النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: المقالات في الصحف المحلية 05/05/2014

  1. #1

    المقالات في الصحف المحلية 05/05/2014

    المقالات في الصحف المحلية


    المقالات في الصحف المحلية

    الاثنين
    5/5/2014







    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] أعيادهم وحصارنا !!
    بقلم: حديث القدس - القدس
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] خيارات المرحلة فلسطينيا..
    بقلم: الأسير ماهر عرار - القدس
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] الوحدة الوطنية الفلسطينية خيار استراتيجي
    بقلم: يزيد صايغ – القدس
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] إفريقيا تزدهر وعلينا ضمان استمرار ذلك
    بقلم: جون كيري - القدس
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] استذكار عرفات في ضجيج المستجدات!!
    بقلم: محمد جلال عناية – القدس
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] مجلس الإسكان ... وأزمة المقترضين!
    بقلم: راسم عبيدات – القدس

    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] "تطبيع"؟ نعم.. ولكن بين "طائفة" و"شعب"!
    بقلم: حسن البطل – الايام
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] هذا ليس إعلانا مدفوع الثمن
    بقلم: طلال عوكل – الايام
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] تجليات الإعلام الطائفي
    بقلم: د. خالد الحروب – الايام
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] "فتح" على عتبة الخمسين
    بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] حكومة الائتلاف الوطني !!!
    بقلم: سميح شبيب – الايام
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] القتل على إيقاع ذكوري
    بقلم: غسان زقطان – الايام

    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] تغريدة الصباح- قراءة الأبراج
    بقلم: حنان باكير – الحياة
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] الصحافة للارتقاء...لا للانتقام ؟!
    بقلم: موفق مطر – الحياة
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] مؤشرات اميركية ايجابية
    بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
    [IMG]file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/IMG] دعاء العفو والمغفرة
    بقلم: عدلي صادق – الحياة












    أعيادهم وحصارنا !!
    بقلم: حديث القدس - القدس
    مرة أخرى وكعادتها تفرض سلطات الاحتلال الاسرائيلي حصارا محكما على الضفة الغربية ابتداء من يوم امس وحتى منتصف ليل الثلاثاء بمناسبة احتفال اسرائيل بذكرى إقامتها وهو ذكرى نكبتنا وان اختلفت التواريخ سنويا بين تقويم ميلادي وآخر عبري الذي تحتفل بموجبه اسرائيل، وهو ما يثير التساؤل: ألا تكتمل احتفالات اسرائيل بأعيادها السنوية إلا بفرض المزيد من المعاناة على الشعب الفلسطيني والإصرار على إشباع شهوة السيطرة على شعب آخر دون وجه حق؟! ومن الذي أعطى سلطة احتلال غير مشروع هذا الحق الذي يطال الحياة الفلسطينية ويمنع الكثير من الفلسطينيين من الوصول الى القدس العربية! التي اعتبرتها سلطات الاحتلال جزءا لا يتجزأ من اسرائيل في إجراء باطل حسب الشرعية الدولية ؟!
    واذا كانت اسرائيل تتخذ مثل هذا الاجراء التعسفي عدة مرات سنويا بتعدد أعيادها مع كل ما يلحقه ذلك من أضرار ومعاناة بالشعب الفلسطيني فان ذلك يعيد الى الأذهان مجددا عقلية الانغلاق والغطرسة في التعامل مع الشعب الفلسطيني الذي يفترض انه الشعب الذي تريد اسرائيل صنع السلام معه وليس الشعب الذي تحاول تصويره على أنه يشكل خطرا على أمنها وعلى احتفالاتها بأعيادها، وهي بذلك انما تتصرف بعكس أمم الأرض قاطبة التي تفتح حدودها، وتشكل أعيادها مناسبة للشعوب الأخرى للتفاعل معها، وهي مسألة ربما يجدر ليس فقط بالسياسيين التوقف عندها بل أيضا خبراء علم النفس للوقوف على هذه العقلية التي يحلو لها الاحتفال وسط كل هذا الانغلاق ووسط تكريس المعاناة على شعب آخر والإصرار على استمرار احتلال أراضيه.
    ان ما يحب ان يقال هنا للاسرائيليين وهم يحتفلون بأعيادهم على هذا النحو ان الأجدر بهم الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبنكبة الشعب الفلسطيني وحقوق لاجئيه والتقدم بموقف شجاع لإنهاء الصراع وإنهاء الاحتلال، وعندها لن تكون لدى اسرائيل كل هذه المخاوف التي تعكس في الحقيقة واقع الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني تاريخيا ولولا ذلك لما شعرت سلطات الاحتلال بهذا القلق الدائم على الأمن لانها تدرك تماما ما يعكسه مأثورنا الشعبي «لايضيع حق وراءه مطالب» وتدرك أنها تصادر حقوقا مشروعة للشعب الفلسطيني، وبدل اللجوء الى خيار السلام العادل والدائم فانها تلجأ الى خيار الاستمرار في التخبط والإمعان في ايذاء الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية بإجراءاتها المتكررة وممارساتها المتشعبة واعتداءات مستوطنيها او في قطاع غزة حيث تفرض حصارا جائرا منذ سنوات طويلة او في التنكر لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم.
    والحقيقة التي تتجاهلها اسرائيل وتحاول تضليل العالم أجمع بشأنها هي ان احتلالها غير المشروع للأراضي الفلسطينية وتنكرها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني انما يشكل السبب الرئيس لغياب الامن والاستقرار في المنطقة وللمخاوف التي تعتمل في نفوس قادتها العسكريين الذين يصدرون أوامر الحصار والاغلاق.
    وفي المحصلة فان الشعب الفلسطيني الصامد المرابط المتمسك بحقوقه الثابتة والمشروعة لن ترهبه مثل هذه الاجراءات ولن تفت من عضده بل إنها تؤكد مصداقية نضاله العادل والمشروع لإنهاء هذا الاحتلال البشع وانتزاع الحرية والاستقلال، وستبقى ذكرى النكبة محفورة في ضمير ووجدان كل فلسطيني وكل أحرار العالم ولن تؤدي اجراءات الحصار والاغلاق وغيره الى طمس ذلك بل إنها في الحقيقة تؤكد ان احتفالات اسرائيل على هذا النحو غير طبيعية وان من الأجدر بكل اسرائيلي ان يسأل نفسه لماذا ؟!

    خيارات المرحلة فلسطينيا..
    بقلم: الأسير ماهر عرار - القدس
    من ناحية فعلية فإن المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية متوقفة منذ تشرين ثاني 2013 بعد مماطلة إسرائيل ورفضها بحث قضايا التفاوض وفي مقدمتها ترسيم الحدود،غير أن بداية نيسان الماضي كانت اعلانا لا لبس فيه بشأن حقيقة فشل وانهيار المحادثات التي يرعاها الوزير الامريكي جون كيري ضمن اتفاق ثلاثي تم التوصل إليه في تموز 2013 بين الفلسطينيين والاسرائيليين والامريكيين،على أن تبدأ المفاوضات بسقف زمني لمدة تسعة أشهر ،انتهت في 29 نيسان الماضي..
    وقد كان الجانب الفلسطيني قد رد على نكوص اسرائيل عن اتفاق اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى في 29 آذار الماضي بالتوقيع على عضوية خمسة عشر من المعاهدات الدولية،مع التزام الجانب الفلسطيني بمهلة التسعة أشهر تأكيدا على مبدأ الفصل بين اتفاق الاسرى واتفاق المفاوضات.
    ومع فشل المبعوث الامريكي مارتن اندك، في احتواء تداعيات رفض اسرائيل اطلاق سراح الاسرى،التي ترتب عليها فشل المفاوضات،تم التوقيع في 24 نيسان على اتفاق المصالحة بين وفد منظمة التحرير ووفد حركة حماس ،وهي خطوة فلسطينية في وقت دقيق وسليم،من شأنها أن تعيد فرض معادلة جديدة في مواجهة التحديات السياسية والاسرائيلية وفشل المفاوضات والحصار.
    وكرد فعل على ذلك أعلنت اسرائيل تعليق المفاوضات مع الجانب الفلسطيني إلى جانب فرض عقوبات اقتصادية،الامر الذي لا يغير من الواقع شيئا،ففي واقع الأمر أن المفاوضات متوقفة أساسا منذ تشرين ثاني 2013.
    ان الأهم في هذه المعادلة هو الاتفاق الفلسطيني الفلسطيني، والسؤال هنا: ما هي خيارات الرئيس عباس في ظل انتهاء مهلة التسعة أشهر وفي ضوء توقيع اتفاق المصالحة؟
    من الجدير القول أن اتفاق المصالحة فرض على القيادة الفلسطينية سيناريو آخر ،ففي حين كانت القيادة تعد العدة للتحرك دوليا في ضوء الإستعصاء في المسار التفاوضي،يأتي اتفاق المصالحة ليعيد التفكير في الرؤية السياسية للمرحلة الحالية لدى القيادة. إن اتفاق المصالحة بما يترتب عليه من مهمات،يفرض نفسه كأولوية على أجندة القيادة،حيث أن الرئيس عباس كما يتضح من مضامين خطابه السياسي ،يسعى إلى تأمين نجاح مهمات حكومة الوحدة الانتقالية التي تتطلب التعقل في اتخاذ القرارات أو بالأحرى التفكير مليا بالنظر لحساسية الظرف الناشئ، وبالتالي من المستبعد أن يلجأ إلى استخدام الأدوات الدولية التي اصبحت أدوات فعل بيد الفلسطينيين بعد الحصول على عضوية الدولة المراقب في 2012.
    معنى ذلك أن المعادلة الراهنة بين السلطة وإسرائيل ستبقى على حالها،أي أن توازن ردود الفعل لن يطرأ عليه أي جديد أو تغير،بمعنى أن اسرائيل ستكتفي بما اعلنت عنه من قرارات ومواقف،والرئيس عباس سيكتفي بما اتخذه من خطوات سواء الإنضمام للمعاهدات الدولية أو الإتجاه نحو التصالح مع حركة حماس.
    لا شك أن الرئيس عباس يتكىء على سياسة حكيمة فهو راض بما حققه وبما وصل إليه بالتوقيع على 15 معاهدة دولية كخطوة لها أبعادها ودلالاتها السياسية،لذلك من الملاحظ أنه يبدي الحرص على عدم الاصطدام مع الامريكيين. في هذا السياق تبدو حركة حماس كأنها تقرأ وتفهم سياسة الرئيس عباس وتحديدا بشروط الرباعية جيدا،لذلك لم نشهد صدور بيان رسمي شاجب أو مستنكر لخطاب الرئيس أمام المركزي،حيث اكتفت بتصريحات أكدت من خلالها على رفضها شروط الرباعية،وهذا تطور في قراءة حماس السياسية الواقعية، يلمح لإدراكها أهمية تفويت الفرص على اسرائيل على الاقل خلال الأشهر الستة الانتقالية..
    ان مرحلة تشكيل الحكومة الانتقالية،تفرض سياسة تعلي الأهمية للشأن الداخلي لعبور بر الأمان خلال فترة ستة أشهر ،من المفترض أن تفرز تجديد الشرعيات وانتخاب رئيس جديد،وهي نتائج ستأتي بقيادة جديدة وبرنامج سياسي جديد يكون في مقدمة اولوياته تفعيل الاستراتيجية الفلسطينية على المسرح الدولي إذا ما استمرت اسرائيل على سياستها ،إلى جانب تفعيل المقاومة الشعبية في حدود 1967 حدود الدولة الفلسطينية.
    الوحدة الوطنية الفلسطينية خيار استراتيجي
    بقلم: يزيد صايغ – القدس
    في الثالث والعشرين من نيسان ، أعلن ممثّلون عن «فتح» و «حماس»، عن محاولة جديدة لإنهاء الانقسام. وبموجب بنود اتفاق المصالحة الذي وقّعتاه في غزة، سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون خمسة أسابيع، على أن تليها انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون ستة أشهر. وستتم إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية واعتماد تدابير تؤدّي إلى تفعيل المصالحة المجتمعية واستعادة الحريات العامة.
    بيد أن سجلّ المحاولات السابقة في بناء وحدة وطنية لا يبدو مشجّعاً، إذ لم تشارك فتح و «حماس» قطّ في إطار مؤسّسي مشترك: لم تنضمّ «حماس» حتى الآن إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي هيمنت عليها فتح منذ عام 1969، ورفضت فتح الانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية التي عرضت «حماس» تشكيلها بعد أن فازت في الانتخابات العامة الفلسطينية في كانون الثاني 2006.
    ولم يُنفَّذ اتفاقا المصالحة اللذان وقعتهما فتح و «حماس» في القاهرة في نيسان 2011 وفي الدوحة في شباط 2012، لأن أياً من الحركتين لم تلتزم بهما، حيث عانتا من غياب الإجماع الداخلي على المضي قُدُماً في تنفيذهما. ولعلّ هذا ما يفسّر ترحيب معظم الفلسطينيين المشوب بالشك باتفاق نيسان 2014.
    بيد أنه إذا ما تجلّدت فتح و «حماس» بالمثابرة، فإن لديهما فرصة للخروج من الطريق المسدود الذي علق به الفلسطينيون لسنوات. فمن شأن جعل الوحدة الوطنية أولوية كبرى وحقيقية أن يساعدهما على استعادة جزء كبير من شرعيتهما المحلية، وإنهاء الانقسام..
    المهمة التي تنتظر الفلسطينيين شاقّة. ستكون التكاليف عالية ومباشرة والمكافآت غير مؤكّدة ومتأخرة. ومع أن العقبات تبدو كبيرة جداً، فإنها ليست عصيّة على الحل. ولعلّ أولها وأكثرها تحدّياً هو العقبات الداخلية. فمن الواضح تماماً أن الاعتبارات القصيرة الأجل كانت دافع الموقّعين على اتفاق 23 نيسان، ومن المحتمل أن يتخلّوا عنه حالما تتغيّر ظروفهم. وسيتعيّن على فتح و «حماس» أن تعملا بجدّ للبقاء على مسارهما الجديد، ويجب أن تكونا على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة في شأن المصالح الأساسية والأجندات الأيديولوجية إذا ما أرادتا تحقيق الأهداف الوطنية.
    يبدو التفكير التكتيكي لدى كلا الجانبين واضحاً. فـ «حماس» وحكومتها في غزة محاصرتان على جميع الجبهات. وقد أغلقت السلطات المدعومة من الجيش في مصر الحدود (والأنفاق من تحتها) تقريباً أمام حركة التجارة والمرور، ما أدّى إلى قطع المصدر الرئيسي للإيرادات العامة والدخل (والسلاح) الذي كانت تعتمد عليه «حماس» للتعويض عن فقدان الدعم الإيراني وتقلّب المساعدة القطرية للموازنة والتنمية المدنية في غزة. وتواجه «حماس» أيضاً تحدّياً متزايداً من الجماعات الجهادية في غزة، غير أنها تخشى من تمرّد علني حتى في داخل صفوفها، إن هي مضت بعيداً في المصالحة مع حركة فتح أو تبنّت المفاوضات مع إسرائيل بصورة رسمية.
    يجب على حماس أن تفكّر بما هو أبعد من المدى القصير. فهي لم تنجح في تخطّي الصعوبات في غزة، إلا عبر إدارة الأزمات بصورة مستمرة، وذلك باستخدام التهديد بالهجمات الصاروخية لتثبيت الشروط العسكرية والاقتصادية لتعايش ضمني مع إسرائيل، والاعتماد على تفاهم هشّ مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بهدف الحفاظ على تدفّق التحويلات المالية من الجهات الأجنبية المانحة. هذه الترتيبات معرّضة لانهيارات دورية، وتسمح لـ «حماس» وحكومتها بمجرّد الاستمرار. فقد ظنّت «حماس» أن الربيع العربي أنهى مأزقها الاستراتيجي بصورة حاسمة عبر إيصال الأحزاب الإسلامية الزميلة إلى السلطة في الكثير من البلدان، خصوصاً مصر، غير أنها ما لبثت أن تلقّت صدمة قوية.
    سترتكب «حماس» خطأً جسيماً آخر إن كانت تعتبر الآن أن اتفاق الوحدة الوطنية الذي وقعته في 23 نيسان مجرّد أداة إنقاذ مؤقّتة إلى أن تغيّر بعض التطورات غير المتوقَّعة ظروفها الاستراتيجية مرة أخرى، فتسمح لها بالتصريح باستمرار صلاحية مقولة «المقاومة - عدم الاعتراف». غير أن هذه شعارات وليست استراتيجية.
    غير أنه لا ينبغي للسلطة الوطنية أن تستخدم المصالحة مع «حماس» فقط كمناورة تكتيكية لمواجهة الضغوط الأميركية لتوقيع اتفاقية إطار جديد مع إسرائيل تقلّص ما هو معروض على الفلسطينيين إلى الحدّ الأدنى منذ البداية الرسمية لمفاوضات «الوضع النهائي» في عام 1999. وبالمثل، يجب أن يكون قرارها بتقديم طلب فلسطيني للانضمام إلى خمس عشرة معاهدة واتفاقية دولية، وهو الطلب الذي وافق عليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 10 نيسان، أكثر من مناورة تكتيكية أخرى إذا أريد له أن يتسم بالصدقية ويكون فعالاً.
    فقد اعتادت الولايات المتحدة وإسرائيل على اعتبار الرئيس عباس أنه ما من خيار لديه سوى القبول بالشروط.
    تهدد الديناميكيات الداخلية على جانبي الانقسام الفلسطيني بجعل الأجندة الوطنية رهينة لتقلّبات السياسة العربية الإقليمية الأوسع في لحظة حرجة. غير أن هناك الكثير من الأمور معرّضة للخطر بالنسبة لفتح أو «حماس» إذا سمحتا لاتفاق الوحدة الوطنية بالفشل. ويجب أن يتحوّل ما بدأتاه لأسباب تكتيكية ومصلحة ذاتية إلى خيار استراتيجي لا يتزعزع. وهذا أمر ضروري إذا أرادت الحركتان والحكومتان المتحالفتان معهما مواجهة العقوبات المالية التي طبقتها إسرائيل، والتي أوقفت بالفعل تحويل مبلغ 100 مليون دولار شهرياً من عائدات الجمارك والضرائب الأخرى المستحقة للسلطة الفلسطينية، والعقوبات التي يهدّد بفرضها حلفاء إسرائيل في الكونغرس الأميركي.
    وتكشف حقيقة أن الاتحاد الأوروبي المنصاع عادة خالف الولايات المتحدة للترحيب باتفاق الوحدة الوطنية الفلسطينية عن المكافآت المحتملة التي يمكن أن يجلبها تبنّي اتجاه جديد في السياسة الفلسطينية. فإضافة إلى تشديده على أنه لم يعد ممكناً اعتبار الولايات المتحدة وسيطاً نزيهاً، يمهّد الاتحاد الأوروبي الطريق لاستئناف تقديم المساعدات المباشرة إلى غزة، على رغم مشاركة «حماس» في حكومة الوحدة التي سيتم تشكيلها. أما الدول العربية التي فقدت الثقة في السياسة الفلسطينية بعد أن رعت محاولات فاشلة عدة للمصالحة – بدءاً من اتفاق مكة في آذار 2007 – فربما أصبحت على قناعة الآن أيضاً بأن زيادة مساعداتها للسلطة الفلسطينية الموحدة وتقديم دعم قوي للديبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة، أمر مبرّر.
    ولكي يحقّق أي من هذه السيناريوات النجاح، يجب أن تجعل حركتا فتح و «حماس» الوحدة الوطنية واقعاً ملموساً بكل وسيلة ممكنة. أولاً، يجب أن تكونا على استعداد لتقديم تنازلات متبادلة ذات مغزى في شأن المناصب الوزارية لتشكيل حكومة موثوقة سياسياً ومهنياً.
    أخيراً، يجب على فتح و «حماس» تشكيل «كتلة تاريخية» يمكنها التفاوض على تحقيق سلام ملزم ودائم مع إسرائيل. وما من شكّ في أن هذا هو الأمر الأصعب بالنسبة إلى «حماس» التي لا تزال تختبئ وراء ورقة عدم الاعتراف بإسرائيل .
    غير أنه يتعيّن على حركة فتح أيضاً أن تثبت استعدادها للمخاطرة بامتيازاتها المكتسبة لتمكين الديبلوماسية الفلسطينية وتحقيق حل الدولتين القابل للعيش، لا سيما من خلال الالتزام بالقيام بمقاومة غير عنيفة ومتواصلة لمواجهة حملة التوسّع الاستيطاني والسيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
    هذا يشكّل فرصة لأي فصيل سياسي يريد تحقيق الأهداف الوطنية ليأخذ مكانه كقوة رائدة في المصير السياسي الفلسطيني، في المستقبل. والواقع أن إنجاز الوحدة، مهما كلّف الأمر، هو السبيل الوحيد لذلك.


    إفريقيا تزدهر وعلينا ضمان استمرار ذلك
    بقلم: جون كيري - القدس
    إن أفضل قصة لم ترو خلال العقد الأخير، ربما تكون قصة أفريقيا، فقد زاد الدخل الحقيقي هناك لأكثر من 30 في المائة ليتناقض مع عقدين من التراجع الاقتصادي، فضلا عن حقيقة أن هناك سبع دول من أصل عشر أسرع الاقتصادات نموا في العالم توجد في أفريقيا، فيما يُتوقع أن يزداد إجمالي الناتج المحلي بنحو 6 في المائة سنويا خلال العقد المقبل. كما انخفضت عدوى فيروس نقص المناعة المكتسب إلى ما يقرب من 40 في المائة داخل دول جنوب الصحراء الكبرى، بينما انخفضت حصيلة الوفيات بين الأطفال بسبب مرض الملاريا إلى 50 في المائة.
    هذه لحظة فرصة حقيقية يجب على الأفارقة اقتناصها، فهي لحظة اتخاذ القرار.
    والخيارات التي يقوم بها الأفارقة والقادة ستحدد ما إذا كان عقد التقدم سيؤدي إلى حقبة من الرفاهية والرخاء الأفريقي، أو ما إذا كانت أفريقيا ستجاوز دوامة العنف والإدارة الضعيفة التي أعاقت فرصة القارة لفترة طويلة للغاية.
    هناك تحديات حقيقية تعيشها القارة السمراء؛ فالنزاعات الدموية المريرة تجتاح جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو، ناهيك عن استفحال الفساد، مما جعل الاتحاد الأفريقي يعلن أن ممارسات الفساد مسؤولة في حقيقة الأمر عن إهدار 148 مليار دولار أميركي سنويا، وأفريقيا بحاجة إلى قادة أقوياء ومؤسسات قوية تدافع عن حقوق الإنسان وتوقف التمييز العنصري، الذي يمارس ضد النساء والأقليات وتزيح القيود المفروضة على حرية التعبير عن الرأي في الوقت ذاته.
    إن الولايات المتحدة ودول القارة السمراء تربطهما روابط اقتصادية وتاريخية قوية، فالحكومة الأميركية استثمرت مليارات الدولارات في قطاع الصحة العامة، وهو ما أحرز تقدما في مكافحة الإيدز والملاريا، فيما تعاونت قوات الأمن الأميركية مع نظيراتها في أفريقيا لمحاربة التطرف، لذلك على الولايات المتحدة القيام بدورها، كصديق لأفريقيا، في مساعدة الأفارقة على بناء مستقبل أفضل.
    إن العديد من الفرص تتجلى بوضوح، حيث يتوجب على القادة الأفارقة وضع خلافاتهم العرقية والدينية جانبا في صالح لم الشمل والدفاع عن حقوق النساء والأقليات، وأن التوجه الجنسي مسألة خاصة، كما يجب عليهم إحراز تقدم اقتصادي من خلال القضاء على الكسب غير المشروع وفتح الأسواق أمام التجارة الحرة.
    كانت الصراعات والأزمات التي أعاقت أفريقيا لفترة طويلة للغاية جلية أمامي يوم الجمعة خلال زيارتي إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، وأتذكر خلال زيارتي إلى جوبا في (كانون الثاني) 2011، عندما صوت المواطنون في جنوب السودان بأغلبية لصالح الاستقلال، فحتى في خلال لحظة الابتهاج، لاحت سحب التهديد بالعنف العرقي في الأفق أكثر من أي وقت مضى. تحول العنف بصورة مأساوية في (كانون الأول) من العام الماضي عندما اندلع القتال بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين التابعين لزعيم المعارضة، واليوم نشاهد أصداء النزاعات الماضية، فآلاف المواطنين قُتلوا، فيما جند الطرفان الأطفال وأصبحت بلديهما على حافة المجاعة.
    لقد حاولت الولايات المتحدة وشركاؤنا في أفريقيا، وهو ما تجلى خلال زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى جنوب أفريقيا دونالد بوث، التوسط لحل النزاع.
    وعندما التقيت شخصيا مع الرئيس سيلفا كير؛ ذكرته بمحادثاتنا بشأن وعد دولته. وطلبت منه تنحية الأحقاد القديمة والتوصل إلى تسوية مع المعارضة قبل أن تغرق بلاده في المزيد من الدماء.
    إن حل المظالم القديمة صعب، لكنها ممكنة. وعلى مدى عقدين من الزمن، كانت منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا تعانى من أزمة نتيجة لاشتباك المسلحين والعصابات على الثروات المعدنية والاختلافات العرقية.
    وخلال الأسابيع الأخيرة، أظهرت القيادة في أنغولا قيادة ملحوظة في العمل مع البلدان الأفريقية الأخرى ومبعوث وزارة الخارجية الخاص لمنطقة البحيرات العظمى، روس فينجولد، لتعزيز إطار للسلام. ولا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، لكن التقدم حقيقي وتمثل الأمل في المنطقة والقارة.
    إن دورنا في أفريقيا يتجاوز حدود تقديم المساعدات الأمنية، فنحن نعمل لتعزيز الرخاء اللازم لمستقبل أفضل، فتحسين الطاقة في أفريقيا يعد أحد جوانب جهود واشنطن في هذا الصدد، حيث تعمل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تم تفعيلها من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، على ضخ مليارات الدولارات لمضاعفة عدد الأشخاص الذين يستخدمون بالكهرباء.
    ونحن ملتزمون بوعدنا تشكيل جيل جديد من القادة في جميع أنحاء أفريقيا. وهذا الصيف سيفد 500 أفريقي إلى الولايات المتحدة للزمالة في واشنطن للقادة الأفارقة الشباب. هذه الزمالة جزء من مبادرة الرئيس أوباما للقادة الأفارقة الشباب، وتوفير التدريب والموارد ومنصات لدعم تطوير المهارات القيادية، وتعزيز روح المبادرة وربط القادة ببعضهم البعض والولايات المتحدة.
    في (آب) سيستضيف الرئيس القمة الأولى بين القادة الأفارقة والأميركيين.
    تستطيع أفريقيا أن تكون منارة للعالم؛ فالتحولات الديمقراطية ممكنة والرخاء يُمكن أن يحل محل الفقر، ويمكن للتعاون أن ينتصر على الصراع.
    غير أن الطريق لذلك يحتاج لعمل شاق وتعاون إقليمي ورؤية واضحة لمستقبل أفضل، فهدف الوصول لقارة مزدهرة وصحية ومستقرة، يمكن أن يتحقق حال اتخاذ الأفارقة وقادتهم القرارات الصحيحة.

    استذكار عرفات في ضجيج المستجدات!!
    بقلم: محمد جلال عناية – القدس
    إننا لا زلنا نتعثر ونحن نتناول قضايانا الفلسطينية، صغرت ام كبرت هذه القضايا، لأنه ما زالت تفصلنا عن الموضوعية والتفكير السليم صحارى شاسعة ومحيطات هادرة.
    وهنا لابد من «وخزة» تعيد إلينا بعض رشدنا. فلقد شغلتنا اسرائيل طويلاً، نعم وارتبكنا، في اين ولد كل من ياسر عرفات، وإدوارد سعيد، ان كان في مصر او فلسطين. ولم يفتح احد منا فاه ليقول لهم: وماذا في هذا؟
    ان ديڤيد بن غوريون، ولد في بلونسك «بولندا». وان مناحيم بيغن، ولد في بريست ليتوفسك «بولندا». وأن اسحق شامير، ولد في روزانا «بولندا». وان غولدا مئير، ولدت في كييف «اوكرانيا» ولم يولد أحد منهم في فلسطين، وتولى كل منهم منصب رئيس الوزراء في اسرائيل.
    ان قيادة الشعب الفلسطيني، والمحافظة على كينونة سياسية فلسطينية هي مهمة في غاية الصعوبة ومحفوفة بالمخاطر، لان الترابط بين القيادة والشعب يتم بطريقة طوعية في ظروف سياسية واجتماعية غير محايدة، سواء داخل الاراضي الفلسطينية او خارجها حيث توجد تجمعات من اللاجئين الفلسطينيين، تخضع في ظروفها المعيشية، وفي حركتها السياسية، لقوى اخرى مهيمنة، عربية او غير عربية، قد تتقاطع رؤيتها او تتصادم مع رؤية القيادة الفلسطينية، ولكنها لا تتطابق معها بشكل تام في اي حال من الاحوال.
    تميز اسلوب الرئيس عرفات في قيادته للحركة الوطنية الفلسطينية في مسيرتها في حقول الالغام المحيطة بها، تميز بالاعتدال والبراغماتية. وكانت حدود هذا الاعتدال هي عدم الدخول في مغامرات غير محسوبة، سواء بالاصطدام بالآخر او بالتماهي والتوحد معه. اما البراغماتية فقد تمثلت بالمرونة في تعديل المواقف والسلوك في مجال العلاقات العربية بما يزيد من النفع ويخفف من الضرر، ومع اسرائيل بما يمليه الخلل الشديد في موازين القوى.
    لعل اصعب الظروف التي مرت بها قيادة عرفات، كانت في منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي، حيث حوصر من قبل اسرائيل ودول الجوار العربية، في المرحلة التي اعقبت ترحيل الفلسطينيين عن لبنان اثر غزوه من قبل اسرائيل عام 1982.
    في تلك المرحلة كانت مصر خارج المواجهة بعد توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل (1979)، لذلك قامت اسرائيل بالاغارة على المواقع الفلسطينية في تونس، لتثبت لهم ان يدها تطولهم في كل مكان في محاولة لردعهم عن القيام بعمليات عسكرية ضدها.
    وفي تلك المرحلة تحركت قوات فتح الانتفاضة بقيادة ابو موسى وبدفع من سوريا للقضاء على مواقع فتح «الام» في لبنان. وقام الاردن من جانبه بإغلاق مكاتب فتح وترحيل خليل الوزير «ابو جهاد» من عمان. لعل هذه الظروف الضاغطة، هي التي دفعت بالرئيس عرفات للولوج في بوابة العمل الدبلوماسي باتجاه اسرائيل بحذر ولكن بخطوات غير محسوبة بدقة، وخاصة في مسألة الاعتراف باسرائيل مقابل اعترافها فقط بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني، واسقاط التأكيد على حق الفلسطينيين في تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية.
    في استخدامها لسلاح الاغتيالات السياسية، فإن اسرائيل تسعى لتحقيق هدف استراتيجي وليس لقتل الفرد كفرد، فقد يكون هذا الهدف للردع وتعديل سلوك الخصم، او الحرب النفسية وتدمير الروح المعنوية.
    على اتساع الطيف السياسي الفلسطيني، فإن اسرائيل لا تستثني احدا من الاغتيال. فمن يمين "فتح" اغتالت كمال عدوان وخليل الوزير، ومن يسارها اغتالت ماجد ابو شرار وصلاح خلف. ومن الجبهة الشعبية اغتالت وديع حداد وابو علي مصطفى، ومن حماس اغتالت احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي.
    وكمثال على ما ذهبنا اليه، ونود التأكيد عليه، سنشير الى عملية اغتيال خليل الوزير (ابو جهاد) التي تمت بفظاظة ووحشية. فظاظة لأنها انتهكت سيادة تونس كدولة، ووحشية بسبب الاسلوب الذي نفذت به، حيث مزقت جسده بسبعين رصاصة. اما الاهداف الاستراتيجية التي توختها اسرائيل من وراء هذه العملية، فهي تعطيل الجهد العسكري ضدها، وردع القيادة الفلسطينية ككل، والهدف الاستراتيجي الاهم من كل ذلك، هو القضاء على احتمال انه يتولى "ابو جهاد" قيادة الشعب الفلسطيني في حالة غياب ياسر عرفات عن الساحة بطريقة او بأخرى.
    المؤلم، وما هو دلالة على تخلفنا، هو طريقة تناولنا، على المستويين الرسمي والشعبي، حادثة اغتيال الرئيس عرفات، احد اهم الشخصيات العالمية التي برزت على سطح الاحداث في النصف الثاني من القرن العشرين، وكأنها قضية أمنية او فيلم بوليسي، وحتى الاستخفاف باستخدامها كسلعة للبيع والشراء على الساحة السياسية الوطنية، دون ان نلتف جميعا حولها لنتعمق في دراسة دوافعها وأبعادها على القضية الفلسطينية برمتها.
    ان ياسر عرفات، الزعيم الوطني الفلسطيني، قدم الى اسرائيل «الاعتراف» الذي لم يجرؤ على تقديمه لها لا قائد عربي ولا زعيم، ادركت اسرائيل ان عرفات لن يذهب الى ابعد من ذلك لأنه يعتقد بأنه دفع اضعاف اضعاف ما اخذ.
    ولا شك ان اسرائيل ادركت كذلك، ان غياب القيادة ذات الشرعية التاريخية سيحرم الفلسطينيين من حزام الامان الذي يشدّ بعضهم الى بعض ويقيهم شر الانقسام.
    اننا اذا اعدنا بناء وحدتنا الوطنية الفلسطينية، وحافظنا على حدود 1967 ومن ضمنها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين بوضع تصور تطبيقي لهذا الحل يشارك فيه اللاجئون الفلسطينيون بمساعدة علماء النفس والاجتماع، على قاعدة علمية، عند ذلك، نكون اخذنا بثأر ياسر عرفات وعندما نحرم اسرائيل مما حرمها اياه ياسر عرفات، وعندما نبني وحدتنا الوطنية من جديد.

    مجلس الإسكان ... وأزمة المقترضين!
    بقلم: راسم عبيدات – القدس
    بداية فان الغرض من هذه المقالة ليس ان نجلد ذاتنا أو نعمل على هدم مؤسساتنا بأيدينا،على مذبح خلافاتنا ومصالحنا الخاصة،فهذه المؤسسات وبالذات مجلس الإسكان الفلسطيني يجب المحافظة على بقائها ووجودها في القدس،فالاسكان واحد من اهم المرتكزات التي تعزز صمود المقدسيين ووجودهم وبقائهم في قدسهم،والمجلس عندما تأسس في عام 1991 كشركه غير ربحيه في القدس،تحددت اهدافه ورسالته في مد يد العون والمساعدة للمقدسيين الحاصلين على رخص بناء،عبر تقديم قروض ميسرة لهم تسدد على فترات طويلة تمتد الى 15 عاماً،على ان تكون الأولوية للفئات المستهدفة من الفئات الفقيرة والمهمشة والتي لا تمتلك بيوتاً للسكن.
    ولكن لكون القروض لا تعطى إلا لمن هو حاصل على رخصة بناء،فهذا يعني بان تلك الفئات على الأغلب لن تكون من ضمن الفئات المستفيدة،وهذا يتطلب تغيير الآليات المعمول بها لتقديم القروض ،وخصوصاً اننا امام وقائع جديدة،فالإحتلال يضيق الخناق على المقدسيين في كل مناحي وشؤون حياتهم،وبالذات في قضية البناء والسكن،لأن ذلك يتعارض مع مشاريعه في التطهير العرقي،وهو لم يعقد ويصعب إجراءات الحصول على رخص البناء فقط،بل أصبح من يريد ان يحصل على رخصة بناء بحاجة الى ما لا يقل عن نصف مليون شيكل على الأقل،فهناك رسوم ما يسمى مشاريع تحسين ملامح المدينة ورسوم شوارع ومواقف سيارات،ويسبق ذلك عملية تنظيم للأرض،وما يترتب على ذلك من أجرة مساحين ومهندسين ومحامين،ومن يستوفي كل هذه الإجراءات والشروط ويحصل على الرخصة،فإنه لن يكون قادراً على توفير او تجنيد الأموال من اجل البناء،وخصوصاً بان الإحتلال وبلديته يمنحان المواطن سنة واحدة للبناء من تاريخ الحصول على الرخصة،وتجدد لعام آخر،وليس كما كان معمولاً به في السابق ثلاث سنوات،وهذا يعني بالملموس ان من لم يقم بالبناء في المدة المحددة تلغي رخصته،ويصبح بحاجة لإجراءات جديدة.
    وانا هنا لست بصدد الشرح والتفصيل عن ازمة المجلس نفسه،بل اود التركيز على أن الإعتصام والمؤتمر الصحفي اللذين قام بهما تجمع مؤسسات سلوان وعدد من المقترضين المرفوع عليهم قضايا امام المحاكم الإسرائيلية،والذي جاء تحت شعار" لا لرفع القضايا على المقترضين امام المحاكم الإسرائيلية"،جاء بعد ان بذلوا وبذلت هيئة العمل الوطني والأهلي جهوداً كبيرة من اجل إيجاد مخرج وحلول لمشكلة هؤلاء المقترضين،حيث جرى التواصل مع رئيس مجلس الإسكان في القدس وعقد اكثر من لقاء مع الأخ أبو العلاء قريع مسؤول دائرة القدس في منظمة التحرير،والتواصل كذلك مع وزير شؤون القدس ومحافظها الأخ عدنان الحسيني،وبعد رسائل ومناشدات عبر الصحف الى سيادة الرئيس ابو مازن ورئيس الوزراء الحالي السيد رامي الحمدالله والسابق الدكتور سلام فياض وغيرهم،وكل ذلك لم يفلح في التقدم خطوة الى الأمام نحو الحل،فالمنظمة والرئاسة والسلطة لم تحرك ساكناً في هذا الإتجاه،وكان المسألة لا تعنيهم،وطرف الإنقسام،مجلس الإسكان في رام الله وشركة الإسكان في القدس،خلافاتهما وتقاتلهما على الشرعية والمسؤولية،جعل منهما عوامل معقدة وليس مسهلة للحلول،حيث لم ينجح أبو العلاء في جمعهما معاً كخطوة اولية نحو توحيد المجلس والتوجه نحو حل مشكلة المقترضين،وهذا فاقم من حدة المشكلة ،وقد يقول قائل كيف أثرت الخلافات والمناكفات بين مجلس إسكان رام الله وشركة إسكان القدس على المقترضين؟فجزء من هؤلاء المقترضين وجدها فرصة للتهرب من الدفع وعدم الإلتزام،حيث ان كل طرف يدعي الشرعية،ويطلب من المقترضين الدفع في البنك الذي يتعامل معه،مجلس رام الله دعا المقترضين الى الدفع في البنك العربي،ومجلس اسكان القدس دعاهم للدفع في بنك الإستثمار اولاً ولاحقاً في بنك "ماركنتيل" الإسرائيلي،وكلا الطرفين وجه الإخطارات التي تحمل في طياتها التحذير والتهديد للمقترضين،وبالتالي جزء من المقترضين نشأت لديه حالة من التخوف وعدم الثقة،وتراجع عن الدفع لأي من الطرفين،ناهيك عن أن خلافهما حال دون وصول الدعم من بعض الصناديق والمؤسسات العربية،والتي اشترطت توحيد الجسمين من اجل تقديم الدعم،ونتيجة لهذا الخلاف حول مبلغ (30) دولارا من احد الصناديق العربية الى البنوك وليس الى مجلس الإسكان.
    وبالنسبة للإعتصام والمؤتمر الصحفي اللذين عقدا في 30/4/2014 امام مجلس الإسكان في القدس،فالمعتصمون والمحتجون لم يأتوا من اجل أن يشرعوا سياسة "الشحدة"والتسول،بل طالبوا بشكل واضح بملاحقة ومتابعة كل من حصل على قرض وادار ظهره ولم يقم بتسديده،في حين رأوا بأن طبيعة الظروف الصعبة التي يعيشها المقدسيون،قد فرضت التزامات كثيرة على المقترضين والقت عليهم مسؤوليات متعددة،وطالبوا المجلس بالعمل على إعادة جدولة الديون لهم،وفق آليات معقولة،وهم لا يريدون التنصل من الديون ،ولكن يشعرون بأن مجال محاسبتهم ومطالبتهم بالدين،هي المحاكم الفلسطينية وليست الإسرائيلية،ويجب أن يكون هناك قرار وطني صادر عن المنظمة والسلطة بعدم التوجه للمحاكم الإسرائيلية فيما يخص الحقوق والديون،يشمل مجموع الأفراد والمؤسسات الفلسطينية العاملة في القدس،ولكن هذا القرار يجب ان لا يكون بمثابة جواز سفر أو"فرمان" لغبن العاملين في تلك المؤسسات،على اعتبار انهم لا يستطيعون تحصيل حقوقهم،وفق القوانين الإسرائيلية المعمول بها في المدينة.
    الحل للمعضلة الكامنة في المجلس المنقسم على نفسه بعد 11/5/2009،حيث أصدر وزير الداخلية الفلسطيني آنذاك قراراً بتجميد عمل الهيئة الإدارية للمجلس،وتشكيل لجنة تحضيرية مؤقتة،بسبب وجود مخالفات قانونية ومالية وإدارية،وإنتفاء الصفة القانونية للهيئتين الإدارية والعامة،وطلب من اللجنة التحضيرية تنسيب هيئة عامة جديدة،صادق عليها وزير الداخلية واعتمدها الرئيس في 9/1/2010،ومن ثم تم انتخاب مجلس إدارة لجمعية المجلس الفلسطيني للإسكان،وأصبح يشرف على أمور المجلس في المحافظات الشمالية والجنوبية بإستثناء القدس لرفض القائمين على شركة الإسكان الإمتثال لقرار معالي وزير الداخلية بتسليم الشركة لمجلس الإدارة الجديد،ولكن هذه الهيئة الإدارية الجديدة قررت محكمة العدل العليا الفلسطينية،بسبب الطعن بشرعيتها من قبل رئيس مجلس إدارة جمعية المجلس الفلسطيني للإسكان،بتاريخ 10/12/2012 إلغاء قرار وزير الداخلية الفلسطيني الصادر بتاريخ 11/5/2009 القاضي بتشكيل لجنة إدارية تحضيرية مؤقتة لجمعية الإسكان الفلسطيني لعدم وجود صفة قانونية للهيئتين العامة والإدارية.
    لا يحق للطرفين التلاعب بمصير المقدسيين،ولا يحق لهما تحويل المجلس الى مملكة وإقطاعية خاصة،فهذا المجلس ملك للشعب الفلسطيني،ويجب العمل على فتح باب التنسيب،وإجراء انتخابات جديدة لكون ذلك مخالف للنظام الأساسي وعقد التأسيس،وحتى يشرع في تلك الإجراءات فإن مشكلة المقترضين من شركة مجلس الإسكان بالقدس،يجب ان يتحمل مسؤولياتها اكثر من جهة وطرف، فالمنظمة والسلطة يجب ان يكون لهما قرار واضح بهذا الشأن،وليس موقف اللا موقف،وكذلك يجب ان يكون الإتحاد- التجمع المقدسي للإسكان والذي تنضوي تحته جمعيات إسكان القدس والذي جاء بطريقة ديمقراطية بالإنتخاب طرفاً في حل هذه المشكلة وكذلك وزير شؤون القدس ومحافظها وهيئة العمل الوطني والأهلي،والخطوط العامة للحل يجب ان تتضمن ملاحقة كل تلك الجهات، لكل من اقترض وأدار ظهره لمجلس الإسكان،ومن حق المجلس وتلك الجهات ملاحقته بكل الطرق الممكنة.
    أما المقترضون الذين سددوا جزءا من قروضهم ولم يستكملوا التسديد،فتدرس كل حالة واحد منهم على حده،وأي حالة يثبت بأن لديها ظروف وعوائق تحول دون قدرتها على تسديد القرض وفق الآليات المتفق عليها مع مجلس الإسكان،تجري لها عملية جدوله للتسديد بآليات جديدة معقولة،أما من يثبت بانه يتهرب من التسديد فعليه أن يسدد ما عليه دون مماطلة وتسويف.
    الجميع يجب أن يتفقوا على انه يجب عدم اللجوء للمحاكم الإسرائيلية،ورفع قضايا على المقترضين،فإذا ما كان هناك قرار وطني يشمل كل المؤسسات الفلسطينية العاملة في القدس،وجرى متابعته بشكل جدي،فلا يستطيع أي مقترض التهرب من السداد.
    تلك المقترحات نرى انها قد تسهم في إيجاد حلول معقولة لمشاكل المقترضين،وتخفف من حالة الإحتقان والغليان بين المقدسيين،والذين يشعرون انهم بين مطرقة الإحتلال وسنديان المؤسسات الفلسطينية التي يفترض ان تحتضنهم وتحميهم وتدافع عنهم.

    "تطبيع"؟ نعم.. ولكن بين "طائفة" و"شعب"!
    بقلم: حسن البطل – الايام
    للشاعر والروائي الكردي السوري سليم بركات مجموعة شعرية ذات عنوان لافت: "كل داخل سيهتف لأجلي وكل خارج"، وحظي بركات بصديقين مميزين: محمود درويش زميله الذي خصّه بقصيدة "ليس للكردي إلاّ الريح" وزميل آخر هو إميل منعم، اللبناني الماروني الكسرواني، المنحاز مثله للفلسطينيين والمناضل مثله في صفوفهم (كان المخرج الفني لمجلة "فلسطين الثورة"، ثم صار المخرج الفني لجريدة "الأخبار" المقرّبة من حزب الله).
    مثله، كان لدي جيران وأصدقاء لبنانيون وموارنة في بيروت الغربية، إبان الحرب الأهلية. كنتُ شاباً، وكان جاري حليم دكاش كهلاً وواحداً منهم، ومعلماً لي في لعبة طاولة الزهر.
    إنه الوحيد الذي "هتف" باسمي وهو تحت تأثير التخدير بعد عملية في القلب أجراها في مستشفى "أوتيل ديو" في حي الأشرفية ببيروت الشرقية.
    لا يوجد ماروني يحمل اسم "حسن" فقالت زوجته للممرضين المذهولين إن "حسن" هو العجوز عبد الله، ولأنه لم يخلف سوى بنات، مثل المريض حليم، يدعونه "أبو حسن"!
    هذه واحدة، والثانية أن صديقي الفلسطيني المسيحي د. عبد الله لاما، عضو الجبهة الشعبية، والمتزوج من جانيت المارونية من دير القمر (معقل كميل شمعون وميليشيا "النمور الأحرار") كانوا ينادونه مرحّبين في "دير القمر" إبّان عزّ الحرب الأهلية "أبو حسن" لأنه عبد الله، ولكن دون أن يدروا أن "حسن" الفلسطيني كان معه في السيارة، خلال زيارته لقرية زوجته، من الفلسطيني الأحمق الذي يزور معقل وعرين الخصم؟
    هاتان توطئتان شخصيتان تشكلان خلفية عمودي بالأمس، عن الترحيب بزيارة البطريرك الماروني للأرض المقدسة، بمعية بابا الكاثوليك فرنسيس.
    هناك لبنانيون احتجوا على "التطبيع" وقراء فلسطينيون احتجوا على ما ورد في العمود، من "تطبيع" آخر لعلاقة فلسطينية ـ مارونية معقّدة وغنيّة جدّاً، حيث اصطدمت "طائفة" لبنانية، أو بالأحرى قيادتها السياسية والعسكرية، مع "شعب" فلسطيني وحلفائه (موارنة، دروز، سُنّة، شيعة.. عرب وأجانب.. إلخ).
    كان للشاعر السوري ـ اللبناني نزار قباني قصيدة عن الخروج الفلسطيني العسكري من لبنان 1982 يقول فيها "الفلسطينيون هم آخر العرب"!
    هل أقول إن المسيحيين العرب، وفي طليعتهم المثقفون والمفكرون الموارنة، كانوا آباء وطليعة الفكرة العروبية القومية والثقافية؟
    خلال الحرب الأهلية اللبنانية (وكان عمادها صدام بين الموارنة والفلسطينيين وحلفائهم) كان هناك لبنانيون قالوا: في لبنان 16 طائفة (صاروا 18 كانت تقودها الطائفة المارونية) وشعب واحد هو الشعب الفلسطيني.
    هل أصارحكم بما كان رأيي خلال مستهل الحرب الأهلية بين "طائفة" لبنانية و"شعب" فلسطيني وحلفائه؟ كان هؤلاء الحلفاء خليطا طائفيا وقوميا وأمميا يذكّر بالتحالف ضد الفاشية الإسبانية برئاسة الدكتاتور فرانكو ودعم من النازيين، وكان حزب فرانكو يدعى "الفالانج ـ الكتائب" ومنه اشتق بيار الجميل اسم حزب الكتائب اللبنانية، كما اشتق انطون سعادة فكرة واسم حزبه من "الحزب الوطني" الألماني أي النازي.
    ما وجه الشبه بين طائفة مارونية وشعب فلسطيني؟ لهما مشارب وخلافات وعلاقات داخلية ديمقراطية. كيف؟ في غمرة صراع الطائفة المارونية (قيادتها السياسية والعسكرية) مع الفلسطينيين، كان هناك فيها "حروب أهلية" مع حلفاء ومنافسين من الميليشيات المسيحية المارونية، كما في "مجزرة الصفرا" ضد حلفائهم "النمور الأحرار ـ كميل شمعون ومصرع نجله داني قائدهم" أو ضد خصومهم موارنة الشمال المؤيدين لسورية من "لواء المردة" بقيادة الرئيس سليمان فرنجية، ومصرع نجله طوني.. وأخيراً، خلاف قائد الجيش، وقتذاك، ميشال عون مع قائد "القوات اللبنانية" د. سمير جعجع (الآن: الأول ضد سورية وحزب الله، والثاني حليفهما).
    يكفي النظر إلى خلافات المرشحين الموارنة لرئاسة الجمهورية للتأكيد على أن هذه "الطائفة" تتصرف مثل "شعب" شأنها شأن "شعب" فلسطيني حارب الجميع وتحارب مع نفسه.. وفي الحالتين دخل معمودية الدم والنار ضد العدو وضد الشقيق.. ثم تفاوض معهما!
    الموارنة، أقوى المسيحيين في لبنان، اتهموا، وهم آباء العروبة الفكرية والثقافية، أنهم "انعزاليون" وهم أهم طائفة عربية مسيحية مع أقباط مصر، والفلسطينيون متهمون بـ "القطرانية" وأيضاً "التطبيع"، رغم أنهم طليعة العروبية السياسية ـ النضالية ودرع الدفاع عن العروبة في وجه إسرائيل، علماً أن ميشال شيحا المفكر اللبناني الماروني كان يرى في لبنان، بعد إقامة إسرائيل، كما لو أنه النموذج التعددي المضاد للنموذج العنصري اليهودي ـ الإسرائيلي.. والآن: فلسطين في مواجهة إسرائيل!
    الآن، موارنة لبنان في طليعة المؤيدين لدولة فلسطينية مستقلة لأسبابهم الخاصة.. ولذلك أهلاً وسهلاً ببطريرك الموارنة، وبتطبيع العلاقة بين "طائفة" و"شعب" يشتركان، رغم صراعهما السابق، في خلافات ديمقراطية.

    هذا ليس إعلانا مدفوع الثمن
    بقلم: طلال عوكل – الايام
    لم يمض كثير وقت على اتفاق غزة، لتنفيذ ما سبق وتم التوقيع عليه من اتفاقيات حملت اسمي القاهرة والدوحة، غير أن ثلاث اتفاقيات أو وثائق تتصل كلها بملف المصالحة ليست كافية لتوفير قناعة لدى الرأي العام الفلسطيني، بأن هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، وان احتفالية غزة، تختلف عن الاحتفاليات التي سبقتها من حيث قابلية التنفيذ.
    كثرة خيبات الأمل، والتصريحات الإيجابية، والتأكيد الذي لا يتوقف من قبل الطرفين على أنهما ملتزمان بالمصالحة، وبأنها خيار استراتيجي، على اعتبار أن إسرائيل هي صاحبة المصلحة في استمرار الانقسام، الكثير من كل ذلك، دون أي تغيير حقيقي على أرض الواقع، ترك لدى الجماهير الفلسطينية حالة من عدم الثقة، والاحباط تصل أحياناً إلى أعمق مستويات اليأس.
    لقد بدا واضحاً، أثناء وجود وفد منظمة التحرير الفلسطينية في غزة، أن الناس غير مهتمين بما يجري من حوارات، وتصريحات، واستقبالات، ومؤتمرات صحافية، أو نتائج، ولا أبدوا اهتماماً بعد ذلك، فيما ظل السؤال حائراً يتردد على ألسنة الجميع: هل فعلاً سيصدقون هذه المرة، وهل فعلاً ستكون هناك مصالحة.
    حتى النخب السياسية، والثقافية والمجتمعية، انقسمت بين متفائل ومتشائم أو متشائل، ولدى كل فئة من الأسئلة، والوقائع، التي تدعم وتبرر استنتاجاتها خصوصاً في ضوء الوقائع الصعبة، التي فرضتها السياسات، والإجراءات الانقسامية خلال سنوات الانقسام السبع.
    الأسئلة مشروعة ومنطقية، ولا ننصح القيادات السياسية بتجاهلها، أو إهمالها، لما لها من تداعيات وتأثيرات، على قادم أيام السياسة الفلسطينية، وصُنّاع القرار فيها سواء في حالة نجاح أو فشل المصالحة إذ من غير الممكن تجاهل الحاضنة الشعبية ومدى تأثيرها على صناعة القرار. الجمهور الفلسطيني ليس قطيعاً، وليس رعاعاً، ولا هو يتصف بالسذاجة، وقد أثبتت سنوات الانقسام ذلك، إذ لم تخطئ الجماهير تحديد البوصلة ودائماً باتجاه الاحتلال، وليس باتجاه الأجندات والتناقضات الداخلية، الأمر الذي وقعت فيه الفصائلية الفلسطينية بدليل وقوع الانقسام، واستمراره رغم وحشية المخططات الإسرائيلية.
    دون تطيُّر، لا بد من ملاحظة أن الدوافع التي تقف وراء اتفاق غزة، مختلفة نوعياً عن تلك التي كانت تقف وراء اتفاقيتي القاهرة والدوحة ما يسمح بالاستنتاج، بأن اتفاق غزة، هو اتفاق الضرورة، وهو اتفاق الممر الوحيد المتاح، كمخرج لطرفي الانقسام كل من أزمته التي لا تزال تتفاقم على نحو متسارع ومأساوي.
    عند مراجعة أسباب ودوافع وقوع الانقسام قبل سبع سنوات، وندعم ذلك بمجريات الأحداث خلال فترة الانقسام الطويلة، سنقف على مشاريع سياسية، واستهدافات متباينة، لكن الأيام، وتطورات الأحداث في الإقليم، والعالم، وضعت هذه المشاريع أمام كتل إسمنتية كبيرة من الصعب تجاوزها.
    سنترك مهمة فحص تلك الأسباب والدوافع والاستهدافات والمراجع للتاريخ، ذلك أن أي طرف لن يعترف بحقيقة الأسباب التي دفعته لسلوكه، بما أن ذلك ينطوي على إدانات صعبة، لكن الخلاصة، هي في أن التجربة تقول، بفشل أي وكل برنامج فصائلي، يتجاهل الكل الوطني، ويتجاهل الوطنية الفلسطينية.
    الظروف، وفشل التجارب الفصائلية الفئوية، هم الذي أرغمت الطرفين على الجلوس إلى طاولة متواضعة في غزة، ولأن يتم الاتفاق خلال ساعات قليلة، لم تكن تكفي في أوقاف سابقة لمناقشة ملف واحد من ملفات المصالحة ولكن، أيضاً، لكي تذكر بمكانة غزة التاريخية إزاء حماية المشروع الوطني والنضال الوطني التحرري الفلسطيني.
    غزة لم تكن يوماً لفصيل واحد، لم تكن لفتح، ولا للشعبية أو الديمقراطية، وهي بخلاف ما يعتقده بعض أشقائنا العرب، لم تكن لحركة حماس، ولا حركة الجهاد الإسلامي، وانها جزء أصيل من الوطن الفلسطيني وهي مطوبة للوطنية الفلسطينية الجامعة، التي تمثلها منظمة التحرير من موقعها، كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
    إذا كان الأمر على هذا النحو، فإن حظوظ نجاح المصالحة هذه المرة، هي أفضل من كل المرات السابقة، وتستحق أن تحتشد الجماهير الفلسطينية والنخب والمؤسسات الوطنية، خلفها من أجل حمايتها، ومراقبتها، وتصحيح مسارها حين يقع أي خلل واعوجاج، وحين تتعرض للمؤامرات والعدوانات الإسرائيلية التي تستهدف إفشالها.
    في هذه المرة، تقف إسرائيل وحدها معزولة من بين دول العالم، لتعلن رفضها القاطع لهذه المصالحة، واستعدادها لعمل كل ما تستطيع من أجل إفشالها، وإبقاء حالة الانقسام، بما أنها أحد أهم العوامل التي تساعد إسرائيل على مواصلة تنفيذ مخططاتها.
    الموقف الإسرائيلي من المصالحة، ينبغي أن يشكل معياراً لمواقف وسلوك الفصائل والأفراد، فلو أن المصالحة كانت لا تعني شيئاً لإسرائيل لما جُنَّ جُنون ساستها وصحافييها ومثقفيها.
    كان من الطبيعي أن يرحب العرب بالمصالحة، وأن ترحب بها الدول التي تناصر الحق والحقوق الفلسطينية، ولكن اللافت أن تحظى المصالحة بتأييد وترحيب الاتحاد الأوروبي، وأن تغييراً في الموقف الأميركي من المصالحة مختلف عن الموقف الإسرائيلي.
    يمكن تصنيف الموقف الأميركي على أنه متحفظ لا يرفض ولا يقبل، وأنه يترك مسألة القبول أو الرفض إلى وقت لاحق للحكم على السلوك والممارسة وليس الأقوال.
    لا نرغب في المرور على الاختبارات ولو أنها قليلة، ولكنها مهمة، التي مرت بها أجواء المصالحة منذ توقيع اتفاق غزة، وتؤكد إيجابية التوجه نحو التنفيذ والالتزام بما تم الاتفاق عليه، ولكننا نقول إن المصالحة هي عملية طويلة تحتاج إلى وقت لا يكون أقل من الوقت الذي استغرقته عملية الانقسام حتى نستعيد الوحدة وإعادة بناء وترتيب البيت الفلسطيني، فضلاً عن أن النجاح له ثمن، من الضروري الاستعداد لدفعه، بما أنها واحدة من معارك مجابهة الاحتلال ومخططاته.

    تجليات الإعلام الطائفي
    بقلم: د. خالد الحروب – الايام
    لا يمكن إطلاق أي وصف عام وتعميمي يسم الإعلام الديني كله بالتطرف والطائفية، ووجب ترسيم هذا المدخل الأساسي لهذه المقاربة منذ البداية. فالتركيز في الأسطر الآتية يختص بالجانب المتطرف والطائفي من ذلك الاعلام تحديدا.
    الإعلام الديني المتطرف، والمتلفز منه على وجه الخصوص، هو ظاهرة عالمية ينظر إليها في سياق عولمة الاتصالات في العقود الأخيرة.
    أما العواقب الناجمة عن هذا الإعلام فهي متنوعة وتعتمد على السياق السياسي والاجتماعي الخاص والأجندة التحريرية لكل حالة إعلامية وعلى منسوب التوتر لدى اللاعبين الرئيسيين في السياق المعني.
    وعمليا كان الإعلام الديني في الغرب وتحديدا في الولايات المتحدة الأميركية هو أول من ابتدع استخدام شاشات التلفزة لنشر الدعوات الدينية على مستوى جماهيري.
    وبينما تتشارك وسائل الإعلام الدينية بعض الملامح والصفات المشتركة بصرف النظر عن موقعها الجغرافي أو ما تروج له من دين، فإن بعضها يشكل حالات خاصة منفردة، سنركز هنا على الإعلام الديني في الشرق الأوسط وخاصة السني والشيعي منه.
    الملمح المشترك لوسائل الإعلام الدينية، وخاصة المتشددة منها، يتمثل في إحياء المعارك العقدية الدينية النائمة وبثها في الوجدان الشعبي.
    ففي الشرق الأوسط وفي سياق التنافس الإقليمي الجاري والذي يأخذ أبعادا طائفية، تقوم وسائل الإعلام في المعسكرين على بث وترويج مساجلات إزاء نزاعات وخلافات دينية عقدية كانت تتسم على الدوام بالنخبوية وبكونها محصورة في فئة رجال الدين والمتكلمين، وهي معارك كانت بعيدة عن اهتمام الناس العاديين، وانقضت وعفى عليها الزمن .
    وكما هو شأن هذه الامور في كل الاديان بلا استثناء ثمة اختلافات عميقة بين المدارس العقدية والمذاهب المختلفة في الإسلام ولكنها ظلت مقصورة على الدوائر المتخصصة من فقهاء وعلماء بالدين.
    وعلى ذات المنوال، تعود الخلافات بين الشيعة والسنة إلى القرن الأول الهجري، لكن بمرور الزمن تشابكت خيوط الاختلاف في تأويل النص المقدس مع خيوط الصراع السياسي لتتحول المواقف السياسية المتعارضة على مر القرون الى ارثوذكسيات دينية ومعتقدات متشددة.
    وعبر التاريخ الإسلامي، كان التحول الجماعي الى المذهب الشيعي او السني غالبا ما يجري قسرا أو قريبا من القسر على يد الملوك والحكام بعد تبني السلطة مذهبا معينا وليس لقناعة المتحولين الى هذا المذهب او ذاك. وإذ لم يكن للمحكومين من حيلة سوى الانصياع للسلطة فقد كانوا غالبا ما يتبعون حكامهم المنتصرين دون شعور بتبكيت الضمير.
    أما امر الاشتغال بالاختلافات والتبريرات الدينية الجوهرية، والتسويغ الديني لما هو جوهريا سياسي، فقد ظل عملا مقصورا في الغالب على العلماء والفقهاء خاصة من تحالف منهم مع الحكام.
    في المقابل، وعلى مستوى الناس العاديين حيث توجد جماعات مختلطة من السنة والشيعة سادت درجات مختلفة من التعايش وتجلت عبر التعايش الاجتماعي المكثف في كل المجالات وعلى رأسها الزيجات المختلطة.
    وظل هذا الأمر ساريا ليصبح شكلا عاما للعلاقات الاجتماعية داخل الجماعات المختلطة (في العراق، وبلدان الخليج، ولبنان) وإلى عقود قريبة وتحديدا حتى سبعينيات القرن الماضي.
    لكن تحولا مفاجئا حصل في الوقت الراهن بظهور الإعلام العابر للحدود واستخدامه سلاحا في ساحة الخصومات الإقليمية، ابتدأ بالحركية الاسلاموية الشيعية وتبعته الحركية الاسلاموية السنية (السلفية تحديدا).
    فمع بروز وانتصار الثورة الاسلامية في ايران، لم يتردد آية الله الخميني في تبني سياستين اخافتا دول الجوار العربي وخاصة الخليجية إلى درجة كبيرة: الاولى هي إعلانه بأنه يتحدث باسم كل المسلمين (شيعتهم وسنتهم)، والثانية إعلانه سياسة تصدير الثورة الاسلامية – وضمنا إلى دول الجوار كمرحلة اولى.
    تمثلت ردة الفعل الخليجية وتحديدا السعودية في السعي الفوري إلى إحباط هذا الزعم باستثارة خطاب ديني سني مناهض للأيديولوجيا الشيعية التي كان لها وهج ثوري جذاب حتى في اوساط المجتمعات السنية المحبطة من قياداتها، والتي كانت تتوق إلى اي طرف يقف في وجه اسرائيل (كما فعلت ايران الخمينية بإغلاق السفارة الاسرائيلية، ثم تبني خطاب معادٍ لإسرائيل).
    وهكذا صار الناس يكتشفون وعبر القنوات الدينية التي تضخ مواد ضحلة وتحريضية ضد الشيعة أو السنة، بحسب القناة، بأن كثيرا من جيرانهم هم في الواقع من "الطائفة الأخرى" التي يُشك في اسلامها.
    فالشيعة في نظر صناع الخطاب السلفي المتعصب اسلامهم غير مكتمل، والسنة في نظر صناع الخطاب الشيعي المتعصب اسلامهم غير مكتمل ايضا.
    الاولون انحرفوا عن الدين وزورا القرآن، والآخرون اغتصبوا تركة النبي وبطشوا بأقرب المقربين له وبابنته.
    وفي ضوء حروب اعلامية وخطابية طاحنة تعلي من شأن الذات الجمعية من ناحية وتعتبرها صاحبة "الحق" المطلق، وتدعو الى استئصال الطرف الآخر باعتباره (اي الطائفة كلها) ضالة ومضلة، اعيد انتاج الصراعات السياسية الراهنة من مناظير طائفية تاريخية.
    وانتعشت المظلوميات التاريخية والادعاءات التي لا يمكن إثباتها على شاشات التلفزة وفي الخطاب السياسي، وتحول الجهد إلى كيفية ربط ما يحدث يوميا بالسرديات التاريخية الكبرى، بحثا عن تسويغ الفعل السياسي وعن الشعبية والشعبوية.
    ولعل من الأمثلة الصارخة الحديثة على التصريحات السياسية ذات الصبغة الطائفية الواضحة ذاك الذي صدر مؤخرا عن رئيس الوزراء العراقي نور الدين المالكي، في معرض ربطه لـ "معاركه" بالتاريخ الشيعي والكربلائي. فقد وصف المالكي خلال زيارته لمدينة كربلاء في 25 كانون الأول 2013 القتال الجاري بين الجيش العراقي والمجموعات السنية المسلحة على انه استمرار للمواجهة القديمة في القرن السابع الميلادي بين الحسين ويزيد.
    كما وصف كربلاء بكونها "قبلة" كل المسلمين، على ما في هذا التعبير من استفزاز شديد لكل السنة الذين يرون أن مكة وحدها هي قبلة المسلمين، وان مناكفة ومزاحمة المالكي باستخدام ذلك الوصف لكبرياء لا يُؤكد سوى رغبة ايران في ان تصبح زعيمة العالم الاسلامي برمته.
    أسهم الاعلام الديني وما زال في تآكل الارضية الاجتماعية المشتركة في اضعاف فكرة المواطنة وهي فكرة هشة اصلا ولم تمتلك فرصة كافية ابدا لتضرب بجذورها عميقا في اي من دول المنطقة بعد انتهاء الحقبة الكولونيالية.
    وحلت الولاءات الدينية والطائفية محل الانتماءات الوطنية وفكرة المواطنة، في ظل ضعف الدولة او قمعها وعدم شعور الافراد بالانتماء لها، بل ساد الاحساس بالخوف والرعب منها، وبذلك انتعشت تلك الولاءات وصارت تبحث عن مرجعيات وسلطات خارج نطاق اوطانها.
    ووفر الاعلام العابر للحدود، وخاصة الديني منه، منابر وقنوات للتواصل مع تلك المرجعيات خارج الحدود الوطنية.
    ولهذا فإن الشرائح الانتخابية الشيعية او السنية في اي بلد قد تشعر بارتباط أوثق مع الشرائح المشابهة لها في خارج أوطانها.
    فالعديد من ابناء المنطقة الشرقية في السعودية مثلا ربما يشعرون بارتباط اكبر مع الشيعة في ايران او حتى مع الدولة الايرانية نفسها اكثر مما يشعرون به من ارتباط مع ابناء بلدهم من السنة السعوديين او الدولة السعودية نفسها.
    في المقابل، ومنذ حرب العام 2003 في العراق وما تمخض عنها من هيمنة شيعية على السلطة هناك، ربما تشعر شرائح سنية عريضة من العراقيين بتهميش الدولة لهم وربما من الاغلبية الشيعية العراقية كذلك. وفي هذا السياق، فإن التغطية الاعلامية لمظالم السنة ومظاهر تهميشهم في العراق تخلق لديهم روابط وتوقعات عابرة للحدود وتدفعهم للتطلع نحو مساعدة وتأييد "الاشقاء السنة" في البلدان الاخرى. إن اتساع نطاق التغطية والتأثير للاعلام العابر للحدود يلعب دورا سلبيا في تفكيك الفضاء الوطني واستبداله بفضاء ديني رمادي واهٍ عابر للحدود الوطنية ويجمع بين الجماعات التي تنتمي الى نفس الطائفة ولكنها تستقر في بلدان مختلفة داخل المنطقة، وهذا يعمق من التجزئة ويعقد من تداخل الولاءات الدينية والسياسية عبر الحدود، ويوفر أرضية خصبة لانفجارات مستقبلية.


    "فتح" على عتبة الخمسين
    بقلم: د. عاطف أبو سيف – الايام
    مع نهاية العام الجاري تكون حركة فتح قد بلغت عامها الخمسين، عقود قادت خلالها الحركة الوطنية الفلسطينية منذ بيان العاصفة الأول، ونجحت خلالها في أن تكون الحركة الأكثر تعبيراً عن تطلعات الشعب الفلسطيني والأكثر مقدرة على تقديم إجابات لنكبته وتبعاتها.
    وهو سبق لم تأخذه فتح بالأقدمية ولا بالبلاغة، بل بقدرتها المذهلة على تقديم أطروحات ثورية وتحررية بسيطة وبلا تعقيدات تستجيب لكُنْه الصراع الذي هُجّر خلاله الفلسطيني من موطنه.
    بذلك نجحت فتح في أن تكون حركة الفلسطينيين المعبرة عنهم والمتحدثة باسمهم.
    حتى حين خسرت الانتخابات التشريعية الثانية العام 2006 وبعد ذلك بعام خسرت موقعها في السلطة بغزة بالقوة والعنف، إلا أنها ظلت حركة الجماهير التي خرجت في كانون الثاني (يناير) 2013 على بكرة أبيها في ذكرى انطلاقة الحركة الثامنة والأربعين في ساحة السرايا بغزة.
    لكن هذا العام الخمسين لفتح يحمل في طياته جملة من التحديات الكبرى أمام الحركة التي ما زالت طريق الأهداف والتطلعات مليئة بغير المنجز وحافلة بالتهديدات والمخاوف.
    إن نصف قرن من عمر فتح يشكل دافعاً قوياً للحركة لأن تعيد النظر في المستقبل حتى تكون أكثر مقدرة على تحقيقه، وحتى يكون المستقبل أجمل وتكون الغايات سهلة المنال.
    إن التاريخ على أهميته لا يساعد وحده في ضمان بطاقة صعود على طائرة المستقبل، وإن الإنجازات والنجاحات بقدر ما تشكل حافزاً للمزيد منها، إلا أنها تتطلب جهداً أكبر من أجل الحفاظ عليها وتحقيق الذي لم ينجز منها.
    فتح مطالبة أكثر من أي وقت مضى بأن تعيد ترتيب صفوفها وأولوياتها وتركيز جهودها نحو إعادة بناء نفسها وتصويب ما أعوج وما تشوه في بنائها، فالتنظيم القوي المتماسك وحده القادر على قيادة الجماهير وعلى ترجمة تطلعات هذه الجماهير في برامج وخطط.
    وعليه فإن بناء التنظيم وتماسكه وتمتينه وضبطه هو مهمة فتح الكبرى، لأن فتح بلا فتح لا يمكن لها أن تقود الشعب وتكون حقاً حركة الجماهير كما يطيب لفتح أن تطلق على نفسها.
    والتنظيم الذي عانى خلال عشرين عاماً ونيف من عمر السلطة الوطنية ومن خروجه من العمل السري إلى الممارسة العملية أصابه ما أصابه من اعتلال وقصور وترهل ومزاوجة بين السلطة والعمل الحركي، ووقع أيضاً رغم ذلك تحت وطأة تحديات جسام استجاب لبعضها وظل قاصراً عن تقديم إجابات عن البعض الآخر، وهو قصور دفعت فتح فاتورته الباهظة في الانتخابات البلدية عامي 2004 و 2005 وبعد ذلك في الانتخابات التشريعية العام 2006 والخسارة الفادحة في غزة في حزيران 2007.
    لقد تميزت فتح دون كل التنظيمات الفلسطينية بأن رديف اسمها يأتي اسم إطارها "التنظيم"، وهي دلالة على أهمية البناء التنظيمي ودوره الجماهيري في تأدية رسالة الحركة، وإن الالتفات للتنظيم من خلاياه الأولى مروراً بالأجنحة والشعب والمناطق والأقاليم والأطر والهيئات والتنظيمات المختلفة مهمة فتح الأساس وهي تجتاز عتبة النصف قرن.
    بالطبع هذا مقرون ببناء الحركة بشكل أساسي لاسيما مع اقتراب استحقاق عقد المؤتمر العام السابع للحركة بعد خمس سنوات من عقد المؤتمر السادس في مدينة بيت لحم العام 2009.
    إن عقد المؤتمر في موعده هو تأكيد على رغبة فتح في استمرار عملية التجديد والبناء والتي تشكل ضمن أشياء أخرى مراجعة شاملة لمسيرة الحركة ولخططها بجانب تقديم حلول خلاقة وابداعية على صعيد النظام الداخلي حتى يستجيب للتحولات الكبرى التي طرأت خاصة في حجم الهيئات التنظيمية وتمثيليتها وجغرافيتها، وعلى صعيد علاقة فتح بالسلطة أو بالدولة ووضع ضوابط ومعايير لذلك تحافظ على فتح كحركة لها مهام أخرى غير بناء السلطة والحفاظ عليها بوصفها منجزاً وطنياً كبيراً، وعلى صعيد البرامج الخدماتية والجماهيرية التي تحاول من خلالها الحركة إعادة ترميم علاقتها بالجماهير، وعلى صعيد علاقة الحركة بجماهير شعبنا في الشتات حتى تستقيم مقولة إن الحركة حركة الجميع.
    وإلى جانب كل ذلك ثمة حاجة لضخ دماء جديدة وأفكار جديدة ورؤى جديدة تستطيع العبور بفتح إلى المرحلة الجديدة بكل تحدياتها وصعوباتها واستغلال كل فرصها بطريقة سليمة.
    لقد اختتمت فتح عشرين عاماً من بناء السلطة وهي لحظة تاريخية بحاجة لإعادة تفكير ومراجعة.
    ففي تموز القادم يكون قد مر عشرون عاماً على عودة الرئيس ياسر عرفات إلى غزة وبداية مرحلة جديدة في قيادة الحركة الوطنية.
    لقد سخرت فتح نفسها لبناء السلطة وكانت في بداية المشوار وحيدة حتى في الأجسام التمثيلية لهذه السلطة التي حاول خصوم فتح ومعارضوها نزع الشرعية عنها من خلال مقاطعتها ليعودوا بعد ذلك بأعوام لمنافسة فتح على التمثيل في هذه الهيئات التابعة للسلطة (المجلس التشريعي).
    وفتح التي رأت في السلطة نواة الدولة ونجحت في الزحف تدريجياً بها للاقتراب من دولة وحصلت لها على شهادات الميلاد الدولية اللازمة لذلك، مطالبة بمراجعة هذه المسيرة الطويلة للتعلم من أخطاء الماضي والبناء على النجاحات الموجودة.
    إن المحقق أن فتح دفعت فاتورة غالية جراء تكريس كل طاقاتها وراء السلطة وكانت علامته هي حالة الدمج والتماهي بين السلطة والحركة، لتدفع الأخيرة فاتورة أخطاء الأولى.
    وإذا ما كانت حقاً المصالحة ستتم وستجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية والوطنية كما يقولون، فإن فتح ستجد نفسها أمام مهام وتحديات جسام، فمن جهة عليها إعادة بناء نفسها وعقد مؤتمرها بما يحمله من تحديات وربما بعض الخاسرين والحاردين، ومن جهة أخرى عليها الالتفات لهذه الانتخابات وتجهيز نفسها من أجل خوضها بقوة واستعادة ما خسرته من مواقع في المجلس التشريعي في الانتخابات السابقة.
    والتعلم من أخطاء الانتخابات الماضية بحاجة لأكثر من مجرد الإقرار بالأخطاء بل بناء استراتيجيات ومقاربات جديدة تحمل تصورات قادرة على الاستجابة لتحديات المرحلة.
    إن فتح على عتبة النصف قرن بحاجة إلى أن تعود لنفسها أولاً ومن ثم تطور علاقتها مع الجماهير في الوطن والشتات حتى تحافظ على حضورها كحركة التحرر الوطني الفلسطيني بامتياز.

    حكومة الائتلاف الوطني !!!
    بقلم: سميح شبيب – الايام
    بدأت، عملياً، جهود تشكيل حكومة الائتلاف الوطني الفلسطيني، تطبيقاً لإعلان إنهاء حالة الانقسام.
    بدأت تلك الجهود، برسم ملامح تلك الحكومة، وبلورة دورها وأبعادها، وفقاً لما نص عليه اتفاق الدوحة. نص اتفاق الدوحة، على أن يقوم الرئيس محمود عباس بتشكيل تلك الحكومة، وبتوافق مع حركة حماس، بمعنى أن تحظى بموافقتين من فتح وحماس، وأن تكون من الكفاءات والمستقلين، وأن يكون دورها الأساسي، تسيير الأعمال، والإعداد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني.
    يقوم الرئيس محمود عباس بتشكيلها، بالتوافق، ويترأسها إلى حين إجراء الانتخابات، وبعدها تشكل حكومة وفقاً لنتائج الانتخابات وما تقرره صناديق الاقتراع، خلال فترة تشكيل تلك الحكومة، يقوم الرئيس بإدارة دفة الحكم والسياسة.
    ستكون هذه الحكومة، التوافقية، أولى ثمرات إعلان إنهاء الانقسام، وبداية حقيقية لمسار صعب وطويل يؤدي إلى انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني.
    ومن المسلّم به، أن ما سينتج عن عملية الانتخابات، سيشكل صورة جديدة للمستقبل، خاصة فيما يتعلق بمستقبل م.ت.ف، بنائها ودورها.
    تشكيل حكومة الائتلاف الوطني، والإعلان عنها، سيكون بمثابة نجاح تطبيق إعلان اتفاق إنهاء الانقسام، وسيشكل القاعدة الأساسية، لانطلاق جهود مشتركة من أجل خوض المعركة السياسية بأبعادها كافة، وخوض المعركة الداخلية الفلسطينية، بأبعادها كافة أيضاً.
    نشأت السلطة الوطنية الفلسطينية، عبر مخاض سياسي طويل وصعب، خاضته م.ت.ف وفصائلها كافة، وكانت نظرياً ذراعا من أذرع م.ت.ف، لكنها من الناحية العملية، بدأت تشكل بديلاً عن المنظمة.
    منذ نشأة السلطة وحتى يومنا هذا، جرت مياه كثيرة في النهر، وتبدّلت أحوال، ونشأت ظروف ومستجدات، لا يمكن إغفالها، أو القفز عنها.
    هنالك ملفات أساسية وعميقة، تطال بنية م.ت.ف، كما تطال بنية السلطة الوطنية الفلسطينية، قوى أساسية، كحركة حماس والجهاد الإسلامي، وهيئات أهلية ومستقلة، تقف خارج اطار م.ت.ف، ولا بد من المشاركة السياسية.
    إلى جانب ذلك، هنالك قوى وفصائل، تتبوأ مقاعد المنظمة وهيئاتها القيادية، دون أن تتمتع بقاعدة شعبية تؤهلها إلى ذلك، وسيكون الحكم في نهاية الأمر صندوق الاقتراع.


    القتل على إيقاع ذكوري
    بقلم: غسان زقطان – الايام
    ليس مهما ما سيقوله قاتل طليقته في محكمة بيرزيت صباح أمس، أسبابه التي سيسردها على المحققين والقضاة، والتي سيوردها محاميه في مرافعته، هذا إذا سمح القانون بإجراءات تصل إلى حد مرافعة من "المحامي"، كل هذه الأسباب وملاحقها لا تعني شيئا.
    هي شهادة ملفقة وسرد ملفق تماما تم إعداده مثل فتوى اجتماعية أو محفوظة يحفظها القتلة من هذا النوع ويبدؤون بسردها لأول شرطي يصادفهم بعد ارتكاب الجريمة، بينما أجساد القتيلات ما زالت دافئة، وبينما صدى أصواتهن ما زال يرن في بيت العائلة والمطبخ ويصطدم بالملابس التي غسلنها صباحا وما زالت معلقة على حبل الغسيل، يكون القاتل قد أنهى تقديم أسبابه الذكورية بثقة من قام بما تمليه عليه "رجولته"، لشخص يحمل نفس الثقافة ويحفظ نفس الإيقاع الذكوري تحت زيه الرسمي، سلسلة الذكور التي تبدأ، غالبا، من القاتل وتتدرج في صعودها من الشرطي إلى المحقق إلى السجان إلى زملاء السجن إلى القاضي، تواصل إصغاءها إلى الأسباب التي يتداولها هؤلاء القتلة، والتي يحفظونها جيدا بينما تتوارى بعد كل سلّمة أجساد القتيلات، وتبقى تلك العلامات التي يزرعها القاتل على أدراج المحكمة وسلالمها أثناء خروجه، بعد أن يتم غسله من جريمته، بوساطة القانون، فيما بعد ستتم استعادته كمواطن سيدخل في سجلات الإحصاء السكاني والبطالة والعمل والسجل الانتخابي.
    ليس ثمة مبالغة في الوصف، يمكن الحصول على أشخاص بهذه المواصفات على مقاهي القرى، وفي مواقف الباصات وأسواق الخضار، ويمكن تتبعهم ومعاينتهم وتتبع ملاذاتهم التي التجؤوا إليها بعد انتهاء الإجراءات، ويمكن، أيضا، متابعة تقبلهم في النسيج الاجتماعي وحصولهم على ضحايا جديدات!، قتيلات مؤجلات أو في أفضل الأحوال معتقلات بمباركة اجتماعية.
    نستطيع أن نتذكر، جميعا، قائمة القتيلات خلال هذا العام، يمكن توزيعها جغرافيا، من السموع إلى رام الله إلى بيرزيت مرورا بالقدس، يمكن بناء مقارنات لدى المهتمين، وإضافة الزوج الذي قتل زوجته في سوق الخضار في بيت لحم العام الماضي، أو الطالبة الناجحة التي تم إلقاء جثتها في بئر مهجور في منطقة الخليل، أو تذكر العريس الغاضب في رام الله إلى آخر هذه الجرائم التي لم تتمكن من زحزحة "القانون" عن موقعه.
    القانون هو الدافع الرئيس الذي منح القتلة تلك الثقة الصادمة، هشاشة القانون وارتباك المشرع غير المفهوم أمام موضوعة قتل النساء، فضعف المشرع والقانون هو الذي يواصل إضاءة الإشارة الخضراء للقاتل.
    التغيير يبدأ من هناك وليس من أي مكان آخر، وهي الآن مسؤولية الجهة المخولة بوضع القوانين الأساسية إلى حين توفر نية لاجتماع المجلس التشريعي، ببساطة لقد فشل المشرع بوضع حاجز قانوني أمام هذه المجزرة، وتسبب فشله في سقوط ضحايا جدد كان يمكن منحهم/ن بعض الحماية لو توفر نص قانوني يتضمن العقوبة القصوى، وهي فرصة لاستعادة الثقة بالجهاز القضائي الذي تتآكل الثقة به كل يوم ومع كل جريمة.
    على الرئاسة أن تتولى الأمر بعد فشل المشرع، وهي قادرة على ذلك ومهيأة له.
    يبقى السؤال الذي لا يمكن تفاديه حول دور رجال الدين والفتاوى التي شملت كل شيء بما فيها "أقراص الستربسل" الخاصة بمعالجة آلام الحلق، دون أن يتذكر أحدهم، لا أن يجتهد، بشاعة قتل النفس!!
    المناهج والأساليب التعليمية المتخلفة والقانون الذي يمنح امتيازات لقتلة النساء، عقبتان تشكلان ائتلافاً مدمراً لتنمية الإنسان في بلادنا وقد آن أوان تجاوزهما.

    تغريدة الصباح- قراءة الأبراج
    بقلم: حنان باكير – الحياة
    ليس مصادفة أو عبثا، أني عكاوية وأني متشائلة أيضا، على حد تعبير إميل حبيبي. فأخترع أو أرسم أفراحا صغيرة لكل يوم، تمدّني بطاقة الاستمرار بالابتسام. أو تهوين المصائب، وما أكثرها في الحياة، فما بالك بظروف حرب لا ترحم! فعندما ترفّ عيني اليسرى، وهي تعني بمفهومنا الشعبي توقع خبر سعيد.. أفرح بانتظار الخبر الذي سيحمل لي سعادة ما. واذا ما رفّت عيني اليمنى، وهي تعني الخبر السيىء.. قلت : هذه تخاريف العجائز.. وإذا كان برجي يخبرني بيوم سعد أفرح.. واذا العكس، قلت: انهم كذابون ويضحكون على لحانا.. وهذا ما دفع بعضهم للقول بأني أرشّ سكرا على الموت! وطبعا لا يغيب عن بالي، إميل حبيبي وكيف « تقّلها» على أهل عكا، خاصة نحن النساء! سامحه الله.
    حدث ذات يوم أحد، من شهر شباط.. وكان الطقس ربيعيا ويحمل رائحة صيف مبكّر.. لأن شباط « إن شبط وإن لبط، فإنّ رائحة الصيف فيه».. لذا قررنا الخروج، أنا وأطفالي لقضاء يوم في الطبيعة..
    قرأت لي ابنتي الكبرى برجي. وكان يدّعي: بأن يوم السعد هو.. "الأحد ورقم الحظ 9".. كعادتي فرحت.. فاليوم هو يوم سعادة لي. لكني لم أفكر برقم الحظ 9.. وتركت الأمر حتى يأتيني من دون عناء، حاملا حظا سعيدا، أو بعضا من فرح نشتاقه، من حيث لا أدري ولا أحتسب!! أمضينا نهارا هادئا ورائعا في تأمّل انبثاق الحياة في الطبيعة.. وجمع باقات الزهور. ونسينا لساعات طويلة، قصف المدافع وزغردات أسلحة متنوعة، دخلت قاموسنا وحفظنا أسماءها..
    زحمة السير الخانقة، في طريق عودتنا، قد أودت بفرح ذلك النهار، الذي توّج بتوقيفي على أحد الحواجز واعتقالي، ومعاملتي بقسوة وشراسة على مرأى من صغيراتي.. ولأن الصباح ليس وقتا مناسبا للدراما ولسمّات البدن، فإني سأتجاوز الإسهاب والحديث عن التعذيب الوحشي الذي تعرضت له! وكيف أني قضيت سنة كاملة معاقة /وشبه معاقة.. وكان شكلي يشبه « زومبي»، أو شيئا يشبه مخلوقات أفلام الرعب.. حتى إن القائمين على حفلة التعذيب قرروا ترشيحي لملكة جمال العالم!
    كان نهارا جميلا.. حتى أيقنت أن برجي لم يكذب.. وعليّ أن أؤمن بقراءة الأبراج.. لكن المفاجأة كانت، أني اعتقلت وكان اليوم أحدا، وداخل السراديب المعتمة، كان رقم زنزانتي 9 !! تذكرت برجي في ذلك اليوم.. وأوجدت لنفسي مساحة صغيرة أضحكتني، رغم الآلام الجسدية والنفسية!!
    وبما أنها قصة ظريفة، صرت أتندّر بها وأحكيها طرفة جميلة، مع أنها لم تكن كذلك في حينها ..حكيتها لبعض الصديقات اللواتي جئن لتهنئتي بالسلامة.. ففزعن وقررن عدم قراءة أبراجهنّ.. أما إحدى الصديقات المناضلات، فقد علّقت بدهشة ارتسمت على وجهها، وببريق لمع في عينيها وقالت: سبحان الله! سبحان الله !! كيف صدق برجك !! فقد كتب عليك الاعتقال حتى تتحولي من إنسانة عادية تافهة.. الى مناضلة كبيرة!! غريب! اذ لولا الاعتقال.. لذهب كل ما قدمته أدراج الرياح، وبقيت إنسانة عادية ... لكني لم أعرف اذا ما كانت تلك المناضلة قد جربت الاعتقال!

    الصحافة للارتقاء...لا للانتقام ؟!
    بقلم: موفق مطر – الحياة
    ننجح نحن الصحفيون والاعلاميون بتخليق البيئة القانونية لقانون الصحافة والاعلام في اللحظة التي نلتزم بها بأخلاقيات العمل الصحفي، وبمبدأ عدم المساس بالحقوق الانسانية والاساسية للفرد المواطن، بغض النظر عن جنسه، او موقعه الاجتماعي او الرسمي..فالقانون لا يجيز لأي شخص من المنتسبين والعاملين في السلطات الثلاث (القضائية، التشريعية والتنفيذية ورابعتهم السلطة الرابعة (الصحافة) انتهاك حق مواطن ما حتى ولو كان شخصية عامة، رغم اجازته حق حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، وحق الحصول على المعلومات ونشرها، اذ ليس من الحرية نعت موظف حكومي كبير بالفاسد، ما لم يبرهن الصحفي بالأدلة والوثائق والبينات حجم ونوع الفساد، حتى نعت موظف حكومي مهما كانت درجته او مواطن لا يشغل وظيفة رسمية بالكاذب مثلا تعتبر جريمة ما لم يؤيده الصحفي بدليل، فالكذب مثلا حالة سالبة تحقر شخصية المرء، وتسبب له المشاكل، ناهيك عن كونه انحرافا عن القسم الذي اداه قبل استلام عمله، هذا ان لم يؤد هكذا وصف الى انهيار مكانة الشخص في بيئة العمل او المجتمع.. أما وظن بعض الزملاء تمتعهم بحصانة تمكنهم من الصاق التهم بالغير جزافا فهذا لعمرنا ليس فهما خاطئا لمعنى حرية الصحافة والرأي والتعبير وحسب، بل انتكاسة خطيرة لمجتمع الصحفيين والاعلاميين باعتبارهم الشريحة (النموذج) المطبق لمبادئ وشرائع احترام حقوق الانسان.. فتوجيه التهم وتحديدا الخطيرة منها كالخيانة والفساد والتخابر مع جهات اجنبية اساليب لطلما استخدمها رجال الأنظمة الدكتاتورية لقمع معارضيهم وتبرير التنكيل بهم، وعليه فإننا نعتقد يقينا ان صحفيا او اعلاميا ملتزما بأخلاقيات الصحافة والاعلام، وبمبادئ القانون الأساسي لن يتقمص دور هؤلاء ابدا، فالصحفي يبحث عن اسباب الفساد او الخيانة مثلا ويحذر- بتحقيقات مكتملة الشروط – من انعكاس هذه الجرائم السلبي على المجتمع وأمنه وسلامة نظامه السياسي، بدل حصر القضية (الملف) في الشخص المعني للنيل منه او من الفئة السياسية التي ينتمي اليها، فهذا الاتجاه مصادرة لصلاحية (القضاء) وهي اعلى سلطة في البلاد، ووحدها صاحبة الحق بالحكم بالإدانة..ما يعني انتقال السلطة الرابعة من مهمة تعزيز مكانة السلطات والفصل بينها الى مربع التخريب على مسؤولياتها وصلاحياتها.. وهذا باعتقادي اهم ما يجب الانتباه اليه عند مزاولتنا هذه المهنة النبيلة.. فالصحفي يكاد يكون بمثابة رسول حق، لا يتحدث أو يكتب او يصور الا حقائق ووقائع، ورؤى موضوعية منطقية، لا ثلب فيها ولا تجريح او قدح او ذم او شتم او اسقاط ذاتي شخصاني على الموضوع المعالج، ناهيك عن القذف والتخوين والتكفير، والتشهير السلبي، حتى ليبدو لك أنك أمام مئة مجرم مدانين ومحكومين في هيئة شخص واحد (موضوع الهجوم).
    يلزمنا انضمام فلسطين الى المعاهدات الدولية الـ15 تثوير بيئتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لنصل الى بيئة قانونية سليمة باعتبارها النتاج الطبيعي، أما سن القوانين، وتشريعها، واعتمادها ومحاولات تنفيذها ستبقى مجرد محاولات قاصرة، ما لم نغير النظم التربوية، والمفاهيم الاجتماعية، ونرتكز على منهج احترام حقوق الانسان عند تشريع القوانين.. فإن كان للضحية حقوق، فان للمدان بجريمة القتل حقوقاً ايضا. فمهمة الصحافة الارتقاء بالإنسان وليس الانتقام منه.


    مؤشرات اميركية ايجابية
    بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
    من تابع الموقف الاميركي في الاونة الاخيرة، لاحظ مؤشرات وإضاءات إيجابية تجاه عملية السلام والمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، تعكس تطورا نسبيا محدودا لجهة تحميل حكومة نتنياهو المسؤولية عن إنغلاق دائرة المفاوضات؛ ليس هذا فحسب، بل ان وزير الخارجية، جون كيري وللمرة الثانية يعلن امام الكونغرس ولجانه عن إنزلاق إسرائيل نحو العنصرية إن لم تلتزم باستحقاقات عملية التسوية السياسية.
    ولعل ما نشره ناحوم برنياع، كبير المحللين السياسيين في صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن تحميل مسؤولين اميركيين الاستيطان الاستعماري الاسرائيلي المسؤولية عن فشل المفاوضات، موضحين من خلال جردة حساب طويلة لمسيرة الشهور التسعة الماضية، عن الكيفية، التي انتهجها نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل لتعطيل ونسف المفاوضات مقابل الحفاظ على إئتلافه الحاكم، من خلال الانغماس المجنون في إعلان العطاءات المتوالية للبناء في المستعمرات الاسرائيلية، المقامة في الاراضي المحتلة عام 1967. وفي السياق كشفوا عن المرونة العالية، التي تحلى بها الموقف الفلسطيني لقطع الطريق على المناورات الاسرائيلية، وفي الوقت نفسه، الثبات والحزم، الذي مثله الرئيس محمود عباس حين شعر بغياب الشريك الاسرائيلي، وحدد نقاطه الثلاث لأي عودة للمفاوضات، وهي النقاط التي اعاد اعلانها في كلماته التي ألقاها في الآونة الاخيرة خاصة الدورة الـ26 للمجلس المركزي لمنظمة التحرير. وخلص المسؤولون الاميركيون الى ان الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة، وان الانتهاكات الاسرائيلية الخطيرة، لن تحول دون ولادتها.
    رغم ان كيري، قدم اعتذارا عما قاله في الكونغرس، غير ان ما قاله طير رسالة واضحة لقادة إسرائيل اولا ولقادة العالم ثانيا، وقبل الجميع لانصار إسرائيل في الكونغرس ثالثا؛ مفادها أن دولة التطهير العرقي الاسرائيلية لا محالة ستصطدم بالرأي العام العالمي لاحقا، وستضع نفسها في دائرة العزلة، لأن معايير السياسية الدولية المتغيرة، واستهتار اسرائيل بقيم حقوق الانسان، وتخندقها في مواقع العنصرية المفضوحة والمعلنة، خاصة بعد تبني رئيس حكومتها طرح مشروع قانون في الكنيست يسبغ عليها صفة "الدولة القومية لليهود" المرفوض حتى من بعض اركان إئتلافه أمثال ليفني وغيرها، جميعها عوامل تطوق عنق الدولة العبرية بمستقبل مفتوح على جادة العقوبات الدولية، وليس فقط العزلة.
    المواقف الاميركية الجديدة، رغم انها تندرج في خانة المواقف الخجولة، غير انها تعتبر مؤشرات ايجابية بالمعايير النسبية، لا بد للمراقب الموضوعي وضعها تحت المجهر السياسي، لمراقبة منحاها البياني التصاعدي دون مبالغة او تطير. لاسيما وان المواقف الاميركية ما زالت دون المستوى المطلوب، ولم ترق لدور ومكانة الولايات المتحدة كراع اساسي لعملية السلام.
    إن شاءت اميركا لعب دور في صناعة السلام، وحماية ربيبتها الاستراتيجية إسرائيل ومصالحها الحيوية، عليها ان تعيد النظر في آليات تعاملها مع حكومات إسرائيل الراهنة واللاحقة، وضبطها وإلزامها بمواثيق وقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عمليات السلام، والانسحاب من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67، لافساح المجال أمامها لتكريس إستقلالها السياسي والاقتصادي عن إسرائيل، وخلق شروط التجاور السلمي بين الدولتين من جهة، وبين إسرائيل ومجموع الدول العربية والاسلامية الـ 57 من جهة اخرى. وبالتالي الخروج من نفق المراوحة والتردد والتلعثم امام اللوبي المتصهين المساند لاسرائيل داخل مؤسسات صناعة القرار الاميركي وامام قادة دولة الارهاب المنظم انفسهم. وما لم تغير الادارة الاميركية طريقة تعاملها مع حكومة نتنياهو تحديدا لن تتمكن من صناعة السلام الفلسطيني الاسرائيلي في المستقبل المنظور، لا بل انها بسياسة المراوحة الخجولة وطأطاة الرأس امام انصار الدولة العبرية ستفتح الباب امام انفلات الاوضاع في المنطقة، وتسمح لقوى التطرف بالتسيد في مؤسسات صنع القرار الاسرائيلية والفلسطينية على حد سواء.

    دعاء العفو والمغفرة
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    لم تكن ثمة خصومة بين القوم، يوم أن نزلت الآية الكريمة من سورة الحجرات:"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي بغت حتى تفيء الى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين".
    من خلال شرح سبب النزول، وما حدث في واقع السياسة بعد الآية؛ نعلم أن الله ورسوله قد تجاوزا عن دواخل الطرف الثاني من الخصومة، وهو عبد الله بن أُبيّ بن سلول، مؤسس حركة النفاق الأولى في تاريخ الإسلام، ليُصار التركيز على الإشكالية المحددة، التي قدحت شرارة إشعال الشجار وتأجيج الخصومة، دون خلفياتهما. ومن عجب أن بذاءة لسان ابن سلول، قد طالت حمار رسول الله عليه السلام. فقد رُويَ إن الحمار كان يخوض في أرض سبخة، بينما يمشي في جوار المركوب، آخرون يتجشمون مشقة المسير، ذاهبون مع نبيّهم الى لقاء بالمنافق. هذا الأخير، بدأ عند اللقاء، بجملة غليظة موجهاً حديثه للمصطفى عليه السلام:" إليك عنّي، وقد آذاني نَتْنُ حمارك". استُثير واحد من أصحاب النبي فأجابه: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أطيب ريحاً منك". فغضب واحد من جماعة ابن سلول، فاشتعل التشاتم والتهاجي. تبدد اللقاء وتكثفت الخصومة!
    على قدر ما كان ابن سلول مخــرباً وصاحب فتنة وسواساً خنّاساً؛ كان الرسول عليه السلام رقيقاً لا ييأس من فكرة صلاحه وهدايته. وعلى الرغم من أن الآية الكريمة نفسها، قد حسمت أمر ابن سلول وحاول الفاروق عمر، حَمْلها الى طور التنفيذ؛ فإن الحبيب المصطفى ظل على تفاؤله برحمة الله ومغفرته. فعندما مات المنافق، أعطى النبي قميصه لنجله لكي يُكفنه وتهيأ للصلاة. اعترض عمر، وشد الثوب وقال للنبي:"يا رسول الله، لقد نهاك ربك أن تصلي على هذا المنافق". أجاب محمد عليه السلام: إنما خبّرني الله (في سورة التوبة) فقال: "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة، فلن يغفر الله لهم" وسأزيده عن السبعين!
    كان الرسول الإنسان، بعاطفته، وبُخُلقٍ رسالٍي نبيل، يطمح الى مغفرة للميت من رب العالمين. ورب العالمين يحسم في الآخرة ما لا يُحسم في الدنيا. ثم نزلت الآية القاطعة:"ولا تُصلِ على أحد منهم أبداً، ولا تَقُم على قبره، إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون".
    في حياته، كان عبد الله بن أُبيّ ابن سلول، طامحاً الى وجاهة في السياسة والى التمكين في حكم يثرب (المدينة المنوّرة). دق الأسافين وأحدث الفوضى ليختلط حابل "أوس" بنابل "الخزرج" قاصداً أن يتوافق المتخاصمون على تقلده موقع المسؤولية. ولما كاد يتحقق له ذلك، جاء صاحب الريادة بوجهه الوضاء معززاً برسالته السماوية، فانعقدت له القيادة. لم تكن المسألة عند ابن سلول، مسألة قناعات، وإنما هي مسألة حُكم، وكانت عند المؤمنين طريقاً ورسالة. اضطر المنافق لأن يداري ما تنطوي عليه نفسه، وأظهر سمة الإيمان، لكنه خوزق الصف المؤمن في "أُحد" حين خلع ببعض الجيش وصاح:"ما ندري، علامَ نقتل أنفسنا؟"
    * * *
    في خصومات السياسة وفي اجتهادات مكابدة المصائب، بين طرفين من المؤمنين، ليس بينهما ابن سلول ولا المصطفى ولا يثرب، ولا حكم ذو سيادة يتنازعان عليه؛ تخلو الحكايات من كل شبيهات القصة، ولا تبقى سوى رائحة الحمار!
    إن كان رب العالمين، قد تجاوز في مقاربته لحل الشجار، عن خبايا النفوس وركز على البغيْ، فيما طرف الخصومة هو النبي نفسه؛ فما أحوج متخاصمي السياسة ولا أوجب من إقامة القسط. حقيقة القسط هي منع الجور، وأن يأخذ كل إنسان حقه بحكم عادل. فهو الدرجة العُليا من سلم العدالة التي يصطبغ بها الحكم الراشد.
    اللهم أعنّا على تنقية النفوس، فلا تشتبه رائحتنا على منافق، مثلما اشتبهت رائحة الحمار على ابن سلول. اللهم إنك أعلم بالحال، فلا غنيمة نتنازع عليها. اللهم اعف عنا فيما صنعت أيدينا، وفيما أوقعت خصومتنا في الناس من آلام، عفواً لكل منا بقدر ما صنع. اللهم استر عوراتنا وتقبل دُعاء من قال منا إني أعوذ بعظمتك من أن أُغتال من تحتي، فاختلف المفسرون على معنى التحت، وما إذا كان زلزالاً أو طعنة رمح أو لدغة أفعى، في الخصيتين!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. المقالات في الصحف المحلية 04/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:09 PM
  2. المقالات في الصحف المحلية 03/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:09 PM
  3. المقالات في الصحف المحلية 288
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:41 AM
  4. المقالات في الصحف المحلية 287
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:41 AM
  5. المقالات في الصحف المحلية 286
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 11:40 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •