: رغم انتشار كافة وسائل الاتصال الحديثة التي قربت المسافات، وضيّقت حزام البحث ووسعت الآفاق وزادت من قدرة التنقيب وجعلت العقول تطل على حدائق وجنات بل ومزابل لم يطل عليها من قبل ما يستدعي الانفتاح والتفكر والتأمل والاحترام للآخر الا أن (الجديد) يتصادم مع (القديم) المستقر، فبدلا من أن يتلاقح معه في آلية فكرية تتيح مجال الاستفادة تنشأ عقد فهم طريقة استخدام العقل أو اتباع مناهج التفكير العلمي، اذ يظل العديد أسرى المستقِر القديم على امتلائه بالروث دون بارقة أمل بإزالته أو التخلص من روائحه.
    4. المصلحيّة والشيطان: كل تنظيم سياسي (أو اجتماعي...) فلسطيني لا يمل من ترداد أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، كما لا يمل الفكرانيون (الاسلامويون والعلمانويون) من القول ان مصلحة الاسلام أومصلحة الإنسان هي الأساس، وكأن للإسلام أو الانسان أو الوطن ممثلين محددين دون غيرهم يُعرفون بشخوصهم أو فصائلهم، فتتحوصل (القداسة) و(الحكمة) و(المهابة) بهم حصريا لتختلط في حقيقة الأمر المصلحة العامة مع النوازع الشيطانية في النفس الامارة بالسوء. ونفتقد سماحة المسيح عليه السلام (أحبوا مبغضيكم)، ورحمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفضائل من سبقونا (الأعلام منهم) الذين لم يكونوا قديسين بقدر ما انهم استطاعوا أن يغلّبوا نوازع الخير على الشر في نفوسهم دون أن يفرضوا ذلك على غيرهم فنشأت القدوة والنموذج و(خُلُقه القرآن).
    إن استثمار حالة الانتظار والترقب واجب لأنها حالة تحمل في بطنها قيمة يتم عبرها إعلاء منطق الصبر والمحبة والتأمل والثبات والصمود والفهم وبناء الذات والرجاء والعمل والوحدة والتعددية والانفتاح، بدلا من أن تصبح سلاحا يتم استخدامه لنحر الذات والقضية عبر التشكيك والتكذيب والتلفيق وبث روح التيئيس والافتراق والموت.
    إن فهمنا لذاتنا وسعينا لإصلاح أنفسنا بقاعدة (من اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها) أو (ابدأ بنفسك) لتمثل المدخل الحقيقي للخروج من حالة الترقب والانتظار في كل شأن إلى فضاء العمل والأمل، فنحن في حقيقة الأمر مخلّص أنفسنا ومنطقة الحرث الحقيقية.

    القتل بمزاعم الشرف..جريمة مشروعة
    بقلم: موفق مطر
    اذا أردنا تحرير مجتمعنا من قبضة اخطبوط هذه الجريمة، يجب تطهير مفاهيمنا وكتبنا وتراثنا من صور تقديس القتل باسم الرب والشرف وتمجيد السلاح لا يمكننا التقدم حتى خطوة واحدة نحو الحد من هذه الجريمة حتى لو بلغت دفاتر نصوص القوانين سقوف المجالس التشريعية والمحاكم النظامية في العالمين العربي والإسلامي، فالجرائم الجنائية حالات فردية تتطور الى ظاهرة اجتماعية في زمن الفوضى وغياب السلطات، لذا فاننا نحتاج الى بث قيم أخلاقية، ومبادئ إيمان بكرامة وقيمة الإنسان وحقوقه الطبيعية في الحياة بغض النظر عن جنسه، بالتوازي مع عملية تنمية الضمير الإنساني وتثويره ليصبح المحرك لفكر وعمل الإنسان، خاصة اذا علمنا أن قوى الشر المعنية بالترويج لمثل هذه المفاهيم قد استطاعت على مدى قرون من الزمان اختراق الوعي الفردي والمجتمعي وحققت احتلالا نوعيا، ضربت خلاله الضمير الإنساني بمخدر الخطيئة، فبقي على هذا الحال من جيل إلى آخر حتى استوطنت معاني القتل وسفك الدماء محل معاني الحياة والسلام، ومعاني بتر وقطع الأيدي وجز الرقاب حتى اصبح ضرب النساء مكان الحوار العقلاني بين الإنسان الذكر والإنسان الأنثى، تم جرف وتدمير ومحو المعاني الأصلية للنصوص والمصطلحات، وانشئت مكانها معان تمكن الجماعات والأحزاب الأصولية من الاستحواذ على السلطة بدءا من القاعدة الأصغر (العائلة) وصولا إلى القاعدة الأكبر (سدة الحكم) أو بالهيمنة والسيطرة الاقتصادية التي لا يمكن أن تتم إلا باستعباد النساء وإبقائهن كخادمات، أو في أحسن الأحوال درجة ثانية، ضعيفات لا حول لهن ولا قوة، خاضعات للترهيب بالجحيم، والترغيب بالنعيم ان هن لبين شهوات الرجل ومتعنه وأطعنه طاعة عمياء.
    تحسب مجتمعاتنا جريمة العنف ضد النساء والقتل على خلفية الشرف والثأر عملا مشروعا ومفهوما موروثا مميزا، حتى ان البعض بالغ في تمجيدها وزينها كفعل رجولي بطولي إلى حد جعلها عنصرا من المكونات الثقافية لعموم شخصية المجتمعات العربية والإسلامية.
    نحتاج تغييرا جذريا يمهد لسن قوانين آمنة، ووضوح وصراحة ومواقف متنورة من رجال الفقه والشريعة والقانون والسياسة، من المثقفين الشعراء والأدباء والكتاب من مبادرات خلاقة من جمعيات النساء والمنظمات الحقوقية، وقبل كل أمر نحتاج لثورة في التعليم، فلعلنا ننشئ جيلا ترجح عنده كفة الضمير بثقل العقلانية والإيمان بحقوق الإنسان دون تمييز بالجنس أو العرق أو الدين، فلا اعدل من ضمير الإنسان.

    انتبهوا لتداعيات القرار
    بقلم: عمر حلمي الغول
    أصدرت محكمة مصرية الثلاثاء 4 آذار الجاري قرارا يقضي بحظر حركة حماس، ومصادرة ممتلكاتها وجمعياتها مؤقتا. القرار القضائي المصري، لم يأتِ كرد فعل انفعالي ضد فرع حركة الاخوان المسلمين في فلسطين، بل جاء نتيجة مجموعة من الشواهد والاعترافات، التي ادلى بها المعتقلون من اعضاء وانصار الحركة المذكورة، فضلا عن التورط بالعديد من العمليات الارهابية ضد الجيش والشعب والمصالح المصرية، وفق ما اعلنت المحاكم والناطقون الرسميون باسم المؤسسات الامنية والسياسية المصرية.
    وكانت، القيادة الفلسطينية وما زالت وفي مقدمتها الرئيس ابو مازن، تدعو حركة حماس للكف عن التورط في شؤون الدول العربية، والالتزام بالقانون الناظم للعلاقات الفلسطينية العربية، الداعي: لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. لانه لا يكفي الادعاء بالالتزام اللفظي والشكلي بالمبدأ المذكور، بل التقيد الفعلي. وايجاد مسافة بين حركة الانقلاب الاسود في محافظات الجنوب وبين التنظيم الدولي للاخوان، لدرء الاخطار الناجمة عن سياسة جماعة الاخوان المسلمين على المصالح العليا للشعب العربي الفلسطيني.
    لكن يبدو ان حركة حماس، لم تتعظ حتى اللحظة من عبر ودروس التجربة المرة، التي تمر بها جماعة الاخوان في مصر وتونس وغيرها من الدول، ومازالت تعتقد، ان سياسة التضليل والخداع والافتراء على الحقيقة تخدمها، مفترضة غباء الآخرين، وبالتالي تمرير الاعيبها، كما كانت تنطلي قبل افتضاح سياسات الاخوان وسياساتها، هي ذاتها باسم "المقاومة" !؟ مع ان شعار المقاومة الديماغوجي لم يعد مقبولا من القوى السياسية وقطاعات المثقفين العرب بعد تبوء جماعة الاخوان مركز القرار السياسي في مصر وتونس، ونتيجة افتضاح دور حركة حماس نفسها امام العرب كذراع ضاربة للتنظيم الدولي لحركة الاخوان المسلمين، ليس هذا فحسب، بل بات مرفوضا، لان "مقاومة" الاخوان المسلمين في انحاء الدنيا كلها، ليست مقاومة ضد الاستعمار الغربي وربيبته اسرائيل، بل هو ضد مصالح العرب الوطنية والقومية.
    القرار القضائي المصري على ما يحمله من ابعاد سلبية على علاقة حركة حماس بالنظام السياسي المصري، كونه يعمق عملية التباعد بينهما، لا سيما ان الشرعية المصرية تشعر بالمرارة من سياسات الحركة المختطفة لمحافظات الجنوب الفلسطينية، إلآ انها حرصت على عدم الذهاب بعيدا في معاداة حماس، ولم تلجأ لسياسة حظرها في الاراضي المصرية، ليس لسواد عيونها، وانما حرصا على عدم إعطاء ذريعة لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية بشن اي عدوان على محافظات الجنوب، بالاضافة إلى حرصها ايضا لعدم تعريض مصالح ابناء الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي محافظات القطاع خصوصا لأية تداعيات سلبية في الشارع المصري، خاصة وان بعض البسطاء أو المغرضين في اوساط الشارع المصري، يذهبون نحو منحى سلبي واقصوي في دس السم وشحن العلاقات الاخوية بين الشعبين والقيادتين المصرية والفلسطينية بالتوتر، وتعميمها بدل حصرها في نطاق القوى المتورطة في اية اعمال تخريبية داخل الاراضي والمصالح المصرية. تلك العلاقات العميقة عمق التاريخ والجغرافيا والعلاقات الاخوية المشتركة. والتي لن يسمح لاي قوى عبثية بتسميمها، رغم ما شابها من تلبد في لحظة سابقة.
    لذا على الشرعية المصرية التنبه مجددا لاية تداعيات قد تمس العلاقات الاخوية بين الشعبين والقيادتين. والعمل على الفصل الواضح والصريح بين حركة حماس وعموم الشعب العربي الفلسطيني. لا سيما ان هناك إجراءات للاسف مازالت تحمل مظاهر سلبية من قبل الاجهزة الامنية المصرية بسبب عدم التمييز بين خطأ وخطأ وبين شخص وآخر وبين تنظيم أو جماعة وباقي الشعب. مصلحة مصر المحروسة، هي مصلحة وطنية فلسطينية، لا يمكن لابناء الشعب الفلسطيني بما في ذلك البسطاء منهم التهاون بها. وهم جميعا ضد ممارسات حركة الانقلاب الاسود، الامر الذي يفرض على القائمين على الاجهزة الامنية المصرية انتهاج اساليب اكثر حكمة مع ابناء فلسطين لحماية المصالح الاخوية المشتركة للشعبين والقيادتين.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. المقالات في الصحف المحلية 283
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:38 AM
  2. المقالات في الصحف المحلية 251
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:15 AM
  3. المقالات في الصحف المحلية 250
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:15 AM
  4. المقالات في الصحف المحلية 249
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:14 AM
  5. المقالات في الصحف المحلية 248
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:14 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •