المقالات في الصحف المحلية
|
المقالات في الصحف المحلية
|
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] أميركا تتحمل المسؤولية الأولى عن انهيار عملية السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] العنف الداخلي... نحو حوار جاد لتحديد اسبابه وعلاجه
بقلم: الدكتور حسن عبدالله – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] تحولات مفزعة في عالم الإرهاب!
بقلم: يوسف الديني – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] ذكرى النكبة .. لن ننسى ولن نتنازل!!
بقلم: فيصل ابو خضرا – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] جرائم مستمرة .....وقانون غائب!!
بقلم: راسم عبيدات – القدس
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] عودتي للطيرة
بقلم: حسن البطل – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] لماذا تفتح إسرائيل النيران على "مارتن إنديك" ؟!
بقلم: هاني حبيب – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] ماذا بعد فشل المفاوضات؟
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] لماذا التباطؤ في إجراءات المصالحة؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] عجبي على الذي يجري في بلدنا
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] ناريمان خورشيد: الدخول إلى حيز الذاكرة الجماعية
بقلم: د.فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] تغريدة الصباح - التغريدة المرعبة
بقلم: حنان باكير – الحياة
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] زيـــاد أبـــو شـــاويـــش
بقلم: عدلي صادق – الحياة
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] قراءة في انتخابات بيرزيت
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] الأسير و"مرسي".. و"افيخاي" و"عساف"
بقلم: موفق مطر – الحياة
[IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.png[/IMG] عن زياد والزجاج الذي لم يتحطم
بقلم: مروان عبد العال - الحياة
أميركا تتحمل المسؤولية الأولى عن انهيار عملية السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
قدم المبعوث الاميركي الخاص مارتن انديك أول رواية علنية حول الجهد الأميركي الفاشل للتوصل الى اتفاق سلام في موعد أقصاه 29 نيسان الماضي كما طلبت واشنطن لدى استئناف المفاوضات بعد توقف طويل. وقد حاول انديك ممارسة السياسة الضبابية حين ادعى ان الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي يتحملان مسؤولية فشل المفاوضات: اسرائيل بسبب سياسة الاستيطان والسلطة الوطنية بسبب طلبها الانضمام الى 15 اتفاقية دولية بالاضافة الى نقاط أخرى أقل أهمية.
ينسى انديك ان الانضمام الفلسطيني الى عدد محدود من المعاهدات الدولية إنما جاء في مرحلة متأخرة للغاية وبعد ان وصلت المفاوضات الى طريق مسدود بل ان الانضمام أساسا جاء ردا على فشل عملية التفاوض بسبب الاستيطان وغيره من الممارسات الاسرائيلية وخاصة عمليات التهويد بالقدس ورفض اسرائيل الاعتراف او القبول بمرجعية حدود حزيران 1967، فكيف يقول او يدعي ان هذا الانضمام كان أحد أسباب انهيار المفاوضات.
والأسوأ من هذا كله في تصريحات انديك هذه أن مسؤولين اسرائيليين يدّعون انه والادارة الاميركية على علم مسبق بأن الاستيطان مستمر ولن يتوقف بل وأن انديك نفسه كان يعرف سلفا بتفاصيل عمليات الاستيطان وإعداد المباني ومواقعها ولا يمكنه الادعاء ان الاستيطان كان أحد أسباب انهيار المفاوضات.
من الواضح ان تصريحات انديك حول تحميل فلسطين واسرائيل مسؤولية الفشل غير دقيقة لانه يخلط بين الجلاد والضحية ويساوي بين المحتل والذي احتلت أرضه ويحاول عدم توريط نفسه او إدارته في قول الحقيقة وهي ان اسرائيل هي السبب الرئيس كما كانت سابقا وحاليا، في انهيار عملية الحل السلمي، وكان الجانب الفلسطيني الذي أوقف عملية التفاوض بسبب هذه السياسات الاسرائيلية قد استجاب للطلب الاميركي والوعود الاميركية باستئناف التفاوض والتوصل الى حل خلال الأشهر التي انتهت في 29 نيسان الماضي.
واذا كان انديك عاجزا عن قول الحقيقة فان الكل يعرف ان واشنطن هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن الفشل لانها لا تقول الحقيقة أولا، ولانها لا تقوم بدورها ومسؤولياتها في الضغط على الطرف المعطل فعلاً وتجبره على الحل العادل الذي ينسجم مع الشرعية الدولية ثانيا . لماذا تواصل واشنطن هذا الانحياز الأعمى لدعم اسرائيل ومواقفها وهي التي تعرقل عملية السلام وتضع المنطقة على فوهة انفجار قد يتهدد المنطقة والمصالح الأميركية ؟ اننا ندرك مدى النفوذ الذي يتمتع به اللوبي الصهيوني وأنصار اسرائيل داخل الولايات المتحدة، لكن هذا يجب الا يمنع واشنطن من الدفاع عن مصالحها وسياساتها في الشرق الأوسط وإنما يفرض عليها ان تقول الحقيقة على الأقل، وهي أن اسرائيل تتحمل المسؤولية . وفي المقابل فإن هذه المواقف الأميركية والاسرائيلية المتكررة تفرض علينا كفلسطينيين بالدرجة الأولى تقييم الوضع واستخلاص العبر حتى لا نظل ندور في الدوامة التي لا مخرج منها.
العنف الداخلي... نحو حوار جاد لتحديد اسبابه وعلاجه
بقلم: الدكتور حسن عبدالله – القدس
تُصْدم بشدة، ويصيبك دوار عنيف، وأنت تطالع الصحف المحلية أو مواقع التواصل الإجتماعي، وتحديداً عندما تقع عيناك على أخبار تتعلق بحوادث عنف داخلي، هي تعبير عن ظاهرة أخذت تستشري في مجتمعنا الفلسطيني، وتهدد نسيجنا الإجتماعي، حيث لا يجوز لأي باحث أو متخصص في المجال الإجتماعي أو التربوي أو النفسي، أن يقلل من خطورة هذه الظاهرة، من باب أن العنف موجود في كل المجتمعات البشرية بلا استثناء .
والتبرير أو التعامل مع ما يجري وكأنه عادي وطبيعي ينطبق عليه المثل الشعبي "كلمة حق يراد بها باطل"، فالتقليل من شأن الظاهرة، اغماض للعينين وهروب الى الأمام، ودرب من دروب الإنكار السلبي، الذي لايشخص بعلميه ولا يسهم في إقتراح آليات حلول.
ما معنى أن يقتل أب ابنته بدم بارد، أو يحز زوج عنق زوجته في ساحة عامة وعلى رؤوس الاشهاد، أو يذبح طفل لم يتجاوز عمره الثلاثة شهور ، بسكين الحقد والكراهية والإنتقام؟، وكيف اذن يمكننا أن نفهم موجة العنف. التي تجتاح أسرنا، أزواج يضربون زوجاتهم، ويعتدون عليهن بأدوات حادة، وآباء يعاقبون جسدياً بناتهم في إطار تأكيد الرجولة والفحولة والإستزلام؟. مجتمع يجنح للعنف الداخلي مفرغا ذلك العنف الواقع عليه من الإحتلال في حلقاتٍ إجتماعية جعلها الموروث الثقافي والإجتماعي ضعيفة لا حول لها ولا قوة!.
أما عن العنف في مدارسنا فحدث ولا حرج، المعلم يعنف والطالب يعنف زميله، وساحات المدارس تحولت من ساحات لعب إلى ميدان عراك وصراع.
الرجل يصلب على الحاجز، ويقمع من رب العمل، ويطحن إقتصادياً ونفسياً، فيعود إلى بيته مستفزاً مستنفرا يبحث عن ضحية يفرغ فيها غضبه ونقمته.
والأنكى من ذلك أن حركة الفعل التثقيفية التعبوية والتنويرية في الجانب المضاد لهذه الظاهرة، ما زالت خجولة وتعتمد مبادرات غير خاضعة لبرنامج متكامل بمشاركة أطراف إجتماعية وتربوية ونفسية وحقوقية وشرطية، في حين أن وسائل الإعلام لا تسهم كما ينبغي في التخفيف من حدة هذه الظاهرة ، بل ان الفضائيات من خلال ما تعرض من أفلام وتقارير، وصولا الى الصور المتحركة الموجهة للأطفال، جميعها تغذي وتعمق وتفاقم. إنه عنف مصدّر إلينا من ممارسات الإحتلال ومن أفلام أجنبية، وتربتنا خصبة للإلتقاط والتفاعل والمحاكاة.
والحقيقة أن ما ينشر حول العنف في بلادنا هو أقل بكثير من حجم ما يحدث ويرتكب ، فقد صدمت وأنا أعمل في الحقلين الاعلامي والثقافي منذ سنوات، خلال مؤتمر عقدته مؤسسة برامج الطفولة مؤخرا، تحت عنوان "الحد من ظاهرة العنف"، من هول المعطيات والمعلومات والوثائق التي طرحت في المؤتمر المذكور، حيث كانت الحقيقة مؤلمة ، لكن ايصالها للمعنيين في المقابل كان في منتهى الأهمية، فالهروب من تناول الظاهرة تشخيصا وتحليلا يعني اجبار النفس على العيش في عالم وردي يتناقض مع الواقع. نحن شعب يقع علينا العنف الخارجي يومياً، ومن يريد الاستزادة فعليه الرجوع إلى ما كتب فرانس فانون وباولو فريري، حول ثقافة المضطهدين وكيف يستدعي العنف الخارجي، العنف الداخلي ويبعثه من مكامن السكون.
لكن الإطالة في البحث عن الأسباب والدوافع لتفشي هذه الظاهرة، من شأنه أن يكون على حساب طرح الحلول، فالعنف الخارجي هو عامل أساسي، فيما الثقافة المجتمعية التقليدية تتحمل هي الأخرى نسبة ليست بسيطة من المسؤولية.
والسؤال كيف نحد من العنف الداخلي في مجتمعنا؟ ، الاجابة ربما لا يحتملها مقال محدود المساحة، وانما تتطلب رؤية جريئة ومبادرات مؤسساتية وعلاجا جذريا، اذ يجدر بنا أن نبدأ من الأسرة ومعها، مرورا برياض الاطفال فالمدارس والاندية والجمعيات والمؤسسات وصولا الى السوق والشارع وكل التجمعات السكانية.
نحن بحاجة الى تعميق ثقافة التسامح في مجتمعنا، وتعميم مفاهيم الإعتراف بالإختلاف والتعايش مع هذا الإختلاف. فالمرأة ليست نسخة كربونية عن زوجها، وعليه أي الزوج ان يدرك ويعترف ويحترم دورها وحاجاتها وطموحها. والطفل في الروضة من المفروض أن ينشأ على التكامل مع الاطفال الآخرين، لا الإعتداء عليهم والتنافر معهم وهكذا..
إن المهمة واسعة ومعقدة ومتعددة الحلقات بين أسرة ومدرسة ومؤسسة غير حكومية وسلطة وحزب وإعلام، فإذا لم نزرع التسامح الداخلي في أرضنا، فإن الأرض جاهزة لاحتضان بذور العنف، لتحصد في النهاية جرائم تقشعر لها الأبدان.
تحولات مفزعة في عالم الإرهاب!
بقلم: يوسف الديني – القدس
هل ثمة صحوة أوروبية متأخرة فيما يخص موضوع الإرهاب؟! المؤشرات تقول: نعم، إنها بداية صحوة متأخرة سببها الخوف على الذات أكثر من كونها تصورا واعيا لحجم وخطورة وارتداد العنف المسلح من قبل المجموعات المسكوت عنها أوروبيا لزمن طويل، بسبب محاذير فيما يتصل بحقوق الإنسان.
قبل فترة وجيزة ثارت ضجة في النرويج بسبب اعتقال شاب نرويجي من أصل باكستاني، بعد إصابته في معارك بسوريا، وقبلها صرح شاب نرويجي من أصول عربية بنفي الإرهاب عن مشاركته في القتال قائلا: «نحن نقاتل نظاما يذبح الأطفال والنساء.. لا وجود للإرهاب هناك»!
وإذا كانت المصادر تتحدث عن عدد لا يزيد على الـ20 مقاتلا يحملون الجنسية النرويجية، فإن رد الفعل كان سريعا، حيث تستند السلطات النرويجية إلى القانون رقم «147 - د» الخاص بمكافحة الإرهاب، الذي ينص على «السجن ست سنوات لكل من يقوم بتأسيس أو تكوين أو المشاركة أو تجنيد أعضاء أو تقديم الدعم المالي أو الدعم اللوجستي، لمنظمة إرهابية تقوم بأعمال غير قانونية».
هذا التشريع النرويجي مثير للإعجاب رغم ضآلة حجم المشاركة، إلا أنه يعد خطوة أولى في حرب وصفها منذ سنوات العاهل السعودي الملك عبد الله بأنها حرب طويلة جدا.
«داعش» التنظيم الإرهابي، الذي جمع بين عنف «القاعدة» وسلوك العصابات واستقطاب كوادر عالمية، بل الإعلان عبر «تويتر» وشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت طلب وظائف للالتحاق به، أصبح نقطة جذب للمقاتلين الأجانب أكثر من العرب، بسبب اختلاف نمط التجنيد بين الإرهابيين القادمين من الغرب، والشباب العربي، فالمقاتلون العرب يجري تجنيدهم عبر تكنيك التنظيم الشبكي القائم على اصطياد الكادر من ضمن قائمة المعارف، بخلاف الكوادر الغربية التي ترتبط عادة بخلايا نائمة سابقا، والآن بعد عولمة الإرهاب وتحول «القاعدة» وأخواتها إلى شبكة عابرة للحدود، يجري التجنيد بشكل شخصي عبر الإنترنت وبأعداد محدودة قائمة على جاذبية الفكرة واصطياد لحظة «سقوط نفسي» ما (هناك العديد من الفتيات والشبّان الغارقين في أسلوب الحياة الغربية، انضموا إلى (داعش) خلال الأشهر الماضية).
الأزمة السورية كما أفرزت أنماطا جديدة من التحالفات السياسية، والتبريرات الثقافية للدفاع عن النظام الأسدي، أفرزت نوعيات جديدة من المقاتلين غير التقليديين، لذلك تغيرت جغرافيا العنف بشكل يستدعي قراءات جديدة لهذه التحولات الكبيرة في العقل الإرهابي خلال ثلاث سنوات من الأزمة السورية، وهو للأسف ما لم يحدث بشكل جاد للآن.
هناك أكثر من 78 جنسية تقاتل في سوريا. وعلى مستوى المقاتلين العرب، هناك مفارقة جديدة بحاجة إلى تأمل طويل، حيث تراجع سلم الترتيب الذي كان عادة ما يملؤه المقاتلون من الخليج واليمن والدول الحدودية لمنطقة التوتر، لترتفع نسب مشاركة مقاتلين قادمين من دول «الربيع العربي»، وهو ما يعني عودتهم لاحقا إلى دولهم الأصلية، تخيل أن دولة بحجم تونس فقدت ما يقارب 2000 مقاتل، وليبيا 1500، ثم العراق، فالأردن وفلسطين ولبنان، بينما الأرقام تتحدث عن 700 سعودي وخليجي؛ أكثر بقليل من عدد المقاتلين من دولة كالشيشان!
وهذه الأرقام رغم أنها أولية وتقريبية، فإنها تؤكد ما تحدثت عنه سابقا من تحولات كبيرة على الساحة الإرهابية في سوريا تعبّر عن «موجات جديدة» لا تشبه سابقاتها، ويمكن قراءة انخفاض الأعداد من الخليج والسعودية من زاوية تحول في إدراك عمق الأزمة، والتشريعات الجديدة، والوعي المجتمعي المتحسّن، لكنه يجب ألا يلهينا عن أن ثمة تغيرا على الأرض بسبب الصراع على الشرعية بين نماذج الإرهاب الجديدة من «داعش» و«النصرة» و«القاعدة»، إضافة إلى مسألة مهمة لدى المجموعات المتطرفة التي تحركها رموز شرعية، حيث تهتم بما يسمى «الراية البيضاء»، وهو مصطلح جهادي يعني شرعية القتال بعيدا عن أخطاء كالتي ترتكبها «داعش».
الاتحاد الأوروبي يعتزم عقد اجتماعات ومؤتمرات مطولة عن ظاهرة الإرهاب الجديد، لا سيما بعد بروز مقاتلين أجانب (هناك الآن كتائب جهاد فرنسية، وكتيبة ألمانية باسم «ملة إبراهيم»!)، إضافة إلى ارتفاع العدد لمواطني الاتحاد الأوروبي ليصل إلى 1200 مقاتل، أغلبهم مع «داعش» التي تتميز بحدود جغرافية خاصة بها في هلال يمتد من شرق سوريا، ويشمل دير الزور فالرقة وإدلب، وصولا إلى اللاذقية، بينما تختص منطقة الغوطة بالمقاتلين العرب الذين لا يرحبون بالأجانب باعتبارهم كوادر عشوائية لا تمثل ثقافة وإرث «القاعدة» الذي يمتد لأربعة عقود.
هذه التحولات في عالم الإرهاب تدعو لمخاوف كبيرة، وإذا كان الربيع العربي قد خلف فوضى وتشرذما مفاهيميا وقيميّا وسياسيا ما زلنا نصطلي بأواره حتى الآن، فهل يمكن لنا أن نتخيل عواقب «ربيع القاعدة» المقبل بقوة؟!
ذكرى النكبة .. لن ننسى ولن نتنازل!!
بقلم: فيصل ابو خضرا – القدس
في مثل هذه الايام من سنة 1948م وهي سنة نكبتنا كانت عائلتي مكونة من سبعة افراد والدي ووالدتي وأخي الكبير وأخي الصغير رحمهم الله ، وأختي المجاهدة سلوى ابوخضرا التي مازالت تجاهد وانا. كانت فلسطين عربية مئة بالمئة، وكان والدي ورعيله من المجاهدين يضمرون في نفوسهم خشية الايام المقبلة. لذلك كانوا يخزنون السلاح باي ثمن، ويطيلون غيابهم عن المنازل والأطفال. واذا قدر لنا ان نسأل:اين والدي لا نراه، كانت الوالدة تردد علينا ان نسكت" لان والدكم يشهد مع المجاهدين من رفاقه كيف ينبغي العمل لردع هجرة الصهاينة الى اراضينا"
وكثيرا ما كنت اسأل والدتي: لماذا يريد اليهود ان يجيئوا الى يافا مادام اننا نراهم في منازلهم وقرانا؟....غير ان والدتي كانت تطيب خاطري وتقول: لاحقا يا بني ستعرف من اين اتوا وماذا يريد اليهود من فلسطين.
انني أحاول الان وبعد 66 عاماً من النكبة ان استجمع ذكرياتي عن فلسطين، وعن مدينة يافا بالذات، ولا اذكر سوى تفاصيل صغيرة تلتصق بي التصاقاً لا استطيع ان انفصل عنه. وكثيرا ما حاولت ان أتسائل عن سر العلاقة بيني وبين تلة العجمي مثلا،
الا ان اربطها بأخي الكبير ودراجته الهوائية حيث كان يحملني خلفه وينطلق بي حتى ساحل البحر الذي كنا نطلق عليه اسم بحر الدعدع، وهو البحر الذي لم ارى في حياتي اهدئ من مياهه ولا صفاء أصفى من صفحته، وبعد 66 عاما على هجرتنا من حي النزهة أراني اليوم لا أزال اذكر بكامل الوعي وانا في الثمانين من عمري أدق التفاصيل في حيينا وبيتنا وبيوت أهلنا واصدقائنا في يافا جميعهم.
ان شارع جمال باشا الذي يخترق يافا من الجنوب الى الشمال مرسوماً أمامي حتى الان، وفي ساعات الصفاء والسكينة اجلس مع اولادي و أحفادي اسرد لهم الايام الحلوة وكانها بالأمس. حيث كانت أختي المجاهدة سلوى ووالدتي ياخذاني الى هذا الشارع فندخل مخزننا ونخرج من مخزن حتى يغيب النهار الا وقد اشترت لي الوالدة كل ثياب العيد من الحذاء حتى القميص والبدلة.
ولا أزال اذكر جيدا كيف انني رضيت بشراء الحذاء البني اللون لانه يشبه حذاء والدي، وعندما لبسته صباح العيد وذهبت الى ساحة المسجد اكتشفت انه ضاق بقدمي حتى كاد ان يدميها، وعبثاً حاولت الوالدة ان تعرف سر العرج الذي اعانيه فاوحيت لها انني سقطت عن الدراجة في حين كنت أخشى ان تحرمني من تقليد والدي في ارتداء حذاء شبيه بحذائه.
كان بيتنا خلف مدرسة العامرية حيث كنا ندرس ونجتهد مع اصدقائي ونكبر معا، وعندما نعود في المساء كنا نلتحق في الساحات وفي أزقة الحارات الضيقة نلعب ونمرح حتى يضيق بنا الأهل فلا نتوقف الا عندما يحل الظلام ويحل معه التعب، فناكل ونغتسل وننام الى الغد، حيث كنا نشهد تظاهرات شباب المدرسة، مدرسة العامرية او تحركات شباب النادي الاسلامي يتظاهرون ضد الاحتلال البريطاني والهجرة اليهودية الى بلادنا فلسطين. فنظل نحن الاطفال وراء الشباب نتظاهر لا يهدئنا سوى البوليس الانكليزي الذي كان يلجأ الى قمعها بشدة وخصوصاً في المدارس والنوادي الاسلامية والمسيحية.
وكانت فلسطين في تلك الحقبة تعيش اعظم لحظات مخاضها العسير من اجل الاستقلال. فالانتداب البريطاني أوشك على نهايته، وكان على آبائنا واخواننا الكبار ان يستعدوا لساعة الحرية، غير انني وانا الطفل الذي لم يتجاوز الرابع عشرة من عمري شعرت ان شيئا ما كان يؤخر اقتراب ساعة الخلاص، وكنت ارى هذا الشيء من تصرفات والدي، وفي عينيه وأصابع يديه، كنت اراه مهموما، وكنت اشاهده في حيرة من امره، يروح ويأتي، ويغدو ويغيب، ويلتقي الرفاق ثم يغيب ولا يعود. وعبثاً حاولت ان اعرف من والدتي سر غياب والدي، غير انها كانت تدرك ما اريد، فتهمس لي ان اسكت لان الوطن يريدني ان أظل ساكتا ولا أبوح بالسر.
واما السر فقد كان واضحا وضوح النهار. فالمؤامرة كبيرة، والسلاح قليل. وكان والدي، مثله مثل آلاف المجاهدين يحاولون شراء السلاح بكل الوسائل كي يحولوا دون استفحال هجرة الصهاينة الى فلسطين بالتواطؤ، والتوافق مع بريطانيا والدول الكبرى في ذالك الوقت غير انه لم يكن لأبناء فلسطين من مصادر السلاح سوى الدول الكبرى التي نفذت مع الصهاينة المؤامرة وقررت تنفيذها.
كان الفلسطينيون يدركون جيدا انهم ضحية مؤامرة دولية كبرى، غير انهم يريدون ان يتصدوا لهذه المؤامرة بالسلاح الذي لديهم واذا تعذر فبصدورهم، وكنا نرى يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة كيف انقلبت فلسطين الجميلة، برتقالها المشهور وزيتونها الهادئ الاخضر الى أتون من نار ومجازر ترتكب على ايدي الصهاينة ومنها مجزرة ابو كبير في 31-3-1948 عل يد عصابة الهاجاناة ومن ثم مجزرة دير ياسين بتاريخ 9-4-1948 حيث باغت الصهاينة من عصابتي «الارغون» وشترن سكان البلدة الأمنيين وفتكوا بهم دون تمييز ومثلو بجثثهم والقو بهم في بئر القرية وغيرها من المجازر التي يندى لها جبين الانسانية. وأحسسنا بان ساعة الجحيم اقتربت وسوف لن أعود ارى ملعب البصة، وشارع جمال باشا والجميزة التي تقع خلف تلة العجمي وبحر الدعدع.
اما الدول العربية السبعة والتي اخذت على عاتقها التصدي للهجمة البربرية العالمية لم تكن باي حال بقوة التصدي لأوروبا وامريكا.
وذات مساء، نظرت الى والدي العائد من غياب طويل. كان صامتاً كالصخر وكنت صامتا لا اقوى على مخاطبته ، خشيت ان اؤذيه اذا تكلمت وخشي ان يجهش في البكاء اذا نظر الي او كلمني، كنت اراه، وكان يراني ولكن أحدا منا لم يبيح للآخر بكلمة واحدة.
كان يدخل البيت حيث كان يكدس بعض السلاح و يوزعه على المقاتلين لصد هجمات الصهاينة في شارع يافا- تل ابيب ، يدور في البيت دورة ودورتين ثم يخرج فارغ اليدين رافعا رأسه الى فوق... الى السماء. وقبل ان تناديني والدتي من راس السلم رأيت والدي يركض نحو غرفة نومه ويخرج منها بمسدسه الشخصي. وبينما كنت احصد درجات السلم الى حيث نادتني أمي، أدركت ان والدي لم يعد قادراً على القتال الا بمسدس، وان الثوار لم يعودوا قادرين الا على الاستسلام او الهجرة.
وفي صباح اليوم التالي بدأت في منزلنا ضجة صامته اسرة بصمت الموت ، و كسرت أختي المجاهدة سلوى هذا الصمت و صرخت بصوت زلزل حائط البيت وقالت لا يا ابي لن نغادر بيتنا الذي ولدنا وترعرعنا به، ولكن والدي والدموع انهمرت منه كالشلال وقال لسلوى ، اطمئني سنعود قريبا انشاء الله لان الجيوش العربية لن تتركنا فريسة لهؤلاء البرابرة الصهاينة، ولن ابقيكم فريسة ما حصل من مجازر ارتكبتها عصابات الصهاينة بحق شعب مسالم لا حول له ولا قوة.
وبدأت النساء يجمعن حقائب اليد وما يمكن جمعه، والرجال يستعجلون النساء خوفاً على أطفالهم قبل فوات الأوان. ثلاثة او اربعة أسابيع ، وتعودون الى منازلكم ومطارحكم، قالت الناس بعضها للبعض الاخر... وبدأت المسيرة بطوابير لا حصر لها ولا عد شمالا وجنوبا وغرباً.. الى لبنان وسوريا والأردن الى الغربة المؤقتة ريثما يتم النصر للعرب فيخرج الإنكليز من فلسطين وتهدأ ثائرة الصهاينة المغتصبين.
كنت لا أزال اجهل وانا في مقتبل العمر الى اين نحن ذاهبون والى من سنترك حي النزهة وملعب البصة وشارع جمال باشا وشجرة كينا دار خلف، لكن الخوف كان يدفعني الى الامام لا الى الخلف، على عكس ما يفعل الخائفون.
كان والدي يسير أمامنا خافض الرأس حاني الظهر، وكنت اشعر في قرارة نفسي انه لا يستطيع ان ينظر إلينا او يقع نظره على نظري... كان اشبه بالمصاب بالشلل الكامل، وكانت قبضة يديه قد تشنجت ولم يعد يقوي على فتحها، وكان البحر يبتعد عن ناظرينا شيئا فشيئا الى ان غاب تماماً وتدافعنا الى الامام.....
الى دمشق حيث هبط علينا الظلام فاكتشفت والدتي اننا تركنا بيتنا وبيارتنا وارزاقنا وفلسطين بلادنا دون ان نحمل معنا قميصا او رداء او حتى لقمة خبز.
غداً نعود الى بيتنا قالت والدتي. اما والدي فقد نظر اليها نظرة سريعة ولطم باب البيت وراءه وخرج. وفي دمشق أدركت ان يافا وكل فلسطين ستبقى للابد في قلوب الشعب الفلسطيني البطل الصابر في المهجر وفي فلسطين لان يافا وكل بلدة وكل قرية وكل حارة في فلسطين لنا، ولن نستبدلها بكل كنوز الارض، لذلك لا يحق لاي مخلوق مهما بلغ شأنه ان يتنازل عن شيء لا يملكه وحق العودة الى بيتي واملاكي لن أتنازل عنه لاجل حفنة من دولارات امريكا ، ومن بعدي أولادي و أحفادي. ان ارض فلسطين ارض الرباط أغلى من الحياة والذي يترك هذه البلاد المقدسة قلة ضئيلة لا تحسب.
فلذلك لم ولن ننسى نكبتنا حتى تعود لنا بيوتنا وارزاقنا، ونحن والمحتل والزمن طويل.
جرائم مستمرة .....وقانون غائب!!
بقلم: راسم عبيدات – القدس
في اقل من شهر وقعت ثلاث جرائم قتل في الضفة الغربية،في مؤشر على درجة عالية من الخطورة الى ما وصلت اليه الأمور،وهو ناقوس خطر يجب ان يشعل الضوء ما بعد الأحمر،وان يستنفر له كل صناع القرار والمراجع الدينية والتربوية والمؤسسات الإجتماعية والنفسية،والخبراء والمختصين في هذه المجالات،فالخطب والشعارات والمواعظ والصلحات العشائرية القائمة على "تبويس" اللحى وفنجان القهوة السحري،لن تسهم في العلاج،فنحن امام ظواهر غير سوية ونعاني من ازمات إجتماعية عميقة،وجهل وتخلف في الكثير من جوانب حياتنا.
نحن أمام إنهيار وتفكك إجتماعي،وإنحلال أخلاقي وغياب للوعي والضمير والقيم الإنسانية،فلو كان هناك قيم واخلاق ووعي،فكيف نفسر ان تقدم مجموعات من القتلة والمجرمين،الذين يمتهنون القتل من اجل القتل،بتقطيع رؤوس البشر في مناظر تقشعر لها الأبدان في شام العروبة،ومن ثم تتباهى بقطع الرؤوس امام الكاميرات وتلتقط لها الصور معها؟؟،دون ان تصدر المراجع الدينية والمؤسسات المسماة بالحقوقية والإنسانية،أية مواقف وفتاوى حاسمة تجرم مثل هؤلاء القتلة،وتعتبر ان ما يقومون به،خارج على الأعراف الإنسانية، وعلى الدين الإسلامي وكل الشرائع السماوية وحتى الوضعية براء من مثل هذه الجرائم البوهيمية والوحشية.فالسكوت على مثل تلك الجرائم وعدم محاكمة مرتكبيها،يخلق لمثل هذه الظواهر حواضن وبيئة،ويشجع على تفشيها وانتشارها في المجتمع.
واضح بان معدلات الجريمة في المجتمعات العربية في ازدياد وارتفاع مستمرين،وهذا مرتبط بتخلف الواقع الإجتماعي وسيادة ثقافة الجهل وتعطيل الفكر والعقل،وتدني مستوى الوعي وتسطيحه وتشوهه،وايضاً فإن الفقر والبطالة والنظرة الدونية للمرأة وتسليعها،وكذلك الإنغلاق وتسييد الفكر العشائري والجهوي والقبلي والطائفي،والتحريض المذهبي والديني الذي تمارسه بعض المراجع الدينية بمختلف مسمياتها،وكذلك الفتاوي المتخلفة والمستهدفة فقط لجسد المرأة وطرق إلتهامه،او المنتقصة من حقوقها وحريتها والقامعة لها في كل مناحي وشؤون حياتها،وغياب دور المثقفين والذين في اغلب الحالات يكونوا في خانة المراقبين والمنتقدين للظاهرة،حتى ان جزءا منهم والمدعين للثقافة والوعي،مغذين وداعمين لمثل هذه الظواهر،ناهيك عن عدم بذلهم جهودا جدية وحقيقية من اجل محاصرة مثل تلك الظواهر ومعالجتها ووضع الحلول لها،تمهيداً للقضاء عليها.
هذه العوامل من المسببات الرئيسية لتلك الجرائم،وغالبا ما تكون الجرائم المرتكبة في مجتمعاتنا،ليست متعلقة بقضايا جوهرية او ذات شان وقيمة،فهي تكون متعلقة بخلافات اجتماعية حول ميراث او نزاع حول ارض أو حتى موقف سيارة او اولوية مرور وغيرها،او معاكسات شبابية،او خلافات زوجية وعائلية وأسرية،واحياناً تكون لأسباب تافهة جداً كمشاجرة فردية بين طفلين أو شخصين،ولكوننا مجتمعات قبلية وعشائرية لم نبلغ مرحلة الدولة المدنية بعد،فما ان تندلع شرارة المشكلة الإجتماعية حتى نحولها لحرب داحس والغبراء،يتم فيها تقديم وتغليب الإنتماء العشائري والقبلي والطائفي والمذهبي على أي انتماء آخر،وهذا مرتبط بحالة الإحتقان والتحريض الممارسة من قبل من يسمون انفسهم مراجع دينية او سياسية او إجتماعية،وهنا يجري تعطيل الفكر والعقل،والذهاب وراء العواطف والمشاعر،وكذلك تغييب بالقيم والاخلاق والروابط الدينية والوطنية والقومية،وأية جريمة قتل او اكثر تنتج عن هذا الإقتتال القبلي او العشائري،يستتبعها جرائم اخرى على نحو اوسع بحرق بيوت وممتلكات وسيارات ومحلات تجارية واغلاق طرق وشوارع وتشكيل مليشيات،لكي تأخذ بالثأر،وغالباً ما يتم الإعتداء على أشخاص ليسوا طرفاً في المشكلة او الجريمة الحاصلة من قبل تلك المليشيات،وهي لا تكتفي بذلك بل تأخذ القانون بيدها،حيث هيبة الدولة والسلطة في ظل غياب القانون والمساءلة والردع تتآكل وتتلاشى،ونحن بالعادة نميل الى اخذ القانون بأيدينا،لشعورنا بأن القانون وسلطته ليستا رادعتين.
إن الجرائم المرتكبة والردود على تلك الجرائم،والتي تستبيح كل شيء،تحت حجة وذريعة ويافطة "فورة الدم"،تؤشر بشكل واضح على اننا مجتمعات أكثر تطرفاً وأقل تسامحاً،ومشاكلنا وأزماتنا الإجتماعية تتعمق،وهي بحاجة لمعالجات تطال الجذر والعمق وأساس المشكلة،وليس فقط حلول تبقي النار تحت الرماد،وفي أغلب الأحيان تلك الحلول لا تحقق ولا تلبي الحد الأدنى من الحقوق،أو لا تشكل محاسبة جدية ورادعة للمعتدي او لمرتكب الجريمة،وإستمرار الشعور بالظلم الإجتماعي يعمق المشاكل ويجعلها تتفاقم على نحو اكبر واسع مستقبلاً.
ثلاث جرائم في أقل من شهر،لو حدثت في أي بلد آخر لربما كانت كافية،لكي تقيل حكومة باكملها،ولكن نحن لدينا الشماعة التي نعلق عليها اخطاءنا ومأسينا،وهي «الإحتلال هو السبب»،ولا نقول بان تلك الجرائم لها حواضنها وجذورها وبيئتها ومنظريها وشيوخها ورجال عشائرها،حيث تغيب التربية والتوعية والتثقيف،وتترك الأمور لمن هم ليسوا أهلا للعلاج،ولا نتعلم من اخطاءنا،ولا نضع قوانين رادعة،تجعل من يقدم على مثل هذه الأعمال والجرائم يفكر مليون مرة قبل ان يقدم عليها.
نحن لم نعد خير امة أخرجت للناس،نحن نمارس كل ما هو عكس ما قاله الشرع والشريعة،نمارس كل انواع الموبقات والشرور،نمارس القتل والدجل والنفاق والتملق والسرقة والكذب،وكل اشكال السلوك اللامعيارية،ونقنع انفسنا بأننا الأفضل والأكثر تقوى وورعاً وقيماً واخلاقا بين الناس وبني البشر،ولكن في أرض الواقع نسقط بإمتياز،فنحن في نظر البشرية جمعاء،أصبحنا امة خارج البشرية العاقلة،من يشاهد ما نفعله ببعضنا البعض من قتل وحشي وبوهيمي،يدرك تماماً بأننا نعيش في عصر ما قبل الجاهلية،في مرحلة القطعان البشرية للأسف.
عودتي للطيرة
بقلم: حسن البطل – الايام
أمس، كانت مسيرة عودة إلى طيرة حيفا.. وهذه مشاركتي:
تكون فلسطين - الساحل أندلساً ثانية، أو لا يكون مصير الفلسطينيين مصير الأندلسيين. للأرض نشيد ولإنسانها نشيد .. ولي من النشيدين نشيدي:
سقطت الأندلس عام سقوط غرناطة؛ وفلسطين - الساحل سقطت يوم سقوط طيرة حيفا، ستبقى جسر الزرقاء ملاذا ساحليا أخيراً لحفدة الجنود السودانيين في حملة محمد علي؛ وأما الطيراوية العنيدون فسيتفرقون بين ثلاث من دول الطوق الأربعة.
للأرض نشيدي الأيّاري، ولمسقط رأسي نشيدي التموزي. أيهما السقوط الكبير؛ وأيهما السقوط الصغير. بين السقوطين ظلّ أبي وأعمامي وأخوالي.. وإخوتي الكبار مدة شهرين على حافة البحر الأبيض؛ بينما نحن في قلب غوطة دمشق الخضراء.
الولد، ابن الثالثة والنصف، الذي لم يعش حصار "جيب الطيرة العربي" مدة شهري صيف، سيعيش حصار "جيب" بيروت الغربية ثلاثة أشهر صيف .. الا أسبوعاً واحداً. خروج في عمر الحليب؛ وخروج في عمر النبوة: "هي هجرة أُخرى فلا تُلق السلاما" قال شاعرنا.
سحبنا أجسادنا من جسد الارض، ثم علينا أن نسحب ظلالنا عن الجدار العربي!
***
أواخر تموز من عام النكبة سينفجر صياح الأولاد في الحارة. قسم من الأولاد سيركض صائحا "يابا" وقسم من الأولاد سيركض في الاتجاه المخالف "يمّا. أبوي أجا من فلسطين". نسينا صورة عودة الأب المحارب كسيراً؛ وعودة العم والخال كسيرين مثله. سيبدأ الآباء المقاتلون تشكيل فلسطين نشيجاً لا ينقطع: "هذول الزعماء العرب .. الله يقطعهم". سيأتي ناصر ليصادر هذا السخط الى حلم قصير آخر.
فيما بعد، سيطغى 15 أيار على كل أيام العام. فيما بعد سيبدأ 16 تموز يأخذ مكانه من نشيدي. في ذلك اليوم سقطت طيرة حيفا، آخر موقع عربي على ساحل فلسطين.
***
لي من النشيدين نشيدي:
ماذا يقول نشيد الروح: "كأنهم سكارى وما هم بسكارى".
مرتين أخذتني هزة الروع هكذا .. حتى تبسملت (وأنا مؤمن قوي الإيمان .. ضعيف التدين): يوم ان هويت، في العاشرة من عمري، من سقف عال الى أرضية من الإسمنت؛ ويوم طلعت "رسمية " من عتمة بيتها في الكبابير جوار الطيرة، وهي تتلمس الطريق مهتدية بصياح بنات "عيلة الباش" الباقية : "أجا ابن مصباح يا حجة " .. فإذا بالحاجة كأنها توأم أمي مريم. لم أكن اعرف ان لأمي ابنة خالة باقية في جوار الطيرة. رسمية تراني من خلال غبش نور العين الغارب. تشمني قبيل ان تحضنني.. وراحت تهزج: " قال عيسى البطل: يا نشامى يللا .. ميت فارس على الأفراس هبّوا". تبكي رموش عينيها ولا تهطل دموعها "راحوا الطيراوية الأبطال راحوا .. العمر راح والبلد راحت".
يعود الباحثون عن كنز قديم وفي عيونهم حمى .. وفي ايديهم خارطة رديئة. عدت وفي يدي خارطة جيدة رسمها أخي المقاتل القديم.. ولكن كل الجهات أراها شمالا. كل الجهات أراها جنوبا.. وكان للأفق الطيراوي في كانون الثاني جذر فضّي.. ولجبل الكرمل أن يتدثر بالضباب. الأرض تميد.. أو "كأنهم سكارى وما هم بسكارى".
***
بين النشيدين نشيدي: ها أنا واقف في مقبرة الطيرة. تذكرت مقبرة دوما (يسمونها: التربة) فهي من التراب .. واليه نعود. عدت الى الطيرة هاربا من القبر في المنفى .. قبري.
* هذا قبر المرحوم : حسين عبد الرحمن البطل (جدي).
* هذا قبر المرحوم : مصباح حسين البطل (أبي).
* هذا قبر الشهيد سعيد مصباح البطل - ابو مشهور (أخي الصغير).
* هذا قبر المرحوم حسين مصباح البطل (أخي الأكبر).
* هذا قبر المرحوم عبد الرحمن البطل (أخي الكبير).
قلت في مقبرة المنفى: ربّ لا تجعلني أجاورهم في قبر سادس.
لماذا تفتح إسرائيل النيران على "مارتن إنديك" ؟!
بقلم: هاني حبيب – الايام
مسكين السيد مارتن انديك، المبعوث الأميركي للسلام، فقد حاول مجدداً أن ينافق إسرائيل، بادعائه أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يتحملان مسؤولية فشل العملية التفاوضية، مسكين انديك، فقد نافق مجدداً، غير انه اتهم بالنفاق ليس لنفاقه من خلال التوازن المفتعل في مسؤولية فشل المفاوضات، بل لأنه اعتمد على مصادر إسرائيلية موثوقة في ادعاء هذا التوازن المفتعل.
من أهم مراكز صناعة القرار في إسرائيل، يعتبر معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي على رأس المراكز الأكثر أهمية، وبحوثه ودراساته تعتبر مؤشراً للسياسة الإسرائيلية، ومرجعية أساسية لصناعة القرار السياسي الجوهري في الحرب والسلام، كما أن اللواء احتياط عاموس يادلين يعتبر من أهم الخبراء في الأمن القومي في إسرائيل.. هذا المعهد تقدم مؤخراً بمقترح للخروج من حالة الفشل التفاوضي، لكن ما يعنينا في سياق هذا المقال، المقدمة التي كتبها يادلين نفسه حول أسباب فشل العملية التفاوضية، معتبراً أن الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، كل منهما يتحمل 40 بالمئة من المسؤولية، بينما تتحمل الولايات المتحدة 20 بالمئة من هذه المسؤولية. والأهم أن يادلين اعتبر استمرار العملية الاستيطانية، هي العنصر الأهم في تحميل إسرائيل تلك المسؤولية في فشل العملية التفاوضية.
ويبدو أن السيد انديك، التقط ما جاء على لسان ومقترح يادلين، لكي لا يبدو وكأنه لا يدرك مخاطر تحميل إسرائيل مسؤولية فشل المفاوضات، يبدو أنه اعتمد على ما جاء به يادلين، للتأكيد على تحمل إسرائيل مسؤولية فشل المفاوضات بسبب استمرار العملية الاستيطانية.
لكن إسرائيل، لم تصف انديك بالنفاق فقط لأنه حاول أن يفتعل توازناً في المسؤولية، هو لصالح إسرائيل قطعاً، بل لأنه كان يعلم أن العملية الاستيطانية ستتواصل في ظل العملية التفاوضية ـ حسب ادعاء المسؤول الإسرائيلي لوكالة رويترز ـ بل ان إسرائيل أبلغت انديك في كل مرة تقرر بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية بالتفصيل، عددها ومكانها، فلماذا هذا "الهراء" بتحميل انديك مسؤولية فشل المفاوضات بسبب هو يعلم انه تم الاتفاق عليه، وكان على علم ودراية كاملة بشأنه.
المسؤول الإسرائيلي، فضح نفسه وهو يهاجم السيد انديك، مشيراً إلى أن المبعوث الأميركي أصرّ أكثر من مرة على ضرورة مشاركة الاجتماعات التفاوضية بين الجانبين، مع أنه يعلم أن هذه الاجتماعات "ثنائية" والغالب أن إصرار انديك على المشاركة في الاجتماعات، كان سبب الهجوم المستمر عليه، خاصة وأن المسؤول الإسرائيلي واصل فضح نفسه عندما قال ان الاجتماعات التي تمت بين الجانبين بدون انديك، كانت مثمرة وناجحة!!
أكثر من ذلك، فإن المسؤول الإسرائيلي السبب الحقيقي وراء استقصاد انديك بهذا الهجوم النادر على مسؤول اميركي، عندما قال هذا المسؤول ان انديك لم يتمكن من إقناع عباس بأن يبدي المرونة المطلوبة لنجاح العملية التفاوضية!! وتفسير هذا القول، أن المطلوب من انديك مهمة واحدة وحيدة، إقناع الجانب الفلسطيني بالاستجابة للاشتراطات الإسرائيلية، وحيث أنه فشل في ذلك، نتيجة للموقف الفلسطيني الصلب، فإنه يستحق مثل هذا الهجوم الذي لا يأخذ بالاعتبار العلاقات الحميمية المشتركة بين تل أبيب وواشنطن، وهو الأمر الذي عبرت عنه مؤخراً مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي "سوزان رايس" لدى زيارتها قبل أيام لإسرائيل من أن واشنطن تستثمر بكل دولار تصرفه على أمن إسرائيل.. مع ذلك فإن الهجوم على انديك لا يشير إلاّ لحقيقة أن الأمر يتعدى المصالح المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة إلى مصالح مطلقة لإسرائيل على حساب الدم والمال الأميركي، ويهودية مارتن انديك وخدماته لإسرائيل عندما كان سفيراً للولايات المتحدة لديها لم تشفع له عندما يتعلق الأمر برؤية الدولة العبرية لمصالحها!!
ولن يرى انديك في الهجوم الإسرائيلي عليه أمراً غير معتاد، ذلك أن هذا الهجوم كان من نصيب الرئيس الأميركي ووزير خارجيته في أكثر من مرة وأكثر من مناسبة، ويشار بهذا الصدد، الى ان هذا الهجوم المكثف لم يكن مجرد رد فعل إسرائيلي على تصريحات ومواقف أميركية، بل انه ممنهج، ومتعمد، ويهدف إلى أخذ الموقف الإسرائيلي بالحسبان لدى مراجعة البيت الأبيض لسياسته إزاء العملية التفاوضية واستئنافها، ذلك أن هناك جهوداً أميركية لاستعادة المفاوضات من جديد بعد دراسة معمقة مستفيدة من التجربة السابقة، وعليه فإن إسرائيل كاستباق لمخرجات هذه المراجعة، تريد أن تضغط على واشنطن للتأشير على مراجعتها لتجربة العملية التفاوضية وبحيث يتم تجاهل الدور الإسرائيلي المؤثر في فشل هذه العملية عند الانطلاق لاستئنافها من جديد.
الردود الأميركية الباهتة، والتراجعات المستمرة عن تصريحات كبار ساستها، شجع الإدارة الإسرائيلية، على المزيد من استهداف ساسة أميركا بالهجوم المستمر، وهذه إحدى علامات تراجع الدور الأميركي، وسقوط الرهان على أميركا، فهي إن رغبت فإنها لا تستطيع، وهذا كان لكي نقف بدورنا كفلسطينيين، ونقيّم مسيرة العملية التفاوضية بالرعاية الأميركية واستخلاص العبر، والعبرة الأساسية هنا سقوط الرهان على دور أميركي نشط ومتوازن!!
ماذا بعد فشل المفاوضات؟
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
هل فشلت المفاوضات؟ هل ماتت؟ هل يجب نعيها ودفن وقائعها وتمزيق أوراقها؟ هل يجب إزالة وقائعها من الذاكرة باعتبارها وصماً وعاراً في الجلوس مع رموز العدو وقياداته، ومناغشتهم حيناً، ومناكفتهم حيناً آخر والتصادم معهم إذا تطلب الأمر؟؟.
المفاوضات وسيلة كفاحية تحتاج لقدرات؟ وفهم الحقوق؟ واستحضار الوثائق، ورصدها، والاعتماد عليها من أجل إقرارها على طريق تحصيلها، وهي لا تقل أهمية عن الوسائل المستعملة، بدءاً من الكفاح المسلح مروراً بخطف الطائرات، والانتفاضة الشعبية وانتهاء بالعمليات الاستشهادية، وهي وسائل متعددة استعملها الشعب العربي الفلسطيني طوال مسيرة كفاحه، وكل وسيلة لها إيجابياتها وعليها سلبياتها، ولكنها، مهما راكمت من نتائج ومهما أخفقت في تحقيق الهدف ولكنها تبقى وسائل وأدوات لتحقيق الهدف، والهدف الثنائي المزدوج الذي يناضل من أجله الشعب العربي الفلسطيني هو :
1- حق العودة تنفيذاً لقرار الأمم المتحدة 194 واستعادة الممتلكات الفلسطينية المنهوبة المصادرة من قبل الدولة العبرية، في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أي إلى اللد والرملة وحيفا ويافا وصفد وبئر السبع وفيها وعلى أرضها.
2- إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق قرار التقسيم 181، على حدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس.
المفاوضات فشلت بعد عشرين عاما، والكفاح المسلح أيضاً، بعد خمسين عاماً، والحركة الوطنية الفلسطينية والنضال الفلسطيني أيضاً فشل في هزيمة العدو، واجتثاثه، وهذا يعني أن شعبنا فشل في استعادة حقوقه ؟؟ ولذلك السؤال هو: هل نتوقف ونستكين؟ هل نتراجع؟ هل نسلم لعدونا بمشروعه الاستعماري التوسعي العنصري على أرضنا؟ الجواب بالقطع لا بل سيواصل شعبنا بمكوناته الثلاثة في مناطق 48، ومناطق 67 ومناطق اللجوء والشتات نضاله، كل حسب ظروفه، في إطار العمل المحدد بالعوامل الثلاثة :
1- وحدة المؤسسة التمثيلية وهي منظمة التحرير باعتبارها الجبهة الوطنية الموحدة، التي تضم الجميع والكل الفلسطيني فتح مع حماس، والجهاد مع الشعبية والديمقراطية، والمستقلين مع باقي الفصائل اليسارية والقومية.
2- البرنامج الوطني السياسي على قاعدة القواسم المشتركة، حصيلة لرؤية هذا التحالف وهذه الوحدة في إطار منظمة التحرير.
3- الاتفاق على اختيار الأدوات الكفاحية المناسبة التي تخدم النضال الفلسطيني، وتوسع قاعدة مؤيديه دولياً، وتجعل مشروع الاحتلال والاستيطان والتوسع مكلفاً، وتعزله وتفقده شرعيته لأنه يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة ومع حقوق الإنسان.
لقد فشلت المفاوضات، لأن قادة المشروع الاستعماري الإسرائيلي، لم يسلموا بعد بحقوق الشعب الفلسطيني ويرفضوا تقديم تنازلات تستجيب لهذه الحقوق، ولكنها فشلت أيضاً بنفس القيمة والاعتبار لأن قادة المشروع الوطني الفلسطيني متمسكون بحقوقهم ويرفضون التنازل عنها وهي ثلاثة :
1- حق العودة ولو بالحد الأدنى.
2- القدس الشرقية عاصمة فلسطين.
3- أي شكل من أشكال الوجود الإسرائيلي سراً أو علانية على أرض الدولة الفلسطينية، ولو تساهل المفاوض الفلسطيني في أي من العناوين الثلاثة لحققت المفاوضات نجاحات، ولكنها ستكون على حساب الشعب الفلسطيني ومساً بحقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة لتبديد أو التلاشي.
الأميركيون والإسرائيليون والفلسطينيون لم يغلقوا أبواب المفاوضات، وما زالت مفتوحة، ومن يرى غير ذلك يتوهم، ويتخيل رغباته، ولا يجيد قراءة الوقائع.
حكومة العدو، حكومة نتنياهو، حكومة الاستيطان والمستوطنين، علقت المفاوضات ولم تلغها، ولم ترفضها، بل رفضتها بسبب الشروط الفلسطينية الثلاثة:
1- إطلاق سراح الدفعة الرابعة، وقد وافقت اسرائيل عليها.
2- تحديد حدود الدولة، ويبدو أن الجانب الفلسطيني قبل بالعودة مرة أخرى إلى صيغة كيري تموز 2013، أي أن الأميركيين هم الذين يؤكدون للفلسطينيين على حدود 4 حزيران وليس الجانب الإسرائيلي.
3- وتبقى النقطة الأصعب على الجانبين وهي وقف الاستيطان بشكل معلن أو غير معلن.
شروط الرباعية، جدد أبو مازن موافقته عليها أمام المجلس المركزي الفلسطيني، وستكون هي برنامج حكومته بدون احتجاج من قبل "حماس" وهي : 1- الاعتراف بإسرائيل، 2- نبذ العنف والإرهاب، 3- الالتزام بالاتفاقات الموقعة، 4- استمرار الرعاية الأميركية للمفاوضات، وبذلك قطع الطريق على نتنياهو، وقدم ما لا تستطع تقديمه "حماس" علناً، ولكنها تقبل ذلك، بالمواربة، مقابل 1- فك الحصار المالي والسياسي عنها، 2- دخولها المؤسسة الفلسطينية، بمن في ذلك كوادرها الأمنية والإدارية أسوة بما وافق عليه أبو مازن مع القوة التنفيذية 3500 في عهد وزير الداخلية السابق الشهيد سعيد صيام، بعد نجاح حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006.
موازين القوى هي التي تحدد سير المفاوضات وهي التي تفرض نتائجها وليس الرغبات، ولذلك الخطوة الأولى لتحقيق النتائج هي العمل على تغيير موازين القوى، وأول هذه الموازين هو الصمود على الأرض، والتمسك بقرارات الأمم المتحدة وتوسيع شبكة العلاقات، وكسب الأصدقاء الجدد، بمن فيهم من داخل المجتمع الإسرائيلي لعدالة الحقوق والتطلعات الفلسطينية.
لماذا التباطؤ في إجراءات المصالحة؟
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
عادت الأسئلة القلقة والحائرة مع إضاعة أكثر من أسبوعين بعد توقيع اتفاق المصالحة الأخير في غزة دون أن تسفر عن أية خطوة عملية حتى اللحظة سوى إدخال الصحف إلى غزة، وهي خطوة لا تعكس دلالات كبيرة قياسا بما ينتظره المواطن من آمال وأحلام توقف عنها لكثرة ما تكرر السيناريو الذي أصبح مملا من حوارات وتوقيع اتفاق كأن المخرج يعيد تصوير نفس المشهد ولكن باختلاف الزمان والمكان.
في كل الندوات والورش التي عقدت خلال فترة ما بعد التوقيع كانت التساؤلات عن مدى جدية الأطراف هذه المرة وعن الضمانات التي يمكن الوثوق بها بعد أن فقدت فصائل الانقسام مصداقيتها لدى المواطن، فقد تحدثت كثيرا وأعطت وعودات ما أنزل الله بها من سلطان وزفت أكثر من بشرى ثم أصابتنا بانتكاسات كبيرة، أصبح هذا السيناريو جزءا من التراث السياسي الفلسطيني في السنوات الأخيرة وسط حالة العجز الكبيرة التي سقط فيها الجميع، فشعبنا الذي تحدى أقوى قوة عسكرية في المنطقة فقد كل إمكانياته فجأة وتحول إلى حمل وديع أمام جبروت الانقسام واكتفى بدور المتفرج الذي لا حول له ولا قوة، والقوى الوسيطة التي لم تكن جزءا من الصراع على السلطة اكتفت بدور من يطفئ اللهيب المتقد بين حركتي فتح وحماس للحفاظ على انقسام هادئ، وسلطة الصحافة استسلمت عاجزة دون تبرير لهذا العجز من بطش السلطتين ولم تكن بمستوى السلطة الرابعة ولا العاشرة.
ليس هناك ضمانات محلية قادرة على إلزام أطراف الانقسام، هذه هي الحقيقة دون أن نصدق ما يصدر عن الفصائل بأن شعبنا وقواه ومؤسساته وصحافته هي الضامن لهذا الاتفاق، فبينما كان السيد عزام الأحمد أثناء التوقيع يرد على صحافية تسأله عن الضمان قائلا: أنتم الصحافيون من سيضمن الاتفاق، في اليوم الثاني كانت الشرطة في غزة تعتدي على صحافي آخر كبير يفترض أنه "الضامن" كما قيل.
المصالحة هذه المرة مختلفة هذا صحيح، ودوافعها مختلفة هذا أيضا صحيح وضماناتها غير المرات السابقة حيث أصبحت مطلبا لقوى دولية وإقليمية كبرى دفعت باتجاهها، هذا كان منسجما مع ترويض للقوى الفلسطينية وكسر آخر شوكة لمعارضة المصالحة وبالتحديد داخل حركة حماس قطاع غزة، فما جرى خلال الأشهر الماضية بعد التغيير في مصر ساهم إلى حد كبير في إنزال حركة حماس عن شجرة الرفض حيث الأزمة المالية الطاحنة وحسم وزير الدفاع المصري خياره بالترشح للانتخابات ما يؤشر على قادم حكم الحركة بعد فوزه المرجح.
مباركة القاهرة لاتفاق المصالحة الأخير ودعمها له لم يأت لرغبة مصر بأن ترى حركة حماس جزءا من النظام السياسي الفلسطيني بقدر ما أن العلاقة الإشكالية بين الجانبين تضع مصر أمام خيارات لا تريدها، فهي من جهة تريد الإطاحة بحكم حماس في القطاع الذي تعتبره جزءا من الأمن القومي المصري لاستقرار سيناء، وعلى الجانب الآخر ليس لدى مصر من الأدوات ما يمكنها من إسقاط حماس سوى تضييق حركة المعبر والأنفاق، تريد إسقاطها ولكنها عاجزة، فيأتي خيار المصالحة ليكون الأنسب للقاهرة وينهي سيطرة حماس على القطاع.
أما على المستوى الدولي الذي تعكس ردود فعله على اتفاق المصالحة رغبة كبيرة بتنفيذ الاتفاق وخصوصا الموقف الأوروبي الذي عبرت عنه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اّشتون فور التوقيع لأن أوروبا تسعى جاهدة للضغط باتجاه عملية تسوية تنتهي بحل الدولتين.
ومنذ أن تقدمت أوروبا بمبادرتها وهي المبادرة الفرنسية أصلا التي طرحت قبل عام ونصف العام وكانت تنتظر إعادة تشكيل الإدارة الأميركية لتنقلها للخارجية الأميركية الأقدر على التحرك بها وإلزام إسرائيل، من حينها كان لدى أوروبا رغبة بإتمام المصالحة وإدماج حماس في النظام السياسي الفلسطيني لتكون جزءا من التسوية، وهذا ما فهمته من حوار عمره حوالي عام ونصف العام بيني وبين مسؤول في الاتحاد الأوروبي حين سألني عن عقبات المصالحة سردتها له ومن بينها رواتب موظفي حكومة حماس قال: "نحن مستعدون لدفعها".
أما الموقف الأميركي الذي تعتبره إسرائيل غير حاسم تجاه رفض المصالحة ومختلفا عن موقف تل أبيب فبات من الواضح أنه سيستأنف جهوده للتسوية لأن انسحابه بهذا الشكل يضع هيبة القوة العظمى على المحك.
وقد أعلنت الإدارة أن توقف جهودها مجرد وقت مستقطع ومن الطبيعي أنها تحلم بأن ترى حركة حماس جزءا من منظومة التسوية وجزءا من حكومة تلتزم بالاتفاقيات، فهل يمكن أن تتقدم بخطة للتسوية في حال أن نصف النظام السياسي الفلسطيني وجزء من الوطن الفلسطيني خارج هذه التسوية ؟ منطلق الأشياء يقول إن وجود حماس في النظام السياسي يوفر ضمانة أكبر للمفاوضات وللاتفاق في حال تم.
لهذا ليس هناك ما يبرر كل هذا التلكؤ في تشكيل الحكومة سوى مزيد من الشك والإحباط وعودة بذاكرة المواطن إلى دائرة القلق والخوف من أن ينضم هذا الاتفاق إلى جملة الاتفاقيات التي سبقته، يعززه بعض التراشق الإعلامي الذي بدأ يتسلل من تمديد المدة وبدء الاختلاف على دور الحكومة، والخوف أكثر إذا ما استمر هذا الفراغ أن يترك لمعارضي الاتفاق فرصة للنفاذ من خلاله، هذا إذا ما وضعنا إسرائيل جانبا التي اعتبرت الانقسام أحد ثوابت السياسة الإسرائيلية ويكفي حادث واحد ليفجر كل شيء لإدراكنا أن إنهاء الانقسام هو وليد ظروف خارجية وليس لقناعة داخلية، ولخوفنا من حالة العجز التي تلف الجميع من أن يشكل الشعب ومؤسساته ضمانة لإلزام الأطراف في حال حدوث أي خلل.
أغلب الظن أن بنك أسماء الوزراء جرى تداوله منذ اتفاق الدوحة منذ عامين ولا تجتهد الفصائل بالتنقيب من جديد عن أسماء جديدة، ومعروف أن حكومة الكفاءات التي يجري تشكيلها ستكون من مقربي حركتي فتح وحماس وكل منهما لديه من الأسماء المقربة التي يقدمها كمستقلين ما يكفي لأكثر من حكومة، فلماذا هذا التعطيل الذي يعكس ترف النظام السياسي وانفصاله عن المواطن الذي قطعه مرارا سيف الوقت وترك ندوبا غائرة على تاريخه الذي يئن تحت وطأة الزمن؟
وعلى هامش إعادة بناء النظام السياسي جرى الحديث عن إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة وبهذا تجري الانتخابات في شهر كانون الثاني، لا أعرف هل هي مصادفة أم أن هناك من يخطط لتكون كل انتخاباتنا في هذا الشهر بالذات والذي يمنع مناخه القاسي من ممارسة عملية انتخابية ودعاية انتخابية جدية، ففي هذا الشهر يكون النهار أقصر أيام السنة والبرد قاسيا لا يشجع الناس على الخروج لحضور ندوات المرشحين، والمطر والرياح تمزق كل اللافتات الانتخابية فالانتخابات هي ثقافة يراد لها غرس قيم التعددية والتنافس ويفترض أن تتم في فترة يكون النهار فيها طويلا ليعطي ساعات أكثر للمواطن والمرشح لعرض برنامجه، والصيف أفضل فترة مناسبة تكون الناس خارج المنازل ترى الدعايات واللافتات تعزز ثقافتها الديمقراطية، وفي الصيف إجازة المدارس والجامعات ووجود زوار الصيف من العائلات الفلسطينية وكثير من المميزات التي لا يمكن سردها، ولكن هذا نموذج العفوية الفلسطينية في ممارسة السياسة دون حسابات دقيقة آمل ألا تكون سياستنا تجاه إسرائيل بنفس المستوى، أرجو أن تفكر الفصائل بهذا لأن الأمر أكبر من ورقة توضع في الصندوق ..!
عجبي على الذي يجري في بلدنا
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
عجبي على الذي يجري في بلادنا، ليعتقد البعض أن بإمكانهم قتل زوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم دون حسيب أو رقيب. عجبي على استمرار سريان القانون الذي يمكِّن القاتل الانسحاب كالشعرة من العجين من جنايته. وعجبي على بلد يراقب تصاعد خط قتل النساء البياني، ولا يبادر قادته إلى القيام بواجبهم في حقن الدماء وردع القتلة.
عجبي على الذي يجري في بلدنا، حيث تقتل "صابرين عياد" في المحكمة التي قصدتها لإعمال القانون وطلب الحماية، وعجبي عليها وهي تقوم بترتيب أوراقها، ورقة ورقة، لتثبيت واقعة الطلاق الذي أوقعه عليها الزوج شفهياً أكثر من مرة، وعجبي عليها عندما سعت إلى توثيق تنازلها عن حقها في النفقة وإحضارها شهادة موثوقة من مجلسها القروي لدعم موقفها بقدرتها على الانفاق ورعاية أبنائها، معتقدة بأنها تقطع كل الخيوط التي ربطتها بذلك الرجل الذي اختبرت معه حجم العنف الذي يسكنه.
عجبي على ذلك الزوج القاتل، الذي كان يعد ملف جريمته وتوضيب ضربته القاضية وقطع الوريد الأخير الذي يربطه ليس بزوجته فقط، وإنما بأولاده أيضا، وعجبي على القانون الذي ساعده بشكل مسبق في إعداد دفوعاته وتبرير جريمته، فبدأ ينفث سمومه واتهاماته واثقا من تبرير القانون لفعلته وتفهمها.
عجبي على من بيدهم القرار، ألا ينتبهون إلى الاحصائيات الكاشفة عن حالات القتل المتزايدة، عجبي عليهم كيف يطمئنون ويرتاح ضميرهم دون تفكير بالضحايا المجهولات على قائمة الانتظار. ألا توحي لهم الأرقام بشيء عندما يعرفون بأنه كانت تُقتل امرأة واحدة في كل شهرين، ومن ثم أصبح القتل يُطاول امرأة واحدة في كل شهر، ومن ثم أصبح يطال امرأتين في الشهر.
عجبي على ضحايا العنف الأسري وهن حائرات في أقدارهن، أهو سوء الطالع أن الله قد خلقهن إناثا، أم أن الأخلاق العامة قد تشوَّهت إلى الدرجة التي أصبحت تؤذي الجميع، أم أن هناك تسخيفا لفعل القتل والتعدّي على أرواح الآخرين في ظلّ استمرار حكم القوانين المتخلفة عن متطلبات الواقع، وعجبي على واقع يشهد تحولات وتغيرات كلية على الأحوال العامة والمفاهيم والأدوار، بينما يستمر الحفاظ على ثبات بعض الجزئيات وتحديدا المتعلقة بالمرأة.
لو راجعنا سجلات المراكز المختصة بالتوثيق على مدار العقد الأخير، ودققنا في ملفات عمليات قتل النساء خلال السنوات العشر الأخيرة، لوجدنا أننا في الخمس سنوات الأوائل الواقعة ما بين 2006 و2010 أمام اربعة وأربعين حالة، أي انه قد ارتكبت بمعدل تسع جرائم سنويا. وما بعد ذلك، قتلت تسع نساء أخريات في عام 2011، وبأنه قد تم توثيق ثلاث عشرة جريمة في عام 2012، أما في عام 2013 فقد تم رصد سبع وعشرين حالة قتل للنساء. أما في عام 2014، فقد بلغ عدد القتيلات المنسوبات لما يطلق عليها جرائم الشرف ثلاث عشرة امرأة وذلك خلال أربعة أشهر منه، ما يؤكد تنامي العدد، علاوة على تأكيد استفادة الجناة من القانون، كما يؤكد بأنه لا يتم اجتراح السياسات التي من شأنها وضع حد لهذه الدراما المتواصلة.
دماء الضحايا تنتظر العدالة، صابرين عيّاد ونانسي زبون وآيات برادعية وسماح بدر وصفاء السلايمة وغيرهن يطرحن السؤال على الجميع، فكيف سنجيب عليه! هل سنستمر في مقابلة القتل بذلك البرود الذي لا زال يميِّز ردود الفعل على كل جريمة يتم ارتكابها..وإلى متى ستبقى يد القانون مكسورة؟!
ناريمان خورشيد: الدخول إلى حيز الذاكرة الجماعية
بقلم: د.فيحاء قاسم عبد الهادي – الايام
قوية الشخصية، ومحاربة شرسة، وخطيبة ميدانية، وقائدة طيارة جريئة، تلك هي المناضلة الفلسطينية "نريمان نهاد خورشيد"، التي ولدت العام 1927، في يافا، وعاشت فيها حتى عام 1948، حيث انتقلت للعيش في القاهرة، وبقيت فيها حتى يوم وفاتها، في 18 شباط 2014، وارتبط اسمها مع اسم شقيقتها "مهيبة خورشيد" بتأسيس وقيادة المنظمة السرية "زهرة الأقحوان"، عام 1947.
عملت "نريمان خورشيد"، سكرتيرة، في شركة في تل أبيب شركة: ICI، وهي شركة للصناعات الكيماوية.
كانت نقطة التحول في حياتها، حادثة المنشية، حيث شاهدت من نافذة منزلها هجوم الصهاينة على حافلة باص في الشارع، وتنكيلهم بالركاب. وعند عودتها من عملها ذات يوم، شاهدت عمارة سكنية قد هدمها الصهاينة، على بعد خطوات من مكان عملها في تل ابيب، فانتابها الحماس، وألقت خطاباً حماسياً مؤثراً:
"يا لهول الفاجعة، ماذا أرى؟! ماذا حل بالبلاد العربية؟! حقاً إنها فاجعة عظيمة يعجز عن وصفها اللسان والقلب".
وعندما عادت في اليوم التالي إلى عملها، وجدت خطاب الفصل ينتظرها. أخبروها أن السبب هو الخطاب الناري الذي ألقته بالأمس، وقد تنكروا لإخلاصها في عملها، وحرموها من مستحقاتها.
عادت إلى البيت، وبدأت العمل، مع شقيقتها المناضلة "مهيبة نهاد خورشيد"، لتحويل الجمعية الخيرية، التي أسَّستاها، إلى منظمة للعمل العسكري، بعد الحوادث التي هزت وجدانهما، حيث أحسَّتا أنهما لا تستطيعان الوقوف مكتوفتي الأيدي، أمام مقتل الأطفال والنساء وجميع الأبرياء من الشعب الفلسطيني، وأنه لا بديل عن العمل العسكري، لتحقيق هذا الهدف.
*****
شكل التقصي عن المنظمة السرية، التي عرفت بـ "زهرة الأقحوان"، هدفاً من أهداف البحث الذي أجرته إدارة المرأة/ وزارة التخطيط، لتقصي المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية منذ الثلاثينيات.
لم تكن المنظمة مجهولة؛ لكن دورها في العمل السياسي، لم يكن واضحاً، ولم يكن مكتملاً، وجد تضارب في تحديد طبيعة عملها.
ذكرت بعض المصادر أنها فرقة نسائية للتمريض، تجندت عضواتها لمرافقة الثوار، وإمدادهم بالتموين والأسلحة، وذكرت مصادر أخرى أنها فرقة عسكرية، دون أن توضح طبيعة الدور العسكري، ونسبت قيادتها إلى رجل، كما تختلف المصادر في تسمية مؤسستي المنظمة، فهما جهينة وعربية خورشيد، حيناً، وهما دون اسم حيناً.
وهناك مصدر تاريخي واحد ذكر الاسم الصحيح لإحداهما: مهيبة خورشيد.
ومن خلال البحث والتقصي، وإجراء مجموعة مقابلات متنوعة، وتدقيق الروايات المختلفة، ضمن منهج التاريخ الشفوي؛ استطعنا استكمال الناقص، وتوثيق دور المنظمة، كما تم التأكد من أسماء مؤسستي المنظمة: "مهيبة خورشيد"، و"ناريمان خورشيد".
صحيح أن نشاط "زهرة الأقحوان" بدأ إنسانياً، يهتم بالوحدة ما بين الأديان، وبمساعدة الطلبة الفقراء بشكل غير مباشر؛ لكن دورها تطور إلى ممارسة العمل السياسي، بمفهومه الواسع، حيث اشتمل على العمل العسكري المنظم، وأعمال التمريض، وضمّت المنظمة النساء والرجال.
تتحدث "ناريمان خورشيد" عن انضمام اثنتي عشرة عضوة إليهما، بعد نشر أهداف المنظمة ما بين آنسات يافا:
"انضممت إلى أختي، ونشرنا الدعوة بين آنسات الطبقة المستنيرة في يافا، فانضمت إلينا اثنتا عشرة فتاة عربية، وقررنا مهاجمة الهاغانا في مواقعهم ومخابئهم وبنفس أسلحتهم، وتهيأت لنا الفرصة لنتسلح بالمدافع الرشاشة والبنادق والذخيرة، بعد أن تعلمنا إطلاق النار واستخدام السلاح".
كما تتحدَّث "مهيبة خورشيد"، عن انضمام رجال عرب وأجانب إلى الجمعية، ويتبين من شهادتها أن الجمعية بأكملها، قد تحولت إلى العمل العسكري.
ومن الواضح أن مستعمرة بيت يام؛ قد أصبحت هدفاً، منذ مقتل الطفل الفلسطيني على يد سكان المستعمرة.
وصفت "مهيبة خورشيد"، واحدة من المعارك، ضد قادة الصهاينة:
"سمعنا أن القيادة بدها تجتمع في (بيت يام)، قريبة من يافا، كيف بدي أعمل؟ قلت للعرب: إجمعوا الليلة أكثر من 30 عرق شجر، جابوا تقريبا 100 عود. غرزناهم في الرمل بين يافا وبين بيت يام. بعد العشا سمعنا ضرب من بيت يام علينا، والعيدان دول يجي عليهم رصاص؛ يوقعوا، وبعدين صار سكوت، قلت لهم: استنوا. لما شافوا إنه مفيش حركة، واللي كانوا واقفين مهاجمين مفيش حد؛ قال لك: ماتوا العرب كلهم؛ تقدّموا تقدموا.. اشتغلوا فيهم، إنزلوا فيهم؛ نزلوا طخ طخ، قتلوا كل اللي تقدموا".
كما روت "ناريمان خورشيد" أحداث معركة أخرى، اشتركت فيها مجموعة من عضوات المنظمة:
"اشتبكت ورفيقاتي مرة في معركة حامية، مع فرقة قوية من رجال العصابات، واستمر القتال طويلاً بالقنابل اليدوية، والمدافع الرشاشة والبنادق، حتى نفدت ذخيرتنا، بعد أن أفنينا منهم عدداً كبيراً، فلما نفدت الذخيرة، بدأ من بقي مهاجمتنا بالقنابل اليدوية، وأصابني بعض الشظايا وأغمي علي، وكدت أقع اسيرة في يدهم. ولكن الله سلم! فقد كان عدد من المجاهدين العرب على مقربة منا، فعز عليهم أن أقع أسيرة، وأسرعوا لنجدتي".
*****
وفي شهر نيسان عام 1948؛ سافرت المناضلة إلى لبنان، لزيارة عمها الذي يقيم هناك، وهو "عزت باشا خورشيد"، هناك قابلت أحد الصحافيين الأجانب، وعندما علم أنها العربية المجاهدة "نريمان خورشيد"؛ أهداها منظاراً كي تستخدمه في المعارك، حين العودة إلى وطنها فلسطين، وأهداها مسدساً أيضاً، تخلصت منه بعد ذلك.
لم تستطع العودة إلى يافا، بعد تطهير المدينة عرقياً في 28 نيسان 1948، وتهجير أهلها، سافرت من لبنان إلى مصر، والتقت شقيقتها في القاهرة. تقدمت في 25/7/1948 للالتحاق بمعهد طيران امبابة؛ بناء على الاتفاق مع زملائها الثوار، استعداداً لاستئناف القتال ضد الصهاينة. وصل عدد المتدربات معها إلى عشرين فتاة، وأتمت تدريبها بتفوق ملحوظ.
عملت، بعد ذلك، في شركة الأسمدة العضوية في القاهرة، في الفترة من 1/1/1949 حتى 14/5/1949، تعرفت خلالها على زوجها، الذي طلب منها ترك العمل، والتفرغ للبيت والأولاد.
*****
يا بنة يافا/ يا بنة فلسطين،
ما تزال صرختك التي أطلقتها عام 1947؛ تدوَّي، وتدعو للنضال.
نعدك بأن نحمل الرسالة بأمانة، ونستمر، حتى نحقق حلم العودة.
وسوف تبقى مساهمتك السياسية، ومساهمة الرائدات الفلسطينيات؛ هدياً للشعب الفلسطيني بأسره، في نضاله لنيل الحرية.
تغريدة الصباح - التغريدة المرعبة
بقلم: حنان باكير – الحياة
قالت لي صديقة شاكية: يااه كم أعاني من الوحدة والعزلة، أكاد أختنق. نادرا ما أخرج من البيت. ندرت زياراتي للأهل والأصدقاء، الوقت يضيق بنا.. من زمان.. كان لدينا الوقت الكافي لإنجاز أمور كثيرة خلال النهار، ماذا حدث لنا؟ كم تغيّرت الدنيا، الدنيا دنيا يا صديقتي.. نحن من تغيّر أجبتها، وأتبعت كلامي بسؤالها عن عدد أصدقائها على الفيسبوك؟ ثمانمئة صديق. أجابتني. مممم لذلك انت تشكين الوحدة، أجبتها، فقد آثرت العالم الافتراضي، أو عالم الأشباح، على التواصل مع محيطك الحقيقي. لا نتنكر للصداقات الجميلة التي تنشأ بين الأصدقاء الفيسبوكيين، لكنه يبقى عالماً غير حقيقي أو محسوس، يسمّونه عالما افتراضيا وأسمّيه عالم الأشباح، الذي يأخذنا بعيدا عن محيطنا الملموس، وأصدق تعبير عنه سمعته منذ أيام، حين تحادثت عبر السكايب مع حفيدي ابن السنتين والنصف. قال لأمه: أنا بدي تيتا.. أجابته: ها هي أمامك تكلم معها.. ردّ: لا بدي تيتا أمسكها بيدي، فقد أدرك بحس طفوليّ، أن الصوت والصورة، لا تعنيان له شيئا حقيقيا.
بعض الصداقات، قد تخرج من الحيّز الافتراضي، وتتحوّل الى صداقات شخصية بعد اللقاءات. وهذا ما حدث مع الصديقة نادية شويري وزوجها ايلي، حيث تقابلنا في بيروت وفي الجبل، وتحوّلنا الى أصدقاء حقيقيين.. وخرجنا بذلك من عالم الأشباح، تكررت اللقاءات في كل مرة أعود فيها الى بيروت، وصنعنا لأنفسنا تاريخا مشتركا وحقيقيا.
في أول لقاء لنا، ومن أمام مدخل الجامعة الأميركية، حيث كان إيلي يعمل، أشرت لهما الى حيث أسكن.. في مبنى مقابل للجامعة.. قلت الطابق الخامس. وكيف تصعدين للطابق الخامس؟ سأل إيلي. عرفت أنه يريد الاطمئنان إلى وجود مصعد. أجبته: عندي حبل طرزان و"منعربش".. ضحك وقال: لكن أنا كبرت على الطرزنة.
تواترت الزيارات.. وتوطدت الصداقة. وصار بيننا عيش وملح. وجلسات حميمة مع مأكولات نباتية. كانت نادية على قدر من المرح وخفة الظل، دائمة الابتسام والضحك، إلى الحد الذي كنا نشكو همومنا ومشاكلنا حتى الأليمة منها، بطريقة فكاهية ونضحك، وكأننا نروي طرائف مضحكة، فقد تطابقنا في الأمزجة.
وإيلي لا يقلّ فكاهة عنها. من خلال حديث دار بيننا، رويت له حادثة أغضبتني، قلت له: هذه تصلح تغريدة ليوم الأحد. ببرودة أجابني: هيدي مش تغريدة، هيدا زئير، فقد كانا من المتابعين لتغريدات صحيفة الحياة.
في إحدى الزيارات لاحظت فتورا في ضحكات الصديقة، تتحدث بأدب، لكنها لم تكن على سجيتها كما عرفتها. استفسرت منها عن الأمر، نفت وجود أيّ تغيير وأنها سعيدة برؤيتي.. إلحاحي، لم يجد نفعا، وزاد إصرارها، على عدم وجود أي مكدّر، وتحاول إقناعي بذلك عبر الابتسامة الدائمة على وجهها، وبعض الضحكات تطلقها من حين لآخر.. أعرف أن حدسي نادرا ما يخطئ. هددتها بالقطيعة إن لم تفصح عمّا بنفسها. ضحك إيلي وقال لها: إحكي الحقيقة! ما في خجل أبدا، إبتسمت بخجل وأطرقت نحو الأرض وقالت: صرت حذرة وخايفة إعمل شي بيضحّك أو شي غلط، وتقومي تفقعيني شي تغريدة، وتضحكي عليّ رام الله وكل العالم"، إنفجرنا بضحكة طويلة وقلت: أنت من كتب التغريدة إذن.
زيـــاد أبـــو شـــاويـــش
بقلم: عدلي صادق – الحياة
رَحِمَهُ الله وأحسن مثواه. فقد جاءه الموت الحق، بُغتةً، كأنه يقطع عليه جملته الأخيرة. فلن يكون زياد أبو شاويش منذ الآن، حاضراً في صفحة التواصل، عندي أو عند سواي في دنيا العنكبوت. ذاك فضلاً عن غياب مأسوف له، عن دنيا المنتديات والمنابر والمقاهي وما يُتاح من الشاشات، يؤدي فيه "أبو محمد" بحماسة، واجِبَه في تعليل وجاهة ما يعتقد به. كان منقطعاً للحديث عن المستقبل، وعن أقدار هذه الأمة، ولمد خيوط العلاقة مع كل متلق لما يقول. إن صاحبي اللدود هذا، حلوْ المعشر، تساعده خفة ظله على أن يجعلك تتقبل منه الزجر وفرضية اتهام سياسي في بطن جوابه أو تعليقه، لكي يحثك على أن تدحض الاتهام برأي يقترب من رأيه. في سنواته الأخيرة، كان حبيس ثلاثة أقفاص واحد منها صنعته تجربته الشخصية، وواحد فرضته ثقافة الحزب، والثالث تكفل به الانسداد الذي أوقف تدرجه الطبيعي في الرتبة العسكرية. ففي تجربته الشخصية، أمضى حياته منذ الشباب اليافع، في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وقع الخلاف فاستعادت "الجبهة" بطاقتها لكنها أبقت غرامها في قلبه. وفي منطوق الثقافة ولغتها، كان ثمة تلقائية لا تبرح مصطلحات الرجعية والإمبريالية والمؤامرة. وعند المجاملة، وهي سمة معطوفة على دفئه الاجتماعي؛ كان في حديثه معي، يختم كل عرض بالقول: "هل اقتنعت يا رفيقي العزيز بريجينيف؟". يقفز اسم ليونيد بريجينيف، على لسانه، كمن يمنحني تبجيلاً. فقد كان اسم بريجينيف أرفع الأسماء في المعسكر الاشتراكي، طوال وقت خدمة زياد في فصيل يساري. كان ماكثاً بالسليقة في قفصه الثقافي، لا يكترث حتى لمطولات نظرية، عن ركود المشروع الاشتراكي في زمن بريجينيف ما أدى الى الانهيار. وفي قفص الحياة الذي آوى اليه بعد أن أدى كل ما عليه، لكي يتأهل أبناؤه - صبية وصبايا - ويشقون طريقهم في الحياة وينتشرون؛ ظل يعاني من شظف العيش، إذ وقعت عليه مظلمة طالت كثيرين من مناضلينا الذين عاشوا في سوريا. أعيتنا الحيلة - أخي الكبير روحي فتوح "أبو وسام" وأنا - لكي نعدل راتبه. في كل مرة، كنا نتلقى الوعود القاطعة. قبل ثلاثة أعوام، ذهبنا بأنفسنا معاً، الى هيئة التنظيم والإدارة، لكي نعرض وجوب التعديل، وشاهدنا بأنفسنا حركة اتخاذ الإجراء، ولم نتخيل أن تكون الحقيقة، لا إجراء ولا نتيجة، وأرهقتنا المراجعات بعدئذٍ!
* * *
في رفقة زياد أبو شاويش، يأسرك الرجل بحنانه العميق على الفقراء. يتقمص ثوب الميسور ويعطي. له سياق للحديث، مع أي كان. بين كل زفرة شكوى وأخرى؛ يأخذك الى لحظات فرح واستبشار. في زياراتي القصيرة المتكررة، الى القاهرة، وهي أوقات مستقطعة اعتزل فيها مناخات العمل الرسمي؛ ليس أمتع من زياد في جلسات المقاهي الرثة في معظمها، وقليلها متوسطة الكياسة. يعلو صوتنا فيظن الآخرون، للوهلة الأولى، أننا نتشاجر. يلتفتون فيشاهدوننا نتضاحك. تصطدم رغبتي الدائمة هناك، في التكتم على طبيعة عملي، برغبته في التعريف بصديقه "السفير" مفاخراً. هو مسكون برغبة التعريف بخلفياته: ملاكم أوليمبي سابق، من أسرة رياضيين وملاكمين، وكادر متقدم من "الشعبية" عايش "الحكيم" عن قرب. في حديث الملاكمة، وجد هذا الفلسطيني اشباعاً نفسياً لروحه المتعطشة لقوة كامنة تُستخدم في موضعها وعند اللزوم. في مقهى "الحرافيش" عند مدخل "فيصل" في منطقة الهرم، هو صديق العازفين الهواة، المتقدمين في السن، الذين يؤدن ألحاناً وأغانٍ قديمة. وفي مقهى بائس بلا اسم يقوم في مساحة التهوية بين أربع عمارات وسط البلد، هو أخ عزيز لـ "أم احمد" الخمسينية حارسة المقهى، التي تبحث معه تفصيلات طموحها لأن تفتتح بسطة لبيع السجائر. فهو يحب أن يكون له في كل عرس قرص، لشُح أعراس الفرح العميق!
قبل نحو ثلاثة أسابيع، هاتفني في ساعة متأخرة، وجاءني صوته بنبرة حزينة: أختك "أم محمد" وابني نور، امتطيا البحر بهدف النجاة من جحيم "اليرموك". انقلب المركب عند جزيرة "كريت" وتم الإنقاذ على يد البحرية اليونانية. أخذوا الناجين الى الحجز. وهنا عاد الى الاغتراف من ثقافة الاحتجاج قبل أن أجيبه متفهماً مرارة نفسه: أين سفيرنا هناك؟ ماذا تفعلون؟. على الفور اتصلت بسفيرنا مروان الطوباسي، ولم يسبق لي أن تعرفت عليه لحداثة عهده بالعمل الديبلوماسي. كان مروان ودوداً وإيجابياً بل سعيداً بالمكالمة، وتابعت معه بعد ذلك، وتم إخلاء سبيل "أم محمد" وإبنها، ومنحتهما السلطات إقامة مؤقتة. لكن الفرج في دنياه، ظل نسبياً وظل قلبه منقسماً الى دوائر مختلفة، تتعاطى كلٌ منها مع خطٍ للشقاء. هي الأسرة الفلسطينية الموزعة والمعذبة متقطعة الأوصال. كأنما أراد، في اللحظة الأخيرة، إطلالة على البحر واستنشاقاً للنسيم، أو استراحة قصيرة من أوقات وخواطر تصطخب في أعماقه. لا أحسبه، وهو يفعل ذلك، قد كفّ عن الكلام. هناك، على شاطئ البحر، توقفت الدردشة وبدأ الترحم، وتدفقت التلاوة. رحم الله زياد وغَفر له وأعز نُزلَه!
قراءة في انتخابات بيرزيت
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
تقريبا كل عام اقوم بقراءة لنتائج انتخابات جامعة بيرزيت، لاني اعتبرها ميزانا لمزاج الرأي العام الوطني، وبالتالي لدلالاتها الشعبية والسياسية. وايضا لمتابعة الكيفية، التي تدار بها الانتخابات، وما مدى مصداقيتها، ومن ثم استخلاص العبر والدروس منها في قراءة مستقبل الحراك السياسي في المدى المنظور.
جاءت نتائج الانتخابات هذا العام، التي جرت الاسبوع الماضي منسجمة مع المزاج الشعبي الوطني العام الداعم للقيادة الشرعية برئاسة محمود عباس وحركة فتح، حيث حصلت حركة الشبيبة الفتحاوية على 23 مقعدا؛ وحصلت كتلة حركة حماس الطلابية على 20 مقعدا، في حين حصلت الجبهة الشعبية على 7 مقاعد والجبهة الديمقراطية على مقعد واحد، في حين لم تحصل القوى الاخرى على أي شيء.
ومن المجموع الكلي "51 مقعدا" لمجلس طلبة الجامعة، حصلت فصائل منظمة التحرير ما مجموعه 31 مقعدا، وهو ما يؤكد ان الشارع الفلسطيني يقف بقوة مع الخيار الوطني العام. وتشير النتائج إلى ان حركة فتح مازالت تملك القوة رقم واحد في الساحة الوطنية، ليس فقط في اوساط "م. ت. ف" بل في اوساط الشعب كله. الأمر الذي يفرض على القوى السياسية على امتداد الساحة الاقرار بمكانتها القيادية، مع ان حركة فتح تعاني من كم كبير من الازمات والارباكات، غير انها تؤكد حتى اللحظة، انها ممسكة بدفة القرار والمزاج الشعبي العام. وهي الاقدر على التعبير عن مصالح المواطنين.
غير ان هذا الفوز المهم لها (فتح) ليس كبيرا، ولا يسمح لها بالتحكم بالقرار السياسي والنقابي والجماهيري كما ترغب، لأن الفارق بين ما حصلت عليه من اصوات عن كتلة حماس الطلابية، فارق بسيط، وهو رقم غير كبير. كما ان عدد المقاعد في مجلس الطلبة لا يسمح لها بقيادة المجلس إلا إن تحالفت مع كتلة الجبهة الشعبية دون غيرها، ولهذا التحالف ثمن كبير، مع ان الفصيلين يحتلان الموقع الاول والثاني في المنظمة مع الفارق الواضح في الحجم بينهما، لأن حدود التباين في المسألة السياسية كبير بين القوتين، رغم الاتفاق على البرنامج السياسي العام.
كما ان الانتخابات أدت فقدان عدد من قوى منظمة التحرير الحضور النقابي وبالتالي الجماهيري في اوساط الحركة الطلابية. الأمر الذي يفرض على تلك القوى من موقع الحرص عليها وعلى تجربتها، إعادة نظر في آليات عملها لتكريس حضورها في الساحة الوطنية.
والخلل الابرز في الانتخابات، الذي يتكرر كل مرة تقريبا، هو غياب التنسيق بين فصائل المنظمة، او بالحد الادنى بين فصائل اليسار الفلسطيني، الذي افقد العديد من القوى الحضور حتى الرمزي في الساحة الطلابية. ولعل هذه من الدروس المهمة، التي تحتاج الى دراسة معمقة من قبل تلك القوى، لاستخلاص الدرس منها في الانتخابات المقبلة. والامر ذاته ينطبق على القوى القومية، التي تحتاج الى استنهاض الذات، من خلال مراجعة مسؤولة لأدائها ودورها ومكانتها في الساحة. لأن تمثيلها يحتاج الى تكريس وجودها في اوساط الحركة الطلابية. لا يكفي القول، انها موجودة هنا او هناك، الفصائل الوطنية كي تكون صاحبة تأثير في القرار السياسي، عليها تثبيت نفسها في اوساط كل القطاعات، وليس مطلوبا ان تكون بحجم فتح او حماس او الشعبية، ولكن على الاقل كالديمقراطية.
نتائج الانتخابات، تؤكد على انها انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، ولا يوجد فيها تزوير. قد يكون فيها استقطاب من خلال الحوافز، لكن النتيجة المنطقية للانتخابات تؤكد انها بعيدة كل البعد عن اي عملية تزوير. وهي انعكاس لمزاج الشارع الوطني. الداعم للقيادة الشرعية. لكنها تفرض على الجميع البحث عن الشراكة السياسية، لأن المجتمع الفلسطيني لا يقبل القسمة على فصيل وحده مهما كانت قوته.
مبروك للقوى الفائزة في الانتخابات وخاصة كنلة الشبيبة الفتحاوية، التي تبوأت المركز الاول مجددا في مجلس الطلبة الاهم في فلسطين. والنجاح الاهم في تمكن فتح من الامساك بدفة القرار في المجلس. هل تتمكن؟ الامر متروك للابداع في نسج التحالف، الذي يسمح لها بذلك.
الأسير و"مرسي".. و"افيخاي" و"عساف"
بقلم: موفق مطر – الحياة
لو قدر لنا الوصول الى الأسرى المضربين عن الطعام في معتقلاتهم، وسألناهم ما شعوركم وأنتم تشاهدون بأم اعينكم كيف يتم حرف قضيتكم عن مسارها والانحراف بها للاشتباك مع قضايا داخلية بمصر الشقيقة؟!
تقتضي المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وكذلك المصالحة الفلسطينية انتماءً وطنيا خالصا لا شائبة فيه، ولا تردد، فاما أن يكون انتماؤنا (ماسيا) بمعنى النقاء والصلابة وجمالية الانعكاس، او (فحميا) لا يصلح لأكثر من الاحراق !!.
لا يختلف فلسطينيان على ان قضية حرية الأسرى ومناصرتهم وطنية بامتياز، لا تمييز بين أسير وآخر، وكذلك الشهداء..لكن أن يرفع منتسبو حماس بمدينة الخليل صور (محمد مرسي) لتحتل الصدارة مكان صور الأسرى في التظاهرة الفلسطينية المؤيدة للأسرى المضربين عن الطعام، فهذا انحراف وطني (الوفاء للأسرى) وإشراك بقضيتهم !!..اذ انشغلت وسائل الاعلام والاتصال والتواصل الاجتماعي (الفيسبوك والتويتر) بصورة (مرسي)..حتى ان احدهم علق متهكما:" أكاد لا أصدق أن جمهور حماس رفع صورة (مرسي) الذي قدم خدمة غير مسبوقة لإسرائيل بتضمينه اتفاق الهدنة بين اسرائيل وحماس عبارة (الأعمال العدائية، محل عبارة (المقاومة)، وخص الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس بخطاب غير مسبوق بعبارات الود والتفخيم.. مكان صورة أسير فلسطيني مضرب عن الطعام لنيل حريته!.
قد يبدو الأمر قابلا للتحمل، ويمكن تجاوزه..لكن ماذا لو انبرى اشقاء مصريون وفسروا ما حدث بأن (حماس) ترى معتقلات دولة الاحتلال (اسرائيل) حيث أسرى الحرية، بنفس العين والمستوى والنظرة التي ترى فيها سجون دولة القانون بمصر حيث يقبع قادة من الاخوان بتهم التخابر مع جهات ودول اجنبية، وانتهاك ومخالفة القوانين، فيعتبرون مرسي أسيراً كأي مناضل فلسطيني، فيستبدلون شارة النصر(v)، إشارة رابعة المثيرة للجدل!.. فهل يسعى متضررون من انهاء الانقسام، وتنفيذ اتفاق القاهرة وإتمام المصالحة لتفجير اعلان غزة؟!..
قبل بضعة ايام لم نستغرب ما رأيناه وسمعناه، خاصة بعد اطلاعنا على كثير من مواد اعلامية حافلة (بالاباحية) الذابحة من الوريد للوريد بقيم وقوانين العلاقة مع الآخر في الوطن في الوئام والخصام على حد سواء..
خطير ومدمر اظهار صورة المتحدث الاعلامي باسم حركة فتح احمد عساف لافا حول عنقه العلم الفلسطيني والكوفية فجأة مع عبارة:" جودي بدمك يا حماس للقدس الأبية..لا يهمك نبح الأنجاس عملاء وصهيونية ".. فهذا دليل على العدائية والكراهية الضاربة عميقا!! علما أن الفيديو يحمل صورا لقادة حماس الكبار الشهداء الذين نحترم سيرتهم الوطنية، فهل كان لقائد كعبد العزيز الرنتيسي او محمد ابو شنب القبول بوصف فلسطيني بالنجس او بالصهيوني؟!.أو مساواة ضابط الاحتلال افيخاي درعي بالمناضل الفلسطيني احمد عساف؟!
على حماس اجراء مراجعة جذرية، فتقرر اما الانتماء لوطن خالد لا يموت، لفلسطين (الأرض والشعب)، او لجماعة زائلة حتما ولو بعد حين.
عن زياد والزجاج الذي لم يتحطم
بقلم: مروان عبد العال - الحياة
واخيرا عاد زياد ابو شاويش، بعد ان ظل شريدا على دروب متعرجة في مدن عديدة جمعتنا وفرقتنا، من طرابلس الغرب الى دمشق ثم بيروت فالقاهرة، زمن الشبيبة ومعسكراتها الصيفية واقلامها الابداعية وحكايات ومزاح ودردشات وضحكات وغضب ولحظات حزينة وسعيدة كلها تبدأ بلا نهاية، كأنها على وعد معنا في ان تصل بنا في زمن أكثر صدقا الى حضن بلدنا وصدر وطننا والى رمال غزة الدافئة وتسقط غربتنا الباردة الى الأبد. عشية الذكرة الـ 66 للنكبة، تأبط أحلامه وعاد بعد صبر وقهر وترك خلفه عشرات النكبات، ذات حوار في شهر آذار عام 2008 عندما فشل في العودة الى غزة او حتى زيارتها، كان يروي لي ما حدث له، في سرد ينفجر غضبا تستطيع ان ترصد توتره في الاحرف النافره، لقد تحطم الزجاج وكسرت العوائق كي تعود، اودعتنا الروح الجميلة أمانة، فوداعا ووفاء استعيد الكلام في النص المتداول بيننا:
"كنت قد عدت من رفح في نهاية تجربة حزينة لم أتمكن فيها من تحقيق الحلم، لكني حظيت برؤية رفح من فوق السور وتنسمت هواء فلسطين وعطرها ورأيت أنوارها ومآذنها ومددت يدي في العتمة أمسك بعض شواردها حيث توحد نبض القلب مع ضجيج المنادي والميكروفونات، لكني مددت النظر بعيداً لتصافح عيناي أكبر مساحة من فلسطين، وزاد في رهبة اللحظة وقدسيتها هذا الهدوء النفسي الذي أحاط جوارحي وانسدال العتمة إلا من بعض ضوء يترامى على مرمى النظر. وقفلت راجعاً بعد أن تركت روحي هناك وأرسلت لكل حبة رمل في ربوع الوطن ألف قبلة ولكل مثوى لشهيد مليون سلام، ولشعبنا وبقايا أسرتي دعوات الخير والسلامة والسؤدد.
كنت أنوي كتابة الرحلة بكل تفاصيلها وسأفعل، غير أن صديقاً ورفيقاً عزيزاً التقيته عبر النت شرحت له بعض أقسام الرحلة، فتأثر بها كأي فلسطيني عاشق، وأهداني مقالته الجميلة وفيها كما سترون وصفاً رائعاً لما كابدت ورأيت، وفيها ألوان مبهجة للواعج نفسي وإحساسي بما مر بي في هذه الرحلة، واستأذنته في نشر ما أرسل فوافق. وها أنذا أضع كلمات العشق لفلسطين بلدنا ومحط آمالنا بين يديكم لتنضم لمعزوفة الحب الدائم لوطن لا زلنا نحلم به، وبحبه سوف نحطم الزجاج والجدران ونفل الحديد. " زياد ابوشاويش.
عزيزي زياد
كأنك تقول، أنا ابنها الذي غادرها منذ سبعة وثلاثين سنة. كان لوقع تحطّم الزجاج الأول في المطار موسيقى خاصة. انفجار يشطرني على مساحة الحزن. أحسست بسقوطه المريع على رخام الردهة الخارجية. كنت أعبر من شفافيته كأني الشخص الوحيد الذي نصبت الأسوارحصرياً له... ولكنّي عبرته.
لا تعرف شلال الشوق وهو يدلف من القلب نحو أطراف الجسد. كنت أسأل إن كانت الحواجز والقيود والأسلاك تقوى جميعها على ضبط أحاسيسي المندلقة أمام شبق شرطة المطار، وكيف تستلقي حقيبتي وتفتح ذراعيها وتلفظ أمعاءها أمام رجال الأمن، لكني تنفست الصّعداء، وعزف نبض قلبي على إيقاع الموعد الآتي.
سألتقي غزة...
نعم.. هي هناك، خلف زجاج انكسر، وصار في جدارها الزجاجي معبراً صنعته معاول الجياع... وفجوة كي أنسل منها.
الفجوة المفتوحة تتنفسني مثل زفير عاشق؛ لِمَ لا أكون شهيقاً يسافر على شراع الحلم؟!!
كنت أحاكيها بالحركات والإشارات.. في الغياب....وقبل أسبوع وقفت على الجدار، وكنت قد وصلت ليلاً إلى تلك الفجوة الطريّة ولكنّها استعادت يباسها القاسي يصدّ من جديد.
رياح ساخنة.. بنادق حاضرة.. متوترة، وارتعاش في الروح، جسدي يبقى خارجها.
أمّا رفح وبعد...
فآذانها وأصوات ناسها وصراخ أطفالها ونداء باعتها وصهيل خيلها يعبر الجدار بلا خطر، يصلني كهمس حبيب يهتف هارباً من وشاح العتمة، شممت رائحتها وتهاليل ناسها ووصلني ضوضاء الفجر المفجوع بضجيج الدماء والشهداء، غادرت المكان كأني الخائب الأبدي يهجرها مرة أخرى، مواسياً نفسي بأني رأيتها، وإن لم أدخلها، وأقول رأيتها بأمّ الروح وليس بأمّ العين.
استجديها بأن تسامحني، هي الغارقة بدم الحروف، ربّما لم تتهيأ لاستقبالي بعد.
عدت كي أحلّ ضيفاً على أحد الرفاق القدامى، في المهندسين بالقاهرة، ولِبَيته نافذة زجاجيّة تعانقها شجرة وارفة...
في الصّباح المتأخر، أي العاشرة، قام عصفوران، من نوع الدّوري بالنقر على الزّجاج بطريقة غريبة وقويّة. بدءًا لم أعرف مصدر الصّوت، ثم اكتشفت أنّ العصفورين يقومان بعمل الضّجيج من خلال النّقر المتواصل والعنيف... وكان منظراً عجيباً، كأنّهما في تظاهرة احتجاجية، رغم أنّهما صغيران استجبت لهما بفتح النافذة، غادرا الشّرفة إلى الشجرة ووقفا، ينظران إليّ... بحثت عن بعض الخبز وقمت بتقطيعه صغيراً، وضعته على كفي ومددت يدي فلم يحضرا... ونثرته على حافّة النافذة وأغلقتها فعادا يحطان وأخذا يأكلان ثم غادرا إلى أغصان الشّجرة...
سينقر زجاج الغربة جسدي، وأنا أنظر من بوابة الوطن إلى فتات من خبز ساخن، وتربة تبحث عني...
متى ننقر حتّى يتحطّم الزجاج؟
أعود إلى الجهة المقابلة. وككل غريب محاصر، التفت للجدار شرقاً، وللأقفاص غرباً..... ودوماً إلى السّماء أرتجي أحلام العصافير مغرداً معها على وتر النّشيد: " من أين أدخل للوطن.... من بابه أم من شرفة الفقراء؟".
*مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، كاتب وفنان تشكيلي وأديب فلسطيني.