النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: المقالات في الصحف المحلية 295

العرض المتطور

  1. #1

    المقالات في الصحف المحلية 295

    المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (295)


    المقالات في الصحف المحلية

    الاربعاء
    19/3/2014







    نعم لعودة اليهود للديار التي هجروا منها
    بقلم: حسام زهدي شاهين - القدس
    ثقافة الاجترار...
    بقلم: خيري منصور - القدس
    امريكا... وإضاعة الزخم
    بقلم: نبيل عمرو – القدس
    لماذا قمة عباس أوباما فاشلة من اساسها..؟
    بقلم: راسم عبيدات – القدس

    لا اختراق. لا مفاجأة .. فلا مجازفة!
    بقلم: حسن البطل - الايام
    القمة الفلسطينية - الأميركية: جاء دور أميركا لاتخاذ مجازفات صعبة!!
    بقلم: هاني حبيب – الايام
    إسرائيل: فكرة الاعتراف بالوطن القومي اليهودي
    بقلم: أشرف العجرمي – الايام
    نحو قراءة موضوعية لراهن الصراع
    بقلم: علي جرادات – الايام


    اطلالة عربية - مصر وتونس
    بقلم: ابراهيم عبد المجيد – الحياة
    انسداد باقٍ لم يفتحه اللقاء
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    من يبرود إلى أين؟
    بقلم: يحيى رباح – الحياة
    اليرموك من حصار الى آخر
    بقلم: بهاء رحال – الحياة
    لقاء الابراشي مع دحلان.. عهر إعلامي
    بقلم: بشار دراغمة – الحياة
    نعم لعودة اليهود للديار التي هجروا منها
    بقلم: حسام زهدي شاهين - القدس
    يطالعنا الإعلام الاسرائيلي المرئي والمكتوب بحوارات ومقالات متعددة تتناول حقوق اليهود –"اللاجئين"- في الدول العربية التي هاجروا أو هُجروا منها. والحديث هنا يدور عن صقل الوعي الدولي بأهمية هذه الحقوق من باب مقايضتها بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، والشعار المرفوع لهذه الحملة "المفتاح مقابل المفتاح" كما أطلق عليه الكاتب في صحيفة "معاريف" شالوم بروشالمي. ومن الجدير ذكره في هذا السياق أنه عقد لهذه الغاية قبل عامين مؤتمر في الأمم المتحدة تحت عنوان "العدالة ليهود البلدان العربية".
    وبعيداً عن حقيقة أنهم هاجروا طوعاً كما تؤكد الرواية العربية، أو هُجروا عنوه كما تدعي الرواية الصهيونية، أو أنه يوجد خليط بين هاتين الروايتين. فإننا كفلسطينيين عانينا من الظلم والاضطهاد كثيراً، وبالتالي لا يمكن أن ننظر للعدالة بمقياسين مختلفين، وهذا ما يؤكده الميثاق الوطني الفلسطيني الذي يقر بحقوق اليهود الفلسطينيين قبل الانتداب البريطاني ويعتبرهم مواطنين أصليين لهم ما لنا من حقوق وعليهم ما علينا من واجبات.
    أما محاولة تصوير الصراع على أرضية أنه صراع ديني، فما هي إلا محاولة صهيونية خبيثة ذات أهداف سياسية لتضليل الرأي العام العالمي عن حقيقة ما يجري على الأرض من وحشية الإحتلال، وقد ساعدها على النجاح والإنتشار ضعف عرض الموقف الفلسطيني بما يعكس مضمون القيم والمنطلقات الاخلاقية والنضالية والوطنية التي يرتكز عليها الكفاح الفلسطيني برمته، بدليل أن ثورتنا الفلسطينية المعاصرة منذ انطلاقتها وحتى اليوم وهي تقارع الاحتلال كاحتلال بغض النظر عمن يخدمون في صفوف جيش الاحتلال الاسرائيلي، سواء أكانوا يهوداً، أم مسليمن، أم مسيحيين، أم دروز!!
    وحتى لا نُستدرج جهلاً أو وعياً للمربع الذي تخطط له المكنة الاعلامية الاسرائيلية، يجدر بنا إظهار موقفنا الفلسطيني من هذه الناحية بما لايقبل مجالاً للشك أو التأويل، فالقيادة الفلسطينية مطالبة في هذا الوقت الحزم بالذات بعرض رؤيتها على قاعدة "حق العودة" لليهود الذين يرغبون بالعودة للبلدان العربية التي هجروا منها، بما يتلائم واستراتيجية السلام العادل والشامل التي نصبوا اليها وتتضمن تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (194)؛ الداعي لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، والتعويض لأولئك الذين يقررون عدم العودة وللذين يقررون العودة.
    ولكي نتجنب الوقوع في فخ المنطقة الضبابية التي يروج لها الاعلام الاسرائيلي ومن يحذو حذوه، لابد من إبراز الحقاق التالية:
    أولاً: ان الحق الفلسطيني معترف به أممياً من قبل مؤسسات الشرعية الدولية، وهذا ما لاينطبق على الحق اليهودي.
    ثانياً: العديد من المراجع التاريخية الاسرائيلية تعترف بأن الحركة الصهيونية ارتكبت مجموعة من العمليات الدموية، أو قامت بمخادعات سياسية لدفع اليهود العرب على مغادرة بلدانهم بهدف تعزيز الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
    ثالثاً: من المؤكد بأننا كفلسطينيين نعتبر الضحية الثانية لجريمة المحرقة التي ارتكبتها المانيا النازية بحق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، باعتبار أنه تم حل مشكلتهم على حساب قضيتنا وشعبنا.
    رابعاً: لايوجد وجه مقارنة جوهري بين الحق الفلسطيني بالعودة وبين الحق اليهودي، فنحن ضحية لاستعمار استيطاني كولونيالي حركتهم الصهيونية مسؤولة عنه، وهم ضحيا لخديعة الحركة الصهيونية نفسها، أو لاضطهاد جائر وقع عليهم في بعض الاوطان العربية التي هُجروا منها.
    خامساً: ليس المطلوب من الضحية أن تجد حلولاً لجريمة الجلاد، ولكن عندما يطلب منا موقف أخلاقي، فنحن مع حق اليهود بالعودة لكل البلدان التي هجروا منها، سواء أكانت عربية أو غير ذلك.
    وبناءً عليه فإنني لا أرى غضاضة في استثمار عمقنا العربي لمساعدة كل يهودي يرغب بالعودة لوطنه الأم الذي تركه أو أجبر على تركه، وذلك من خلال ايجاد الوسائل المناسبة لهذه الغاية، في الوقت الذي ندعوا فيه كافة الاسرائيليين الرسميين وغير الرسميين، وخلافهم، بأن يدركوا بأن حق العودة بالنسبة لنا يمثل قضية مصيرية لامجال للتنازل عنها أو العبث بها، فنحن الذي هُجرنا وطردنا من بيوتنا ووطننا بقوة السلاح، ولم نساهم بطرد أحد من بيته، ومن كان من بين اليهود من يرغب بالتنازل عن حقه في أي دولة عربية، فهذا شأنه الشخصي وحقه الفردي، أما محاولة فرض الأمر علينا من باب المساومة الرخيصة فهذه وقاحة تضاف للوقاحات الاسرائيلية الكثيرة والمتكررة، ولم ولن يوجد ذلك الفلسطيني الذي يمكن أن يمس بهذا الثابت الوطني، مع العلم أن ما أطرحه هنا وإن كان جديداً بدرجة ما، إلا أنني أعتقد أنه الأقرب للموقف الفلسطيني بكل ألوان طيفه السياسي، وحتى لاتبقى اسرائيل تستخدم فزاعة "الديمغرافيا" من وراء العودة، فهناك ما يمكن أن يقال في مقام آخر غير هذا المقال!!



    ثقافة الاجترار...
    بقلم: خيري منصور - القدس
    ما يقال عن الناقد في مختلف المجالات وعن كونه يستمد أهميته من عدد المرات التي يكتشف فيها مواهب وأصواتاً شابة يمكن أن يقال وبدرجة أعلى عن مؤسسات الإعلام والصحافة ومراكز الأبحاث، فهي لا تستمد أهميتها وقيمتها من تكريس ما هو مكرس أو التعريف بما هو معروف، بل بالبحث عن الطاقات البِكْر التي لم تجد طريقها إلى النشر والإسهام في المجال الذي تأهلت من أجله .
    وهنا لا بد أن نحدد نقطة فاصلة في هذا السياق، هي أن مَن يركنون إلى السائد والرائج والأكثر تداولاً إنما يعبرون عن كسل ذهني، ويتخلون عن دورهم في الكشف وتعبيد الطرق لمن سبقوهم، وهم بذلك يفقدون مبرراً أساسياً لوجودهم وجدواهم، ما دام النتاج المتوقع هو مجرد تكرار واجترار .
    فما أسهل على أية مؤسسة إعلامية أو ثقافية أن تسلم أمرها للإنترنت أو لقوائم متكررة من الأسماء التي لها في كل عرس قرص كما يقال .
    على الرغم من أن هؤلاء الذين حوّلوا العلاقات العامة إلى حرفة بديلة للإنجاز يفقدون بمرور الوقت مخزونهم المعرفي ما يضطرهم إلى إعادة إنتاج ما كتبوه أو قالوه بمفردات جديدة لكن المحتوى يبقى هو ذاته ولا يطرأ عليه أي تطوير أو تحديث . وقد تحولت حكاية تكريس المكرس أو التعريف بما هو معروف إلى ظاهرة شملت الإعلام والثقافة، مثلما شملت مجالات أخرى وإن بدرجة أقل .
    والمؤسسات المغامرة والدؤوبة تفخر بما قدمت من أصوات جديدة أكثر مما تزهو بالكم على حساب الكيف، فأحياناً تكون مقاربة طازجة وغير مستعملة أجدى بكثير من عشرات المقاربات التي تتغذى على بعضها .
    ومهمة الكشف ليست يسيرة، لأنها تتطلب إضافة إلى الجهد، البحث والتنقيب والمتابعة، وهذه مهمات قد تكون شاقة لمن أدمنوا البيروقراطية واقتفوا خطوات مَن سبقوهم، لأن ذلك أضمن للسلامة، فما تعرفه خير مما لا تعرفه، هذه هي القاعدة التي لا يمكن وصفها بالذهبية لأنها فرار من المغامرة وإيثار للراحة .
    وقد أدت هذه الظاهرة إلى تداول بضعة أسماء في كل الحقول الفكرية والإعلامية والفنية أيضاً، بحيث يقضي هؤلاء من الوقت في المطارات والطائرات أكثر مما يقضون في مكاتبهم ومكتباتهم .
    وما يتردد في شتى المناسبات عن وجود أزمات ثقافية وإعلامية وما نشكو منه من تكرار ليس حقيقياً على الإطلاق، فهناك مَن يكدحون بعيداً عن الضوء وليس لديهم من موهبة العلاقات العامة ما يلفت الأنظار إليهم وإلى أطروحاتهم التي قد تكون مفارِقة للسائد، وجديرة بالتوقف عندها وتأملها .
    امريكا... وإضاعة الزخم
    بقلم: نبيل عمرو – القدس
    إذا كانت نتائج اللقاء الاخير بين عباس وأوباما، هي تلك التصريحات المتبادلة، بين ثالوث المعادلة ، الامريكان والاسرائيليين والفلسطينيين، فإن تعليقي الاولي على هذه النتائج.... مفاده أن لا لزوم للقاء كهذا.
    فإذا كان الغرض من اللقاء هو اظهار دعم اوباما لوزير خارجيته، بعد اتهامه بالبرود تجاه العملية السياسية وجهود وزير خارجيته، فكان ممكنا ان يتم ذلك بتصريح قوي من الرئيس اوباما ،أو من المتحدثة الرسمية باسم البيت الابيض، واذا كان الغرض الثاني هو موازنة لقاء اوباما الذي تم قبل ايام، فما كان ضروريا التفكير بهذه الصورة، لان الكل يعلم بأن نتنياهو ذهب أولاً للمشاركة في مؤتمر "الايباك" وثانياً لصيانة تحالفاته في الكونجرس، وثالثاً لتوفير متنفس اقتصادي اضافي لاسرائيل... وأخيراً للقاء أوباما وإسماعه ما يقوله يعلون وبينيت، ولكن بلغة امريكية متقنة.
    إن الذي حدث في واشنطن، هو نوع من تمديد فترة عمل كيري بصورة متدرجة، أي تمديد الجهد حتى نهاية الفترة المحددة له، أي خلال شهر وبضعة ايام على الاكثر، ثم بعد ذلك يفتح باب التمديد لسنة، كما اقترح نتنياهو، وبين التمديدين ربما تتم ترضيات لا علاقة لها بالمطالب الاساسية للطرف الفلسطيني.
    لقد تابعت وبتركيز شديد موعظة الرئيس اوباما للرئيس محمود عباس، تلك الموعظة التي حفظناها عن ظهر قلب، والتي تتضمن جملة واحدة وإن كانت بصيغ مختلفة، وهذه الجملة هي..." يجب المجازفة والاقدام على تنازلات مؤلمة من اجل السلام"، ولعل الرئيس اوباما لم يدقق في أن الجالس امامه ليس لديه ما يقدمه، وإن كان مطلوبا منه تقديم شيء ، فليس بمقدوره ان يفعل ما هو مطلوب منه خصوصا وان الاسرائيليين يريدون أخذ الماضي والحاضر والمستقبل، لمجرد قبولهم بنصوص الاطار المقترح ، الذي يملكون قدرة فائقة على جعله مجرد كلام، ولقد اغنانا السيد يعلون عن ايراد قرائن عن هذا الامر، حين ربط اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة، باطلاق سراح الدفعة الاخيرة من المعتقلين ، فاذا كان الامر هكذا ، فما هي يا ترى مطالبه حين يتعلق الامر باعترافه بقيام دولة فلسطينية مستقلة وبالقدس الشرقية عاصمة لها؟.
    في رحلة الذهاب الى واشنطن، كان هنالك بعض امل غريزي باحتمال ان تسفر الرحلة عن انجاز ما حتى لو كان ضئيلا، وفي رحلة العودة سيكون احتمال الانجاز قد تبدد، ليظهر بدلا عنه عوائق اضافية ترفع جداراً يصعب اختراقه نحو انجاز ما.
    سيعود الرئيس عباس الى الوطن، وربما يكون قد اتفق على زيارة جديدة للسيد كيري ،يناقش فيها سطرا جديدا من سطور اتفاق الاطار المبهم ، وقد يتوصل الى تسوية بشأن الدفعة الرابعة من الاسرى، وعندها نكون قد اقتربنا من استحقاق التمديد الثاني، وهكذا دواليك.
    اخيرا ...أقول، لم يعد مقنعا للفلسطينيين تركيز حياتهم وجهدهم في امر نجاح كيري من عدمه، على اهمية الاستمرار في العملية السياسية، سواء تقدمت او تراجعت ، ذلك ان الفلسطينيين، لم يعد يكفيهم مجرد الحديث المكثف عن التمسك بالثوابت ، فهذه يفترض ان تكون مسألة بديهية، بل يريدون رؤية ورشة عمل نشطة ومجدية، تنفض عنهم غبار العجز واليأس والانقسام، ومن اجل التهيؤ لدخول المرحلة الصعبة التي تنتظرنا، ولا بد من الصمود فيها وعبورها.
    لماذا قمة عباس أوباما فاشلة من اساسها..؟
    بقلم: راسم عبيدات – القدس
    التقى امس الاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس في واشنطن مع الرئيس الأمريكي اوباما في قمة هامة ومفصلية ستحدد مسار ونتيجة حصيلة جهد امريكي متواصل بذله وزير الخارجية الأمريكي على مدار ثمانية شهور،على غرار القمة التي عقدها الرئيس الراحل أبو عمار مع الرئيس الأمريكي السابق كلينتون في كامب ديفيد/2000،حيث كان نتيجتها فشل بإمتياز،فشل حملت الحكومة الأمريكية المسؤولية عنه للرئيس الراحل أبو عمار، واعطت الضوء الاخضر لشارون، لشن حرب شاملة على الضفة الغربية،ومحاصرة الرئيس الراحل في المقاطعة برام الله،ووصفه بانه لا يريد السلام وبوصف الجنرال الأمريكي زيني، هو أقرب الى رئيس عصابة منه الى رئيس او قائد شعب.
    المحادثات التي خاضها الرئيس الفلسطيني عباس مع أوباما بالتأكيد كانت صعبة جداً، وخصوصاً بأن كيري وزير الخارجية الأمريكي الذي كان دائماً متفائلاً بالوصول الى اتفاق إطار فلسطيني- اسرائيلي،عبر عن تشاؤمه ومهد لفشل تلك المحادثات بالقول بان عامل الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ادنى درجاته، وكذلك استبق الرئيس الفلسطيني هذا اللقاء بعقد اجتماع للمجلس الثوري لحركة فتح، حيث أعلن فيه ان"قضايا الحل النهائي يتم نقاشها بالمفاوضات ولن يتم التنازل عن اقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على اراضي دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967" واضاف عباس انه"لا يمكن ان يقبل بيهودية دولة اسرائيل ولا يمكن ان يفكر بقبول ذلك بتاتا وقطعيا رغم الضغوط الكبيرة التي تمارس علينا".وتابع الرئيس الفلسطيني "لقد بلغت الان من العمر 79 سنة ولن اتنازل عن حقوق شعبي ولن اخون شعبي وقضيته".
    القضايا الخلافية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي كبيرة جداً ومن غير السهل جسرها،او إحداث توافق بينها،وخصوصاً أن امريكا لا تقوم بأي دور جدي لممارسة ضغوط حقيقية على اسرائيل من أجل تقديم تنازلات حقيقية تلامس الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،وعاصمتها القدس الشرقية،بل وجدنا كيري يقول بانه على الطرف الفلسطيني ان يعترف بيهودية الدولة، وهذا مؤشر على ما يبدو كان عليه الموقف الأمريكي في لقاء القمة بين الرئيسين عباس واوباما، وأيضاً في زيارة نتنياهو قبل أسبوعين الى واشنطن،وامام المنظمة الصهيونية الأكبر والأكثر تأثيراً في صنع القرارات الأمريكية، وجدنا نتنياهو يتصرف ويتحدث بكل عنجهية، يقول أنه لا مفاوضات مع الفلسطينيين دون الإعتراف بيهودية الدولة وإسقاط حق العودة، وما يستتبع ذلك قائمة طويلة من الشروط،مثل الإحتفاظ بالكتل الإستيطانية الكبرى،والوجود العسكري والمدني الإسرائيلي في الأغوار.
    وبعد عودته من واشنطن واصل سياسته التصعيدية والإستفزازية، حيث أقدمت قواته على سلسلة من عمليات الإغتيالات في الضفة والقطاع،والإعلان عن مشاريع ومناقصات لإقامة مئات الوحدات الإستيطانية في القدس،ولتبلغ تلك الإستفزازات ذروتها، بإعلان جمعية "عطيرت كوهنيم" عن شرائها لأكثر من ألف متر مربع في مبنى البريد المركزي في شارع صلاح الدين بالقدس واستخدامه كمدرسة تلمودية والسكن والشروع في تجهيزه قبيل عيد الفصح اليهودي الشهر القادم، وعملية الإستيلاء على مبنى البريد وإحتلاله وليس شرائه في قلب مدينة القدس، تمت بموجب قانون عنصري غير موجود إلا في دولة اسرائيل، وهو قانون املاك الغائبين، هذا القانون الذي بموجبه تم الإستيلاء سابقاً على مبان مشابه مثل مبنى المحافظة وامانة القدس ومدارس وقفية كالرشيدية والميلوية ومحطة الباصات المركزية وغيرها،وكذلك التحضير لعمليات إقتحام واسعه للمسجد الأقصى في فترة الأعياد اليهودية القادمة،من اجل فرض عمليات التقسيم الزماني والمكاني كامر واقع في المسجد الأقصى بين المسلمين والمستوطنين.
    ما تقوم به حكومة نتنياهو من وضع شروط تعجيزية وعمليات استفزاز وتصعيد،واتهامات للرئيس عباس بأنه غير قادر على السيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية،وكيف بالقطاع المختطف من قبل منظمات"الإرهاب" قوى المقاومة على حد زعمها،مؤشر قوي وكبير على ان الهوة تزداد اتساعاً بين الطرفين،وان تحقيق إختراق جدي في قمة عباس- اوباما،ربما يحتاج الى معجزة،فامريكا ستضغط بكل قوة على الرئيس الفلسطيني للإعتراف بيهودية الدولة،وستستعين باطراف عربية وإقليمية لهذا الغرض وتلك الغاية،ولكن من غير المرجح نجاحها في ذلك،فعباس غير مستعد للإنتحار سياسياً في سبيل وعود وضمانات امريكية،جربها وخبرها شعبنا جيداً،ليست سوى شعارات وشيكات بدون رصيد، فاوباما طرح ورفع شعار الدولة الفلسطينية،منذ ولايته الأولى،ووزير خارجيته كيري من بعده خاض مفاوضات ماراثونية لمدة ثمانية شهور،من اجل ان يحدث اختراق جدي في حائط الصد والرفض الإسرائيلي، لكنه فشل فشلاً ذريعاً،وعاد كلا الرجلين لمواءمة ومطابقة مواقفهما مع المواقف الإسرائيلية،وممارسة الضغوط على الطرف الفلسطيني الضعيف لتقديم المزيد من التنازلات.
    نعم أمريكا مارست وستمارس كل ضغوطها على الرئيس الفلسطيني من أجل أن تنجح في الوصول الى اتفاق إطار،وحتى لو كان هذا الاتفاق غير ملزم،وستهدد عباس بالحصار والمقاطعة وبمصير الرئيس الراحل أبو عمار، ولكن ربما تكون الضغوط على الرئيس الفلسطيني،أقل من الضغوط التي مورست على الرئيس الراحل أبو عمار،لكون يهود بارك رئيس الحكومة الإسرائيلية أنذاك أراد ان يسوق نفسه كرجل سلام، ولكن نتنياهو لا يخفي عنجهيته، ويقول وبشكل لا يقبل التاويل شروطه، ومن غير المستبعد ان تقول امريكا ومعها الغرب الإستعماري، بأن اسرائيل هي من يتحمل فشل المفاوضات،وعدم الوصول الى اتفاق، بل ستحاول قدر الإمكان،ان تحمل الطرفين المسؤولية عن ذلك، ولو كان الطرف الفلسطيني، هو الرافض لقامت الدنيا ولم تقعد،فأوروبا جاهزة لقطع المساعدات عن السلطة،وامريكا كذلك ستغلق مكتب المنظمة في واشنطن، وتعلن بان الحكومة والسلطة الفلسطينية ورئيسها، هم جماعة من القتلة والإرهابيين،ولعلنا نذكر كيف منعت اسرائيل وأمريكا العرب في قمتهم ببيروت من الحديث إلى او الإستماع للرئيس المحاصر في المقاطعة برام الله أبو عمار عبر الهاتف.
    ونختم بما قاله الزميل الصحفي عريب الرينتاوي ،بان الخلاف القائم بين الطرفين" ليس أزمة ثقة فحسب، هي أبعد من ذلك، هي تعبير عن الصراع الدائر بين الجانبين، ما زال في ذروة اشتعاله، وأن الفجوة بين المواقف ليست من النوع القابل للتجسير في ظل موازين القوى والمعطيات القائمة حالياً وفي المدى المنظور".ولذلك قمة عباس- اوباما على طريق قمة كلينتون- أبا عمار فشل بإمتياز.
    لا اختراق. لا مفاجأة .. فلا مجازفة!
    بقلم: حسن البطل - الايام
    سنعرف بعد عشرة أيام، موعد اطلاق الدفعة الرابعة لأسرى ما قبل أوسلو، هل سيفي نتنياهو بتفاهمات تموز (يوليو) لاستئناف المفاوضات. بعد شهر من هذا، اي في نهاية نيسان (أبريل) سنعرف هل تنوي إسرائيل إطلاق أسرى ما بعد الانتفاضة الثانية، وتجمّد الاستيطان؟
    لكن، لا احد يتوقع ان تطرح أميركا، قريباً، مشروعها لاتفاق الإطار (إطار الاتفاق!). المفاوضات المباشرة (ليفني - عريقات) متوقفة منذ تشرين والمفاوضات المكوكية لجون كيري انقطعت منذ انهى جولته العاشرة، قبل شهرين ونصف .. فمن الذي يأمل بقمة ثلاثية تجمع أوباما الى نتنياهو وأبو مازن؟
    بعد قمتين منفصلتين لأوباما في البيت الابيض مع نتنياهو وأبو مازن، يمكن ان نوجزها كالتالي: حثّ الرئيس أوباما رئيس حكومة إسرائيل على اتخاذ "قرارات صعبة" .. وخابت آمال من توقع، خصوصاً بعد مقابلة أوباما للصحافي بلومبيرغ، ان يضغط على زائره لاتخاذ هذه "القرارات الصعبة".
    بعد أسبوعين من ذلك، حثّ الرئيس أوباما رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن على اتخاذ "مجازفات" او "مخاطرات"!
    الأمر يشبه ان يطلب اوباما من نتنياهو ان يقفز في وثبة عريضة او ثلاثية، لكن يشبه الأمر أن يطلب من أبو مازن وثبة عالية .. دون ان يمنحه عصا "الزانة" التي هي اتفاق الإطار!
    نعم، اشاد أوباما بصفات شخصية وقيادية للزعيمين الإسرائيلي والفلسطيني، ليشجعهما على "قرارات صعبة" وعلى "المجازفة"، بعدما كشف كيري أمام الكونغرس ان "مستوى عدم الثقة، بين الطرفين، هو الأعلى الذي رأيته في حياتي"!
    كيف سيتم بناء جسر ثقة بين الطرفين، في حين ان واشنطن لا تضع على الطاولة مشروعها لاتفاق الإطار (اطار الاتفاق) وهو موضع خلاف بين رجال الرئيس، حيث تحبّذ المستشارة سوزان رايس وضعها كأمر واقع، بينما يعارض هذا الوزير - الوسيط جون كيري.
    عقدة السلام الفلسطيني - الإسرائيلي تذكرّنا بحكاية فاتح وقف عند أسوار مدينة، وخرج إليه رجال الدين والسحرة بأنشوطة معقودة عقداً عديدة، وقالوا: المدينة لك اذا حللت العقد .. فما كان من الفاتح سوى ان شهر سيفه وقطع الأنشوطة وعقدها معها!
    أميركا تتصرف خلاف هذا، أي أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يشبه "شلة حرير فوق كشّة شوك"، أي اعقد بكثير من سحب خيط الحرير من شرنقة دودة القز (ومن الديانات والروايات والأساطير).
    نعرف أن الوزير كيري يزود الرئيس أوباما بسير المفاوضات وعثراتها، ولا ندري هل يزود شابيرو، السفير الأميركي لدى إسرائيل، بمعلومات عن استطلاعات الرأي الإسرائيلية والفلسطينية؟
    تفيد استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي أن الحكومة اكثر تطرّفاً من شعبها حول شروط السلام، بينما الرأي العام الفلسطيني أكثر راديكالية من قيادته.. فمن عليه ان "يجازف"؟
    والحال هذه، فلماذا لا يطلب أوباما من نتنياهو "المجازفة" و"المخاطرة" ومن الرئيس أبو مازن اتخاذ "قرارات صعبة" .. في الأقل، لأن إسرائيل هي الطرف القوي وفلسطين هي الطرف الضعيف، بينما يبدو ان واشنطن تنحاز الى "الحليف" الإسرائيلي أكثر من الانحياز إلى "الصديق" الفلسطيني.
    بعد 28 اذار (مارس) سنعرف هل ستحرّر إسرائيل آخر دفعة لأسرى ما قبل اوسلو، وبعده بشهر سنعرف هل ستحرّر أسرى ما بعد الانتفاضة الثانية، وتجمد اندفاعة الاستيطان المسعورة.
    .. وبالتالي، يعود كيري الى استئناف جولاته المكوكية لمفاوضات غير مباشرة للوصول إلى "اتفاق نهائي" بعد التمديد لنهاية هذا العام، او تُستأنف المفاوضات المباشرة بين ليفني وعريقات. هذه حرب استنزاف مواقف تفاوضية!
    حتى الآن، لا اختراق في المفاوضات، لأنه لا مفاجأة فيها، ولأن على نتنياهو اتخاذ "قرارات صعبة" تبرر لأبي مازن "المخاطرة" و"المجازفة" .. ولأن كيري ليس بيكر، واوباما ليس كارتر!
    لا يريد نتنياهو ولا عباس أن يتحمل مسؤولية فشل أصعب مفاوضات واكثرها تفصيلاً، فهل يريد كيري وأوباما ان يتحملا مسؤولية إنهاء المفاوضات بنجاح؟

    القمة الفلسطينية - الأميركية: جاء دور أميركا لاتخاذ مجازفات صعبة!!
    بقلم: هاني حبيب – الايام
    عشية القمة الفلسطينية - الأميركية، كان هناك تصريح لافت للرئيس الفلسطيني محمود عباس، عندما أجاب عن سؤال حول الموقف الفلسطيني من التمديد للعملية التفاوضية بالقول "إن أحداً لم يطلب ذلك، وعندما يتم هذا سيتم اتخاذ الموقف المناسب"، فعلى الرغم من ان كافة الأحاديث فيما يتعلق بتطورات العملية التفاوضية انصبت على أن أجل التسعة أشهر قد قارب على الانتهاء وان الأطراف الرئيسة ستناقش التمديد لسنة أُخرى للعملية التفاوضية، يتبين ان هذا الأمر لم يكن في صلب الأحاديث الداخلية بين أطراف هذه العملية، إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة.
    ومع انقشاع بعض ما تم طرحه في القمة الفلسطينية - الأميركية، تبين بالفعل ان ليس هناك جهد أميركي لإقناع الجانب الفلسطيني بالموافقة على التمديد للعملية التفاوضية، على الرغم من أحاديث لا حصر لها، حول الأمر من خلال وسائل الإعلام، وشروط إسرائيلية - فلسطينية للتوصل الى مثل هذا التمديد، كل ذلك كان خارج إطار المفاوضات الداخلية مع ان وسائل الإعلام هي التي تحملت مسؤولية طرح هذه المسألة باعتبارها عقدة المفاوضات.
    وعلى الأرجح ان إدارة أوباما، قد توصلت في نهاية الأمر الى قناعة راسخة، من ان قرابة ثمانية اشهر من المفاوضات والجولات المكوكية لوزير الخارجية كيري، لم تحدث اي اختراق ولو محدودا للبناء عليه، ولوحظ مما تسرب عن "اتفاق الإطار" ان لم يكن هناك اي بند من بنوده يلقى اتفاقاً من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، زيادة فترة المفاوضات من خلال التمديد لها، سيصطدم بالرفض وبالشروط والشروط المضادة من ناحية، والأهم ان تصلب مواقف الجانبين إزاء شروط تقدم العملية التفاوضية، لن يحل من خلال عامل الوقت فقط، ذلك ان التمديد، هو تمديد للازمة ولصراع الجانبين التفافاً حول مواقفهما المتباينة، توصلت الإدارة الأميركية عن قناعة، بأن التمديد لن يحل الاستعصاءات امام العملية التفاوضية، بل أن الأسوأ هو أن ينظر الى الدور الأميركي، الذي لم يحقق شيئاً خلال ثمانية اشهر، وكأنه يتهرب من إعلان الفشل ليس الا من خلال التمديد لعملية فاشلة من حيث الأساس.
    وعندما قيل ان الرئيس أوباما، دعا كلا من عباس ونتنياهو، لعقد القمتين في واشنطن، ان الولايات المتحدة ستتدخل في نهاية الأمر من خلال رئيسها، لفرض اتفاق الإطار حسب رؤية كيري عليهما، لكن تبين - على الارجح، ان هاتين القمتين، لم يعقدا الا للتمهيد للإعلان عن فشل العملية التفاوضية حسب "اتفاق الإطار" وان واشنطن قد تهيئ الى سيناريوهات جديدة، ضمن قواعد غير مألوفة، لمواصلة جهودها، من دون ان يبدو الأمر وكأنه فشل للعملية التفاوضية الجارية الآن، وبحيث لا يحتاج الأمر الى التمديد للعملية الحالية بصورتها التي اعتدناها.
    سيكون من الصعب ان تعلن واشنطن فشلها بشكل مباشر ومفضوح، لذلك فإنها ستستند الى حاجة الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، لاستمرار الجهود الأميركية، كل منهما لأسباب تتعلق به وبظروفه لذلك قد تضغط واشنطن باتجاه طرح "اتفاق اطار" وهي تعلم أن الجانبين سيرفضانه، ولكنها ستمنح المزيد من الوقت لدراسته، وبالتالي فإن العملية المتعثرة ستستمر من دون الإعلان عن تعثرها وفشلها، مجرد إجراء يؤكد عبثية هذه المفاوضات في ظل ميزان القوى القائم، وفي ظل عدم السماح من قبل واشنطن للإعلان الجريء عن فشلها في إدارة هذه العملية.
    وفيما يتعلق بالجانب الفلسطيني، فقد أظهرت قمة واشنطن، انه ما زال متمسكاً بالثوابت الوطنية، لم يتراجع عن مواقفه المعلنة، لم يخضع للضغوط الهائلة التي انصبت عليه من كل جانب، وبات اكثر إدراكا، ان التمسك بثوابته ومواقفه، هو الذي من شأنه ان يقف في مواجهة الاشتراطات والطلبات الإسرائيلية المدعومة أميركياً، بل ان الجانب الفلسطيني، وخلال هذه القمة، اتبع الأسلوب الإسرائيلي ذاته، فقد بدأ بوضع الشروط التي يعلم تماما ان إسرائيل لن تستجيب لها، كإطلاق سراح قادة وأعضاء المجلس التشريعي المعتقلين في السجون الإسرائيلية، يعلم ابو مازن ان إسرائيل لن تستجيب بالقطع الى مثل هذا الشرط، لأن في ذلك انهيار حكومة نتنياهو فوراً.
    الجهد الأميركي سينصب الآن، بعد الفشل الواقعي للعملية التفاوضية، على سيناريوهات تفاوضية جديدة - كما اسلفنا - لكن سيستمر في الضغط على الجانب الفلسطيني من اجل إقناعه بعدم تنفيذ تهديده بالتوجه الى الامم المتحدة لنيل عضوية كاملة لدولة فلسطين والانضمام الى المنظمات الدولية الفرعية خاصة الجنائية الدولية، وبالمقابل قد يضغط على إسرائيل من اجل عدم "الإعلان" عن عملية استيطان واسعة، وإطلاق عدد من الأسرى، رغم التهديد الإسرائيلي بعدم الالتزام بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى وفقاً لاتفاق بدء العملية التفاوضية الحالية، وقد تكون هذه المحاور على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، شكلاً من أشكال التفاوض، إعادة الثقة الى عملية تفاوضية وصلت الى نهايتها الفاشلة، اي ان الحراك التفاوضي سيستمر، مع قناعة كافة الأطراف أن القضايا الخلافية المستعصية لن تجد لها سبيلاً الى حل!!

    إسرائيل: فكرة الاعتراف بالوطن القومي اليهودي
    بقلم: أشرف العجرمي – الايام
    تحاول أوساط سياسية إسرائيلية بذكاء بالغ الربط بين مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل وطن قومي للشعب اليهودي وبين التسليم الفلسطيني بالحل الدائم ونهاية المطالب الفلسطينية من إسرائيل.
    ويدعي هؤلاء أن إصرار الفلسطينيين على رفض القبول بالاعتراف معناه أنهم يريدون تدمير إسرائيل وأنهم لا يزالون يتبنون استراتيجية المراحل التي يراد منها القضاء على دولة إسرائيل، واستطاعوا إقناع الإدارة الأميركية بهذا الطرح لدرجة أن موضوع الاعتراف بإسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي يكاد يصبح أحد قضايا التسوية الدائمة المركزية مثل الحدود والقدس واللاجئين والأمن والمياه، وهو لم يكن كذلك قبل بدء المساعي الأميركية الجديدة التي قادها وزير الخارجية جون كيري، وكل المحاولات الفلسطينية لإخراج هذا الموضوع من دائرة النقاش على ما يبدو لم تفلح حتى اللحظة، وهذا يتضح في تصريحات المسؤولين الأميركان من الرئيس باراك أوباما حتى جون كيري، وإن كان الأخير قد وجه انتقادات لإسرائيل يعتبر فيها الإصرار على طرح الموضوع كشرط مسألة خاطئة.
    فكرة الاعتراف بالوطن القومي للشعب اليهودي هي فكرة جديدة في مسيرة المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية وأول من طرحها اريئيل شارون في أحد خطاباته عندما كان رئيساً للوزراء وتبنت الفكرة تسيبي ليفني بعد أن تولت رئاسة الحكومة مؤقتاً بعد تنحي إيهود ألمرت، وتحولت إلى شرط تعجيزي وعقبة كأداء في وجهة العملية السياسية عندما تبناها بنيامين نتنياهو، وأيده في ذلك الأميركان الذين لا يرون غضاضة في اعتراف الفلسطينيين بالوطن القومي اليهودي على اعتبار أن التسوية المنشودة قائمة على أساس حل الدولتين بمعنى " دولتين لشعبين" وأنه إذا كان على الإسرائيليين أن يعترفوا بفلسطين التي ستقوم دولة للشعب الفلسطيني فعلى الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل دولة للشعب اليهودي. وهذا الموقف يتجاهل حقيقة أن الفلسطينيين اعترفوا بإسرائيل وحقها في الوجود واعترفوا بالشعب الإسرائيلي، وهذا ما فعلته الدول العربية التي وقعت اتفاقات سلام مع إسرائيل مصر والأردن التي اعترفت بإسرائيل هي كذلك.
    ليس مطلوباً من الفلسطينيين أن يعترفوا بأسطورة حتى لو أصبحت بعض الحقائق على الأرض تجسدها بقوة الأمر الواقع. وللحقيقة لا يمكن للفلسطينيين أن يقروا بمحض إرادتهم أن فلسطين التاريخية هي وطن قومي لليهود ويلغوا ببساطة حقهم التاريخي الذي حصلوا عليه بوجودهم ووعيهم الجمعي وحضارتهم وثقافتهم ولغتهم ودياناتهم وإرثهم الوطني والمعنوي. ولو قارنا بين الرواية التاريخية الفلسطينية التي يسندها تاريخ وجود الشعب الفلسطيني لآلاف السنين وبين رواية اختلقت في القرن التاسع عشر تيمناً بنشوء وتبلور القوميات في أوروبا وهي قوميات يجمعها الكثير من الخصائص المشتركة التي تتجاوز فقط الجغرافيا إلى اللغة ومكونات أخرى لم تكن تتوفر عند اليهود في أوروبا.
    وحين العودة إلى جذور اختراع الشعب اليهودي من المفروض أن نوجه الإسرائيليين جميعاً لقراءة كتاب اليهودي الإسرائيلي البروفيسور شلومو ساند استاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل ابيب الذي يحمل عنوان " اختراع الشعب اليهودي" الذي يتحدث عن مقارنة موضوعية بين قوميات مختلفة في أوروبا كان عليها أن تخترع وعياً قومياً وتاريخاً قومياً ورموزاً قومية على غرار علم ونشيد قومي وطوابع بريد ولباس وأبطال قوميين ولغة بينما كان على اليهود اختراع الشعب نفسه.
    وقام ساند بتفكيك الركنين الأساسيين اللذين استندت عملية اختراع الشعب اليهودي من خلال نفي رواية "الشتات اليهودي" ودحض الادعاء بطرد الرومان لليهود. والكاتب يؤكد أن الطرد لم يحصل، وأن رواية الطرد والتشريد كانت ضرورية من أجل بناء ذاكرة للمدى البعيد وضع فيها شعب عرقي متخيل ومنفي باعتباره استمرارا مباشرا للشعب التوراتي القديم، ونفي الادعاء بأن الدين اليهودي لم يكن ديناً تبشيرياً أي محاولة المخترعين دحض فكرة دخول قوميات وأجناس مختلفة الديانة اليهودية، وكأن اليهود هم قوم يتميزون بنقاء العرق عاشوا في فلسطين وطردوا منها وجميهم ينتمون للقبائل اليهودية الأصلية، وبالتالي عودتهم إلى فلسطين طبيعية في إطار استرداد حق تاريخي.
    وما قام به البروفيسور ساند يعتبر محاولة جريئة لنبش الماضي اليهودي وإيضاح الواقع الحاضر لتخليص الإسرائيليين من الاعتقاد الملفق بالأصل العرقي الواحد لليهود، وبالتالي هو يساهم في عقلنة التفكير الإسرائيلي ورؤية الآخر ومحاولة الدفع باتجاه تحقيق حل الدولتين وتحويل إسرائيل إلى دولة لكل مواطنيها.
    وإذا كان هذا أستاذ التاريخ الإسرائيلي هذا وغيره من الباحثين والمؤرخين الإسرائيليين في تيار ما "بعد الصهيونية" الذي لم يصمد أمام جبروت النقد ولأنه لم يكن جذرياً بما يكفي يقولون بأن الرواية التوراتية والرواية الصهيونية لا تصلح للتأريخ فكيف يمكن أن يقبل الفلسطينيون أقل مما يثبته المؤرخون الإسرائيليون.
    نحن هنا لسنا بصدد دحض حقوق الإسرائيليين اليهود في دولة، وهذا ما تجاوزناه بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وفي حق الشعب الإسرائيلي في دولة خاصة به، فلا يمكننا أن ندحض الواقع القائم الذي نقر به ونتعايش معه. ولكن لا يمكن أن نقر برواية مختلقة وشعب أنشئ بقرار أممي وليس نتيجة تطور طبيعي يؤدي إلى تكوين قومية ودولة مستقلة، فولادة الشعب الإسرائيلي كانت غير طبيعية وجاءت لأسباب وحاجة الدول الاستعمارية لمثل هذه الدولة التي كان من الممكن أن تقوم في دولة إفريقية مثلاً.
    نحن الآن لا نحاكم التاريخ ولا نشكو ظلمه ولكن لا يمكن أن نقبل الغبن ونشطب تاريخنا وحقوقنا، وإذا كان الإسرائيليون يصرون على أن نتعايش مع روايتهم لا أن نقبلها كما هي لا بد أولاً من قبول روايتنا التي يسندها التاريخ الحقيقي للمنطقة ولهذه الأرض تحديداً، ففلسطين كانت موجودة قبل وبعد كل التغيرات التي حصلت بقوة الواقع المفروض بقوة السلاح أصلاً.





    نحو قراءة موضوعية لراهن الصراع
    بقلم: علي جرادات – الايام
    كان يُفترض أن يفضي كل من تجديد "التهدئة" بوساطة مصرية بعد عدوان تشرين الثاني 2012 على غزة واستئناف المفاوضات برعاية أميركية في 29 تموز 2013 إلى وقف استباحات الاحتلال الميدانية في الأراضي المحتلة العام 1967 أو تخفيف حدتها على الأقل.
    هذا نظرياً أما عملياً فقد تم تصعيد هذه الاستباحات سواء لجهة تشديد الحصار المفروض على غزة وتوسيع نطاق الاعتداءات العسكرية عليها، أو لجهة تكثيف إجراءات مصادرة أراضي الضفة واستيطانها وتهويدها وسرقة مياهها والعمل على ضم أجزاء منها، أو لجهة إطلاق يد غلاة المستوطنين وممثليهم في الحكومة و"الكنيست" في الاعتداء على حياة الفلسطينيين وإحراق حقولهم ومزروعاتهم وممتلكاتهم، أو لجهة تصعيد إجراءات تهويد القدس وتفريغها والاعتداء على مقدساتها ومحاولات السيطرة عليها أو تقسيمها، أو لجهة توسيع حملات الاعتقال والاستدعاء وتصعيد سياسة الاغتيال الإجرامية التي طالت حياة نحو 47 مواطناً فلسطينياً منذ استئناف المفاوضات.
    والسؤال: لماذا كل هذا التصعيد الميداني؟ ثمة من يعزو الأمر إلى رغبة حكومة نتنياهو في التملص من استحقاقات المفاوضات وفي جر الفلسطينيين إلى جولة جديدة من الصراع الدامي لتحميلهم مسؤولية فشل المفاوضات.
    ربما يكون هذا صحيحاً لناحية التوقيت والتكتيك، لكنه يتناسى أن حكومة نتنياهو رغم فائض تطرفها السياسي وتشددها الأيديولوجي تحرص على عدم فرط عقد المفاوضات و"التهدئة" وفق إستراتيجية عمادها التفاوض من أجل التفاوض و"التهدئة" من طرف واحد.
    ما يعني أن فائض عنجهية حكومة نتنياهو يدفعها إلى الاعتقاد بإمكان الفصل إلى ما لا نهاية بين سياسة المفاوضات والتهدئة وسياسة التصعيد الميداني بما يحول الأولى إلى مجرد غطاء للثانية، بل الاعتقاد بأن تصعيد جرائم الحرب الموصوفة يردع الفلسطينيين و"يكوي وعيهم" المقاوم.
    وهذه فرضية صهيونية قديمة ثبت بطلانها حتى أن أوساطا سياسية وعسكرية وأمنية وإعلامية إسرائيلية ما انفكت تحذر نتنياهو من مغبة التعلق بأهداب هذه الفرضية الواهمة التي أورثت حكومات إسرائيل السابقة مفاجآت الهبات والانتفاضات الشعبية الفلسطينية، بدءاً بحكومة شامير- رابين التي فاجأها اندلاع الانتفاضة الشعبية الكبرى العام 1987، مروراً بحكومة نتنياهو الأولى التي فاجأها اشتعال "هبة النفق" المسلحة العام 1996، وصولاً إلى حكومة بارك التي فاجأها اندلاع "انتفاضة الأقصى" العام 2000.
    هنا يتبدى أن التصعيد الميداني الإسرائيلي الجاري إن هو إلا صدى لصوت سياسة يحركها تشدد أيديولوجي صهيوني لخصه نتنياهو مؤخراً بالقول: "لن توافق حكومتي على أي اتفاق لا يتضمن إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والاعتراف بإسرائيل "دولة قومية للشعب اليهودي"، وكأن هذا لا يعني تصفية جوهر القضية الفلسطينية وتسليم الشعب الفلسطيني بجوهر المشروع الصهيوني وحقائقه المفروضة على الأرض.
    لكن حكومة نتنياهو تتجاهل أنها بهذا التصعيد السياسي والميداني إنما تحول الحالة الشعبية في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967 إلى مرجل يغلي أو بركان على وشك الانفجار، وتنسى أن الهبات الجماهيرية المتلاحقة بما يصاحبها ويتوالد عنها من أعمال مقاومة متنوعة واشتباكات ومسيرات وتظاهرات حاشدة تدل على أن تيار مقاومة الاحتلال يتدفق بغزارة في أوصال وعروق الحالة الشعبية.
    ما يعني أن بوسع الانقسام الداخلي المدمر ومواصلة سياسة التفاوض من أجل التفاوض و"التهدئة" من طرف واحد إرجاء الانفجار الشعبي الشامل، أما إبطال مفاعيله والتحكم بها والسيطرة عليها إلى أجل غير مسمى فأمر غير ممكن. أما لماذا؟
    لئن كان العامل الذاتي متمثلاً في انقسام الحركة الوطنية الفلسطينية وقلة استعداد بعض نخبها القيادية هو ما يميِّع الحالة الشعبية الملتهبة، فإن العامل الموضوعي متمثلاً في سياسات الاحتلال التي تستبيح فلسطين شعباً وأرضاً وحقوقاً وكرامة هو المحرك الأساس والعامل الأهم لتحويل الحاصل من هبات جماهيرية إلى اشتباك واسع وممتد ومتصاعد تقدم الأمر أو تأخر. ولعل كل مقاربة لا ترى هذه الحقائق في راهن الحالة الفلسطينية إن هي إلا مقاربة ذاتية قاصرة تتجاهل- سيان بوعي أو بجهالة - أن الحالة الشعبية الفلسطينية السائدة في الأراضي المحتلة العام 1967 تشبه إلى درجة كبيرة ما كان سائداً فيها قبل الانتفاضة الشعبية الكبرى العام 1987 وهبة النفق المسلحة العام 1996 وانتفاضة الأقصى العام 2000، وتتجاهل أن سياسات الاحتلال واستباحاته الميدانية هي- في نهاية المطاف- ما يحدد توقيت اندلاع الهبات والانتفاضات الشعبية الفلسطينية وطبيعتها ومداها.
    بل وتتجاهل أن الاحتلال الإسرائيلي هو أسوأ احتلال في التاريخ، وأنه لن يرحل إلا إذا تحول إلى مشروع خاسر بالمعنى الشامل للكلمة، ما يعني أن المقاومة الفلسطينية بمعناها الواسع ليست ولم تكن يوماً خياراً ذاتياً، إنما هي خيار مفروض ودائم وإن تغيرت وسائلها وطرائقها ووتائرها وأشكالها ومستوياتها في هذه المحطة المفصلية أو تلك.
    فالاحتلال الإسرائيلي احتلال عنصري ينكر وجود شعب فلسطين. وهو احتلال إقصائي لم يتردد في التخطيط لإزاحة شعب فلسطين من التاريخ والجغرافيا والسياسة، ونفذ تطهيراً عرقياً دموياً شاملاً العام 1948، وآخر مشابها وإن جزئياً العام 1967، بل ما انفك يمارس كل ما من شأنه تفكيك وحدة شعب فلسطين وضرب هويته وتدمير ميكانيزمات وجوده وتطوره، فيما يتمادى اليوم بقيادة نتنياهو لفرض الشروط الصهيونية التعجيزية الناسفة لكل إمكانية للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.
    وكل ذلك بالتوازي مع سياسة مخططة لمصادرة الأرض واستيطانها وتهويدها وتفريغها وسرقة مياهها، ومع ما يرتكب بصورة يومية من تقتيل واعتقال واغتيالات وإذلال ومس بالكرامة واعتداءات على الممتلكات والحقول وتدمير البيوت وإتلاف المزروعات وتقييد الحركة والسفر واستباحة المقدسات ومحاولات سن قوانين السيطرة عليها وتهويدها وتغيير معالمها وتقسيمها.
    قصارى القول، وبتكثيف وإيجاز شديدين، فإن التصعيد السياسي والميداني الذي تمارسه حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو يجعل أي تمديد محتمل للمفاوضات عقيماً وبلا طائل وغير ذي معنى ويفرغه من كل مضمون حتى بحسابات إنهاء الاحتلال القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967.
    وهذا هو ما يجعل الانفجار الشعبي الفلسطيني خياراً مفروضاً بالقوة بصرف النظر عن شكله ومستواه وتوقيته وكيفيته، ما يفرض على القوى السياسية الفلسطينية المنظمة بألوانها وبمستوياتها الشعبية والرسمية التهيؤ والتوحد سياسياً، وفي أقله ميدانياً، لتلبية استحقاقاته.
    أما لماذا؟ من أهم دروس تجربة النضال الوطني الفلسطيني أنه كلما يتزايد قمع الاحتلال يرتفع منسوب المقاومة بالمعنى الشامل لمفهوميْ القمع والمقاومة، فما بالنا في راهن الحالة الفلسطينية حيث رفعت حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو منسوب قمع الاحتلال وجرائمه الدموية العنصرية الموصوفة واستباحاته الشاملة لكل ما هو فلسطيني إلى حدود غير مسبوقة؟! بينما يعلم نتنياهو ويعلم الفاشيون من أركان حكومته أن "جيشهم النووي" فشل في إخماد انتفاضات شعبية سابقة دامت لسنوات وحيدت إلى درجة كبيرة تفوقه التكنولوجي وتفوقت عليه سياسياً وأخلاقياً وكبدته خسائر فادحة. وعلى سبيل المثال لا الحصر:
    ألم يتبجح رابين كوزير للدفاع في حكومة شامير عندما أجبره اندلاع الانتفاضة الشعبية الكبرى العام 1987 على قطع زيارته للولايات المتحدة بالقول: "سوف أضع حداً لأعمال الفوضى والعنف في ثلاثة أيام"؟! فماذا كانت النتيجة؟ سبعة أعوام من الانتفاضة لم ينفع لوقفها تنمُّر "الجيش الذي لا يقهر" بإطلاق النار على الأطفال والمدنيين، عدا اللجوء إلى سياسة "تكسير العظام" والزج بآلاف النشطاء في المعتقلات العسكرية التي أقيمت على عجل لاستيعاب ما عجزت عن استيعابه السجون القائمة آنذاك، وما أكثرها. هنا ثمة درس لمن يريد أن يفهم راهن الصراع ومآلاته المستقبلية فهماً موضوعياً.

    اطلالة عربية - مصر وتونس
    بقلم: ابراهيم عبد المجيد – الحياة
    عندما اندلعت الثورة في تونس خرج كثير من المفكرين في مصر يقولون ان مصر ليست تونس . وكان دافعهم قوة الدولة الأمنية في مصر ووجود مساحة أكبر من الاخوان المسلمين الذين هم طوال عصر مبارك تحت طلب الأجهزة الامنية يدفعون بهم إلي مجلس الشعب حين يريدون سدا للطريق على القوى الليبرالية أو اليسارية . وكذلك قوة الدولة العسكرية . قلت أنا علي استحياء ان «عزيزة» التونسية ستفتح باب السجن ليونس المصري مستوحيا حكاية عزيزة ويونس في الملحمة الهلالية. كنت أقول ذلك وفي روحي تردد فالنظام السابق, نظام مبارك, كان يطول كل شي فعلا .لكن جرت الثورة وفتحت عزيزة ابواب السجن ليونس المصري . ووصل الإخوان المسلمون الي الحكم هناك والى الحكم في مصر وهنا ظهرت الفروق بين مصر وتونس . في تونس الاخوان المسلمون اكثر استنارة والقوى المدنية مساحتها أوسع قياسا على عدد السكان . والجيش بعيد دائما عن الحكم . في مصر الأمر مختلف . الإخوان أكثر تخلفا والقوى المدنية أقل قياسا على عدد السكان الذين تقع غالبيتهم في منطقة الانتظار, حزب الكنبة كما يقال, انتظر الفرج أو من يؤمن لهم قوت يومهم . القوى الامنية عادت بسرعة في مصر والجيش لم يبتعد عن السياسة . كانت 30 يونيو مثالا على اجتماع كل القوى القديمة . جيش وشرطة وشعب ضد الإخوان المسلمين . ساهم في ذلك غباء الإخوان المسلمين الذين من ناحية اعتمدوا علي الدولة القديمة في الإدارة وعلى الامن في مواجهة الثورة التي حملتهم الى الحكم ونسوا ستين سنة من العداء بين النظام القديم منذ يوليو 1952 . وكذلك ساهم عجزهم في ادارة البلاد وطرحوا افكارهم التاريخية بسرعة وأولها أن لا حدود للدولة, الدين هو الحدود ومن ثم يمكن استباحة أرض مصر من أي قوى المهم أن تكون من الاخوان المسلمين وفي سبيل ذلك وعلى الفور تخلوا عن شعاراتهم الانتهازية القديمة حول تحرير القدس وقدموا لإسرائيل ما تريد وأكثر من تعهدات بالأمن والأمان ولخصت رسالة محمد مرسي لشيمون بيريس رئيس إسرائيل, وظهرت الخطة الأميركية التي تفتح لأهل غزة الطريق الى سيناء للانتهاء من الصراع العربي الاسرائيلي بل وفكرت مصر في إقامة قنصلية في غزة باعتبارها الممثل الفلسطيني وليس مهما أن في ذلك تنازلا لاسرائيل عن الضفة أيضا . باختصار كان لابد أن يخرجوا من الحكم . خرجوا وعاد الصراع القديم بين الدولة الأمنية ومعها فلول مبارك ونظامه الذين ظهروا بقوة في الإعلام باعتبارهم ثوار يونيو وبين الجيش ممثلا في وزير الدفاع المشير السيسي الذي احتل المشهد وحده باعتباره المخلص . دخلت مصر في صراع جديد الآن . الإخوان كعدو أمر واضح لكن الجيش كعدو أمر صعب على المصريين . وقياسا علي ما حدث في جيوش المنطقة بالعراق وسوريا لا يجب ان يوضع الجيش في خانة العدو, وقياسا الى العمليات الارهابية الجارية ضده الآن أيضا .إذن ما هي مشكلة الثورة المصرية . هذه هي مشكلتها . الجيش هو القوة الأكبر المراد تدميرها بينما يجب الحفاظ عليها, وأول طريق الحفاظ عليها الآن يقع على الجيش نفسه .فإذا ترشح السيسي للرئاسة ووصل إلى الحكم عليه أن يحدد العدو بوضوح ويخرج من خانة العدو ثوار يناير ويرفع شعاراتهم ويعمل على تحقيقها. فهل يمكن ؟ الأيام لا تمر . أو تمر بطيئة جدا فحتى الآن لم نسمع من الرجل شيئا هاما رغم مافعله الجيش في 30 يونيو . وهذه هي الطريقة الوحيدة ليلتف الشعب كله حوله . الذين يتربصون بالجيش المصري ليس ثوار يناير . وهذا هو الفرق الكبير يبن مصر وتونس . ان لدينا جيشا يحكم من زمان ويراد تدميره وأول خطوات مقاومة هذا التدمير أن يدرك الفريق السيسي أن ثوار يناير هم من رفعوا في الميدان الجيش والشعب إيد واحدة . ولا يتصور ان النظام القديم يمكن أن يعود .لا نريد ان يكون جيشنا العظيم ثمنا للحرية .

    انسداد باقٍ لم يفتحه اللقاء
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    لم تُلقِ الإدارة الأميركية بكل ثقلها، لإلزام نتنياهو بمرجعيات عملية التسوية، وبالكف عن الغطرسة ومحاولة الابتزاز. فها هو اللقاء المرتقب، في واشنطن، يجعل إدارة أوباما أمام أحد خيارين: إما الإعلان عن فشل جهودها، أو طلب مهلة زمنية جديدة. ما تبقى كان كلاماً فضفاضاً أو تعبيرات فاقدة للدلالة، كأن يُطلب من الرئيس الفلسطيني قرارات "شجاعة" أو "جريئة" وهذه مصطلحات تُقال لمن يتخطى حدود حقه في ميادين السياسة والحرب، حتى يصبح معنى الجرأة والشجاعة، أن يتوخى الحكمة بالوقوف عند حدود ما له، دون أن يتجاوزها مستأنساً بغطرسة القوة. الشجاعة والجرأة، مطلوبتان هنا، ممن يمضغون الأساطير ويتمسكون بالاحتلال، ويصرون على تطابق السياسة والممارسات والمواقف في النزاع؛ مع هواجس المتطرفين الظلاميين الذين يريدونه صراعاً بلا حدود.
    المهلة التي يريدها الأميركيون، لن تجدي نفعاً إن لم يغيروا طريقة تعاطيهم مع حكومة المتطرفين. فحتى الآن لا نسمع سوى التشكي الحزين بلسان جون كيري، الذي أعرب بمرارة عن أسفه لاتهامات هؤلاء المتطرفين له. فقد أسمعوه ما يحبطه وينغّص عليه، إذ قال وزير الحرب موشي يعلون، إن كل مواقف جون كيري الى جانب إسرائيل لا تضمن له أن يكون "نزيها" علما بأن الرجل لم يفعل شيئاً سوى أنه، في شهادته أمام مجلس النواب الأميركي، ذكر بأن الإصرار على إلزام الفلسطينيين بالاعتراف بـ "يهودية الدولة" كان خطأ. ولم يقل كيري ذلك إلا لأسباب عملية، على الرغم من وجود الكثير من الأسباب التي جعلت تماشي الأميركيين مع مطلب نتنياهو معيباً وشائناً ومخالفاً لدساتير الأمم وشروط قيام الدول العصرية ومناقضاً للعلمانية التي يتبناها الغرب كأساس لقيام الأنظمة الفعالة التي تتوخى العدل لرعاياها.
    ابتزاز حكومة نتنياهو للأميركيين، ومحاولتها اضعاف دورهم وموقفهم، عبر عنه يعلون أيضاً، عندما اشترط تنفيذ المرحلة الرابعة من إطلاق الأسرى القدامى، بإطلاق واشنطن للجاسوس جونثان بولارد. وثمة وزير آخر في حكومة نتنياهو، هو يعقوب بيري، أضاف عاملاً آخر معرقلاً، وهو نفي اعتزام إسرائيل إطلاق الأسرى من مناطق الـ 48. وأمام هذا التعنت الإسرائيلي، لم يجد الأميركيون سوى الإعراب عن تشاؤمهم، واستغرابهم من هذه الغطرسة الإسرائيلية. عندئذٍ لم يبق أمامهم، حيال حكومة نتنياهو، إلا أحد اثنتين، إما الإعلان عن فشل المساعي الأميركية أو تغيير منطق السياسة الأميركية على النحو الذي من شأنه جعل إسرائيل تشعر بأنها تواجه الكثير من المصاعب الدولية ومن العزلة، وسيكون هذا كافياً لكي تتفاعل السياسة الداخلية الإسرائيلية لغير صالح نتنياهو وحكومته المتطرفة.
    وفي الواقع، لن يجرؤ أوباما على الأخذ بخيار تغيير منطق السياسة الأميركية، على الرغم من استخدامه المتكرر لتعبيرات من شاكلة "خطوات جريئة" و"خطوات شجاعة". إن الشجاعة الحقيقية المطلوبة بإلحاح، تتمثل في موقف أميركي ينسجم مع قناعات الإدارة كطرف يعرف التفصيلات ويعلم يقيناً أن المسؤول عن انسداد أفق التسوية هو نتنياهو دون سواه. فما يطلبه من الطرف الفلسطيني ليس الجرأة وإنما التجرؤ على مرجعيات عملية التسوية وعلى الحقوق الفلسطينية، وهذا لن يكون!
    فشل الأميركيون في التقدم خطوة، لأن اتفاق الإطار الذي يتمنونه ليس واقعياً ولا عملياً، لا سيما وأن الأوساط الإسرائيلية الحاكمة لا تؤيد أية صيغة أو مقاربة تساعد على التوصل الى تسوية، ويعلم الأميركيون هذا جيداً. ومثلما توقعنا، لم يكن اللقاء حاسماً، إذ لم يُطرح شيء يكون القبول به مخاطرة فلسطينية ويرضى به المحتلون، ويفتح الانسداد. فما يريدونه اليوم هو تمديد أمد المفاوضات، بينما إدارة أوباما تعلم سلفاً، أن الحاكمين في إسرائيل ليسوا مهيئين مهما طال أمد التفاوض ومهما مر من زمن على إعطاء المهلة تلو الأخرى للطرف الإسرائيلي.
    هناك أوساط سياسية اميركية، تحاكي أوساطاً إسرائيلية، في خشيتها من خسارة العملية السياسية برمتها، على اعتبار أن انهيار هذه العملية، سيضع إسرائيل في موقف الإدانة، ويُفقد واشنطن دورها في السياسة الدولية، وهذا ما لا ينقصها، بعد التطورات التي حدثت في العديد من المناطق وآخرها في جزيرة القرم.
    من يبرود إلى أين؟
    بقلم: يحيى رباح – الحياة
    استعادة الجيش السوري لمدينة يبرود في القلمون في منتصف المسافة بين العاصمة دمشق ومدينة حمص، ومن حمص إلى اللاذقية وبقية الموانئ السورية القريبة منها، هو تطور نوعي في الميدان في الصراع الدائر في سوريا في بداية السنة الراهنة من هذه الحرب التي أرادتها قوى دولية معادية بهدف تفكيك الدولة السورية وبقية الدول الوطنية والقومية وتحويلها إلى دول للطوائف والعرقيات المهيضة الجناح التي تدور كلها في فلك الدولة اليهودية التي تطالب بها نتنياهو، وهذا التطور النوعي في الميدان ليس نقطة معزولة في الفراغ، بل هو جزء من سياق طويل وخاصة على امتداد السنة الأخيرة، السنة الثالثة من عمر هذا الصراع، حيث كان الجيش السوري الذي بقي متماسكاً رغم كل الضجيج المثار، ومحتفظاً بقدر كبير من القوة بحكم احتياطاته وتحالفاته، وكفاءته في إدارة المعارك العسكرية بخبرة عظيمة، وضمن استراتيجية شاملة وليس خبطات متفرقة معزولة!!! ومعروف أن الجيش الوطني السوري هو جيش عقائدي بامتياز، يمثل كل مفردات الشعب السوري، ويحمي هذا التنوع الثري للشعب السوري الذي أراد الله له أن يكون موجوداً في جغرافيا عبقرية بامتياز تؤهل سوريا بحق أن تكون عموداً رئيسياً لا غنى عنه للبيت العربي ولمنظومة الأمن القومي العربي، ذلك أن الأمم لا تقوم على فرضيات متوهمة بل على حقائق راسخة جيوسياسية وتاريخية، ولذلك من الصعب أن نتصور كيانا حقيقياً لهذه الأمة بدون عمود رئيسي من أعمدتها وهو العمود السوري، وأعتقد أن تاريخ المنطقة والعالم مرَ دائماً من هذا المثلث الذهبي، مثلث القوة، والدين، والتجارة وهو المثلث العربي السعودي السوري، فأين يقع إنجاز يبرود الذي حققه الجيش السوري، فأصبحت الطريق الرئيسي من دمشق إلى حمص إلى الموانئ على البحر الأبيض سالكة جداً؟ خاصة وأن النظام السوري لديه أوراق لعبها بذكاء، وحقق نجاحاً كبيراً في إجراء مصالحات واسعة مع العديد من المجموعات المسلحة ومع القوى الاجتماعية.
    النظام السوري كان دائماً طرفاً في خلافات مع شعبه السوري، ومع دول المنطقة سواء العربية منها أو الإقليمية، ولكن هذه الخلافات رغم ما فيها من جراح مثل الخلافات مع منظمة التحرير الفلسطينية، أو الخلافات مع العراق، والخلافات مع الدولة اللبنانية أو الأردن أو مصر أو حتى مع المملكة العربية السعودية لم تجعل النظام السوري يخرج من المعادلة العربية، لأنه لو خرج فإن المعادلة تختل لمصلحة الآخر العدو المتربص كما أنه سواء كنا على اتفاق أو خلاف مع النظام السوري فإن هذا لا يعطينا الحق في إنكار أن المفردات التي يتكون منها الشعب السوري لا يمكن أن تعيش وتزدهر تحت حكم نظام ديني، والسنوات الثلاث الماضية، قدمت لنا نماذج واضحة بأن هذه الفصائل الإسلامية التي تحاول أن تستولي على سوريا هي أشد فتكاً وخطراً من التتار، وأنه لا يمكن أن يقبل بها الشعب السوري، بل إن المعارضة الوطنية الأصلية السورية قد أدركت أن هؤلاء الذين اقتحموا الساحة السورية لا يمتون بصلة إلى آمال الشعب السوري ومعارضته الوطنية, لقد كشفت معركة يبرود أن المعارضة التي تعصف بها خلافات كبيرة ورؤى متعارضة جداً وولاءات مختلفة إلى حد التناقض المكشوف، لم تستطع أن تدرك أن القوى الدولية والإقليمية التي دخلت على الخط منذ اللحظة الأولى، هي قوى ذات مصالح متعارضة وأولويات مختلفة، وأنها تدير الأزمة السورية ولا تبحث عن حل لها، وأن لديها رؤى ومعلومات وحسابات تجعلها غير مستعجلة لأن الثمن الذي تدفعه رخيص جداً، وأن لديها مصالح لا تعرف عنها المعارضة السورية الخارجية شيئاً، لم تفهم المعارضة مثلاً حجم وتداعيات الإتفاق الأميركي والغربي مع إيران بموافقة روسيا، ولم تفهم المعارضة معنى أن تكون الطرف الموجود وبفعالية على الأرض، وكيف أن هناك عوامل متغيرة أهم من التزاماتها مع تلك المعارضة مثل صفقة السلاح الكيماوي السوري، والاتفاق بخصوص الملف النووي، وأزمة أوكرانيا، ومأزق تركيا الحالي، كل هذه المتغيرات تعني للمستوى الإقليمي والدولي أولويات مهمة، وكذلك التحول الخارق في مجرى الأحداث في مصر، والتحالف الخليجي المصري وتأثيره على المنطقة، كل هذه قضايا كبرى غابت عنها المعارضة السورية الخارجية التي رماها حلفاؤها “ أصدقاء سوريا” في مأزق خطير في يبرود ولكنهم لم يفعلوا شيئاً, ويبقى الآن أن نعرف كيف سيتم التعبير عن كل ذلك في القمة القادمة في الكويت، فلا يمكن للقمة أن تتجاهل أن النظام السوري حقق انجازات كبيرة، وأنه يمكن أن يوسع نطاق المصالحات، وأنه يمكن أن يتعامل مع معارضة وطنية لا تحمل السلاح وتكون جزءاً من المستقبل.

    اليرموك من حصار الى آخر
    بقلم: بهاء رحال – الحياة
    المخيم المستهدف منذ أشهر طويلة والناس الذين لا يجدون الأمن والأمان في أرضه ولا يجدون رغيف الخبز لهم والحليب لأطفالهم ما زالوا يتطلعون الى موقف يحميهم من هؤلاء المجرمين الذين يحاصرون المخيم من كل اتجاه ولا ينفكون عنه، فكلما دخلت وساطة ابتعدوا قليلاً ثم عادوا بعنف أكبر وإجرام أشد وحصار مطبق، وعلى هذا النحو أصبح المخيم وسكانه لا يجدون فسحة للعيش وسط الظروف الصعبة والقاهرة التي تمر على الأرض السورية بفعل ما يسمى الربيع العربي هناك الذي يعصف في كل البلاد، الا أن المخيم ظل ينأى عن الدخول في الصراع الدائر وظل يحافظ على مسافة واحدة من كل الأطراف كون اللاجئ الفلسطيني له قضية واحدة هي قضية العودة الى أرضة ووطنه وما وجوده في أرض الشتات إلا محطة للعودة، لهذا وفي كل الدول التي تستضيف اللاجئين حاول المخيم وسكانه ان يحافظ على مسافة يسكنها الاحترام والود والتقدير دون أن يتدخل في أي شأن داخلي لتلك الدول وعلى هذا الخط مضى حتى جاءت بعض الأطراف صاحبة الاطماع وزجت به الى دائرة الصراع وأخذته الى هذه البقعة من الحصار الذي يضيق وتضيق معه سبل الحياة في أرض اليرموك كما فعلوها سابقاً في لبنان حين كانوا في مخيم نهر البارد.
    قبل شهر تقريباً وصلت ذروة الحصار على مخيم اليرموك وكان الناس في المخيم لا يجدون حتى الماء ولا يجدون الدواء ولا يجدون أي حياة في المخيم الذي أنهكته بعض العصابات المأجورة التي دخلت الى زقاق المخيم وحاراته واستباحته، وفي ذلك الوقت وبعد شد وشد تدخلت بعض أطراف الوساطة وبتعليمات مباشرة من منظمة التحرير الفلسطينية ونجحت في ادخال بعض السلع الاساسية وخففت وطأة الحصار الظالم، ولكن الأمر لم يحلو لبعض الأطراف التي تعمل لصالح أجندات ليست فلسطينية فعادت مرة أخرى لكي تغرق المخيم في الجوع والدم والحرب وعادت بنفس اسلوبها اللقيط الذي يفسر طبيعة عمل تلك الجماعات المأجورة التي كانت ولا تزال تستبيح حرمة المخيم بعملياتها التخريبية التي تزيد من عذابات اللاجئين ومعاناتهم.
    المخيم يتعرض لأبشع عملية حصار ضمن مؤامرة مخطط لها تنفذها أيدي خبيثه تمارس الارهاب على اللاجئين العزل الذين يتطلعون الى موقف انساني دولي وعربي ينصفهم ويخلصهم من هذا الحصار وهذا القتل الجماعي ومن سياسة التجويع والاختطاف، فهل من مجيب.
    لقاء الابراشي مع دحلان.. عهر إعلامي
    بقلم: بشار دراغمة – الحياة
    ما أقبح أن يكون الاعلام مبتذلا، وما أسوأ أن ينظر إليه الناس بصفته دجالا، منافقا، كافرا، عاهرا، اطلق ما شئت من المصطلحات فإعلامنا العربي وفضائياته الرنانة وصل إلى هذا النحو، وتدحرجت الكثير من وسائله في واد سحيق من انعدام المسؤولية، وتعرى من كل شيء يسمى موضوعية، والتزم بكل أشكال النفاق وتجاهل أي شيء اسمه مصداقية، فتشاهد مقدم البرامج مادحا ممجدا لضيفه، إلا إذا كان مواطنا مسكينا فإن اللوم دائما عليه، ويكون المواطن من باع القضية.
    في هذا المقال اتحدث إعلاما ولا أتحدث سياسة، وما دفعني للكتابة هو حال الإعلام المحزن في الفضائيات العربية.
    منذ يومين تابعت مقابلة محمد دحلان على فضائية دريم المصرية، و«الله لا يسامحك» يا وائل الأبراشي سهرتني ثلاث ساعات وأكثر، ولم أسمع صوتك في الحوار إلا قليلا لتقول «فاصل ونعود» أو تعيد تكرار ما قاله محمد دحلان أحيانا، والأسئلة التي كنت تطرحها كانت بمثابة أجوبة، وكنت مجاملا إلى درجة شعور المشاهد بـ»القرف».
    حوار الأبراشي مع دحلان أو «مجاملاته» إن صح القول، لم يكن الأول الذي استمع إليه للأبراشي، فقد شاهدته من قبل قويا صلبا مع سياسيين وفنانين وحتى مع الراقصات، لكنك مع دحلان كنت مهادنا إلى درجة الاستسلام، ومجاملا إلى درجة الدجل، ومكررا للكلام حتى ظننت أنك ببغاء.
    عندما انتهى الحوار، قلت في نفسي «صارت صايرة» ففتحت صفحات الفيس بوك، وكل ما كانت تقوله الناس هناك عن الحوار بأنه مدفوع الثمن فالبعض يسأل الأبراشي «كم قبضت» والبعض الآخر يقول «أكيد دريم قبضت الملايين» على حوار بهذا الشكل ويقول آخرون إن الحوار لخضع لعمليات منتاج قاسية بطريقة واضحة، فظهر على أنه خطاب وليس حوارا، وربما ذكرنا ذلك في خطابات معمر القذافي، وهوغو تشافيز، وفيديل كاسترو، ومن قبلهم اتاتورك الذي سمعت عنه ولم استمع إليه.
    لن أقيم خطابات ولا حوارات وليس هذه وظيفتي، لكن واقع الإعلام العربي في مجمله يشعرنا بالحزن، وما أسوأ حالنا عندما نعرف أن صفحات في الفيس بوك لدى الغرب ربما تكون أصدق من فضائيات العرب، وما أبشعنا عندما نعرف أن مدونات يديرها هواة في أماكن مبعثرة من العالم حالها أفضل بكثير من صحف تكدس المئات من الموظفين لإصدارها.
    مأساة الإعلام العربي أنه في كثير من الاحيان إعلام ممول، ولا يعتمد على ذاته، فهنا يسقط صوت الإعلام وترتفع أصوات مموليه.
    حوار الأبراشي ودريم مع دحلان ليس إلا نموذجا على حالة التردي الإعلام، فقد سبقه الكثيرون، والكل يعلم كيف جندت الفضائيات العربية نفسها أو «عفوا» جندها ممولوها لخدمة طرف ضد الآخر في الثورات العربية، ولم تكن إلا عصيا في يد دافعي الاموال، ومن كنا نظن أنهم موضوعون سقطت كل أوراقهم فتعروا من كل قيم الأخلاقيات الإعلامية.
    لا زلت أتذكر عندما درست في الجامعة مساقا بعنوان «الأخلاقيات الإعلامية»، كان مليئا بالقيم الإعلامية الرائعة، وكانت خلاصة المساق أن مصلحة الناس وكشف الحقيقة بموضوعية ومهنية يجب أن تكون فوق كل اعتبار، وفي الأغلب فإن مقدمي البرامج وكبار الصحفيين يعرفون ذلك، ولو استضفتهم في برنامج عن الأخلاقيات الإعلامية لأشبعوك عبرا ومواعظ، لكنهم على أرض الواقع وفي بعض الأحيان يجدون أنفسهم صغارا أما التعليمات والإغراءات.
    لا يوجد إعلام مثالي في العالم، ولا يوجد صحافة موضوعية بدرجة 100% في العالم بأسره، لكن يوجد إعلام يبحث عن الجزء الأكبر من الحقيقة، بعيدا عن المجملات والمهادنات والدولارات، وكم أتمنى أن يصل إعلامنا العربي إلى هذه المرحلة.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. المقالات في الصحف المحلية 269
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:28 AM
  2. المقالات في الصحف المحلية 257
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:19 AM
  3. المقالات في الصحف المحلية 256
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:19 AM
  4. المقالات في الصحف المحلية 255
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:18 AM
  5. المقالات في الصحف المحلية 253
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:16 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •