النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: المقالات في الصحف المحلية 10/05/2014

  1. #1

    المقالات في الصحف المحلية 10/05/2014

    المقالات في الصحف المحلية


    المقالات في الصحف المحلية

    السبت
    10/5/2014







    موحدون دعما للأسرى
    بقلم: حديث القدس – القدس
    جرائم مستمرة .....وقانون غائب!!
    بقلم: راسم عبيدات - القدس
    نظرة واقعية في الشرق الأوسط
    بقلم: إيمانويل أوتولينغي - القدس
    رفع الحظر عن زيارة القدس – دعم للمقدسيين ومحافظة على المدينة المقدسة
    بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
    عدنا .... والعَوْدُ أحمد
    بقلم: أماني القرم – القدس
    يحدث في فلسطين فقط
    بقلم: د.أحمد جميل عزم – القدس

    أمة بلا مسرح، أمة بلا ثقافة
    بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
    تدفيع الثمن .. إرهاب ممنهج
    بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
    رسائل بطعم التهديد وأًخرى بطعم القوة
    بقلم: صادق الشافعي – الايام
    قراءة في "فنجان" الصراع السوري!
    بقلم: جواد البشيتي – الايام
    لا لخصخصة قطاع المياه في فلسطين
    بقلم: صلاح هنية – الايام
    المنصور والمقهور، ونافذة بوجهِ السُّورْ
    بقلم: آصف قزموز – الايام
    أيام الكسوف
    بقلم: وليد بطراوي – الايام
    أصعب! أسهل!
    بقلم: وليد ابو بكر – الايام

    تغريدة الصباح - البطيخ والسنونوْ
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    الأسرى الفلسطينيون: لماذا ظاهرة استثنائية؟
    د. أسعد عبد الرحمن - الحياة
    توفيق زيّاد البعيد القريب
    بقلم: جواد بولس – الحياة
    اوقفوا عار قتل النساء
    بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة








    موحدون دعما للأسرى
    بقلم: حديث القدس – القدس
    المهرجان الثقافي الضخم الذي أقيم أمس، في الخليل، بمشاركة شعبية ورسمية وحضور ممثلي كافة الفصائل وخاصة "فتح" و"حماس"، وكذا الفعاليات التضامنية في مختلف محافظات الوطن، إنما يؤكد أولا على أن قضية الأسرى ونضالاتهم قضية وطنية تحظى بالأولوية في أجندات العمل الرسمي والفصائلي والشعبي، وثانيا ان شعبنا وفصائله الوطنية وقياداته الرسمية إنما هم جميعا موحدون دعما للأسرى ونضالاتهم التي تشكل جزءا لا يتجزأ من مسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال.
    لقد ثبت مجددا أمس، أن قضية الأسرى إنما تسهم في تعزيز وترسيخ وحدتنا الوطنية بعد ان أثبت الأسرى على مدى سنوات طويلة حرصهم على هذه الوحدة وتجسيدهم لها في مواجهة التحدي الرئيس المتمثل بما يحيكه الاحتلال من مخططات وما يمارسه من تعسف وقمع يستهدف الكل الوطني، عدا عن تجسيدهم لهذه الوحدة في وثيقة الوفاق الوطني التي خرجت من وراء القضبان قبل سنوات وشكلت مقدمة هامة نحو إنهاء الانقسام.
    إن ما يجب ان يقال هنا ان المعركة التي يخوضها المعتقلون الإداريون بإضرابهم الذي يدعمه ويشارك في التضامن معه آلاف الأسرى، هي معركة شاقة وقد تكون طويلة، الا أن تجاربنا بهذا الشأن على مدى سنوات الاحتلال الطويلة تؤكد أن وحدة شعبنا وقواه ووحدة أسراه إنما تشكل العامل الرئيس في تحقيق الإنجاز، وبالتالي فإن هذه الوحدة الرائعة التي تتجسد اليوم في دعم الأسرى عموما والمعتقلين الاداريين خاصة هي الضمانة الأكيدة لانتهاء هذا الاضراب بشكل مشرّف وتحقيق إنجاز نوعي آخر يكسر سياسة الاحتلال التي تستهدف أسرانا جميعا.
    ولذلك لابد من تكثيف فعاليات التضامن الجماعي الموحد وطرق كل الأبواب لنصرة اولئك القابضين على الجمر الذين يخوضون هذا الاضراب لتسجيل صفحة أخرى مشرقة في تاريخ نضالنا العادل.
    جرائم المتطرفين العنصرية
    مرة أخرى ترتكب العصابة اليهودية المتطرفة التي تطلق على نفسها زورا وبهتانا اسم "شارة الثمن" عدوانا عنصريا جديدا امس، بكتابة شعارات تسيء للسيد المسيح عليه السلام في القدس وكذا كتابات مسيئة للإسلام وللعرب قرب الكنيسة الرومانية وباب السلسلة، بعبارات بذيئة تفوح منها رائحة العنصرية البغيضة في تكرار لسلسلة الاعتداءات المماثلة التي طالت أماكن اسلامية ومسيحية مقدسة وطالت ممتلكات المواطنين الفلسطينيين كما طالت مواطنين أبرياء تعرضوا لاعتداءات عنصرية في القدس وغيرها في الوقت الذي تستعد فيه هذه البلاد المقدسة لاستقبال قداسة البابا بعد أيام.
    الحكومة الاسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات خاصة وأنها لم تقم حتى الآن بأي جهد جدي للقضاء على هذه الظاهرة ومحاسبة مرتكبيها من جهة ، ولأنها بمواقفها المتطرفة وممارساتها التعسفية ضد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين إنما تشجع مثل هذه العصابات المتطرفة على مواصلة اعتداءاتها التي أقل ما يقال فيها انها اعتداءات عنصرية جبانة تشكل وصمة عار في جبين اسرائيل.
    إن ما يجب ان يقال هنا ان اسرائيل التي طالما تشدقت بمعزوفة اللاسامية عند حدوث أي تعرض بالكتابات او الشعارات لمقبرة يهودية في العالم مثلا، هي نفس اسرائيل التي تدعي أجهزة مخابراتها اليوم عجزها عن مواجهة ظاهرة خطيرة كهذه نمت وترعرعت في ظل أجواء التطرف والعنصرية والاحتلال التي تتمسك بها اسرائيل وحكومتها. ولهذا يجب ان تتحمل الحكومة الاسرائيلية مسؤولياتها بهذا الشأن وأن تدرك ان تداعيات التسامح مع هذه الجماعات المتطرفة وكذا حمايتها لن يتوقف على ما يطال الفلسطينيين من أضرار وآلام بل إنه يطال اسرائيل نفسها ويسهم في مراكمة عناصر التوتر والاحباط والدفع باتجاه تفجر الأوضاع.

    جرائم مستمرة .....وقانون غائب!!
    بقلم: راسم عبيدات - القدس
    في اقل من شهر وقعت ثلاث جرائم قتل في الضفة الغربية،في مؤشر على درجة عالية من الخطورة الى ما وصلت اليه الأمور،وهو ناقوس خطر يجب ان يشعل الضوء ما بعد الأحمر،وان يستنفر له كل صناع القرار والمراجع الدينية والتربوية والمؤسسات الإجتماعية والنفسية،والخبراء والمختصين في هذه المجالات،فالخطب والشعارات والمواعظ والصلحات العشائرية القائمة على "تبويس" اللحى وفنجان القهوة السحري،لن تسهم في العلاج،فنحن امام ظواهر غير سوية ونعاني من ازمات إجتماعية عميقة،وجهل وتخلف في الكثير من جوانب حياتنا.
    نحن أمام إنهيار وتفكك إجتماعي،وإنحلال أخلاقي وغياب للوعي والضمير والقيم الإنسانية،فلو كان هناك قيم واخلاق ووعي،فكيف نفسر ان تقدم مجموعات من القتلة والمجرمين،الذين يمتهنون القتل من اجل القتل،بتقطيع رؤوس البشر في مناظر تقشعر لها الأبدان في شام العروبة،ومن ثم تتباهى بقطع الرؤوس امام الكاميرات وتلتقط لها الصور معها؟؟،دون ان تصدر المراجع الدينية والمؤسسات المسماة بالحقوقية والإنسانية،أية مواقف وفتاوى حاسمة تجرم مثل هؤلاء القتلة،وتعتبر ان ما يقومون به،خارج على الأعراف الإنسانية، وعلى الدين الإسلامي وكل الشرائع السماوية وحتى الوضعية براء من مثل هذه الجرائم البوهيمية والوحشية.فالسكوت على مثل تلك الجرائم وعدم محاكمة مرتكبيها،يخلق لمثل هذه الظواهر حواضن وبيئة،ويشجع على تفشيها وانتشارها في المجتمع.
    واضح بان معدلات الجريمة في المجتمعات العربية في ازدياد وارتفاع مستمرين،وهذا مرتبط بتخلف الواقع الإجتماعي وسيادة ثقافة الجهل وتعطيل الفكر والعقل،وتدني مستوى الوعي وتسطيحه وتشوهه،وايضاً فإن الفقر والبطالة والنظرة الدونية للمرأة وتسليعها،وكذلك الإنغلاق وتسييد الفكر العشائري والجهوي والقبلي والطائفي،والتحريض المذهبي والديني الذي تمارسه بعض المراجع الدينية بمختلف مسمياتها،وكذلك الفتاوي المتخلفة والمستهدفة فقط لجسد المرأة وطرق إلتهامه،او المنتقصة من حقوقها وحريتها والقامعة لها في كل مناحي وشؤون حياتها،وغياب دور المثقفين والذين في اغلب الحالات يكونوا في خانة المراقبين والمنتقدين للظاهرة،حتى ان جزءا منهم والمدعين للثقافة والوعي،مغذين وداعمين لمثل هذه الظواهر،ناهيك عن عدم بذلهم جهودا جدية وحقيقية من اجل محاصرة مثل تلك الظواهر ومعالجتها ووضع الحلول لها،تمهيداً للقضاء عليها.
    هذه العوامل من المسببات الرئيسية لتلك الجرائم،وغالبا ما تكون الجرائم المرتكبة في مجتمعاتنا،ليست متعلقة بقضايا جوهرية او ذات شان وقيمة،فهي تكون متعلقة بخلافات اجتماعية حول ميراث او نزاع حول ارض أو حتى موقف سيارة او اولوية مرور وغيرها،او معاكسات شبابية،او خلافات زوجية وعائلية وأسرية،واحياناً تكون لأسباب تافهة جداً كمشاجرة فردية بين طفلين أو شخصين،ولكوننا مجتمعات قبلية وعشائرية لم نبلغ مرحلة الدولة المدنية بعد،فما ان تندلع شرارة المشكلة الإجتماعية حتى نحولها لحرب داحس والغبراء،يتم فيها تقديم وتغليب الإنتماء العشائري والقبلي والطائفي والمذهبي على أي انتماء آخر،وهذا مرتبط بحالة الإحتقان والتحريض الممارسة من قبل من يسمون انفسهم مراجع دينية او سياسية او إجتماعية،وهنا يجري تعطيل الفكر والعقل،والذهاب وراء العواطف والمشاعر،وكذلك تغييب بالقيم والاخلاق والروابط الدينية والوطنية والقومية،وأية جريمة قتل او اكثر تنتج عن هذا الإقتتال القبلي او العشائري،يستتبعها جرائم اخرى على نحو اوسع بحرق بيوت وممتلكات وسيارات ومحلات تجارية واغلاق طرق وشوارع وتشكيل مليشيات،لكي تأخذ بالثأر،وغالباً ما يتم الإعتداء على أشخاص ليسوا طرفاً في المشكلة او الجريمة الحاصلة من قبل تلك المليشيات،وهي لا تكتفي بذلك بل تأخذ القانون بيدها،حيث هيبة الدولة والسلطة في ظل غياب القانون والمساءلة والردع تتآكل وتتلاشى،ونحن بالعادة نميل الى اخذ القانون بأيدينا،لشعورنا بأن القانون وسلطته ليستا رادعتين.
    إن الجرائم المرتكبة والردود على تلك الجرائم،والتي تستبيح كل شيء،تحت حجة وذريعة ويافطة "فورة الدم"،تؤشر بشكل واضح على اننا مجتمعات أكثر تطرفاً وأقل تسامحاً،ومشاكلنا وأزماتنا الإجتماعية تتعمق،وهي بحاجة لمعالجات تطال الجذر والعمق وأساس المشكلة،وليس فقط حلول تبقي النار تحت الرماد،وفي أغلب الأحيان تلك الحلول لا تحقق ولا تلبي الحد الأدنى من الحقوق،أو لا تشكل محاسبة جدية ورادعة للمعتدي او لمرتكب الجريمة،وإستمرار الشعور بالظلم الإجتماعي يعمق المشاكل ويجعلها تتفاقم على نحو اكبر واسع مستقبلاً.
    ثلاث جرائم في أقل من شهر،لو حدثت في أي بلد آخر لربما كانت كافية،لكي تقيل حكومة باكملها،ولكن نحن لدينا الشماعة التي نعلق عليها اخطاءنا ومأسينا،وهي «الإحتلال هو السبب»،ولا نقول بان تلك الجرائم لها حواضنها وجذورها وبيئتها ومنظريها وشيوخها ورجال عشائرها،حيث تغيب التربية والتوعية والتثقيف،وتترك الأمور لمن هم ليسوا أهلا للعلاج،ولا نتعلم من اخطاءنا،ولا نضع قوانين رادعة،تجعل من يقدم على مثل هذه الأعمال والجرائم يفكر مليون مرة قبل ان يقدم عليها.
    نحن لم نعد خير امة أخرجت للناس،نحن نمارس كل ما هو عكس ما قاله الشرع والشريعة،نمارس كل انواع الموبقات والشرور،نمارس القتل والدجل والنفاق والتملق والسرقة والكذب،وكل اشكال السلوك اللامعيارية،ونقنع انفسنا بأننا الأفضل والأكثر تقوى وورعاً وقيماً واخلاقا بين الناس وبني البشر،ولكن في أرض الواقع نسقط بإمتياز،فنحن في نظر البشرية جمعاء،أصبحنا امة خارج البشرية العاقلة،من يشاهد ما نفعله ببعضنا البعض من قتل وحشي وبوهيمي،يدرك تماماً بأننا نعيش في عصر ما قبل الجاهلية،في مرحلة القطعان البشرية للأسف.

    نظرة واقعية في الشرق الأوسط
    بقلم: إيمانويل أوتولينغي - القدس
    تعثرت أحدث محاولة يبذلها الرئيس أوباما لخطب ود إسرائيل والسلطة الفلسطينية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي. وعلى نحو متوقع، بدأت الآن لعبة توجيه اللوم. وبإضافة تعديل جديد للنسخة المألوفة من فشلها في الدبلوماسية المتعلقة بالشرق الأوسط، اختارت الإدارة الأميركية هذه المرة الانضمام إلى ردة الفعل الغريزية لحلفائها الغربيين، مشيرة بإصبع اللوم إلى إسرائيل، بينما وجهت إسرائيل اللوم علانية إلى وزير الخارجية الأميركية جون كيري.
    مما لا شك فيه أن لكل محاولة خصائصها الخاصة -ذلك الخليط الاعتيادي من التوقيت السيئ، وصدام الشخصيات، والتوازنات الخارجية التي تجعل من كل جولة فاشلة من صنع السلام مادة للمحاضرات والمقالات وكتابة المذكرات وتبادل الاتهامات.
    مع ذلك، فإنها تظل كلها تشترك في الكثير من القواسم المشتركة. لأنه بمجرد قيام المرء باستبدال الأسماء أو التواريخ -المبعوث الأميركي الخاص مارتن إنديك بدلاً من جورج ميتشيل، والعام 2008 في محل العام 2014- فإن الديناميات والعثرات والمحصلات السلبية الممكن التنبؤ بها تظل هي نفسها.
    يجب على الدبلوماسيين الغربيين الذين يبدون أكثر حرصاً من أي شخص آخر منخرط -بمن في ذلك الفلسطينيون والإسرائيليون- وضع حد لهذا الصراع، ويجب عليهم أن يطرحوا السؤال عن السبب. السبب في أن السلام يظل مراوغاً؟
    بعد كل شيء، إنهم أولئك الدبلوماسيون أنفسهم الذين ما يزالون يصرون لأكثر من 20 عاماً على أن ملامح صفقة السلام معروفة للجميع، وعلى أن الجانبين يصلان دائماً إلى نقطة يكونان فيها "أقرب إلى التوصل إلى صفقة من أي وقت مضى"، كما قال جون كيري متفائلاً في كانون الأول الماضي، مردداً أصداء تصريح إيهود أولمرت (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق) في تموز من العام 2008.
    يا للمهزلة. إننا نكون دائماً قريبين جداً، لكننا لا نصل إلى هناك أبداً. وذلك جزء من المشكلة.
    بعد عشرين عاماً من محاولة إيجاد النقطة الكاملة للتوازن في الخوارزمية المناطقية ومتاهة الهوية والادعاءات الدينية والمادية، يجب أن يكون واضحاً أن الصيغة الخاصة بعملية السلام تنطوي على المكونات الخاطئة. وسوف يفهم العلماء على الفور أن تكرار التجربة نفسها مرة تلو الأخرى من دون تغيير عناصرها أو كمياتها سيفضي دائماً إلى النتيجة نفسها.
    لكن يبدو أن الدبلوماسيين فاتت عليهم هذه النقطة. ومن السهل، كما تجدر الإشارة، الانحاء باللائمة على "المتطرفين في كلا الجانبين" أو مجموعات الضغط الجبانة الكامنة في الظلال: أشرار القومية، أو مخاطر الائتلاف العنيد؛ ظلال الماضي أو رواية المنتصر. وفي كل مرة يقف شيء ما في الطريق الذي من الممكن تغيير تأثيره القبيح أو تخفيفه إذا تم فقط تبديل هذا الشخص أو ذاك.
    يولع الأوروبيون بلوم الانحياز الأميركي المفترض لإسرائيل، متناسين، وفق مصالحهم، أن صداقتهم الفاترة ومعتدلة الجو مع إسرائيل لا تستطيع أبداً الحلول محل الضمانات الأمنية الأميركية. ويحب المعلق الليبرالي أن يذهب وراء الصقور الإسرائيليين حيث يمنحهم فرصة للتنفيس عن شعورهم الباطني المعادي للسامية عبر إعادة تسمية غرض كراهيتهم بمصطلحات مهدئة ومسكنة، مثل "اللوبي الإسرائيلي" و"المحافظون الجدد" و"المستوطنون" بينما يتم الاستخفاف بالإرهاب والراديكالية الإسلامية والديناميات الداخلية في العالم العربي.
    تستطيع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) غسل أيديها من الالتزام بأنها تمثل قصة معقدة على نحو نزيه عبر تبني المصطلح المحيذ أخلاقياً "التفرج" حيث يكمن الخطأ عند "المتطرفين في كلا الجانبين" وغيره من الفئات "قم بإلقاء اللوم على كلا الجانبين" المخترعة، والتي تعيش فقط في المرادف الأخلاقي لعالم غرفة الأخبار الليبرالية.
    من جهة أخرى، لا يبدو أن أي أحد قد فهم الشيء الواضح، لأنه غير قابل للهضم وغير ملائم، خاصة بالنسبة لأولئك الذين أمضوا وقتاً من عمرهم وهم يؤمنون في سلام الشرق الأوسط كغاية في حد ذاته، وكترياق لمشاكل أخرى. لن تكون ثمة أي صفقة لأن كلفة صنع السلام تبز بكثير مزاياه عند كلا الجانبين.
    بعد كل شيء، لكم أن تتأملوا ما يلي: بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، تظل العثرات هي نفسها على مر الأعوام. ومن غير المرجح تغير المطلب الفلسطيني بمنح اللاجئين حق العودة، ولا المطلب الإسرائيلي الداعي لاعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، وكذلك مطالبهما الحصرية الثنائية الخاصة بالسيادة على القدس، لأنه إذا تم التنازل عن هذه الأشياء، فإنها ستلحق ضرراً بالمكونات الجوهرية للهوية القومية لكل من طرفي الصراع، والذي لا يمكن تقويمه.
    إلى ذلك، من غير المرجح أن تتنازل إسرائيل عن العمق الاستراتيجي الذي توفره لها السيطرة المناطقية على وادي الأردن، والذي توفره الضفة الغربية في مقابل ضمانات دولية غامضة. وبالإضافة إلى ذلك، لا تستطيع النزعة القومية الفلسطينية أن تترك خلفها، على الأقل فكرياً، ملايين أحفاد اللاجئين الذين هربوا من حرب العام 1948، لكن من المشكوك فيه أن يكون من الممكن استيعابهم فيزيائياً في منطقة صغيرة مثل الضفة الغربية وغزة، ومالياً في اقتصاد بضآلة الاقتصاد الفلسطيني. ورغم أن أعداء إسرائيل يحبون الوصول إلى هذه المحصلة، فإنه من غير المرجح أن تقدم إسرائيل على انتحار قومي.
    وكأن هذا الوضع ليس كافياً، فإن الإخفاقات السابقة والتطورات الإقليمية تفاقم المشكلة. لماذا يجب على كل جانب أن يولي الثقة لشريكه التفاوضي عندما تكون المحاولة السابقة قد انهارت؟ ما الذي تغير حتى تكون الأمور أفضل؟
    هل الفلسطينيون أقل تصميماً على إعادة توطين اللاجئين؟ هل تنازلوا عن نزع الشرعية عن إسرائيل؟ هل انكمشت المستوطنات من حيث الحجم والديموغرافية؟ هل ثمة سكان يعودون إلى حدود إسرائيل ما قبل العام 1967؟ وكيف يكون باستطاعة إسرائيل التفاوض على صفقة نهائية مع السلطة الفلسطينية بينما تظل غزة تحت حكم حماس؟ ولماذا يجب على إسرائيل "أخذ المخاطر من أجل السلام" في وقت تضطرم فيه المنطقة بالفوضى؟ ومن يستطيع الاعتقاد بأن حكومة فلسطينية توقع على صفقة سلام ستعمر مدة كافية لجعل هذه الصفقة تتماسك وترسخ في ضوء اهتزاز العالم العربي راهناً على وقع الانبعاث الإسلامي؟
    إن الصراع العربي الإسرائيلي عصي على الحل. هكذا كان حاله دائماً، وهكذا سيظل في المستقبل المنظور. ولن تجلب محاولة ما أثبت فشله في السابق سوى المزيد من الفشل.
    لقد حان الوقت لأن يدرك الغرب أن الخلافات بين الجانبين لا يمكن إصلاحها -وكلما كان هذا أسرع، كان أفضل.

    رفع الحظر عن زيارة القدس – دعم للمقدسيين ومحافظة على المدينة المقدسة
    بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
    في اختتام أعمال مؤتمر "الطريق إلى القدس" الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان أفتى العلماء المشاركون بجواز زيارة المسجد الأقصى المبارك لفئتين من المسلمين الفئة الأولى تشمل الفلسطينيين أينما وجدوا وأيا كانت جنسياتهم، والفئة الثانية تشمل المسلمين الذين يحملون جنسيات دول بلدان خارج العالم الإسلامي ويبلغ عددهم حوالي 450 مليون مسلم، بينما ترك المؤتمر باب الإجتهاد مفتوحا حول حق باقي مسلمي العالم في زيارة المسجد الأقصى المبارك وذلك من أجل تكثير تواجد المسلمين فيه والدفاع عن الأقصى والمرابطين فيه.
    وتعتبر هذه الفتوى هامة جدا من حيث كونها تساهم في دعم صمود المقدسيين في مدينتهم المقدسة والمحافظة على المسجد الأقصى المبارك خاصة في هذه المرحلة التي يتعرض فيها المسجد لتهديدات جدية وخطيرة من المستوطنين المتطرفين ومن غلاة اليمين الاسرائيلي الذين لا يخفون أطماعهم في السيطرة على المسجد المبارك وإقامة الصلوات المزعومة فيه.
    وتكتسب هذه الفتوى أهمية كبرى من حيث عدد العلماء الذين شاركوا فيها ومن حيث مكانتهم الدينية والعلمية المتميزة، وأيضا من حيث كونهم من بلدان عربية وإسلامية متعددة ومن بينهم وزراء أوقاف مثل وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة ومفتي الأردن الشيخ عبد الكريم الخصاونة والداعية السعودي الدكتور الشيخ محمد العريفي ووزير الأوقاف الفلسطيني الدكتور محمود الهباش والداعية الدكتور عمرو خالد ومفتي الديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين ومفتي البوسنة الدكتور مصطفى تيسير بنتش ومفتي لبنان الشيخ محمد قباني والداعية الدكتور أحمد الكبيسي والأمين العام للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محيي الدين القره داغي.
    ولا شك أن هذه الفتوى وكما قال الدكتور محمود الهباش تعتبر خطوة هامة وكسرا لفتاوى حرمت زيارة المسجد الأقصى وساهمت في عزل هذا المسجد المبارك وفي عزل مدينة القدس.
    وكان عدد من العلماء المسلمين قد أفتوا بتحريم زيارة القدس ومسجدها الأقصى المبارك في الوضع الحالي وكان في مقدمتهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين ولكن الشيخ القرضاوي وكما قال الأمير غازي بن محمد مستشار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني المتولي ملف القدس والذي رأس المؤتمر ليست فتواه (أي فتوى القرضاوي) عامة لكل المسلمين وإنما خاصة بجماعة الإخوان المسلمين.
    ولا تعتبر زيارة القدس ومسجدها الأقصى وغيرها من الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية تطبيعا مع إسرائيل كما يقول من يفتون بتحريم الزيارة ولكنها دعم لصمود المقدسيين وتنشيط للحركة الإقتصادية في القدس الشرقية التي تعاني من ركود شديد وأزمة اقتصادية خانقة خاصة في مجال السياحة، حيث أن القدس الشرقية لا تنال إلا الفتات من السياحة بينما النصيب الأكبر يذهب للفنادق والمطاعم ومحال التحف والأدلاء الإسرائيليين.
    ويعد الرئيس محمود عباس أشد المتحمسين الداعين العرب والمسلمين زيارة القدس والمسجد الأقصى بخاصة والأراضي الفلسطينية بصورة عامة، حيث أنه دعا وما يزال يدعو إلى زيارة القدس وعدم ترك المدينة المقدسة ومواطنيها وحيدين بلا دعم عربي وإسلامي حيث أن القدس ليست للفلسطينيين فقط بل لكل العرب والمسلمين حيث فيها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وأكد أن زيارة العرب والمسلمين لن تكون تطبيعاً مع السجان وإنما هي دعم للسجين.
    ولا شك أن الرئيس عباس والفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة يملىء قلوبهم الأسى والحزن وهم يشاهدون العرب والمسلمين تخلوا عنهم وعن المدينة المقدسة وحتى ما قررته قمة سيرت الليبية التي عقدت في ليبيا عام 2010 التي قررت تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لدعم القدس لم يصل شيئا من هذا المبلغ، والأنكى من ذلك أن هناك من يحرم زيارة القدس ويدعو المقدسيين إلى مواجهة أزمتهم الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الخانقة وحيدين بدون أي سند أو دعم عربي وإسلامي.
    وكان شيوخ كبار ودعاة بارزون مشاهير قد أيدوا دعوة الرئيس عباس لزيارة القدس والمسجد الأقصى وقاموا هم فعلا بالزيارة، وكان منهم الشيخ علي جمعة والداعية اليمني الشهيد حبيب الجعفري اللذان زارا القدس وصلّيا في المسجد الأقصى المبارك في شهر نيسان من عام 2012 عندما كان الشيخ علي جمعة وقتذاك مفتيا للديار المصرية.
    وقد بارك البيان الختامي لمؤتمر "الطريق إلى القدس" الفتوى الخاصة بزيارة القدس والمسجد الأقصى وذلك ضمن ضوابط أهمها ألا يترتب على الزيارة تطبيع مع إسرائيل يلحق ضررا بالقضية الفلسطينية. "وأكد البيان أن الطريق إلى القدس لا بد من أن يمر بوسائل وآليات أهمها بذل الجهود لتحقيق وحدة الأمة العربية والإسلامية، وعلى الأقل أن تجتمع على الثوابت ومن أهمها حماية مقدسات الأمة في القدس الشريف واستمرار الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وعدالة قضيتهم".
    وقد أوصى بيان المؤتمر بدعم مشروعات الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة ودعم جهود رعاية المقدسات المسيحية، كما دعا الدول العربية والإسلامية والدول الداعمة للقضية الفلسطينية إلى ربط مصالحها الثنائية والإقتصادية والسياسية والثقافية بما يجري من انتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
    واقترح البيان جعل نصيب من ريع لجان وصناديق الحج في العالم الإسلامي ووقفها وقفا إسلاميا يذهب كريع مادي للمسجد الأقصى المبارك والمرابطين فيه. كما طالب البيان مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة واليونسكو ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية الإضطلاع بمسؤولياتها لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وتفعيل قرارات الشرعية الدولية التي تلزم إسرائيل بعدم تغيير الأمر الواقع.
    وهذه قرارات مطالبات هامة لو وجدت طريقها إلى التطبيق على أرض الواقع فإنها ستحمي المدينة المقدسة وما فيها من أماكن اسلامية ومسيحية مقدسة، باعتبار أن دعم القدس والمقدسيين واجب على كل العرب والمسلمين من دول ومنظمات وجمعيات وليس منّة أو تطوعا، ذلك أن إعمار المسجد الأقصى واجب ديني تنفيذاَ لقوله تعالى في سورة التوبة "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين" الآية (18). وعمارة المسجد تكون بزيارته والصلاة فيه وإعماره وصيانة بنائه.
    وقد جاء مؤتمر "الطريق إلى القدس" وفتوى زيارة القدس في وقت عصيب تدنت فيه القضية الفلسطينية ودعم القدس إلى أدنى درجات الإهتمام لإنشغال العرب فيما بات يعرف بالربيع العربي، حيث أن كل بلد عربي بات مشغولا بقضاياه الداخلية وما يواجهه من أحداث جسام وفتن خطيرة، ومن هنا لابد من أن نشيد بالرعاية الأردنية لقضية فلسطين بصورة عامة والقدس ومسجدها الأقصى بصورة خاصة، حيث أن هذا المؤتمر عقد برعاية العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وبإشراف مباشر من الأمير غازي بن محمد، ولن ننسى دور رئيس مجلس الأوقاف بالقدس الشيخ عبد العظيم سلهب وإدارة المدير العام الذي يباشر عمله ليلا نهارا حفاظا على المسجد الأقصى الشيخ عزام الخطيب والذي كان حاضرا بهذا المؤتمر وأوضح بكلمته ما تعانيه المقدسات الإسلامية في المدينة المقدسة. ومن هنا جاءت إشادة المؤتمر بجهود المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ودعوته العاهل الأردني صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس الشريف للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك في كافة الميادين والمحافل والمؤسسات العربية والإسلامية والدولية. وهو ما يقوم به جلالته على أحسن صورة عربيا ودوليا.
    وقد أشاد بيان المؤتمر بدور دولة فلسطين وإصرارها على أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. ولا شك أن القدس كما قال الرئيس عباس في كلمته في افتتاح الدورة السادسة والعشرين للمجلس المركزي لمنظمة التحرير هي درة التاج وأنه لا مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي دونها، كما يؤكد دائما أن القدس مفتاح السلام وأنه لن يوقع أي اتفاق سلام لا ينص على أن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.
    إن على علماء الأمة ورجال الدين الإسلامي المسيحي أن ينشروا هذه الفتوى التي ترفع الحظر عن زيارة القدس وأماكنها المقدسة وذلك في كل مكان خاصة في العالمين العربي والإسلامي، لأن في ذلك حفاظ على القدس وأماكنها المقدسة ودعم للمقدسيين بخاصة وللشعب الفلسطيني بعامة وتنشيط للحركة الإقتصادية في المدينة المقدسة في كافة مجالاتها. والله الموفق

    عدنا .... والعَوْدُ أحمد
    بقلم: أماني القرم – القدس
    أما وقد كان .. فقد عادت القدس إلى غزة... فهنيئا للعودة !!
    منذ أن اتفق الكبار على المصالحة، والتقت الوفود وتصافحت الأيادى وعلت الابتسامات الوجوه ، ساد الشارع الفلسطيني في غزة نوع من الذهول اختلط بمزيج من اللامبالاة وعدم التصديق. وساد مجالس الناس سؤال حائر وخجول " معقول؟؟؟ فيه مصالحة؟؟" .. أما وقد هلت أولى البشائر وفتحت الطرق أمام الجرائد .. فهذا أمر بعث الأمل في نفوس الجالسين ..
    سبع سنوات والعالم من حولنا يتبدل ويتغير ...قوى تصعد وأخرى تندثر... ربيع عربي جاء محملا برياح خماسينية أطاحت بأحلام الاستقرار والديمقراطية ...ونحن كما نحن منقسمين...ومختلفين في الإعلام والأعلام... ما الذي حدث وتغير؟ هل جاءت اللحظة التي أدركنا فيها الواقعية السياسية التي تفرضها علينا محددات الزمان والمكان واعتبارات المصلحة؟ ربما ... فالنواتج لكلا الطرفين فشل مدوي على الصعيد السياسي والاجتماعي والشعبي وحتى الحزبي ، فاستطلاعات الرأي الموضوعية تشير إلى تراجع كبير في شعبية كل من المنقسمين..
    التصالح بين شطري الوطن هو أمر حتمي سواء مرت سبع سنوات أو سبعون ولكن الاشكالية هنا تكمن في حجم الخسارة التي تكبدها الشعب المنقسم داخليا وخارجيا. ولسنا هنا بصدد التعداد بل بصدد السؤال حول استيراتيجية التعافي...
    نأمل من الكبار المتصالحين وبالتوازي مع تشكيل حكومة توافق وطني تشكيل مجلس استشاري أو مجلس حكماء، يكون بمثابة حكومة ظل ويضم جملة من الخبرات والكفاءات الفلسطينية غير الحزبية ــ وما أكثرهاــــ من جميع القطاعات لوضع استراتيجيات التعافي، الأمر الذي من شأنه مساعدة ومساندة حكومة التوافق في عملها والتي يجب أن يميزها صفتان: الديناميكية المكوكية والرؤية المحددة.
    إن حكومة التوافق الوطني المقرر تشكيلها أمامها مهام محددة تم الاعلان عنها، ولكن المطلوب منها إضافة إلى المهام التصالحية والاقتصادية والانتخابية العاجلة أمران:
    اقليميا ودوليا: الحشد وكل الحشد لكافة الطاقات الاعلامية وجهابذة العلاقات العامة لإعادة الصورة الذهنية لحضارية الشعب والانسان الفلسطيني التي تضررت بشدة سواء سنوات العجاف السبع وما قبلها من سنين فاحت فيها رائحة الفساد واللاشفافية ...
    داخليا: إعادة الثقة مرة أخرى لدى الناخب الفلسطيني بالقيادة الوطنية الفلسطينية، والتي عليها أن تعلم أن صندوق الانتخابات وحده ليس هو الديمقراطية، بل ضمان الحريات العامة وحق التعبير عن الرأي وسياسات الأمان الاجتماعي والاقتصادي هو الطريق المؤدي لأسس ديمقراطية تتوج بانتخابات نزيهة..
    على أية حال ، ما كان في الماضي فهو ماضي... أما الحاضر فهو هبة على الجميع من حركات وفصائل سياسية ومنظمات شعبية ومجتمع مدني مسئولية في كيفية استغلالها ورسم خطط واقعية لخلق واقع افضل لشعب يستحق الأفضل...

    يحدث في فلسطين فقط
    بقلم: د.أحمد جميل عزم – القدس
    1 - احتفل كثيرون العام الماضي بالذكرى المئوية لميلاد شاعر فلسطين عبدالرحيم محمود (1913-1948). لهذا الشاعر بنت تدعى رقية، تبّرعت يوم معركة الكرامة (21 آذار ) 1968) بالدّم لأحد جرحى الثورة؛ حسن خضر قطامي. كانت الرصاصات قد اقتربت من قلبه، ولكن الموت "وفّره"؛ ربما حتى تُكتب القصائد وتُغَنى الحكايا.
    2 - بعد أن وفّره الموت بفضل دماء للشاعر فيها نصيب، انطلق في 3 نيسان1968، قبل شفاء جراحه، ودخل الوطن، مع رفاقه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليخوضوا عملية "الصوانة-خربة طانا" قرب قرية بيت فوريك، شرق نابلس. وهناك، وكما كان مخططاً، التقاهم محمود حنني، قادماً من بيت فوريك. وقع حسن قطامي في الأسر واستشهد محمود.
    3 - قبل العملية بأقل من شهر، وقبل معركة الكرامة بأسبوع، ولد ابن أخت الشهيد محمود، الذي سيصبح مُستقبلاً قائداً من قيادات الجبهة الشعبية، وسيُحكَم خمسة مؤبدات وخمس سنوات إضافية. ومن ضمن اتهامات الإسرائيليين، دوره في اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي العام 2002. إنه عاهد أبو غلمى.
    4 - نال السرطان من حسن قطامي في سجن عسقلان، وبات موته قريباً محتوماً، فأطلق الاحتلال سراحه العام 1983. ولكن الذي تَرَكَ عمليته الجراحية العام 1968 للذهاب في عملية عَسكرية للوطن، وأصبح عُضواً في الجبهة الديمقراطية وهو داخل المعتقل، لم ييأس. عطاف يوسف، أسيرة محررة مبعدة للأردن، تَقدّم لخطبتها أكثر من شخص، اختارت منهم حسن المحكوم بالسرطان. وعاشت معه ملحمة العلاج والإنجاب. وكما حمل سلاحه مُتعباً ولكن بمتعة وإصرارٍ يوماً، "ضبطته" عطاف يوماً يرفع ابنهما مُتعباً مستمتعاً أمام المستشفى عاليا ليلاعبه؛ يُخفي الألم في قسماته بسبب المرض. ورافقته في رحلة العلاج التي وصلت بقرار ياسر عرفات، إلى لندن، حيث استشهد تاركاً عطاف وطفلين.
    5 - اعتقل عاهد مراراً على خلفية نشاطاته، وكان مطارداً من الاحتلال أواسط التسعينيات عندما دخل وزارة الثقافة الفلسطينية لشأنٍ ما، فتعرّف على وفاء، عضو حزب "فدا" المنشق عن الجبهة الديمقراطية، المنشقة عن الجبهة الشعبية. وتبدأ قصة جديدة. ويوم خطبها من أهلها، نهاية العام 1996، اعتقل عاهد وآخرون من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية، إثر عملية ضد مستوطنين. كان زفاف عاهد ووفاء مقررا يوم 14 آب 1997، ولكن ظروف المطاردة جعلت ظهوره متعذراً، وفي اليوم الموعود جاءت حافلتان من بيت فوريك من أهله وأصدقائه، عبر طرق صعبة ومعقدة، وكان الانتشار العسكري الإسرائيلي كثيفاً في محيط منزل العروس، غرب رام الله، ووصلت العروس عريسها بطرق معقدة وسرّية.
    6 - أجريتُ قبل أشهر مقابلة مع وفاء توثيقاً لتجربة عاهد. وأخبرتني عن شقيقتيها: فايزة التي كانت مطاردة في الانتفاضة الأولى، ورغم ذلك تقرر زفافها العام 1988. وشَعرَ الأهلُ بكمين يُعَد للقبض عليها، فتدبروا أمر تحذيرها واصطحابها من صالون تجميل في رام الله، إلى بيت العريس، بسرية. وأخبرتني عن شقيقتها عِطاف.
    7 - أرسلتُ "مقال عاهد" لمجلة الدراسات الفلسطينية، ثم سافرت إلى عمّان. وأثناء احتجاز الاحتلال لنا في الحافلة في الطريق، تناولت كتاباً أقرؤه، عنوانه "نصب تذكاري" بقلم حافظ أبو عباية ومحمد البيروتي. ومن الكتاب المتخصص بسير الأسرى الذين توفوا، استنتجتُ أنّ محمود حنني (خال عاهد الذي تزوج وفاء)، كان في العملية عينها التي أُسر فيها حسن قطامي (الذي تزوج عطاف شقيقتها الكبرى).
    8 - تداهمني منذ هذا "الاكتشاف" قبل أسابيع أبياتٌ شعرية وأغنيات؛ تداهمني عبارة عن حسن قطامي تقول "وفّره الموت لفجره الآت"، وتداهمني عن الأخوات عطاف، وفايزة، ووفاء، بنات قرية الجانية، أغنية "هذا هو العرس الفلسطيني".
    9 - أي نسيج هذا؛ دماء الشاعر، وأبطال عملية بيت فوريك، وشقيقتان؟ اتصلتُ بوفاء أسألها إن كانت تعرف هذه التفاصيل. فأجابت بهدوء، نعم، اكتشفتُ ذلك بعد زواجي من عاهد، ولم يخطر ببالي إبلاغك. وانتقلَت للحديث مباشرة عن أم حسن قطامي وذكرياتها.
    قد تبدو القصة للبعض مجرد سلسلة مصادفات غريبة، ولكنها شبكة النضال المعقدة التي تأتي بعشاق الأرض في السُبُل ذاتها. وقصة مجتمع ثورة يتكامل على أساس الإيمان المشترك بقضيته.
    د.أحمد جميل عزم*محاضر ورئيس برنامج الدراسات العربية والفلسطينية في جامعة بير زيت في فلسطين. وكان باحثاً زائراً في كلية الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية في جامعة كمبريدج-المملكة المتحدة




    أمة بلا مسرح، أمة بلا ثقافة
    بقلم: حـسـن الـبـطـل – الايام
    جالسين على درج مسرح القصبة، قلّب زياد خداش "بروشور" المسرحية، ثم تأفّف: مسرحية من تأليف توفيق الحكيم؟ هذا عتيق. قلت: فإذا كانت للكاتب المسرحي الإغريقي سوهوكليس، او للكاتب المسرحي الإنكليزي شكسبير؟
    الفكرة فكرة "القديم" توفيق الحكيم في مسرحية "مجلس العدل" وأما "الإعداد والإخراج" فهو لجورج إبراهيم. لا ترجمة ولا تعريب ولا أداء مسرحيا لنص قديم، إنما اقتباس إسقاط الفكرة وتحديثها و"عصرنتها" لتطابق العدل، ليس كما في قانون حمورابي بالطبع، بل كما في الواقع القانوني والإنساني والفلسطيني. هذا دأب جورج إبراهيم في "إعداد" المسرحيات بما فيها مسرحيات شكسبير.
    الدرس درس، لكن المدرسة أهم من الدرس، وربما منهاج المدرسة أهم منها. وهذه هي مهمة وشغل "أكاديمية الدراما" في القصبة، في رام الله، الرائدة في فلسطين (الضفة وغزة .. وحتى المسرح الفلسطيني في مناطق 48) .. كما أكاديمية الفنون!
    ست سنوات على التأسيس، اللبنة الأولى، في العام 2009 بدعم فني من جامعة فولكفانج الألمانية. ثلاث سنوات على فوج الخريجين الأول 2012 حاملاً بكالوريوس مسرح معترفا به دولياً.. وهذا هو الفوج الثالث، وعلى المسرح تلاميذ - مشاريع مستقبل مسرح فلسطيني محترف، لهم من العمر 17 - 30 سنة.
    قبل اختراع السينما، كان المسرح أقدم ابتكار إنساني فني جماعي. قبل الرقص الحديث، فالرقص المعاصر، كان الرقص أقدم "عبادة" ثم الرقص الشعبي (الفولكلور) فالإيقاعي .. اليونان والرومان كانوا، ربما، أساتذة المسرح الأوروبي القديم، ثم جاء شكسبير وبريخت في التأليف، ومخرجون عظام لمسرحياتهم العظيمة، ويقولون إن العرب دخلوا مضامير الرواية متأخرين، والمسرح متأخرين، والكتابة المسرحية متأخرين.
    ربما الريادة المسرحية العربية الحديثة لمصر، في التأليف والأداء (يوسف وهبي في المسرح ومحمود المليجي في السينما - علمان) .. ربما اقتفت سورية مصر منذ العام 1960 مع "مسرح ابو خليل القباني) - دمشق.
    .. والآن جاء دور فلسطين في تأسيس مسرح، وفن مسرحي مهني .. ثم، وهذه هي النقلة، مدرسة مسرحية، او مؤسسة للتدريب على الفن المسرحي .. أي أكاديمية!
    ربما كان مسرح الحكواتي - القدس للموهوبين ثم للمحترفين، سليقة أو تجربة، لكن لمسرح القصبة مهمة "صنع" وتفريخ أجيال في مجال فن المسرح. متى ننتقل من أمة شعراء الى أمة كتّاب مسرحيات؟
    لهم أن يدرسوا، خلال ثلاث سنوات، تاريخ المسرح. لهم أن يتعلموا، مثلاً، أسلوب جاك لوكوك، او اسلوب ستانسلافسكي، او اسلوب مايكل تشيخوف. لهم ان يتدربوا على أساسيات الحركة المسرحية على الخشبة، وحتى المشي عليها، والتعابير الجسدية لتحرير الجسد وتطويعه .. وأيضاً، مهارات شتى لا توفر فن "الأكروبات" وأساليب "القتال المسرحي" و"حتى المبارزة بالسيف".. وقبل كل ذلك الرقص الكلاسيكي الحديث، وما بعد الحديث (المعاصر) .. وبالطبع النطق .. أنت لا تحكي في المسرح كما تحكي في الحكي!
    .. ومن محصلة العرض أقول: ما من علاقة مع توفيق الحكيم إلا بالفكرة؛ وفكرة العدل موجودة الهياً وميتافيزيقياً في المسرح الإغريقي، وإنسانياً وقانونياً في المسرح الحديث.
    تابعت عروض أول فوج من الأكاديمية، فالثاني، وها هو الفوج الثالث .. ربما بعد عشرة أفواج قد نقول: يتمأسس مسرح في فلسطين.
    تحية الى جورج إبراهيم: ممثلاً، ثم مخرجاً .. ثم مؤسساً لأول مدرسة فلسطينية - عالمية لفن المسرح.
    أمة بلا مسرح تعني أمة بلا ثقافة. فلسطين تقود "الشعر" العربي وتجتهد في "الرواية" وتحبو في السينما والمسرح والفنون التشكيلية .. تحبو .. تمشي .. تعدو!
    زخّت!
    شتاء عجيب في سنة غريبة: أثلجت على غير عادتها وسَخَت في الإثلاج في الخريف، وأمطرت، على غير عادتها وسخت وابلاً من المطر في أيار.
    وين راحت "المربعينية"؟ وين راح المثل "مطر نيسان بحيي الأرض والإنسان"؟ ما راح نحكي عن "شخورة" مناخ الارض، لكن يبدو ان شتاء متوسطياً ينقلب به الحال من تلازم المطر مع البرد، الى تلازم المطر مع الخريف .. ومع آخر الربيع، وفي الوسط ضاعت المربعينية وضاع "خبي فحماتك الكبار لعمك آذار".
    على "الفيسبوك" تأتيك "التحريفات الآخروية" عن "علامات القيامة" الصغرى .. لا، إنما الإنسان يجور على المناخ، وعلى التوازن البيئي؛ وعلى "احترار" جو الأرض: محل هنا، فيضان هناك. صقيع هنا، حرارة قصوى هناك. الأرض كوكب أزرق من السماء .. وكوكب أخضر - أصفر في الأرض!.

    تدفيع الثمن .. إرهاب ممنهج
    بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
    الإرهاب اليهودي في فلسطين لم يتوقف لحظة منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا... بل أخذ أشكالاً متعددةً محاولاً الاستناد إلى حجج واهية، ولكنه في كل مرحلة كان إما مشرعاً كما في إرهاب العصابات الصهيونية قبل النكبة، أو مسكوتاً عنه في كثير من الأحيان أو محمياً من قبل القوات الإسرائيلية كما يحصل في البلدة القديمة من الخليل، وفي المستوطنات التي توصف بالأكثر تطرفاً في الضفة الغربية.
    الحكومات الإسرائيلية لم تتحرك لوقف الإرهاب اليهودي بحق الفلسطينيين على مدار السنوات الطويلة الماضية، ولكن كانت هناك ردات فعل تجاه بعض الأحداث التي كانت تؤثر سلباً على مواقف هذه الحكومات خارجياً... ما يضطرها للتحرك بالحدود الدنيا من أجل الظهور بمظهر من يحارب هذه الفئات.
    وإذا ما نظرنا إلى عصابات تدفيع الثمن الإرهابية اليهودية، فسنلاحظ صمتاً إسرائيلياً رسمياً، ورفضا لتوصيف هذه العصابات بالإرهابية، رغم كل الجرائم التي تقترفها بحق الفلسطينيين، لأن أقطاب الحكومة الإسرائيلية يعرفون أصلاً أن هذه الجماعات هي امتداد لأحزابهم وأفكارهم... بل هي جزء من تنظيمهم السياسي.
    ومن الملاحظ أن أجهزة الأمن الإسرائيلية بدأت تتحرك، ليس من أجل اجتثاث هذا الإرهاب اليهودي، بقدر رغبتها في إيصال رسالة إلى هذه المجموعات بأنها وصلت إلى مرحلة بدأت أعمالهم فيها تنعكس سلباً على الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين في الغرب. ولعلّ التقرير الأميركي الأخير هو الذي أشعل الضوء الأحمر أمام الحكومة الإسرائيلية وأجهزة أمنها للتحرك من أجل تبريد الأجواء.
    تشجيع الحكومة الإسرائيلية واضح... فهل لا تعي هذه الحكومة ما قامت به هذه الفئات الإرهابية من إجرام طال الإنسان الفلسطيني وأرضه وشجره ودنس مقدساته.
    عشرات آلاف الأشجار قطعها المستوطنون أو أحرقوها عمداً، وفي كثير من الأحيان تحت أعين وحماية القوات الإسرائيلية.
    عشرات المساجد تم تدنيسها أو إحراقها أو خط شعارات معادية على جدرانها، وهذه الظاهرة ليست حديثة العهد كما يدعي الكثير من الذين يحاولون تغطية الاعتداءات الإسرائيلية!.
    المسجد الأقصى أحرق في العام 1968 وهو الذي كاد يودي بالمنطقة إلى الهاوية... ثم دمّرت مساجد في عدة قرى... أعقبت ذلك مجزرة الحرم الإبراهيمي التي أوقعت عشرات الشهداء والجرحى من الساجدين فجراً في شهر رمضان.
    كما اقتحمت ساحات الأقصى من قبل إرهابيين يهود والذين أطلقوا النار وتحصّنوا هناك.
    إذن هي اعتداءات ممنهجة ومتواصلة شجّعتها الحكومات الإسرائيلية، لأن كل الذين شاركوا فيها أفلتوا من العقاب... أو ربما كان عقابهم هامشياً ليس ذا مغزى.
    الارهاب اليهودي تحت شعار تدفيع الثمن لا يفرق بين عربي وآخر بين مسلم أو مسيحي لأن كل الفلسطينيين هم عدو واحد أمامهم... وبالتالي فإن ازدياد حدة الاعتداءات تجاه الفلسطينيين يأتي في إطار الأيديولوجيا نفسها التي تقود هذه المجموعات الإرهابية... كنا دائماً نتساءل ماذا لو نبشت مثلاً مقبرة يهودية في أوروبا... ماذا سيحدث؟... ستقيم إسرائيل الدنيا ولن تقعدها... وسيتحدث الإعلام عن الاعتداءات اللاسامية... وستعلن الأجهزة الأمنية في تلك الدول استنفارها من أجل القبض على الجناة أو المجرمين... في الوقت الذي تدمّر فيه مقابر المسلمين... وأكبر دليل على ذلك مقبرة مأمن الله التي لم تراع فيها جرافات الاحتلال حرمة الموتى وألقت برفاتهم في حاويات القمامة.
    إذن كله تدفيع ثمن بأشكال متعددة... ولكن يبدو أن هناك أيضاً مشكلة لدينا نحن الفلسطينيين في عدم قدرتنا على الرد على هذه العصابات حتى باستنفار إعلامي عالمي، وبفضح هذه الممارسات الإرهابية وذلك أدنى ما يمكن أن نعمله؟..

    رسائل بطعم التهديد وأًخرى بطعم القوة
    بقلم: صادق الشافعي – الايام
    يتضح بشكل جلي ان هدف القوى الإقليمية والدولية الداعمة لقوى المعارضة السورية هو خلق وترسيخ القناعة بأن لا إمكانية ولا مجال لحسم عسكري أو نصر حاسم يحققه أي من الطرفين في المسألة السورية.
    لقد وصلت هذه القوى إلى قناعة تامة بان المعارضة التي تدعمها بكل تشكيلاتها وتنوعها ليست بأي حال قادرة على تحقيق انتصار عسكري يحسم المسألة بإسقاط النظام بالقوة، أو إجباره على الرحيل خضوعاً لشروطها لحل سياسي.
    المعارضة نفسها بغالبيتها العظمى وبتشكيلاتها السياسية المعترف بها، وصلت الى هذه القناعة أيضا. وهذا ما يفسر جزئياً اكتفاء مكوناتها النافذة على ارض الواقع بإقامة كياناتها "الشرعية!" في المناطق التي تسيطر عليها مهما كانت محدودة، ما خلق منها "موزاييك" متنافرا وربما متقاتلا.
    والدور الآن يأتي على النظام السوري، والهدف هو إيصاله الى نفس القناعة، انه هو أيضا غير قادر على حسم الصراع لصالحه بالضربة القاضية. أو بتعبير أدق إقناعه أنه لن يسمح له بهذا الحسم حتى ولوكان قادراً على تحقيقه.
    ولأن الدول الداعمة قد حسمت أمرها منذ مدة بعدم التدخل المباشر، كان لا بد لها من رسائل نوعية وقوية توجهها الى النظام السوري لتحقيق هدفها المذكور، حتى ولو رافقت بعض هذه الرسائل أشكال محدودة ومحسوبة من التدخل يمكن تطويرها حسب الحاجة.
    وزاد من ضرورة هذه الرسائل وأسرع في توقيتها الانتصارات التي يواصل النظام تحقيقها، وإلحاحية وقف التدهور الحاصل في ميزان القوى العسكري لمصلحته. كما زاد في ضرورة هذه الرسائل ايضا، ذلك التداخل الذي يفرض نفسه بين المسألة السورية وبين الصراع الدائر في اوكرانيا وحولها، فالدول والقوى الغربية الداعمة للمعارضة السورية هي نفسها التي تخوض الصراع في أوكرانيا.
    انتصارات النظام تمثلت أساسا في:
    أولاً، بالمعارك العسكرية، بدءاً من انتصار القصير وصولا الى السيطرة التامة على كل القلمون تقريباً، والى تطهير حمص من فلول المعارضة التي ظلت محاصرة في بعض أحيائها وما لهذه الانتصارات من تأثيرات وانعكاسات هامة وربما استراتيجية على توازن القوى العسكري وعلى تواصل طرق الإمداد والأمور اللوجستية الأُخرى.
    وثانياً، على مستوى المصالحات التي نجح النظام في عقدها مع أهالي العديد من المناطق والمسلحين فيها بما سمح بعودة تلك المناطق الى سلطة النظام دون قتال.
    وثالثا، استمرار تماسك قواه الشعبية ومؤسساته المدنية والعسكرية والأمنية، إضافة إلى ثبات وتماسك تحالفاته وموقفها الداعم بقوة وعلى كل المستويات.
    أما الرسائل فقد بدأت بثلاث:
    الأولى، محاولة فتح جبهة جديدة في منطقة (كسب) لمحاولة الوصول الى البحر والى اللاذقية والمنطقة المحيطة بها. وهي معركة إعلامية ومعنوية بالدرجة الأولى، ويراد منها الإيحاء ان قوات المعارضة قادرة على الوصول إلى معاقل النظام كما يعتبرونها.
    ليس من المتوقع أن تتمكن القوى المهاجمة تحقيق أهدافها أو الثبات في المواقع التي نجحت بالوصول إليها. ولم يكن ممكنا فتح هذه الجبهة وخوضها دون الموافقة المسبقة للنظام التركي ودون دعمه المباشر، حتى ولو اقتصر ذلك الدعم على الإسناد غير المباشر وعلى تقديم التسهيلات العملياتية واللوجستية.
    الثانية، ما تم الكشف عنه أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل ان تتدخل بضرب وحدات الجيش السوري في مناطق الجولان غير المحتلة لمنعها من القضاء على وحدات مقاتلة من "المعارضة المعتدلة"، كما يسمونها، والتي تم تدريبها وتهريبها وزراعتها في تلك المنطقة استعداداً لعمل عسكري واسع تخطط القوى الداعمة للقيام به، من الجبهة الجنوبية.
    والحديث عن التخطيط لهذا العمل يجري منذ شهور، وقد تم البدء بتفعيل هذه الجبهة في الأسابيع الأخيرة بوتيرة مدروسة وعبر تلك الوحدات المقاتلة المذكورة بعد تنظيمها في تشكيلات عسكرية تضمها ما تسمى "جبهة الجنوب" والتي يدّعون أن تشكيلها يخلو من قوى التطرف والإرهاب.
    إسرائيل تتجاوب مع الطلب الأميركي حسب الحاجة.
    والرسالة الثالثة، هي الإعلان شبه الرسمي عن تزويد الولايات المتحدة قوى "المعارضة المعتدلة" بصوارخ "لاو" المضادة للدروع، وقد بثت بعض الفضائيات مقاطع فيديو تعلن فيها مجموعات من المعارضة عن استخدام هذه الصواريخ في ضرب مواقع للجيش العربي السوري.
    الرسائل الثلاث المذكورة تلتقي، بإجراءات عملية، على تحذير النظام باستعداد القوى والدول الداعمة للمعارضة لرفع وتائر تدخلها في الصراع بأشكال من التدخل المباشر، او بزيادة تدريب وتنظيم وتوجيه قوى المعارضة وتزويدها بأسلحة ومعدات متطورة، او بأشكال أخرى قد يكون احدها فرض منطقة حظر طيران فوق بعض المناطق بالأمر الواقع ودون قرار دولي.
    رسائل الرد من النظام السوري جاءت، باستمرار التقدم العسكري في اكثر من موقع، ثم جاءت بالإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وعن ترشح الرئيس الأسد لخوضها. وهو ما كانت قوى المعارضة والدول والقوى الداعمة لها والأخضر الإبراهيمي يحذرون من الإقدام عليه.
    انها رسائل قوة موجهة للأطراف المذكورة فحواها ان النظام يرفض الرسائل الموجهة له ويرفض الانصياع للأهداف التي تسعى لتحقيقها.
    الى متى تستمر القوى والدول الداعمة للمعارضة في توجيه الرسائل؟ والى متى تستمر بمحاولة تصدير "المعارضة المعتدلة" وهي تعلم أنها لاحول لها ولا طول في حضور قوى المعارضة المتطرفة والمسيطرة والمنفلتة من كل عقال، والتي يزداد إرهابها وتدميرها بقدر ما يتعمق صراعها وتتعمق دمويته.

    قراءة في "فنجان" الصراع السوري!
    بقلم: جواد البشيتي – الايام
    يُراد لسورية أنْ تكون اللَّحْد لـ "الربيع العربي"، الذي كانت له تونس مَهْداً؛ ويُراد لشبابه الثوري، الذي فاجأ العالَم بمعجزته الثورية، أنْ يتعلَّم دَرْساً، لا ينساه أبداً، في "الإحباط الثوري التاريخي"، وأنْ تَهْرَم روحه الثورية قبل أنْ يَهْرَم هو، وأنْ يَفْهَم تجربته على أنَّها خَيْر وأقوى دليل على أنَّ الطريق إلى جهنَّم مبلَّطة بالنِّيَّات (الثورية) الحسنة؛ ورُبَّما يَخْرُج من بين ظهرانينا من يَلْعَن الولايات المتحدة، وسائر الغرب المُنافِق في خطابه الديمقراطي، مُتَّهِماً القوَّة العظمى في العالَم بـ "خيانة" الشعوب العربية كما "خانت" بريطانيا العرب الذين هَبُّوا إلى الثورة على الحُكْم العثماني؛ لكنَّ التاريخ لن يرى إلاَّ خيانتنا لأنفسنا؛ فلو لم نَخُن أنفسنا، والأهداف التي من أجلها نَزَل الشعب إلى الشارع، لنَزَلت علينا "خيانة" الغرب بَرْداً وسلاماً.
    قُلْتُ "رُبَّما"؛ فرُبَّما لن نرى هذا الغرب مُتَّهَماً بـ "خيانة" العرب، في "ربيعهم الشعبي الثوري"؛ لاختفاء "المُتَّهِم" نفسه من "الوجود السياسي ــ التاريخي"؛ فـ "الخَلَف" من دُوَل (أو دويلات) القبائل (الطائفية هذه المرَّة) قد يكون هو المُحْتَفِل، سنوياً، بنَيْلِه "استقلاله (وحريته)"، فَمِنْ موت "الأُمَّة" كُتِبَت (وكانت) له حياة؛ وهذا ما يشبه نظرية "التخلُّص من الدَّيْن (الثقيل) بالتخلُّص من الدَّائن نفسه".
    حتى الآن (و"الآن" فيها من المستقبل أكثر مِمَّا فيها من الحاضر) سورية هي وحدها المهزومة؛ وهزيمتها لن تُتَرْجَم إلاَّ بهزيمة لـ "الربيع العربي" كله؛ فإذا بقي بشار، وإذا ما انتصر، مع حلفائه الدوليين والإقليميين، أيْ أسياده، فسورية هي المهزومة؛ وإذا ما استمر الصراع (الذي نعاينه الآن، ونعاني تبعاته وشروره) بما هو عليه من ماهية وخواص، فسورية هي المهزومة؛ وإذا ما انتصرت "المعارَضَة، بما هي عليه من ماهية وخواص، فسورية هي المهزومة.
    "السياسة"، ومعها "المستقبل السياسي لسورية (وللصراع فيها)"، لا تُقْرَأ، ولا تُفْهَم، إلاَّ حيث يدور ويحتدم القتال (الذي هو اقتتال، وقَتْلٌ، وتَقْتيل). من دمشق، يقود بشار حرب التأسيس لـ "دويلة الساحل"، والتي يُراد لها أنْ تكون "الأقوى"، وأنْ تظل بمنأى عن حرب الموت والدَّمار التي يخوضها ويقودها بشار (وحلفاؤه) في سائر سورية؛ فسورية، باستثناء إقليم "دويلة الساحل"، يجب أنْ تُدمَّر، بمدنها وأحيائها ومنازلها ومنشآتها وبُنْيَتِها التحتية؛ أمَّا سكَّانها فلا خيار لديهم إلاَّ "اللجوء" أو "النزوح"؛ ولقد كانت "كَسَب" الثغرة في هذا الجدار المنيع.
    أمَّا "حزب الله (اللبناني)"، و"أشِقَّاؤه" من العراقيين، فَنَفَثَ في روع "الطائفة" و"مجاهديه" أنَّ "التكفيريين" في الطريق إلى معاقله، يَسْتَحِثُّون الخطى، وأنَّ "الموتى العِظام"، مع أضرحتهم السورية، في خَطَر؛ ولا بدَّ من "الذِّهاب إليهم (في سورية) قَبْل أنْ يأتوا إلينا"؛ و"التجربة الجهادية" في سورية، وبألوانها الإسلامية المختلفة، تقيم لنا الدليل على أَمْرَيْن: أنَّ المسلمين كانوا، وما زالوا، في "حرب أهلية (طائفية)" هي الأطول في التاريخ، وأنَّ غالبية شهداء المسلمين هُمْ قَتْلى على أيدي مسلمين.
    ولَمَّا نَظَرْنا إلى "الأرض" حيث يدور ويحتدم القتال (محاماةً عن موتى وماضٍ ما زال حيَّاً يُرْزَق في حاضرنا ومستقبلنا) بانَت لنا "الحقيقة" عارية من الوهم؛ فما هي إلاَّ حرب لـ "الوَصْل (الجغرافي)" بين "دويلة الساحل" وبين معاقِل الحزب، وفي مقدَّمها "معقل الهرمل"؛ فـ "مجاهدوه" احتلوا من الأراضي السورية المحاذية للبنان ما يمكن أنْ يكفي لإقامة "شرائط جغرافية" تَصِل "دويلة الساحل" بمعاقله اللبنانية (الهرمل على وجه الخصوص، أو حتى الآن) وبـ "معقل بشار" في العاصمة؛ وموانئ "دويلة الساحل"، وفي مقدَّمِها ميناء طرطوس، تَصْلُح للتأسيس لعلاقة استراتيجية، في شرق المتوسط، بين روسيا وإيران، تَنْتَفِع منها هذه "الدويلة" و"حزب الله".
    ورُبَّما لا تكون هذه النتيجة هي نهاية هذا المسار؛ فإنَّ ما يشبه "المجال الحيوي" لهذه "الدويلة" يمكن أنْ يُقام؛ فنرى "دويلة الساحل" على شكل "قوَّة احتلال" في أجزاء ومناطق أخرى من الأرض السورية؛ ونرى اللاجئين والنازحين عاجزين عن العودة؛ خَوْفاً من بطش "قوَّة الاحتلال"، ولأسباب موضوعية، في مقدَّمِها خراب ودمار "المكان" الذي يريدون العودة إليه؛ ورُبَّما تَلِد المأساة مهزلة، فتُصْدِر الأمم المتحدة قراراً كقرارها الرقم 194، تؤكِّد فيه حقَّ اللاجئين (السوريين) في العودة أو التعويض!
    "نهاية التاريخ".. عربياً!
    قانون "الانتخاب (الاصطفاء، الانتقاء) الطبيعي" لداروين يَفْعَل فعله حتى في المجتمعات، ولو لم تكن حُرَّة وديمقراطية بما يكفي لتحريره من كثيرٍ من القيود؛ ولقد رَأَيْنا فعْله في "البيئة العربية (غير الطبيعية)" على مستوى العقائد والأفكار والمذاهب والاتِّجاهات والتَّيَّارات.
    في عهد الحُكْم العثماني، الذي استبدَّ بالعرب قروناً من الزمان، رَأيْنا ولادةً للوعي (والشعور) القومي العربي؛ ولقد كان الهاشميون، في شبه الجزيرة العربية، بقيادة الشريف حسين بن علي، الذي قاد (بالتعاون والتفاهم والتنسيق مع "بريطانيا العظمى") الثورة العربية (القومية) الكبرى، سنة 1916، الممثِّل الأبرز لهذا الوعي؛ لكن هذا الحراك القومي العربي الأقدم، والذي ضَمَّ منظمات وجمعيات وقيادات قومية عربية من خارج الهاشميين، في العراق وسورية وفلسطين على وجه الخصوص، كان في محتواه خليطاً من القَبَليَّة والعشائرية والزَّعامة الدينية. وانتهى هذا الحراك إلى فَشَلٍ تاريخيٍّ، واستُبْدِلَت قيادات من نمط جديد بالقيادات القديمة؛ لعلَّ الموجة الثانية من الحراك القومي العربي تأتي للعرب في المشرق بالتحرُّر القومي من البريطانيين والفرنسيين، وبما يسمح بالتأسيس لدولة قومية عربية، و"تحرير فلسطين"؛ لكنَّ هذه الموجة لم تأتِ إلاَّ بما أقام الدليل على أنَّ هذه القيادات القومية الجديدة لم تكن أهلاً لإنجاز مهمات قومية بهذه الأهمية التاريخية؛ فتهيَّأت الظروف والأسباب لموجة ثالثة، كانت خليطاً من "القومية الناصرية"، و"القومية الحزبية البعثية"، والمنظمات والأحزاب والتَّيَّارات اليسارية بألوانها المختلفة؛ ولقد تأثَّر هذا الحراك القومي واليساري العربي الجديد، والذي لم تكن المطالب والشعارات الديمقراطية، ولا الاتِّجاهات الإسلامية، بجزء من تكوينه السياسي والفكري، بقيام وتوطُّد التحالف بين الاتحاد السوفياتي ومصر الناصرية، التي كانت مركز الثقل في هذا الحراك، وبإنجازات وانتصارات لـ "الحركة الشيوعية العالمية"، وبالمَثَل الثوري الفيتنامي على وجه الخصوص؛ وظلَّت "القومية الناصرية" مَصْدَر طاقة لشَحْن الشعور القومي العربي من المحيط إلى الخليج، فشرعت تتبلور الهوية القومية العربية، ويَضْمُر ما دونها من هوية وانتماء، حتى وقعت الواقعة (حرب حزيران 1967) فهُزِمت "القومية الناصرية" شَرَّ هزيمة، وساد الشعور بالإحباط القومي، وبدأت مرحلة الارتداد العربي إلى الهويات والانتماءات دون القومية؛ وسرعان ما اختلط وامتزج "إفلاس القومية الناصرية (والبعثية)" بـ "إفلاس اليسارية الشيوعية" بعد، وبسبب، انهيار وتفكُّك الاتحاد السوفياتي؛ فتهيَّأت الظروف والأسباب لصعود جماعات "الإسلام السياسي"، وفي مقدَّمها جماعة "الإخوان المسلمين"؛ فهذا "الفراغ القيادي (السياسي والفكري) الهائل"، والذي خلَّفه "إفلاس الحركة القومية واليسارية"، ما كان ممكناً شَغْله إلاَّ بجماعات "الإسلام السياسي".
    وفي موازاة هذا المَدِّ الإسلامي (الشعبي والسياسي والفكري والثقافي) تَبَرْعَمَت في بعض الأوساط الشبابية الميول والأفكار الليبرالية والديمقراطية، واستبدَّت بتفكيرهم ومشاعرهم "الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة"، وكانت، من ثمَّ، ثورات "الربيع العربي"، وانتقلت السلطة، في بعض دول "الربيع العربي"، ومن طريق "صندوق الاقتراع"، إلى جماعة "الإخوان المسلمين"؛ ثمَّ عَصَفَت الأزمات بهذه السلطة الجديدة، حتى أطاحها العسكر في مصر، مركز الثقل في "الربيع العربي"؛ وبدا أنَّ "البيئة العربية" لم يَقَع اختيارها، أيضاً، على جماعات "الإسلام السياسي"؛ أمَّا الشباب الذي فجَّر هذا الحراك الشعبي الثوري الديمقراطي والليبرالي فشرع يسوده شعور بالإحباط؛ ولقد سُيِّرت رياح ثورات "الربيع العربي" في بعض البلاد العربية، وفي سورية على وجه الخصوص، عربياً وإقليمياً ودولياً، بما وَلَّد "فراغاً قيادياً جديداً"، لا يستطيع شَغْله، هذه المرَّة، إلاَّ نمط قيادي هو الأسوأ في تاريخ العرب الحديث؛ فالقادة الآن خُلِقوا على مثال العصبيات الطائفية والمذهبية والقبلية والعشائرية والجهوية؛ فحراكهم هو بماهيته وخواصه الجوهرية يُمثِّل النَّفي التام لكل حراك عرفه العرب من قَبْل، أكان من طبيعة قومية أم من طبيعة ديمقراطية؛ وكأنَّها "الجاهلية" تعود، فتُغْلِق "الدائرة"، ليُعْلِن هذا الخليط القيادي من العسكر وزعماء الطوائف والقبائل "نهاية التاريخ" عربياً!.

    لا لخصخصة قطاع المياه في فلسطين
    بقلم: صلاح هنية – الايام
    اجزم أن سلطة المياه ووزارة الحكم المحلي لديهما الكثير مما يفعلانه في قطاع المياه أبعد بكثير من قضية مذكرة تفاهم لتركيب عدادات مياه مسبقة الدفع أثبتت فشلها في كل الدول التي استخدمت فيها خارج الدول العربية، وهذا حكم مطلق لن أتراجع عنه، وادعو الرئيس محمود عباس الى وقف هذه المأساة القادمة على الفقراء ومحدودي الدخل في فلسطين، وهي تذهب باتجاه المناطق الأكثر تضررا من الاستيطان وجدار الفصل وسياسات الاحتلال لتزيد همهم هما.
    بدلا من أن تتفرغ وزارة الحكم المحلي لدورها المنصوص عليه في قانونها ونظامها الداخلي تذهب باتجاه إدارة قطاع المياه والكهرباء وترفض الانخراط في شركات الكهرباء الإقليمية وترفض الانخراط في مصالح مياه إقليمية أوجبها القانون، ولا تريد تشجيع المنتجات الفلسطينية في مشاريع المياه والصرف الصحي عبر مشاريع هيئات الحكم المحلي التي تذهب غالبيتها لمنتجات غير فلسطينية وليست مستوردة عبر وكيل فلسطيني مسجل ويضخ أموالا في الاقتصاد الفلسطيني ويتبرع لوقفية القدس مثلا.
    اعلم علم اليقين أن مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والمائية تراخت ولم تؤد دورها بخصوص قناة البحرين وحقيقة وجود مصلحة فلسطينية في زيادة حصتها المائية، بالتالي عندما وجدت سلطة المياه الميدان خاليا لأبو حميدان لبس عباءتها وقال، هيا بنا نركب عدادات المياه مسبقة الدفع ونزيد عبء المواطن ونحل مشكلة 375 هيئة حكم محلي تدير قطاع المياه، كل على ليلاه، فنحل مشاكلهم المالية واذهبوا فأنتم الطلقاء.
    أعلم علم اليقين أن مؤسسات محافظتي بيت لحم والخليل تراخت وتلكأت لتحميل سلطة المياه مسؤوليتها الحقيقية ومساءلتها عن أزمة المياه المتكررة في الخليل وبيت لحم، لم تتم مساءلتها على فشل برامج الصيانة للمضخات وتكرار هذه الصيانة مرة تلو مرة وقص شريط الصيانة مرة وراء مرة، وسياسة بيع الصهاريج طوال الصيف من ذات الآبار التي تحتاج مضخاتها للصيانة، ونشوء تجارة المياه التي استقطبت سياسيين ومناضلين سابقين وحاليين. لذلك انقضت علينا سلطة المياه الفلسطينية لتعلن تفاهمات لتركيب عدادات المياه مسبقة الدفع.
    اعتقد أن سلطة المياه ووزارة الحكم المحلي يجب أن تبذلا جهدا أكبر على حساب الجهد الضائع في العدادات، ألا يوجد ضغوط واشتراطات احتلالية لاستخدام مشترك لمكبات النفايات بين الفلسطينيين والمستوطنين، واشتراطات لاستخدام مشترك لمحطات تنقية المياه العادمة، هيا، هناك المعركة الحقيقية.
    اعرف تماما أن وراء العدادات مسبقة الدفع تجارة رائجة سيكون وراءها أبطال يتم اكتشافهم بعد سنوات من إنجاز تركيب هذه العدادات، وفجأة ستزدهر شركة جديدة وستطل وجوه أصحابها في نوادي رجال الأعمال الجدد في فلسطين، وسيجتهد المروجون لتأليف ملف نضالي زاخر لهم، وسيحولونهم لرجال خير وإصلاح ورعاة نشاطات خيرية، العدة اللازمة للظاهرين الجدد على خارطة الأعمال والمال.
    اعلم علما موثقا أن رؤساء البلديات والمجالس القروية هم اسعد الناس بهذه العدادات "أي هو احنا بطلعلناش يصير عنا موازنات جديدة بطريقة أسهل".
    وما خطب وزارة الحكم المحلي تذهب بهذا الاتجاه ألا يوجد لديكم ما هو أهم من عدادات الدفع المسبق للمياه، أليس هم جوريش ومسافر يطا وقبيا وقصرة وقريوت والديوك والنويعمة اهم بكثير لتوجيه جهدكم باتجاه المناطق الأكثر تضررا من الاستيطان وجدار الفصل وسياسات الاحتلال، لماذا تشكو وتتذمر البلديات والمجالس القروية في محافظة طولكرم، أليس الأجدر التعاطي مع هذا التذمر بدلا من الإصرار على عدادات المياه مسبقة الدفع.
    الخطر الآتي من عدادات المياه مسبقة الدفع كبير وسيكون مقدمة لإجراءات جديدة إذا تراخت جمعية حماية المستهلك، ومؤسسات المجتمع المدني، والإعلام.
    العدادات مقدمة لخصخصة قطاع المياه بصورة تضر بمصالح الفقراء ومحدودي الدخل.
    العدادات إجراء استباقي قبل المصادقة على قانون المياه من قبل الرئيس والذي سينظم قطاع المياه في فلسطين إذا خلصت النوايا.
    العدادات تحول المياه إلى سلعة، بمعنى صريح "تخيل انك ستضع عملة معدنية مالية في الحنفية قبل أن تشرب كوب الماء وقبل أن تغمر الأرز بالمياه لطهيه، وعليك أن تتخيل انه لا يوجد مياه في الحنفية بعد دفع مالك"... وتخيل انك تريد أن تضع العملة المعدنية في الحنفية ولكنك لا تمتلكها، وضع نفسك مكان من لا يستطيع أن يشرب.
    العدادات ليست صديقة للفقراء ومحدودي الدخل ووزارة الشؤون الاجتماعية لا يوجد لديها قرار بخصوص إعفاء حالات الشؤون الاجتماعية من الحد الأدنى للمياه.

    المنصور والمقهور، ونافذة بوجهِ السُّورْ
    بقلم: آصف قزموز – الايام
    قالوا إن عجوزين مريضين في السن طاعنيْنْ، جمعتهما الصدفة في المستشفى من أصلٍ واحدٍ وَبلدِيْنْ، وغرفة واحدة لِوَحدهما بسريرينْ، فأناخوا بهما على الأسِرَّة ممرضَينْ، ممنوعين من النوم على البطن والجنبينْ. فوضعوا أبو منصور بجانب النافذة الوحيدة وحدهُ، ويسمح له بالجلوس في السرير ساعة واحدة في العصر أو بعدهُ، أما أبو مقهور فكان عليه أن يظل مستلقيا طوال الوقت لا يحملُهُ سوى ظَهْرُهُ.
    هذه الحالة جعلت المريضين العجوزين يقضيان وقتهما في تبادل الأحاديث، ولكنهما سَئِما هذا الحال بعد أن استنفذوا ما في جعبتيهما من كلام عن الذات والآخرين، وهما طبعاً لا يرى أحدهما الآخر، فناظراهما في السقف على مدار الساعة، يطلقان العنان لصوتيهما بالغناء بكل ما يشتهيان سَماعَهْ، يا دوب مرَّت علي أربعَه وْعشرينِ ساعَهْ، ضاع الهوى يا خَسارَه وْضاع كل الضِّياعَهْ ( طبعاً هذول معذورين يا جماعة، لأنهم مرضى ممنوعين من الحركة، لكن شو نْقول لَلِموظف اللي بيضيع وقت العمل في الكلام وعلى الفيسبوك وِالتشاتْ، وِالحَكي الفاضي مع النسوان وِالبناتْ، هذا إذا قَعد وِالْتَزَم بمكان العمل زي الخواجاتْ) . وعلى سيرة العلاج والمستشفيات، أحد المسنين، اعتذر أطباؤنا عن إجراء عملية جراحية له، وذلك لخطورة العملية وصعوبتها وكِبَر سن العجوز المريض، فلما ذهب لمستشفى خاص أجريت العملية فوراً وبنجاح، مع أن الشريان المقصود في العملية انفجر قبل بدء العملية بثلاث دقائق، يعني لولا لُطُف ألله كان الزلمة فَلْسَعْ، وبدناش نحكي عن العبد الفقير اللي أجريت لَزُوجْتُه عملية كبرى وكل ما يطلبوا دوا لازم يروح يشتريه من صيدليات خارجيهْ، وفيكوا تتخيلوا أسعار الأدوية اللي بيطلبوها بعد كل عملية جراحيهْ، يعني أصبح المواطن خاضع لعملية جيب مفتوحْ، وِالقَلِب مجروح من قَلِب مَشفوحْ، فَغَنَّت ليلى مراد فين أيامَك يا حبيبِ الرُّوحْ، وْناس صاروا يغنوا عالبُكَا وِالنُّوحْ، وناس صاروا يْغَنُّوا لَلِّي شَرَّدونا مِن بَعِد ما طَخُّو حَمامِ الدُّوحْ، يا حَسِرتي الدار مْسَكَّرة وِالعين دامْعَه وِالقَلِبْ مجروحْ .
    المهم، ظل أبو منصور وأبو مقهور يطاقعوا ابْبَعَضْ، ليل نهار تا خِلِصِ الكلامِ المُفتَرَضْ.
    لكن اللي أنقذ الوضع إنو في كل يوم عصراً، يجلس أبو منصور بسريرِهِ حسب تعليمات الطبيب ساعَة واحِدَه حَصْراً. وهو يصِفُ لأبي مقهور ماذا يرى من النافذة العُلْوِيَّهْ، وكان كل منهما ينتظر هذه الساعة بفارغ الصبر والإرادَوِيَّهْ، لأنها الشيء الوحيد الذي يفرج كربهم ويملأ حياتهم المملة اليائسة بالحيوية. ثم أخذ يسرد لصديقه يومياً ماذا يرى عبر النافذة بِرَوِيَّهْ: حديقةٌ كبيرة تضج وتَعُج بالأطفال والأهالي الذين خرجوا للفسحة والترويح عن النفس، والأطفال يتقافزون في المسبح يلاحقون البط والإوَزْ، وآخرون يسيرون المراكب التي صنعوها من الورق ويلاحقون مخلفات الأشياء الطائشة على سطح البحيرة، ومنظر الرجل الذي يؤجر المراكب للناس المتنزهين في البحيرة وهم يجوبون أرجاء البحيرة فرحين يغنون ويرقصون على المراكب، وكذلك السيدات المتأنقات وهنَّ يتأبطن أذرع الرجال يتمشون حول البحيرة وأطفالهم من حولهم يلهون ويلعبون بأشيائهم، بينما آخرون جلسوا تحت الأشجار الوارفة الظلال يتأملون المناظر البديعة والطبيعة الخلابة، تحت قبة السماء بزرقتها الصافية.
    نعم كان يرسم لصديقه كل يوم لوحةً كاملة في حياة وحياةً كامِلةً بِلَوحَهْ.
    وكم كانت سعادة العجوز النائم قسراً على ظهره، وهو يسمع من صديقهِ الأثيرْ، المجاور له بالسريرْ، ذلك الوصف الدقيق الرائع، لجمال الحياة خارج نافذة المستشفى، ثم ما يلبث أن يُسْدِلَ جفنيهْ، بهدوءٍ هادلٍ فوق عينيهْ، ويبدأ بتخيل كل ما سمعهُ من جمالٍ، سواء في وصف الأصواتْ، أم الصور والحركاتْ، التي تتراءى له وكأنما يراها في العين حقيقة، وتتسامَع لهُ الأصوات الموصوفة فيسمعها وكأنما في الأذْنِ حقيقة. فلما كان يصف له في أحد الأيام عرضاً عسكرياً ضخماً مَهُولْ، وفرق كشافَة مع مارشات عسكرية وطُبولْ، مع أنه لم يسمع أية أصوات لموسيقى ولا مرشاتْ، إلاَّ أنه كان يسمعها بدقةٍ متناهية بعيني عقلهِ وقلبِهِ العامرة بالإرادة والحياةْ، فاستمتع بها صوتاً وصورهْ، وكأنما يجلس بمشادتها من مقصورَهْ، فيصدق بأذنيه السمع عن الأصلِ والصورهْ، إنها طبيعة الأشياء ومقومات الضرورَهْ (على شان هيك غنت صباح عالصورة امْضيلي عالصورَهْ، وْغنت أم كلثوم، أكذب فيك كل الناسِ قلبي، وأسمع فيك كل الناسِ أذني، وبعدين هالايام اللي بيشوفوا بقلوبْهُم وْذينيهُم وْبِسمَعوا بِعيونهم وْبِيْشوفوا بْذينيهُم بس هم الصادقينْ، وْمش بالصدفِه الناس لما بتوصف واحد واقِعْ بِمَطَبْ على بُوزو بيقولوا عنو إنو أعمى القَلِبْ مْفَتْحِ العِنينْ، وْلما بِدْعُوا عَ واحَد بيقولولو العَمَى بِقَلْبَكْ يا بْعيد، وْبيقولوا عينك كريمِه مع إنها في الحقيقة عورَهْ، يعني كل شي مْشَقْلَبْ، وِالكُل مِتْخوزِق وْميخِذ بالدنيا مَقْلَبْ).
    قضى كلا العجوزين أياماً جميلة ممتعَة، نجحوا خلالها بتمزيق اليأس والمَلَل، وسَعدوا أيما سعادةْ، لكن لأنو الزين عُمْرُو ما كِمِلْ، والأوقات الجميلَة سرعان ما تنقضي بلمح البَصَرْ، دخلت الممرضة كعادتها غرفة المريضيْن الحبيسينْ، لتجد أبو مسرورْ الذي كان سريره بجانب النافذة قد فارق الحياة، واضعاً حداًّ لسعادة صديقه الآخر المنتظر عل دكة الموت المحتوم( مش عارف إذا كان استخدامنا لمصطلح الطرف الآخر في إشارة لإسرائيل له علاقَة بذات المقاربة بهذه الحقائق المدرجة آنفاً، وهل غيابنا عنه يضع حداًّ لسعادتهِ بلقائنا والتفاوض معنا، أم يزيده نكداً عدم غيابنا. يعني، دارَت الأيام وْمرَّت الأيام، وْهل الفجرِ بعد الهَجْر، بِلونو الوردي بِيْصَبَّح، وْنور الصُّبح صَحَّى الفَرح وقال للحُب قوم افْرَحْ. طبعاً ما عدا عندنا الأمور معكوسِه، وِالناسْ مَوكوسِهْ، الخَصِم بيتْغَنى بالسلامْ، مع إنوا مْسَخِمنا بِسْخام، بِخُطَط لئيمِه وْمَدروسِهْ، تا يْخَلينا انظَل حايسين ابْحُوسِهْ).
    اكتأبَ أبو مَقهور بينما كان يسترق السَّمعَ والممرضة تطلب عبر الهاتِف المساعَدَهْ، لنقل جثَّة أبو منصور الهامِدَهْ، وعَرف أنَّه كان يتحدث طوال الليل مع جثة صديقهِ البارِدَهْ، من دون جَدوى ولا فائِدَهْ. يعني أبو مقهور ناشِف ريقوا مْنِ السَّهَرْ، وأبومنصور كايِن لا حِسّْ ولا خَبَرْ، وأطلَق لصوتِه العنان يغني من الضَّجَرْ، لَبِستُ ثوبَ العَيْشِ لَم أسْتَشَر، وَحِرْتُ فيهِ بينَ شَتَّى الفِكَرْ، وسَوفَ أنْضُ الثوبَ عني ولَم أدرِك لماذا جِئْتُ أينَ المَفَرْ، فما أطالَ النوم عُمراٍ ولا قَصَّرَ في الأعمارِ طولِ السَّهَرْ.
    عندها، طلب أبو مقهور من الممرضَة، نَقلَهُ بجانب النافذَةِ المُبْغِضَهْ . وانتصبت أمامه الذكريات والحقيقة بوقاحَهْ. فَصُعِقَ عندما عرف أن أبو منصور لم يكن يرى كان أعمى البَصَرْ، أخذ ينْشِد متذكراً قول الشاعر المُعتَبَرْ، يا أمُّ ما شكل السماء وما الضياء وما القَمَرْ، بجمالها تتحدثون ولا أرى منها الأثَرْ، يا أمي مدي لي يديكِ عسى يزايلني الضَّجَرْ، الله يلطُفُ بي ويصرفُ ما أقاسي من كَدَرْ. وِدْموعو طولوا وِيغني، ما اقْدَر وِالنبي اوَدَّعَكْ، خُذني يا حبيبي مَعَكْ، مثل الظل أنا بَتْبَعَكْ، حتى لَو طِلِعتِ القَمَرْ يا روحي بَلاشِ السَّفَرْ. إشي بِيْقَطْعِ القَلِبْ وْبِيْفِتِّ الحَجَرْ، وَلكُم افهموا يا ناس اسمعوا يا بَشَرْ.
    وهنا، قرر أن يتحامَلَ على نفسِهِ، مستعيناً بإرادتِهِ وإيمانِهِ وبأسِهِ، ليجلِسَ وَسْطَ آلامِهِ في السريرِ على فَقْدِهِ، وببُطءٍ شَديدٍ استدارَ الى النافذَةِ لِيرى بِاُمِّ عَيْنِهِ، فرأى جداراً أصَم قد سَدَّ الفضاءَ والخارجِ عن وَجْهِهِ، فَتَعجَّب أبو مقهورْ مما فَعلَ الصديق قبلَ وفاتِهِ، وتعجبت الممرضة أكثر من اندهاشِهِ وردِّهِ.
    فلما قصَّ عليها ما كان يروي ويَصِف لهُ صاحبَهُ، مما كان يرى عبر النافذَةِ وهو يُداعِبَهْ، من أحداثٍ مُسلياتٍ وجمال الماء والخضراء والهَوى العليلُ يُصاحبَهْ. أسقطت الممرضة في يَدَيْها، وأرتِجَ عليها بلسانها وشَفَتَيْها، وبعد أن تَأْتَأَتْ ومأْمَأَتْ قائلةً لهُ ولمن حوالَيْها: لكن المتوفى كان رجلا أعمى، فلم يكن يرى حتى هذا الجدارِ الأصَمْ، ولا قاصٍ ولا دانٍ ولا مُهِمَّ ولا أهَمْ، فكنتَ السعيدَ والمُسْعِدِ لكن الحب هو الأهَمْ. ولربما أراد أن يجعل حياتَكْ سعيدِهْ، في فترة مرضكَ المديدِهْ، وْكونَك فقير من أبناء الثورَة المجيدِهْ، كحيان وْطَفرانْ عالحديدِهْ.
    مفارقات عجيبة وعجائب غريبة، أبو منصور الأعمى وضع الراحة في قلب إنسان يائس دون أن يعرفه أو يراهْ، فقضى نحبهُ مخلفاً أبو مقهور المبصِر يعيش آلامَهُ دهراً وراهْ. هي صور ومآس وأفراح من صنع البشَرْ، والمسألة بالمفيد المختصَرْ، أن ثمة خذلانا في الحياة لا يغتَفَرْ، وجحودا لا يقوى عليهِ بَشَرْ، نعم، فمن لا يحب صعود الجبال، يعش أبد الدهرِ بين الحُفَرْ ، فما أطال النوم عُمراً ولا قصر في الأعمار طولُ السَّهَرْ، إفهموا يا عالم إفهموا يا بَجَم إفهموا يا بقَرْ.
    تُرى، لماذا العالَم بلا حُبٍّ ولا وفاءَ مع الغني ولا الفقيرِ ولا الطويلِ ولا القَزَمْ، اللصُّ باغٍ والجَهْلُ طاغٍ والبريءُ مُتَّهَمْ، لماذا الكُرْهُ والجُحودُ يعُمُّ أرجاءَ البلادَ والأمَمْ، لماذا النَّفْخُ وهذا الطَّفْحُ ونحن من حمَلَ الصليبَ معَ الألَمْ، لماذا نفتقد الشموخَ والزُّهُوَّ ما بين عرب أو عجَمْ، فنحن من صنعوا مجدَ الحياةَ من رحمِ العَدَمْ، ونحن من أقْرى الضيوفَ وألبَسَ المحتاجَ من الرأسِ حتى القَدَمْ، ونحن من نَصَرَ المظْلومَ ومن رفعوا لواء العلم والقرطاسَ والقَلَمْ، نعم قد يستَوِي الأعمى مع البصير وعِنْد الحقّ للمظلومِ، مع الظالِم لا يستوي دَمٌ بِدَمْ.
    أيام الكسوف
    بقلم: وليد بطراوي – الايام
    أتذكر ما حصل قبل عدة سنوات عندما التزم الجميع بيوتهم تحسباً من "الكسوف"، بناء على تعليمات الجهات "المختصة" التي "أرهبت" الناس بان حياتهم مهددة اذا ما خرجوا من بيوتهم. أشعر في كثير من الأحيان أننا بحاجة الى "الكسوف" ليلزمنا بيوتنا، فهناك بعض الفعاليات والمناسبات التي لا تحتاج منّا مهرجانات ومنصات يعلوها الخطباء، بل تحتاج إلى التزام الصمت والبيوت لإحيائها مثل ذكرى النكبة، وهناك فعاليات جماهيرية نحتاج فيها إلى الجماهير لكننا نخجل لقلة أعداد من يحضرها وبالتالي فإن الدعوة الى البقاء في المنازل تبدو اكثر نجاعة، وافضل مثال على ذلك خيمة الاعتصام تضامناً مع الاسرى التي خلت إلا من عدد قليل من المشاركين الذين ربما جاء بعضهم لتبرز صورته في وسائل الإعلام، وربما لان قضية الأسرى تهمه شخصياً لوجود احد أقاربه بين الأسرى المضربين عن الطعام، المناسبات الفلسطينية كثيرة، وبرأيي تحتاج إلى أيام
    كسوف كثيرة.
    بدون وساطة ولا محسوبية
    قال صديقي معقباً على حديث بيننا حول فيتامين "واو" أي الوساطة والمحسوبية، إنه لا يستخدمها وليس بحاجة اليها، لأن كل أقاربه يعملون في المؤسسات الحكومية. ضحكنا وضحكنا وضحكنا!.
    كأس العالم
    جاءني صديق منزعجاً، فهو لم يعرف ان موافقته على اشتراك ابنته بالنشاط الرياضي اللاصفي سيتحول الى نهائيات كأس العالم، فبعد نقاش طويل، وافق وزوجته على ان تشترك ابنتهما بتدريبات فريق كرة القدم للبنات الخاص بالمدرسة، وواظبت الابنة على التدريب، وحضر الوالد بعضاً من التدريبات والمباريات التي لم يكن يتوقع ان تقدم ابنته فيها اداء محترفاً، ولكنه كان راضيا عن مستواها، آخذاً بعين الاعتبار انه نشاط لا منهجي، وللمتعة.
    الابنة حرصت ألا تفوت تدريباً، وعندما سلموها الزي الرسمي للفريق "طارت من الفرح"، وحرصت على غسل الزي بيدها حتى لا "يروح لونه" كما تقول، ولكنها قررت بعد كل هذه الحماسة أن تترك الفريق، والسبب لأن المدرب "طمع" بأن يكسب بطولة كأس العالم، وبدأ يركز على اللاعبات الأكثر قوة، واستثنى من المباريات الودية ابنة صديقي وعددا من زميلاتها، اللواتي انضممن الى الفريق للمتعة والترفيه وللخروج من الافتراض أن كرة القدم للأولاد فقط، السؤال لماذا علينا أن نقع دائماً في خطأ تحويل ما هو جميل إلى شيء قبيح؟ ولماذا نغلق الأبواب بدلا من ان نفتحها؟، أما إذا وصل المدرب بفريقه الى نهائيات كأس العالم، عندها والله سنفخر به، ولكن المثل يقول "على قد لحافك مد اجريك".
    "لما بمشي ع الرصيف"
    في أغنية لا اعرف صاحبتها، تتغندر المغنية بكلماتها "لما بمشي ع الرصيف، هيدا ناصح وهيدا ضعيف، بيطّلعوا فيّ كلن كلن كلن". ولما بتمشي أي فتاه في رام الله ع الرصيف، مش بيطلعوا فيها كلن كلن كلن، لكن بيسمعوها حكي كلن كلن كلن، ومش بس الناصح والضعيف، لكن الصغير والكبير، والطويل والقصير، ولما واحد مع عائلته وعرباية طفلة بدو يمشي ع الرصيف، ما بيلاقي وسع من الناصح والضعيف، وبيضطر انه ينزل عن الرصيف، علشان يصير خفيف نظيف، ظريف والله ظريف!.
    لو كنت مسؤولاً
    وجلست بصحبة مسؤول زائر من بلد اجنبي أو عربي، لما بدأت بنشر الغسيل الوسخ والحديث عن بعض الجهات الفلسطينية وبعض الأشخاص بشكل يسيء إليّ في المقام الأول لان هذا الحديث اقل ما يمكن وصفة بانه "نميمة"، ويسيء إلينا كفلسطينيين بشكل عام، ويسيء الى الجهات والأشخاص الذين اتحدث عنهم، ويسيء الى حسن معاملة الضيف الذي جاء ليستمع الى قضايانا وليس الى نميمتنا.
    الشاطر أنا
    البرستيج يا جماعة مهم، والواحد لازم يظل محافظ عليه، بس البرستيج بدو فت مصاري، يعني اكيد الواحد برستيجه ما بكون نفس البرتسيج اذا مثلاً كان قاعد في مقهى شعبي بالمقارنة مع مقهى "هاي هاي"، ولما يكون في مقهى "هاي هاي" لازم كل البلد تعرف انو هناك، واسهل طريقة انو يعمل check in على فيسبوك، فما بتلاقي الا فلان في مقهى كذا، وعلان في مطعم كذا، او في الفندق الفخم اللي في عمان مثلاً، اما لو انو قاعد في المقهى اللي جنب الحسبة كان أكيد ما بدو حد يعرف عنه. طيب فكر يا شاطر كيف بدك تكون مثل باقي خلق الله، يعني برستيج، وتزيدهم من الشعر بيتين، يعني اذا الواحد فيهم كل ساعة بيكون في محل، انت كل نص ساعة تكون في محل. وكيف طبعاً بدك تأمن المصاريف وفت المصاري، يعني من وين بدك تجيب حق الجلسات في كل مقهى؟ شو بدكم بالطويلة، أنا زبطت معي وببلاش، بس بدها شوية شطارة. كل المقاهي والمطاعم والفنادق فيها انترنت "وايرليس" يعني ممكن تستخدم الانترنت بدون ما انك تكون قاعد جوا. وصلتكم الفكرة؟ تمام انا بظل الف من مقهى لمقهى ومن مطعم لمطعم وبلقط الانترنت من بعيد وبعمل check in ويا دار ما دخلك شرّ، ويا جيبة ما طلع منك ولا شيكل!
    أصعب! أسهل!
    بقلم: وليد ابو بكر – الايام
    كثيرا ما أحنّ إلى قراءة قصص آرنست همنغواي، كما أحنّ إلى قراءة بعض الكتب الأساسية الأخرى، عربية كانت أو أجنبية، مهما كررت العودة إليها، ومهما كانت الصيغة التي تقدم بها، ومع أنني قرأت كلّ ما نشر من أعمال همنغواي غير مرة، إلا أنني أعود إلى القصص، بين حين وآخر، وأشعر بالفرح أمام أي نشر جديد يضيف إلى هذه القصص، بالعربية جاءت، أو بلغة همنغواي السهلة، (رغم تنوع ما فيها من معرفة)، التي كانت ـ إلى جانب كتابات مواطنه آرسكين كالدويل، قصصا وروايات أيضا ـ علمتني القراءة بالإنجليزية منذ الصغر، حتى درجة التعوّد.
    قصص همنغواي ليست ممتعة مثل رواياته، وكثيرا ما تتفاوت قراءتها (بمعنى استيعابها) بين منتهى الشوق ومنتهى النفور، وبين السهولة والصعوبة أيضا، ومن يبحث عن المتعة السريعة في قصص همنغواي لن يستمرّ في قراءتها، لكن القارئ الذي يبذل بعض الجهد الذي تستحقه، يمكنه أن يجد فيها كثيرا مما يبحث عنه، مما لا يجده في الروايات أيضا، أما القارئ الذي يتعب كثيرا كي يصل إلى لب ما يظن أن الكاتب يريد أن يقوله، ببساطة لغته، ودقة تصويره للواقع، وتنوع تجربته في هذا الواقع، فقد يجد في هذه القصص تميزا عن الروايات، لأسباب عديدة، لعلّ أولها هو "تخفّي" الحكاية التي يبحث عنها القارئ السهل، وراء بساطة في التصوير الماديّ، تهدف إلى التوجيه نحو الحفر "داخل" الإنسان الذي يروي القصة أو تروى عنه، لأن الكاتب يتطلع إلى النموذج الذي يراه، في طبيعة الإنسان، وفي انعكاس ذلك على سلوكه.
    ربما من أجل ذلك تهتمّ قصص همنغواي كثيرا بتصوير البيئة التي تحيط بالشخص، حيث نشأ، أو حيث يجري الحدث، لأن وراء ذلك يكمن إيمان بأثر هذه البيئة، طبيعية أو إنسانية، دائمة أو طارئة، على التشكيل النهائي للإنسان، وبالتالي على سلوكه غير الساكن، أمام أي حدث يواجهه، خصوصا ما تطرق إليه الكاتب من أحداث خطرة انغمر فيها، بدءا من صيد السمك، في أوقات صعبة ومناطق صعبة، مرورا بصيد الحيوانات، ما جعل المغامرات في الغابات والجبال والثلوج جزءا أساسيا من بيئة هذه القصص، وصولا إلى أكبر المغامرات: وهي الحرب التي شهدت فصولا كثيرة منها، في أوروبا، كما شارك في بعض هذه الفصول.
    ومع أن قصص همنغواي تتحرّك في أربع قارات من خمس تقريبا (ففيها تكاد آسيا تغيب)، إلا أن الحركة تبدو ذات موجات متشابهة، تعنى بشيء واحد: وضع الإنسان، أو ما يمثله، في مواجهة الحدث الكبير أو الخطر، كشفا عن طبيعة هذا الإنسان: فهو مرة يواجه الخوف من حيوان مائي عند حدود غابة، ومرة أخرى يواجه ثيرانا هائجة في حلبة مغلقة، ومرة ثالثة يواجه ظروفا صعبة في أماكن أصعب، ومرة رابعة يواجه عدوا يشرع السلاح في وجهه، لكنه في كل مرة إنما يواجه نفسه، وغالبا ما يواجه "رجولته" التي جعلت معظم الفاعلين من أبطال قصص همنغواي، من الرجال، وجعلت النساء عابرات في هذه القصص، إن وجدن أصلا، وغالبا ما يكن جزءا من دوافع المغامرة، بعكس ما كان عليه الحال في الروايات، حيث الظهور الملموس للنساء فيها، ولفعل النساء أيضا.
    ومع أن همنغواي صور أنماطا متعددة من البشر، في الأماكن التي دارت فيها قصصه، خصوصا في إسبانيا وإيطاليا وسويسرا وفرنسا وكوبا، إضافة إلى بلاده، إلى أن وجهة النظر الأميركية في كل ما يجري، ظلت سائدة، من خلال السارد، الذي غالبا ما يكون أميركيا، يوحي بأنه الكاتب نفسه، في أدوار متعددة، وإن غلبت عليها صفة الكاتب، صحافيا أو أديبا.
    في هذه القراءة للنسخة الأخيرة من المجلدات الثلاثة لقصص همنغواي، (ترجمة د. موسى البالول)، لم تعد القراءة تطرق باب الاطلاع، لأن ذلك تكرر كثيرا، ولكنها كانت من باب الاستمتاع، ومحاولة الوصول إلى سبب يجعل مثل هذا الكاتب، في قصصه، صاحب أسلوب لا امتداد له، ولا تقليد.
    بغض النظر عن كل ما قيل عن المغامرة، وعن رصد السلوك الفاشي، بكل عنجهيته وغروره الذي يبشر بهزيمته، وعن وصف أهوال الحرب، وما تفعله في النفوس، شعرت بأن هناك ما هو أبلغ: إنه محاولة الكاتب أن يصل إلى ما تراه وجهة النظر الأميركية في غيرها من البشر، وربما كان ما توصل إليه هو الذي طبع قصصه بحس كوميدي عال، ليس موجودا بالقدر نفسه في أعماله الروائية.
    انطباع القراءة الأخيرة، الذي خرجت به، يوحي بأن الأميركي يظل "يتفرّج" على الآخرين، حتى يصلوا درجة الإنهاك، وهو يتسلى بذلك، قبل أن يفعل شيئا، هذا ما يفعله الأفراد، وهو ما فعلته "الإدارة" خلال الحروب الكبرى المعروفة.
    وإذا كانت قصة "دربك محال محال" مثلا تجعل الأميركي المتحمس يوهم الآخرين المنهكين بأن دعما عسكريا سوف يصل من بلاده، فإن قصة "بطاقة ثناء إلى سويسرا" تصور فعل الأميركي، وهو يتسلى بالآخرين، ليقضي وقت الانتظار. والقصة من ثلاثة أجزاء، كل جزء فيها في محطة قطار، يتسلّى فيها "الأميركي" بكلّ من حوله، فيقوم أولا بمغازلة النادلة في المقهى، ثم بإغراء الحمالين بالمشروب، ثمّ يتسلى برجل متقاعد يبحث عمن يسمعه، وهو يستخف بكل ذلك، حين يصل القطار، بطريقة تمثل سخرية همنغواي من مواطنه من ناحية، وسخرية مواطنه من باقي العالم، من ناحية أخرى، وكأنه يقول، إن بلاده كانت تتسلى بالعالم؛ وكأن غيره يمكن أن يتساءل: وهل توقفت حتى الآن عن ذلك؟.

    تغريدة الصباح - البطيخ والسنونوْ
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    ليس أوجب، حين يستفسر مُصاب مستجد، بارتفاع طفيف في السُكّر؛ من أخذ النصيحة من مُصاب عريق. بالنسبة لي كان عمي الحاج خليل (أبو محمد) هو عنوان المشورة والنصيحة. قال لي متأنياً، وبلهجة محذرة مع إشارة بإصبع السبابة: ابعد عن البطيخ.
    أوحت نصيحته وطريقة توجيهها، أنه الحاسم في الأمر. لم أكن أدري أن هذا البطيخ ليس إلا غرامه العميق. ومن ذا الذي يخلع من نفسه غراماً مقيماً في العمق؟!
    بطيخ الصيف، صديق الإنسان في المناطق الحارة. ولكل إنسان ذكرى معه. فالأيام تمر والبطيخ يتدحرج، لتظل واحدة البطيخ الراهنة، ممثلة لكل ما مرّ من هذه الفاكهة، اسطوانياً كان أم كروياً. تبدلت طرق فتح البطيخة بالسكين، ووسيلة تبريدها، وظل مذاقها هو نفسه منذ أن تلذذ به المصريون في زمن الأسرة الفرعونية الثانية عشرة. في القديم، كانت العائلة تجتمع في الظل، حول بطيخة كبيرة، ويتولى الكبير شقحها، فيعاجل الصغير صغيراً آخر، ليخطف الدائرة الأولى، التي يتفرع منها القص في شكل شعاعي. لم يكن مألوفاً نزع القشرة وتقطيع الثمرة وتصفيف مربعاتها. كانت الشقحة تشمل جزءاً من القشرة، فيؤكل الأحمر الحلو، ويُترك اللب الأبيض مع غلافه الأخضر، وهو من نصيب الدواجن.
    تغييرات كثيرة، في عادات الأكل، نشأت بعد إدخال الثلاجة الى بيوتنا. في القديم، كان يُصار الى تخفيف سخونة البطيخة، بوضعها في الظل، أو تعريضها لنسمة هواء. إن للبطيخ في ذاكرتي لقطات كثيرة، واحده منها تأخذني الى الحديث عن أصل وفصل البطيخة الصديقة، حسب ما عرفته قبل سنوات طويلة، من الموسوعة البريطانية.
    كان جدي الحاج حسن، وشقيقه الأكبر الحاج حسين، تاجرين يشتغلان فيما يأتي الى بلادنا وما يمكن تصديره. والرجلان أحسّا بأهمية ما يفعلان، وعلاقته بالوجاهة الاجتماعية، فعُرف كلٌ منهما، في ظهوره، بالعبائة والمرير المقصّب. أحدهما، وهو جدي، انتُخب عضوا في مجلس صغير العدد، كان يُدير بلدية خان يونس. في تلك الأيام، كان قطار السكك الحديدية، المحمل ببضائع مصرية، يأتي ثم يعود بعرباته الفارغة. رأى التاجران فائدة معقولة، من تعبئة عربات القطار التي تجلب لهما البضائع؛ ببطيخ فلسطيني يُباع في مصر، ويُنقل اليها بأجور زهيدة. يجري تجميع البطيخ من المزارعين، في نقطة قصيّة، من محطة القطار في خان يونس. أثناء التجميع، كان الفتية، ومعهم كبير أو في غياب كبير؛ يحرسون البضاعة، ويشقحون ـ بالطبع ـ بطيخاً، ويجمعون البذور. نوع من أشجار "اليوكالتوس" التي نسميها "الكينيا" تظلل موقع المحطة، وتلك شجرة وظيفتها التظليل وكفى، وتمتاز بجودة أخشابها وبارتفاع كبير لأطوالها وبخضرة دائمة لأوراقها. هنا، ومع حضور البطيخ في فيء الشجر؛ يرتع طائر السنونوْ أسراباً. يلتقط من بذور البطيخ ما تطاله المناقير.
    محطة القطار، كانت استثنائية في بهجتها، إن كان وهي تودع قطار الفجر، أو تستقبل قطار المساء، الى ومن مصر. مدير المحطة "أبو حسيب" كان شامخاً كأنه عمدة برلين في زمن الرايخ الألماني بمعناه الإمبراطوري. هو والد المخرج الفلسطيني ـ الأردني الراحل حسيب يوسف، وأصله من "حِجا" في قضاء نابلس. فقد اتخذ "أبو حسيب" لنفسه منزلاً في خاصرة المحطة، تحف به الزهور، ويصطخب في سمائه طائر السنونوْ. لم يفارق المشهد، مخيلة صديقي الفنان عبد الرحمن المزين، صاحب الملصق الأول في تاريخ الثورة الفلسطينية. فقد عرض عليَّ عبد الرحمن، سبعين لوحة بالفحم، لأوضاع طيران السنونوْ فوق المحطة وبين أشجارها. وفي المقدمة، يعلل تكاثف الطير في المكان، بوجود بذور البطيخ، الذي كان يجمعه الشقيقان الحاج حسين والحاج حسن.
    بعد مرور السنين، كنت أعاند ذاكرتي، فيما علق بها في سن الطفولة. فكيف نُصدِّر بطيخاً الى مصر، علماً بأن هذه الثمرة عُرفت في الجزء الجنوبي من إفريقيا وفي وادي النيل، قبل أن ينقلها الاستعماريون الى العالم، مثلما نقلوا الشاي والتوابل؟!. إن هذا هو ما كان يحدث، ربما لأن بلادنا ذات المناخ المعتدل، أقل استهلاكاً للبطيخ من بلاد أكثر كثافة سكانية وأشد حرارة. ثم إن بطيخنا، سيكون إضافة جد متواضعة قياساً على ما ترفد به مقاثي المصريين أسواق الفاكهة.
    لا محطةَ اليوم ولا قطار ولا ظلال ولا كهرباء للتبريد ولا سنونوْ. البطيخة وحدها هي الحاضرة صيفاً على مألوف عادتها. لا نعلم من أي حقل جاءت. إنها بطيخة وحسب. ويا عمي الحاج خليل، يقولون في وصفها العلمي، إنها تطفئ الظمأ وترطب البشرة، وتنشّط عدة النكاح وتفيد الحامل، وتقوي العين، وتساعد على الحمية، وتوازن مستوى السُكر في الدم، وهذا ــ الأخير ــ هو بيت القصيد. ابتعد أنت يا عمي الحاج عن البطيخ، لكنني لن أبتعد!

    الأسرى الفلسطينيون: لماذا ظاهرة استثنائية؟
    د. أسعد عبد الرحمن - الحياة
    لا يقتصر الأسرى الفلسطينيون في معتقلات وسجون الاحتلال على شريحة معينة من الشعب الفلسطيني، فالكل مستهدف، والكل متهم، والأحكام والذرائع جاهزة وبغض النظر عن الجنس (أنثى أم ذكرا) والسن (أطفال أم كهول، صبايا أم شباب، أمهات أم آباء..الخ).
    والأسرى، خاضوا أشرس وأشرف معارك الوطن قبل السجن، ويخوضون الآن أنبل معارك الكرامة داخل السجن، وهم أصدق من يعبر عن جراحات الوطن وهموم الشعب، والأقدر على انتاج مواقف وطنية تقدم مصلحة الوطن على الحزب، ففيهم رجال السياسة والناشطون السياسيون، المثقفون والأكاديميون، رؤساء وأعضاء في المجلس التشريعي والمجالس البلدية. وبحديث الأرقام وليس العواطف، ما من عائلة فلسطينية لم يخض أفراد منها تجربة الاعتقال على مدى السنين.
    الأسرى هم ظاهرة استثنائية بحق، وهم يتميزون بكونهم أصبحوا أسرى لأنهم مشاركون فاعلون في كافة أشكال النضال التي يعتمدها الشعب الفلسطيني كلما اقتضى الأمر، بل لا يمكننا إلا أن نعظم جانبا مهما في نضالهم ذلك أن منهم من قضى أكثر من ثلث قرن في سجون الاحتلال ولم ييأس بل استمر يناضل من أجل حريته، حتى بات أحدهم وهو سامر طارق العيساوي صاحب أطول إضراب عن الطعام في التاريخ، مع العلم أن قرار خوض الإضراب المفتوح عن الطعام يعتبر من أكثر القرارات صعوبة وقسوة ويحتاج إلى تفكير جاد وعميق، ويتطلب وجود قضايا تستدعي استخدام هذا الخيار.
    ما يميز الأسرى كذلك، أنهم باتوا يشكلون نوعا من "الحزب المعنوي" في المجتمع الفلسطيني، رغم تأثيرات حالة الانقسام السياسي على واقع الحركة الأسيرة التي كانت وما زالت حادة، وكأني بالسجون تضطلع بدور محوري داعم وضاغط من أجل المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وفي هذا الإطار كلنا يذكر وثيقة الوفاق الوطني التي توصل إليها قادة الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال في أيار/ مايو 2006، والتي صادق عليها المجلس التشريعي بالإجماع ونالت ثقة الشارع الفلسطيني، والتي لم ينجح – للأسف - قادة الخارج في ترجمتها على الأرض. وهي الوثيقة التي تضمنت خطوات عملية للحل، وقدمت نظرة شمولية ليس لتنفيذ المصالحة فقط، بل لتحقيق النهوض الوطني أيضاً، بعيدا عن المصالح وعن النظرة الحزبية الضيقة للأمور. فما أوسع عقولهم وصدورهم.
    لقد بات "حزب" الأسرى "حزب الضمير" الوطني الذي يقدم له الشعب الفلسطيني أقصى ما يستطيع من دعم، وهو دعم يتصاعد ارتباطاً بتحرك الأسرى النضالي داخل السجون والمعتقلات. بل ربما لا يخلو الأمر من تفاعل بين أسرى وقوى سياسية وشخصيات ومؤسسات لبناء إستراتيجية عمل وطني. وفي هذا الإطار، تظهر قدرة ودور النخبة/ الصفوة داخل سجون ومعتقلات الاحتلال، فالحركة الأسيرة باتت تؤثر على أحزابها وعلى الشارع الفلسطيني رغم الإذلال والتعذيب ومحاولات النيل من معنوياتهم وتحطيم إرادتهم وتعطيل حركتهم السياسية والاجتماعية. ومما يؤكد ما سبق، أن الأسرى يصرون على رفض الإفراج عنهم مقابل أي تنازل عن الحقوق الوطنية.
    الاستخفاف والاستهتار الإسرائيلي بوضع الأسرى والمعتقلين وتعاطيه معهم كمجرمين وإرهابيين أو مجرد أرقام ورهائن، هو دافع أساس لضرورة وأهمية تدويل القضية وفتح معركة قانونية مع المحتل الإسرائيلي لضمان حقوق الأسرى ومركزهم الشرعي القانوني والإنساني بصفتهم أسرى حركة تحرر وطني قاوموا المحتل. وعلينا اليوم جميعا أن ننصر الأسرى في إضرابهم الجديد، بالمسيرات والفعاليات التضامنية، بل لا ضير من مشاركتنا معهم في رحلة "الأمعاء الخاوية" حتى يصل صوتنا إليهم "بأننا معكم"، بعد أن كانوا وما زالوا معنا، فنرفع معنوياتهم في معركة الارادة ضد السجان، فيعلو صوت الأسرى ومعاناتهم وعدالة قضيتهم على امتداد العالم. كما لا بد من التركيز على ضرورة تفعيل قضية الأسرى إعلامياً، وحشد الزخم الإعلامي المناسب لإيصال هذه القضية إلى المحافل الدولية، وتجريم دولة الاحتلال التي تمارس بحق الأسرى أشكال وألوان التعذيب النفسي والجسدي، دون أن ننسى أن القاعدة المركزية في عملية التدويل أن تكون الرسالة بين المستويين الرسمي الفلسطيني والشعبي الفلسطيني إلى العالم متجانسة، لضمان تأييد مؤسسات المجتمع المدني وحركات التضامن.

    توفيق زيّاد البعيد القريب
    بقلم: جواد بولس – الحياة
    دخلت عليهما فتوقّفا عن الحديث. كنت وزوجتي في طريقنا لحضور حفل زفاف في إحدى قاعات الأفراح في الناصرة، وكما في معظم المرّات السابقة، عرّجنا على بيت "جميل" للقاء أحبة أقارب ولاستعادة الروح بعد ساعتين من سفر لم يعد بالنسبة لي كما كان في زمن الشباب؛ مجرد سهوة على ظهر قوس قزح.
    "لم نلتقِ بعد مقالتك إيّاها.." فاتحني أبو النديم، وكانت كفّه ما زالت تحتضن كفي وبسمته تملأ الغرفة حنينًا وثقة. لم ينتظر ردّي، بل أردف مطمئنًا علينا بأكثر ممّا تفرضه قواعد الذوق العام، فطارت علامات التعب عنّي. شعرت بدغدغة بين أضلعي وبكبشة مسك "تسحقه الأكف فيعبق".
    هي صدفة خير من ألف ميعاد، فأبو النديم عاشق للوتر وحبيبه عود، أنهى يوم عمل في عيادته، وقرر أن يزور صديقه جميل، الذي يعرفه أصحاب المغنى والطرب، في بلاد الله الرحبة، بالفارابي.
    كاد وجودي أن يفسد حلاوة لمَّتهما وجو جلستهما. سألني أبو النديم عن بعض شؤون السياسة العامة، فأجبت مقتضبًا ومؤكدًا أن لا فقيه فيها ولا عليم؛ وهي التي كانت دومًا في أحد تعاريفها "مضمار المدّنس". بالمقابل، حاولت أن أسمع قصصهم عن الأعواد والعوّادين، عن اللونغات والتقاسيم وعن المقام والشجن. طلب جميل من أبي النديم أن يروي لنا كيف أهداه محمد الموجي عوده يوم كان هذا ضيفه في الغربة. رفض أبو النديم وعاد لأحاديث الواقع والسياسة، أمّا أنا، بلباقة، حاولت أن أخرج عن النص وألّا أعيد ذكرى تلك الأجواء التي طغت فيها رائحة الغبار وبقبقة الدم، فهربت إلى بلاد الكفر والجمال، وبدأت أحدّثهما عن رحلتي التي عدت منها حيث تجوّلنا فيها على غير هدى. كانت أمستردام أقل حمرةً مما تخيّلناها وكثيرةَ الحرّية. منها بدأنا نرحل جنوبًا ولا نستقر إلّا عندما يدلهم ليل ويتملكني شعور بأنني طائر وحشي في جوف غيمة. فقط عندها، عندما يصير الصوت في رأسي يردد بجنون: "ومسّ على مهل يدها عندما تضع الكأس فوق الرخام.." أبدأ أفتش عن سرير يؤوينا ويرعى زغب أحلامنا.
    هكذا ولأكثر من أسبوعين تنقّلنا. بعيدًا عن طقوس النميمة والمزايدة والخداع، وعلى ما نختاره من أغنيات يفرضها المزاج، نسينا الدنيا.. وعشنا في حضن أوروبا الأخضر. في إحدى الليالي حطت "خيلنا" في ساحات "نامير"، بلدة شقية جميلة في بلجيكا الولونية. كان الفندق الذي وجدني في مركز المدينة أشبه ببيت عريق ما زال يعاند الزمن ويحافظ على وقاره وأبّهة من سكنوه في الماضي. دخلنا إلى ردهة مصممة كصالون بيت وتمدك بشعور من الألفة والانتماء. في زاوية بعيدة جلس شاب، وعلى وجهه وجبينه بدت حمرة قانية، عيناه غائرتان وزرقة منهما تلمع بتعب، يده تمسك راحة فتاة، في يدها الثانية كأس فيها بقايا شراب كان لونه قرمزيًا. لم أسمع لهما صوتًا ولكن كان يقول لها كلامًا في الحب، هكذا علّمني ابن حزم في طوق حمامته.
    في زاوية الاستقبال وقف رجل في الستينيات من عمره، يلبس بنطالًا لونه رمادي كلون سنجاب، وفوقه سترة سوداء وعليها كتابة بالفرنسية تنتهي بذراع ممدودة وقبضة مكموشة في الهواء.
    ناولته جوازات السفر، فتحها، نظر إلينا ولم تتغيَّر قسمات وجهه. طلب أن ننتظر لدقائق، بعد أن تأكد من وجود غرف لنا. وراءنا جلست مجموعة من الرجال والنساء، أعمارهم بدت متقاربة؛ ليسوا شبابًا ولكنهم كانوا "في الريق سكر وفي الأصداغ تجعيد"، تحدثوا بشهيّة عامة واضحة واندفاع كأنهم يصفون لعبة كرة قدم، ضحكات عالية كانت تقطع سيل جملهم، وأحيانًا سمعنا تصفيق بعد كلمة أنهاها أحدهم. كانوا في منتهى المرح وراحة قلب وكانت الفرنسية من أفواههم تذكّرني ببنات الكروم.
    مدّ نحوي مفاتيح الغرف، وأخذ يشرح عن الفندق والمدينة. نظرت في وجهه ولمحت، فجأةً، وراءه صورة وفيها شكل رجل يشبه شكل توفيق زيّاد. توقفت عن الإصغاء إليه، مددت يدي صوب الحائط، وسبابتي مرّت بجانب عينه اليسرى، وسألت دون خجل، من هذا الذي بجانبك؟ حاول أن يهمل السؤال، ولكنني أبديت حدةً وإلحاحًا. فقال: "هو إنسان عظيم وصديق كبير لنا، اسمه توفيق زيّاد، ربما تعرفونه، فهو من بلادكم، من مدينة اسمها الناصرة". اقتربت من الصورة فسمعت بحّته. كانت عيناه تضحكان بحزن كعيني طفل، وشاربه، مصفف كتاج يذكر بسمرة بلادي. شعره، موجة تجري وراء موجة والغرّة تشهد على قلب عاشق.
    صار الصمت مزعجًا، فوجَّهت نظري صوب جميل الذي كان يحدّق بي واندفع بجسمه إلى الأمام، فصار نصفه معلقًا في الهواء ونصفه الآخر مسنود على حافة الكنبة، أمّا أبو النديم فألقى برأسه على ظهر الكرسي، وفتح عيناه على مصراعيها، على وجهه برعمت بسمة بعرض ريشة عود، خالية من الدهشة، فلقد أمضى ردحًا من عمره في أوروبا وخبر كيف تكون الصدف فيها أحيانًا، واقعًا أغرب من خيال.
    "هو معلّمنا، وحبيبنا، وقائد على سن ورمح"، بحت بأذنيّ صاحب المكان. وبعد أن تأكد أننا من زيّاد استدار من خلف مكتبه وصار لنا رفيقًا. سرد حكايته، وحكاية البلد مع توفيق وكيف صار فيها رمزًا وأيقونة علّقها كثيرون في قلوبهم وعلى الجدران. إنّه أممي، نصير الفقراء، بسيط كالفجر، شاعر مثقف وعاشق مكافح، إنه.. إنسان بامتياز، لذا أحببناه وما زلنا.
    ساد صمت وسكون. "للصبر حدود"، قلت مداعبًا أبا النديم، فما هي قصة عود صاحبها؟ لم أسمع القصة كاملةً منه. بقينا في ذلك الفندق وصاحبه الذي ما زال يحتفظ بالصورة والذكرى ويرفع على صدره قبضة زيّاد وهو يصرخ: "أنا قادم، من حيث كل فم عليه حارس، والمخبرون على الستائر، حيث استوى في الحكم شرطي وقدّيس وتاجر، حيث الجريمة فرّخت في كل مأمور وآمر".
    تلوت، بعدما سألني عن عدد فنادق الناصرة، صدر بيت الحماسي قائلًا: "يعيش المرء ما استحيا بخير..." فأكمله وكأننا عزفنا على ذات المقام وقال "ويبقى العود ما بقي اللحاء". وهي الناصرة تبقى حبيبته وهو عاشقها الدنف.

    اوقفوا عار قتل النساء
    بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
    ظاهرة قتل النساء في المجتمعات العربية الاسلامية على خلفية الشرف ليست حديثة العهد، بل تمتد لحقب تاريخية طويلة. ظاهرة تأصلت في الوعي الجمعي العربي الاسلامي، مع ان القرآن الكريم حدد كيفية التعاطي مع الزنى، بشروط هي اولا وجود اربعة شهود؛ ثانيا احضار خيط واجراء عملية قياس للعملية بين العضو الذكري والانثوي، وعلى اثر ذلك يمكن للقاضي الحكم.
    كما السنة النبوية حرمت التعامل مع الزنى على السمع او حتى استنادا الى اعتراف المرأة او الرجل بذلك، ولنا في القصة المنقولة عن الرسول العربي الكريم محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، حينما جاءتة امرأة، واعترفت له، بانها زنت، وهي حامل. فنهاها عن البوح. ثم عادت له مرة واخرى، وهي تقول له، انها زنت، وانتظر عليه الصلاة والسلام حتى وضعت جنينها، وتم تأمينه، ثم أمر برجمها.
    بتعبير آخر لا يجوز التعامل مع قضايا الزنى على النقل او السمع او الاشتباه او كون إمرأة رافقت رجل في الطريق او حتى كانا في خلوة شرعية او غير شرعية إلا وفق معايير القرآن الكريم. وما لم يتم وجود شهود اربعة لا يمكن إقرار الزنى، والكل يعلم بالرواية المنقولة عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عندما جاء شهود اربعة، وثلاثة منهم أكدوا رؤية عملية الزنى والرابع شكك ولم يؤكد، فتم جلد الشهود الثلاثة، ولم يتم تبني صفة الزنى على المرأة والرجل.
    ولعل العودة ايضا للقرآن الكريم والسنة النبوية، التي حرمت قتل النفس الانسانية، واعتبار من قتل نفس انسانية دون ذنب، كمن قتل الناس جميعا؛ يدلل على انه لا يجوز تحت اي ذريعة مهما كانت إستسهال قتل الانسان إمرأة ام رجل. واستمراء عملية القتل تحت عنوان الدفاع عن شرف العائلة، ليست إلآ مبرر عار على العائلة والمجتمع ككل، الذي يسمح للجهلة والأميين أخذ القانون باليد دون العودة الى القرآن والسنة النبوية والنظام والدستور.
    والذين يدعون انهم ينفذوا حكم الله، فليعودوا الى حكم الخالق العظيم جل جلاله، فهو لم يبح قتل اي زاني او رجمه إلا بعد وجود شهود اربعة، كما فعل النبي محمد عليه السلام، الذي تغاضى عن اعتراف المرأة مرة واثنتين وثلاث، إلى ان مل من اعترافها، وتركها حتى وضعت ثم نفذ حكم القرآن؛وكما فعل الخليفة الفاروق عمر، لم يقبل شهادة ثلاثة لأن الرابع تشكك، فجلدهم، من الاجدر بهم، إن كانوا مؤمنين حقا، عليهم العودة للنص كمقياس للعقوبة على هذه الجريمة.
    وتمشيا مع الواقع والتطور الانساني، فإن القانون الوضعي وضع آليات للتعامل مع كل الجرائم والجنايات بما في ذلك التحرش الجنسي والزنى، على كل انسان مهما كان موقعه وصلته بهذه المرأة او ذاك الرجل، ان يلتزم بالقانون كاساس لمعالجة القضايا الجنسية، ولا يجوز اخذ القانون باليد، لأن ذلك المجرم، الذي ياخذ القانون باليد، ما كان له ان ياخذ القانون لولا تواطؤ جهات الاختصاص والمجتمع الذكوري ونزعاته المعادية للمساواة والتكافؤ مع المرأة، وغياب العقاب الجدي والقااس بحقه.
    ولو شعر كل انسان مهما كان موقعه، انه معرض لاقصى اشكال العقوبة في حال ارتكب جريمة باسم الشرف او غيرها، لما حصل الفلتان والفضوى الدموية الجارية بحق النساء في فلسطين.
    منذ بداية العام الحالي مايزيد على 13 حالة قتل للنساء تحت يافطة الدفاع عن "الشرف"، آخرها الحادثة، التي تمت في عقر المحكمة الشرعية في بير زيت، حيث تجرأ القاتل بتوجيه طعنات سكينه لزوجته، فارادها قتيلة دون وجه حق، كما اصاب مواطن آخر. هذه الحادثة تستحق التوقف الجدي امام حالة الفوضى والعبث بحياة البشر وخاصة النساء. ويفترض ايقاع اقصى العقوبات بحق القاتل، ليكون عبرة لمن اعتبر.
    آن الاوان لحملة توعية ثقافية وايضا دينية واسعة تحث على وقف انتهاك دم الانسان وخاصة المرأة، والعمل على مساواتها بالرجل بشكل كامل في اوجه الحياة المختلفة.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. المقالات في الصحف المحلية 08/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:11 PM
  2. المقالات في الصحف المحلية 07/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:10 PM
  3. المقالات في الصحف المحلية 06/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:10 PM
  4. المقالات في الصحف المحلية 05/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:09 PM
  5. المقالات في الصحف المحلية 03/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:09 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •