الملف القطري 7
27/6/2013
في هذا الملف:
- الشيخ تميم يخاطب الشعب القطري اليوم
- الجزيرة: رئيس وزراء قطر الجديد الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني
- ترحيب واسع بتولي الشيخ تميم الحكم بقطر
- عاهل الأردن يتوجه إلى الدوحة لتهنئة أمير قطر
- كيري أجرى اتصالا بأمير قطر الجديد
- الرئيس الصيني يهنئ أمير قطر الجديد بتوليه الحكم
- أمير الكويت يعود بعد تقديم التهنئة لأمير قطر الجديد
- أوباما يهنئ الشيخ تميم بتوليه مقاليد الحكم فى قطر
- قطر في عهدة تميم بن حمد
مرشد قطر الاعلى يحرج الخليج
رأي القدس العربي
عندما استلم الشيخ حمد بن خليفة امير دولة قطر الحكم قبل 18 عاما، كانت مدينة الدوحة بلدة صغيرة لا يوجد فيها غير فندق واحد من فئة الخمس نجوم، وهو فندق شيراتون، ومطار صغير تحط فيه بضع طائرات يطفئ اضواءه بعد اقلاعها. الآن يترك الحكم الى ولده الشيخ تميم وهي مدينة كبرى تضاهي الكثير من مدن العالم الحديث مع فارق اساسي هو انها الاكثر والاسرع نموا، تتغير ملامحها العمرانية كل ستة اشهر.
ومن هنا فانه اي الامير السابق يستحق لقب باني نهضة قطر الحديثة، ووضع بلاده في مكان بارز على خريطة العالم كدولة مؤثرة في سياسات منطقة الشرق الاوسط وجوارها.
التنازل عن الحكم ليس من التقاليد المتبعة في البلدان العربية، ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، فهناك ملوك وامراء ظلوا يتربعون على عروشهم وهم في حال من العجز الكامل البدني والعقلي حتى وفاتهم.
وهناك آخرون حكموا لسنوات طويلة من اسرتهم في المستشفيات، ولذلك رأى الكثيرون في سابقة الشيخ حمد هذه انها بمثابة قرع اجراس الانقاذ للكثير من الحكام في الجمهوريات الملكيات العربية على حد سواء، بفتح اعينهم على حقيقة راسخة وهي ان نسبة الشباب في بلدانهم تزيد عن 60′ وان ما كان يصلح في القرن الماضي لا يصلح في القرن الواحد والعشرين.
صحيح ان المقربين من الامير الجديد يمتدحون قدراته وخبرته في الحكم التي اكتسبها طوال السنوات الماضية التي تولى خلالها ادارة ملفات عديدة، ابرزها الامن والقوات المسلحة والاقتصاد، ولكننا لا نعتقد في الوقت نفسه ان الشيخ حمد بن خليفة سيعتزل السياسة، ويعيش تقاعدا هادئا بعيدا عن الحكم، خاصة في مثل هذه المرحلة الانتقالية الصعبة التي تعيشها المنطقة العربية، وتلعب فيها قطر دورا فاعلا ومؤثرا، ولهذا فمن المرجح ان يواصل، ولو عن بعد، تقديم النصح والمشورة لنجله الشيخ تميم الامير الجديد اللذين من المؤكد انه سيحتاجهما.
الشيخ حمد بن خليفة سيكون بمثابة ‘المرشد الاعلى’ للحكم في بلاده، لا يمارس ادارة شؤون الدولة اليومية مثلما كان عليه الحال في السابق، ولكنه سيظل في نظر الكثير من المراقبين صاحب الكلمة الفصل ولو من وراء ستار تماما مثلما هو الحال في انظمة اخرى ابرزها النظام الايراني.
امير قطر الجديد الشيخ تميم تسلم بلدا غنيا دخله السنوي من الغاز فقط 84 مليار دولار، وبات ملء السمع والبصر، ولكنه جاء الى السلطة في منطقة تقف على ابواب ‘تسونامي’ تغيير كبير، وتعيش حروبا اهلية وطائفية قد تتطور الى حروب اقليمية وربما دولية، والاخطر من ذلك ان دولته تجلس امام مقعد القيادة في التعاطي مع اكثر من ازمة، وتدخل في تحالفات ومحاور دولية خاصة في الملف السوري، ولهذا فان مهمته لن تكون سهلة على الاطلاق.
انسحاب امير قطر السابق من المشهد السياسي العربي ربما يخفف من اعباء خلفه، ويسقط عنه بعض الاعباء الاقليمية الثقيلة مثل الخلافات مع المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، علاوة على مملكة البحرين، حيث شهدت السنوات العشرون السابقة توترات متعددة تطورت الى حروب (حرب الخفوس) ومحاولات انقلاب، وتراشقات اعلامية، وبالتالي فتح صفحات جديدة ناصعة البياض يرسم عليها سياسات تصالحية جديدة مطلوبة في هذه المرحلة بالذات التي تقف فيها منطقة الخليج على حافة حرب مدمرة اذا ما اشتعلت.
نعم انها مرحلة الشباب، ونعم ان شباب اليوم اكثر تعليما وثقافة، ولكنهم يظلون بحاجة الى خدمة الشيوخ المخضرمين، وهنا يصبح دور ‘المرشد الاعلى’ ضروريا جدا.
عن حال العرب في ظل «الفوضى الخلاقة»
شريف حتاتة (كاتب مصري)/الحياة اللندنية
جاء اليوم الذي أطلقت فيه كونداليزا رايس، ربيبة شركات البترول العملاقة، ومستشارة الأمن القومي في عهد الرئيس بوش الابن وصف «الفوضى الخلاقة» على الحال التي نشأت في البلاد العربية، ربما لأنها رأت فيها المرحلة التمهيدية لولادة مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي تبلورت خطوطه العامة في وثيقة وضعتها مجموعة من المحافظين الجدد، لكنها لم تلق الاهتمام، إلى أن وصلت العناصر الرئيسة فيها إلى الحكم تحت إدارة بوش الابن. ففي 20 آذار (مارس) 2003 شنت أميركا حربها على العراق فقضت على نظام صدام حسين، وعليه هو شخصياً. اليوم كيان العراق كدولة صار مهدداً، ومع ذلك تُمارس شركات البترول استغلالها لآبار النفط الغنية، وكأنه لا يحدث شيء. ينطبق هذا، في حدود، على التطورات التي حدثت في ليبيا منذ اندلاع الثورة على القذافي، ونظامه يوم 17 شباط (فبراير) 2011. في ليبيا اليوم، استشرت الانقسامات والمنازعات، وتدهورت الحال الأمنية، ومع ذلك تستمر الشركات العملاقة في ضخ، وفي تجارة، البترول من دون أن يعوقها عائق. وفي ما يتعلق بسورية يمكن أن يكون الوضع مختلفاً. مع ذلك هناك أوجه للشبه كبيرة. الولايات المتحدة الأميركية، ومعها بلاد الاتحاد الأوروبي كانت تسعى منذ زمن إلى التخلص من بشار الأسد، ونظامه البعثي، ليس لأنه يقهر الشعب السوري، ويُخضعه لقهر لا يراعي فيه أبسط الحريات، والمبادئ الإنسانية، لكن لأنه كان يقف عقبة في طريق تنفيذ مشروع الـشـرق الأوسـط الجديد، ويتخذ بعض المواقف ضد سياسة إسـرائيـل، وضـدـ الصلح معها، حتى وإن اتـسمت بالتردد، وبـمقدار كبـير من الانتـهازية.
لكن بلاد الغرب وحلفاءها لم يتمكنوا حتى الآن من القضاء عليه، من طريق التدخل العسكري المباشر بسبب معارضة روسيا والصين، ولأسباب أخرى مثل المنازعات القائمة في التحالف الوطني المعارض لبشار، وتغلغل التيارات الإرهابية في صفوف ما يُسمى بالجيش الحر بمساعدة بعض الدول العربية.
في مصر أيضاً حدث انقسام واستقطاب حاد هذه المرة بين نظام الحكم «الإخواني»، وبين المعارضة المنظمة وغير المنظمة، وهي معارضة يتشكل قلبها من الطبقة الوسطى، وأساساً من الشباب الذين نالوا قسطاً من التعليم. إنها معارضة تتسع باستمرار لتشمل الكثيرين ممن كانوا من المؤيدين أو المتعاطفين مع «الإخوان المسلمين». كما تشهد البلاد أزمة اقتصادية خطيرة، وتدهوراً في الأمن يتسع يوماً بعد يوم، ومعارك عنيفة سقط فيها مئات من القتلى والجرحى، ومنازعات طائفية شديدة بين المسلمين والأقباط تُنذر بأوخم العواقب، وتيارات انقسامية تنمو في سيناء والنوبة، حتى أصبحت الدولة مهددة بالتفكك. مع ذلك لا يُلقي «الإخوان المسلمون» بالاً لما يحدث، ولا لتفاقم سوء الظروف المعيشية التي يُعانيها الناس، فهم مشغولون بتدعيم قبضتهم على السلطة، ويلقون مساندة أميركا التي تتقبل إصرارهم على الانفراد بالحكم، ورفض أي شكل من أشكال التوافق الوطني الذي يُمكن أن يخرج البلاد من الأزمة الاجتماعية التي أصبحت تُقوض أركان الدولة بعد أن قررت أن تتحالف مع ما سماه أوباما في بداية عهده «الإسلام المعتدل».
هكذا، نُدرك أن غرض «الفوضى الخلاقة» هو تفكيك الدول العربية التي يُمكن أن تعرقل إقامة شرق أوسط جديد قلبُه إسرائيل، ودويلات تقوم حول آبار البترول، هذا التفكيك الذي يُمكن أن يشمل دولاً أخرى لا يزال لها كيان يُعرقل الخطط التي تُدبرها الرأسمالية النيوليبرالية في عهدها ما بعد الحديث، بعد أن أصبح عندها اليقين بعدما حكمت على الملايين من البشر بالبطالة والجوع، بأنها تستطيع أن تستمر في هذا الطريق، وأن تستغني عن قطاعات واسعة من البشر، أن تهمشها، أن تنفيها خارج نطاق الحياة، لأنها، بعد أن تطورت وسائل الاتصال الحديثة وعلوم كيمياء الحياة ترى أنها لم تعد في حاجة إليهم.
لذلك استطاعت كوندوليزا رايس، مـستشارة الأمن القـومي في عهد بوش، أن تـتـحدث مـعه في يـوم من الأيـام عن الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط قبل أن تجلس على البـيــانو لتـشنف أذنـيه بمقـطوعة من موسيقى موتسارت.
أمير قطر صانع ثروتها من الغاز
رندة تقي الدين/الحياة اللندنية
خلال زيارة الرئيس فرانسوا هولاند إلى الدوحة يومي السبت والأحد الماضيين تسنى للرئيس الفرنسي أن يرى تطور قطر العمراني والصناعي. كما تسنى له أن يسمع من الأمير الشيخ حمد بن خليفة نواياه بتسليم زمام الحكم إلى ولي عهده الشاب الشيخ تميم (٣٣ سنة) الذي كان حاضراً في جميع لقاءات والده مع ضيفه الفرنسي. لا شك أن تسليم الأمير الشيخ حمد وهو من مواليد عام 1952 زمام الحكم لولي عهده أثار تساؤلات عدة وتعجباً كبيراً وهو ما زال في سن يتيح له الاستمرار في مهمته. إلا أنه أوضح في خطابه أمس ثقته بقدرة ولي العهد على تولي مهمة هو معد لها. كما أن الشيخ حمد أدلى بثقته بالجيل الشاب الذي سيتسلم زمام الحكم في البلد. فأمير قطر الشاب الشيخ تميم تسلم من والده بلداً كان إمارة ذات عائدات محدودة جعلها من أغنى دول العالم برؤيته لتطوير صناعة الغاز الطبيعي. ففي ١٩٩٥ كانت قطر منتج نفط صغيراً يصل إنتاجها إلى حوالي٨٠٠ ألف برميل في اليوم من النفط الخام ولم يطور إنتاج الغاز قبل وصول الأمير حمد إلى الحكم، فحول بلده إلى أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم مع دور أساسي في بناء صناعة الغاز لوزير النفط السابق عبد الله حمد العطية.
فقطر تملك أحد أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم في حقل الشمال الذي حرص أمير قطر على الاستفادة منه وسلم مسؤولية بناء هذه الصناعة إلى العطية الذي بتوجيه وثقة ورؤية الأمير استطاع أن يبني صناعة غاز ونفط ويعترف له الكل في شركات النفط العالمية بهذا الإنجاز الضخم . فقطر تنتج حالياً من الغاز الطبيعي المسال ما يعادل ١،٨ مليون برميل في اليوم من النفط. فاكتشاف حقل الشمال من الغاز يعود إلى ما قبل وصول الأمير الشيخ حمد إلى الحكم. ولكن رؤية الشيخ حمد مكنته من الاستفادة من قيمة هذا الغاز. فوقع عقوداً طويلة الأمد مع عدد من الدول في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وهذه العقود مكنت قطر من إطلاق هذه المشاريع. فتحليل الأمير والعطية آنذاك أن أسواق آسيا وأوروبا والولايات المتحدة كانت بحاجة إلى هذا الغاز. ورؤية الأمير في تطوير بلده بواسطة تطوير صناعة الغاز المسال الطبيعي حققت نجاحاً فاق التوقعات. لم يكن أحد يتوقع أولاً أن سعر النفط سيبلغ يوماً مئة دولار للبرميل. كما أن أحداً لم يتوقع تعطش دول آسيا للطاقة وللغاز المسال. فعنصرا سعر النفط والطلب الآسيوي للغاز مكنا من وضع قطر من بين أغنى دول العالم. وأميرها الذي سلم الحكم لولي عهده أمس كان طور صناعة الغاز المسال في وقت كانت تكاليف هذا التطوير معقولة. في حين أنه لو أنشأ اليوم ما تم بناؤه لصناعة قطر للغاز آنذاك لكان تطلب ذلك ثلاثة أضعاف ما صرف من استثمارات عندما أطلقها الأمير.
لقد قرر الشيخ حمد إنشاء هذه الصناعة في نهاية التسعينات وهي اليوم تنتج بقدرة كاملة وتزود الأسواق بحاجة كبيرة إلى هذا الغاز والنفط. وعندما وصل الأمير حمد إلى الحكم كانت قدرات قطر المالية محدودة كون سعر النفط كان أقل بكثير من الآن. فقرار تطوير صناعة الغاز كان سباقاً ورائداً من حيث حداثته في التقنيات وفي طريقة التعاقد وجذب الاستثمارات العالمية. وأعطى أمير قطر إمكانيات مالية باهظة مكنته من تحويل قطر من إمارة صغيرة إلى دولة ذات ثروة مالية ضخمة أعطته الإمكانيات لوضعها على خريطة العالم ولعب دور يفوق حجم البلد الصغير.
فالأمير الجديد الشيخ تميم يتسلم بلداً عائداته من الغاز والنفط تبلغ حوالى ٧٠ بليون دولار سنوياً جاءت نتيجة رؤية والده الطويلة الأمد التي نفذها بنجاح معترف له عالمياً وزير نفطه عبد الله حمد العطية. والأمل أن يكون للأمير الشاب فريق عمل يستكمل تحديث البلد وتطويره على النهج الذي أطلقه والده على الصعيد الصناعي والغازي والتحديث عموماً.
ما السّر وراء تنحي أمير قطر عن السلطة؟
ماجد حاتمي/قناة العالم
قيل الكثير عن تنحي امير قطر الشيخ حمد بن خلفية آل ثاني عن السلطة لصالح ابنه وولي عهده الشيخ تميم ، فهناك من مدح هذا الاجراء ووصفه بˈالحكيمˈ واسترسل في مدح فضائله الى الحد الذي تجاوز حتى فضائل اكثر الديمقراطيات عراقة في العالم ، كما روّجت لذلك وسائل الاعلام الممولة من قطر.
وهناك من لم ير أية فضيلة فيما جرى وان كل ماحدث هو تنحي أب لابنه في الحكم في اطار نظام قبلي منغلق على نفسه.
اما نحن ولكوننا، نعيش في منطقة تعيش اغلب شعوبها في ظل حكومات ابدية ازلية ، لم نتعود ، لاننا ببساطة ، لم نر حتى نتعود ، ان يتنازل ملك او أمير عن السلطة لصالح اي كان حتى ابنه ، لذلك لا اعتقد ان يلومنا احد لو نظرنا بشيء من الريبة الى الرواية الرسمية القطرية، عن قضية تنازل امير البلاد لنجله ، ونعتذر للجميع ، وفي مقدمتهم اخوتنا في قطر ، على راينا المتواضع بشأن ماجرى ، وهو رأي يختلف عما قالوا.
يمكن الاشارة الى العديد من الاسباب لتعليل ماجرى في الدوحة يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر حزيران يونيو الحالي. فهناك اسباب عديدة، تظافرت على مدى سنوات واوصلت الامور في قطر الى ما وصلت اليه الان، الا اننا سندرجها جميعا تحت عنوانين رئيسيين الاول مرض الامير والثاني التوجه العام لسياسة قطر.
السبب الاول : مرض الامير والشيخة موزة والود المفقود بين تميم وجاسم
ليس سرا ان الامير حمد يعاني منذ فترة من مرض كلوي، وليس سرا ايضا ان الشيخة موزة عقيلة الامير حمد ، شخصية قوية ومؤثرة داخل الاسرة الحاكمة ، فقد نجحت في تمهيد الارضية منذ فترة امام نجلها الشيخ تميم لتولي مقاليد الحكم.
مرض الامير حمد لوحده لن يكون سببا كافيا ليتنازل عن السلطة لنجله ، الا ان الشيخة موزة والدة الشيخ تميم تعرف كما يعرف الكثيرون ان الود مفقود بالمرة بين ابنها وبين رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ جاسم بن حمد ، الرجل القوي وصاحب النفوذ الواسع داخل الاسرة الحاكمة، وبذكاء انثوي يفتقر اليه الرجال، احست الشيخ موزة ان عملية انتقال سلس للسلطة الى ابنها بعد رحيل زوجها، ستكون محفوفة بالمخاطر، في ظل وجود شخصية نافذة ومؤثرة داخل قطر ولها علاقات اقليمية ودولية معقدة مثل الشيخ جاسم، لذلك اقنعت الامير المريض بالتنحي ونقل جميع سلطاته الي ابنها، وفي هذه الحالة لن يكون بامكان الشيخ جاسم ان يشكل اي خطر في ظل وجود الامير.
ومايقرب هذا الراي من احتمال الصدقية هو اصرار الامير حمد علي ان يغادر الشيخ جاسم المشهد السياسي القطري بالرغم ان الاخير كان من اكبر صانعي هذا المشهد دون وجود اي توجيه منطقي لذلك .
اما لماذا امتثل الجميع ، بدءا من الامير ورئيس وزرائه ومرورا بالشيخة موزة وانتهاء بالشيخ تميم والاسرة الحاكمة، دون ان يترددوا حتى للحظات في تنفيذ فصول هذا المشهد الاخير مشهد انتقال السلطة، فالسبب يكمن في قوة ضاغطة دخلت على الخط وهذه القوة هي اقوى من الجميع، وتقاطعت معها اسباب عديدة اخرى، وهذه القوة الضاغطة سندرجها تحت عنوان السبب الرئيسي الثاني.
السبب الثاني والاهم: القرضاوي والقاعدة والتوجه الامريكي
يرى الامريكيون والاوروبيون والسعوديون ان قطر تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء ، في تعاملها مع قضايا عربية واقليمية وحتي دولية، الامر الذي اثارة حفيظة هذه الجهات التي رأت ان القيادة القطرية تتحرك ازاء هذه القضايا تحت تأثير الافكار المتطرفة للشيخ يوسف القرضاوي ، الذي يبدو انه سحر الثنائي القطري ، الامير حمد والشيخ جاسم الى حد كبير ، كما سحر الراهب راسبوتين عائلة رومانوف القيصرية في روسيا.
التوجه الاخواني ذو البعد المتطرف ، للسياسة القطرية يبدو انه خلط على الامريكيين والسعوديين والاوروبيين اوراقهم في العراق وتونس وليبيا وافريقيا والان في سوريا. فجميعنا يعرف الى اي مدى وصل التناحر، الذي مازال مستمرا، بين داعمي المعارضة السورية وفي مقدمتهم قطر والسعودية، حول تركيبة هذه المعارضة وحول نسبة الاخوان والعلمانيين والقوميين فيها، الامر الذي اضاع كل الجهود والمحاولات التي بذلت لتوحيد هذه المعارضة في ائتلاف واحد. فليس خافيا على احد مدى العداء التاريخي بين السعودية والاخوان بالرغم من محاولة الجانبين توحيد صفوفها علي الاقل حاليا، امام العدو المشترك اي النظام السوري.
ان استعجال قطر على اسقاط النظام السوري، بضغط مباشر وقوي ومؤثر من القرضاوي والاخوان، كما بدا ذلك واضحا من التغطية الاعلامية لقناة الجزيرة القطرية، جعل قيادة هذا البلد تتخذ مواقف متطرفة الى حد كبير من الازمة السورية، لذلك لم تجد غير السلاح وسيلة لتغيير الاوضاع في سوريا.
صحيح ان امريكا والغرب والسعودية، متفقون على ضرورة تغيير النظام السوري بكل الوسائل، الا ان قطر وبسبب استعجالها اسقاط الاسد تبنت ودعمت بالمال والسلاح والاعلام حتى اكثر المجموعات تطرفا ومن بينها مجموعة جبهة النصرة ، دون ان تفكر بنتائج افعالها ، الامر الذي خلط الاوراق على حلفائها الساعين الى اسقاط النظام السوري من الامريكيين والاوربيين ، الذين اصبحوا في وضع لايحسدون عليه بالمرة ، الى الحد الذي دفع البعض الى القول ان بشار الاسد ربح معركته مع المسلحين بسبب تصرفات هؤلاء المسلحين، التي تجاوزت كل الحدود.
للاسف ذات الموقف وقفته القيادة القطرية في الكثير من المناطق كما في افريقيا وتحديدا في مالي. ففي الوقت الذي كانت القوات الفرنسية في حرب مع القاعدة هناك ، كانت بعض تقارير تتحدث عن مساعدات قطرية قدمت الي مقاتلي القاعدة في مالي.
السياسة القطرية يبدو انها لم ترق للكبار الذين شاهدوا ان المعادلة السورية اخذت تميل لصالح الاسد، لذلك قرروا تغيير قواعد اللعبة بعيدا عن تلك التوجهات السابقة. وبدأ ذلك واضحا بعد قمة الثماني في بريطانيا ، عندما تم التاكيد هناك على تطهير سوريا من القاعدة، ودعوة فرنسا لما يسمي بالجيش الحر من اخذ زمام المبادرة والسيطرة على الاراضي تحت سيطرة جبهة النصرة، دون الحديث علي رحيل الاسد كشرط مسبق للمشاركة في جنيف 2. هذا التوجه الغربي، الذي لم يكن وليد قمة الثماني الاخيرة بالطبع ، بحاجة الي تغيير في اللاعبين الاقليميين والمؤثرين في المشهد السوري، وهذه الحاجة الامريكية الغربية قابلتها حاجة قطرية داخلية ، فتقاطعت الحاجتان .. فذهب أمير وجاء أمير..
نقل السلطة في قطر، هل هي بداية للتغيير؟
شاكر كسرائي/قناة العالم
سلم أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني السلطة يوم الثلاثاء الى ابنه الشيخ تميم معلنا في كلمته التي بثت على شاشة التلفزيون القطري، انه حان الوقت كي يتسلم جيل جديد زمام السلطة في بلاده.
وكان الشيخ حمد بن خليفة قد نحى والده عام 1995 واستولى على السلطة . وقال الشيخ حمد في كلمته "منذ ان ترعرعت على أرض قطر والله يعلم اني ما أردت السلطة في ذاتها ولا سعيت اليها من دوافع شخصية بل هي مصلحة الوطن أملت علينا ان نعبر به الى مرحلة جديدة ولقد حان الوقت ان نفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية بطاقاتهم المتوثبة."
السؤال الذي يطرح في الاوساط السياسية هو : هل ان الشيخ حمد نقل السلطة لابنه تميم طواعية أم ان هناك اسباب اخرى لنقل السلطة ؟ البعض يقول ان الشيخ حمد مريض لا يمكنه مواصلة الحكم وان عليه ان يتفرغ للعلاج قبل فوات الاوان. هناك رأي اخر يقول بان الولايات المتحدة هي التي طلبت من الشيخ الاعتزال ونقل السلطة الى ابنه وألحت عليه بأن يفعل ما يؤمر به .وهناك مقولة اخرى تقول بان الشيخ حمد شعر بوجود مخطط لعزله من الحكم وقام بهذه الخطوة قبل ان يعزل كما عَزل والده قبل 18 عاما.
والسؤال الآخر هو لماذا لم يطرح الشيخ حمد نيته في الاعتزال ونقل السلطة الى ابنه على أبناء الشعب القطري وأخذ رأيهم بهذا الشان ؟ هل ان الشعب القطري لم يبلغ بعد مرحلة البلوغ السياسي ليستشيره الامير في أهم قضية في البلاد.كيف يطرح الامير ورئيس وزرائه شعارات الحرية والديمقراطية وتقرير المصير بالنسبة لشعوب الشرق الاوسط ولا يفكر يوما بمنح الحرية والديمقراطية لابناء شعبه . وانه رغم مساندته لانتفاضات الربيع العربي فقد كبح الشيخ حمد المعارضة في قطر وقيد حرية التعبير.وفي فبراير شباط الماضي صدر حكم بسجن شاعر قطري 15 عاما لانتقاده أمير البلاد ولتحريضه على الثورة.
ان خطوة أمير قطر في تسليم السلطة لابنه هي خطوة أيجابية في دولة عربية عضو في مجلس التعاون حيث يحكم رئيس الدولة في كل دولة من دول المجلس حتى توافيه المنية ودون أن يفكر بالتنحي بسبب الشيخوخة والمرض .
ولكن هناك تساؤلات عديدة تطرح الان بعد ان سلم الشيخ حمد السلطة لابنه : هل ان الامير الجديد سيواصل سياسة والده في دعم الجماعات المسلحة والتكفيرية وهل سيقدم مليارات الدولارات من ثروات الشعب القطري للجماعات المسلحة والتكفيرية للاطاحة بحكومات المنطقة؟
هل يفكر الامير الجديد الذي درس في انجلترا وعاش فيها سنوات ، بمنح الحريات الديمقراطية لابناء الشعب القطري ، واجراء انتخابات برلمانية في هذا البلد الغني بالنفط ، كما هو الحال في الكويت ، أم ان هذه القضية من الممنوعات التي لا يمكن الاقتراب منها والتطرق اليها.؟
كيف ستكون علاقات قطر مع الكيان الصهيوني ؟ علما بان لدي اسرائيل مكتب اتصال في الدوحة ويزور الاسرائيليون قطر كما يزورون اي دولة اوروبية.؟
كيف ستكون العلاقة بين قطر والولايات المتحدة ، علما بأن القوات الامريكية ترابط في قاعدة أمريكية في قطر.
ماذا سيكون مصير رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم وهو الذي قاد سياسة بلاده الخارجية لسنوات ، هل يعتزل ويغادر البلاد أم يطالب بحصته في الحكم ؟
يقال ان الامير الجديد له علاقة قوية مع تنظيم الاخوان المسلمين ، ويعد حضور الشيخ السلفي التكفيري يوسف القرضاوي في مراسم نقل السلطة مؤشرا على هذه العلاقة الحميمة. کیف ستکون علاقة الامیر الجديد مع الاخوان المسلمين في قطر والكويت و...ومع الجماعات السلفية والارهابية والتكفيرية المتحالفة مع الاخوان ؟
وأخيرا ، هل ستسير الامور في قطر كما أرادها الاميرالشيخ حمد بن خليفة ، أم ستجري الرياح بما لا تشتهي السفن ؟
على كل حال ، نقل السلطة في قطر جري حتى الان بصورة سلمية ، وتنتظر شعوب المنطقة أن يبادر الامراء والملوك الاخرون في دول مجلس التعاون الى تغيير أسلوبهم في الحكم وأن يسمحوا للجيل الجديد بتولى المسؤولية .ويتساءل العديد من المراقبين : هل ان نقل السلطة في قطر سيكون بداية لحركة تغيير في اسلوب الحكم في دول مجلس التعاون ؟
حمد بن جاسم، الخاسر الاوّل من انتقال السلطة بقطر
موقع ميدل ايست اونلاين ، منظمة العلويين العالمية
فاجأ امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مواطنيه والمهتمين بالشأن القطري عندما استعجل تسليم مقاليد السلطة الى وليّ العهد الشيخ تميم.
وذكر موقع ميدل ايست اونلاين في تحليل، ان هذا الحدث كان متوقّعا أن يحصل بعد عطلة عيد الفطر، أي في منتصف آب- اغطس المقبل. لكنّ الشيخ حمد ارتأى في نهاية المطاف تقديم الموعد الى يوم الخامس والعشرين من حزيران- يونيو قاطعا بذلك الطريق على أي تجاذبات أو مناورات يمكن أن يلجأ اليها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية الذي يعتبر أحد اشد المعترضين على تولي الشيخ تميم موقع الامير، وهو موقع يجعل منه صاحب الكلمة الاولى والاخيرة في الدولة.
وقالت مصادر قطرية أن الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني وزير الدولة للشؤون للداخلية سيتولى رئاسة الوزراء خلفا للشيخ حمد بن جاسم.
وبدا الشيخ حمد بن جاسم، الذي طالما تصدر المشهد السياسي والإعلامي القطري، وقد تقدمه عدد من أفراد الأسرة الحاكمة في صور وزعتها وكالات الأنباء ولم يعرض التلفزيون حضوره في أفواج البيعة التي توافدت لتقديم ولائها للأمير الجديد الشيخ تميم.
وكان متابعون للشأن القطري لاحظوا في الايام القليلة الماضية أنّ حمد بن جاسم، الخاسر الاوّل من انتقال السلطة في قطر الى الشيخ تميم، صار أقلّ تعاونا. فبعد أن تظاهر بأنّه متفهم للامر، راح يطرح شروطا ويهدد بفتح ملفات في حال لم يحفظ له دور ما في تسيير شؤون البلد في عهد الامير الجديد الذي يكنّ له كرها شديدا.
وكانت نتيجة ذلك التعجيل في عملية التسلّم والتسليم عن طريق دعوة أعضاء مجلس العائلة الى اجتماع لابلاغهم بقرار الشيح حمد بن خليفة. كذلك، جرى الردّ على حمد بن جاسم بأن هناك أيضا ملفات كثيرة يمكن أن تفتح، بما في ذلك الملفّ المرتبط بابن شقيقه الاكبر الشيخ جبر بن يوسف الذي تولى خلال مرحلة معيّنة (2006-2009) ملف لبنان وارتبط بعلاقات قويّة جدا مع اطراف في لبنان يعاونه فريق من اللبنانيين بينهم رجال اعمال موجودون في قطر وصحافيون من لون معيّن يقيمون بين الدوحة وبيروت. ويتضمن هذا الملف مخالفات يمكن أن توصف بأنّها ضخمة. وقد كان ممكنا التغاضي عن كلّ ما حصل لو لم تنته المغامرة اللبنانية لجبر بن يوسف بكارثة جرى تحميل مسؤوليتها لحمد بن جاسم نفسه، علما أن التكليف جاء في البداية بمباركة من وليّ العهد وبموافقة حمد بن خليفة.
وأمام هذا الواقع، فضّل رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، المنتهية صلاحيته، الصمت والابتعاد بهدوء عن الاضواء والرضوخ للارادة الاميرية مكتفيا بالمطالبة بضمانات شخصية له ولثروته في مرحلة ما بعد حمد بن خليفة.
وكان السؤال الاساسي الذي طرح نفسه في الاوساط العربية والدولية في ضوء تولي الشيخ تميم ابن الـ33 عاما السلطة بدعم واضح من والدته الشيخة موزة بنت ناصر المسند واشقائه وشقيقاته: هل سيترك الرجل بصماته على السياستين الداخلية والخارجية لقطر؟ .
من الواضح أن عملية قصقصة جناحي حمد بن جاسم بدأت قبل ما يزيد على خمس سنوات. ولم يجد الشيخ تميم مقاومة تذكر له على الصعيد الداخلي وذلك بتشجيع من والدته ودعم من والده واشقائه وابناء العائلات الكبيرة. وهذا عائد أصلا الى أن حمد بن جاسم شخص غير محبوب. فهو من النوع الذي "لا يشبع" على حد تعبير عدد كبير من الذين عرفوه عن كثب. فضلا عن ذلك، انه شخص متعجرف لا يحسن اقامة علاقات مع افراد العائلة الحاكمة في قطر أو مع افراد العائلات الاخرى النافذة مثل آل العطية. وكان من بين النوادر التي سرت في اوساط القطريين في السنوات الخمس الاخيرة أن هناك حاجة الى انتظار ستة أشهر للحصول على موعد مقابلة مع "أبو جبر".
ولعب سوء ادارة حمد بن جاسم لوزارة الخارجية دورا في مجال ابعاده عن الملفات المهمة بشكل تدريجي. فبحجة أن عليه الانصراف، كرئيس للوزراء أيضا، الى قضايا أكبر تهمّ الشأن العام وكلّ ملفات الدولة بما في ذلك الاستثمارات الخارجية، جرى تعيين خالد العطيّة في منصب وزير دولة للشؤون الخارجية. والاخير محسوب على الشيخ تميم الذي صار موجودا في عرين الاسد وشريكا اساسيا في تسيير العمل اليومي للخارجية عن طريق العطية.
وترافق تقليص حجم نفوذ حمد بن جاسم في الخارجية وحتى في الاعلام، الذي كان مسيطرا على جزء منه عبر جبر بن يوسف. فقد قرر الشيخ تميم انشاء مؤسسات خاصة به. وبعض هذه المؤسسات مرتبط بالاستثمارات الخارجية وبعضها الآخر بالاعلام والثقافة والرياضة، وقد نافست في بعض الاحيان المؤسسات التي كانت تشرف عليها والدته.
وكان ملفتا في هذا المجال اصرار وليّ العهد على التخلص من السيطرة الكاملة للاخوان المسلمين على قناة "الجزيرة". ولعب دورا أساسيا في ابعاد القيادي الاخواني وضّاح خنفر، وهو فلسطيني، عن الموقع الاهمّ في "الجزيرة" التي تحوّلت الى ما يشبه محطة يتقاسم النفوذ فيها اخوان مسلمون وآخرون منتمون الى ما يسمّى التيار العروبي من بقايا بعثيين وقوميين عرب...
اضافة الى ذلك كلّه، أسس الشيخ تميم، مستعينا بـ عزمي بشارة النائب السابق في الكنيست الاسرائيلية الذي أصبح يصف نفسه بـ"المفكّر"، مواقع اخبارية يمكن وصفها بأنّها ليبرالية. وأحد هذه المواقع يعمل من بيروت. وهناك من يتحدث حاليا عن صحيفة ليبرالية تنوي قطر- الشيخ تميم اطلاقها من القاهرة وهي موجهة الى الجمهور المصري والليبي والتونسي ولا تتماشى مع التوجه الاخواني الذي شجعته قطر في عهد الامير الاب.
وكان في أساس احتضان حمد بن خليفة للاخوان المسلمين الرغبة في الاستفادة، مخابراتيا، من شبكتهم المنتشرة في كلّ انحاء العالم من جهة والتنافس مع المملكة العربية السعودية اسلاميا من جهة أخرى.
لكنّ هذه السياسة لم تأت بالنتائج المرجوة، خصوصا مع التجارب الفاشلة للاخوان في كلّ من مصر وتونس وليبيا واكتشاف الدوحة أن لديهم اجندة خاصة بهم لا تتفق بالضرورة مع الاجندة القطرية. وهذا يجعل الشيخ تميم يفكر بطريقة مختلفة تقوم على المراهنة على أكثر من تيّار في الوقت ذاته.
ولا شكّ أنه يستفيد في هذا المجال من تجربة والده الذي وظّف دائما من يعتبرون أنفسهم "عروبيين" معادين ل "اسرائيل" في سياسة براغماتية مارسها على كلّ المستويات من اجل اقامة قنوات اتصال علنية وغير علنية معها. ومن بين اطرف الامثلة على ذلك، ارسال شخصية من آل الكواري شغلت موقع سفير في واشنطن ثم وزير في الحكومة القطرية لتمثيله في جنازة اسحق رابين، علما أن هذه الشخصية تقدّم نفسها بأنها "عروبية" وترفض أي تطبيع مع "اسرائيل"! .
ستكون البراغماتية العنوان العريض لعهد تميم بن حمد في قطر. والبراغماتية تحتم في المرحلة الراهنة، خصوصا في ظلّ السياسة التي تمارسها الدوحة على الصعيد السوري، تقاربا مع دول الخليج الفارسي على رأسها المملكة السعودية.
تحليل: إلى قطر وإن طال السفر
بقلم الدكتور جواد العناني- رئيس المجلس الإقتصادي والاجتماعي في الأردن/cnn بالعربية
لقد ثبتت الإشاعة أخيراً، وتحولت إلى حقيقة تفتح الباب على كثير من الاجتهادات ، والتنبؤات حول مصير السياسة القطرية واتجاهاتها، وحول مواقف قطر في قضايا المنطقة المهمة مثل سورية، وحركة حماس، والعلاقة مع مصر بقيادة الرئيس الإسلامي مرسي.
الخبر تأكد إذن والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تنازل عن العرش لابنه الشيخ تميم، ابن زوجته الفاعلة وذات الحضور الشيخة موزة بنت المسند.
وبهذا القرار الذي تناولته وسائل الإعلام منذ أسابيع، يكون الشيخ حمد ثالث أمير لدولة قطر لا تنتهي ولايته بالوفاة، بل بقرار إداري أو إداري انقلابي. فالشيخ حمد هو الذي ساهم في تنحية والده عن الحكم في عام 1995، مثلما قام الشيخ خليفة في أوائل عام 1972 بالانقلاب على ابن عمومته الشيخ أحمد الذي غادر قطر ليعيش في دبي.
ولكن هذا القرار الأخير أتى طواعية. ويشاع أن سببه هو مرض الشيخ حمد بن خليفة بالسكري ومضاعفاته مما جعل مسؤولية الحكم ثقيلة على كاهله.
وبهذا القرار، فإن الشيخ حمد بن خليفة قد ترك لابنه وديعة مليئة بالمسؤوليات والتحديات. فهنالك ملفات كثيرة تصدت لها الإدارة السياسية القطرية في العراق، والصومال، وقطاع غزة، والضفة الغربية، عدا العبء السوري الذي تنوء بحمله الجبال. وبالطبع هنالك ملفات اخرى مرتبطة بتعظيم دور قطر الإقليمي والدولي لا بد من إنجازها والدفاع عنها مثل إقامة مسابقة كأس العالم الكروية عام 2022 ، وملف قناة الجزيرة التي يبدو أن بعضاً من بريقها بدأ يخبو.
ولكن الملف الكبير هو دور قطر وسياستها في منطقة الخليج. ويبدو أن تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 قد قربت قطر من السياسة الأمريكية على حساب المملكة العربية السعودية. وقد بدأ بروز هذا التحول في السياسة الأمريكية بعد نقل قاعدة أمريكية ضخمة من المملكة العربية السعودية إلى الصحراء القطرية.
ومع أن قطر لم تتخذ قرارات اقتصادية واضحة ضد المملكة العربية السعودية مثل موافقتها على دخول اتفاقية العملة الموحدة في الوقت الذي رفضت فيه ذلك كل من الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، إلا أن الخلافات السياسية مع المملكة العربية السعودية، بسبب قناة الجزيرة على سبيل المثال، هو الذي برز بشكل واضح على السطح، وسبب تعكيراً في العلاقات مضى عليها زمن ليس بالقليل.
ولذلك ، فإن أهمية ما جرى في قطر من إعلان التنحي من قبل الشيخ حمد إلى ابنه الشيخ تميم تنبع من الخط السياسي الذي ستنهجه قطر الشيخ تميم. ويبني بعض المحللين آراءهم حول هذا التحول على أساس صراع قوىً خفية بين الشيخ حمد بن جاسم ورئيس الوزراء والشيخة موزة والدة الأمير الجديد.
ويبني هؤلاء المحللون توقعاتهم على أساس أن الشيخ تميم ليس راغباً في الاستمرار بدور المشاكس في المنطقة، ولا بدور صاحب الرأي المستقل، بل يريد دوراً لقطر يعيد دفء العلاقات مع دول الخليج والدول العربية الأخرى، دون الالتفات إلى التكتلات والخلافات العربية البينية.
أما آخرون، فيقولون إن الشيخ حمد بن جاسم قوي، وله اتصالات دولية لا يستهان بها، وأن هنالك قوى في الغرب وفي المنطقة ترى فيه نصيراً قوياً، وتحب السياسة التي ينتهجها، وإن أدت إلى تعميق الخلافات الإقليمية.
وبين هذين الرأيين المتقابلين والمتناقضين يبرز رأي ثالث يرى أن السياسة القطرية الخارجية خصوصاً قد منحت قطر مكانة مرموقة لا يمكن أن يقبل الأمير الجديد التنازل عنها. فقطر تملك مقومات كثيرة مثل فائض المال ووفرته، ومكانة يعترف بها الجميع. هذا كله بالإضافة إلى إنجازات قطر الكبيرة في عهد الأمير المعتزل الشيخ حمد بن خليفة.
فقد طورت قطر صناعات محترمة ومربحة في مجال البتروكيماويات، والغاز المسال، والحديد، والألمنيوم، والأسمدة. وكذلك طورت بناها التحتية والفوقية، وصارت شواطئها تنافس دبي وأبو ظبي في بهائها وجمال أبنيتها وفنادقها وحدائقها. وكذلك، فإن قطر بنت شركة طيران منافسة ودعمتها بالخدمات المتميزة وبمطار جديد تتوفر فيه كل أسباب الراحة والخدمة المتميزة. وكذلك نجحت قطر في اجتذاب مسابقة كأس العالم الكروية.
فهل تقبل قطر بعد ذلك بالتنازل عن كل هذا ؟؟ وماذا عن قناة الجزيرة ذات المشاهدة العالية والبرامج المثيرة، والحضور الدولي المؤثر، والتي وصفها توماس فريدمان في كتابه "الليكزس وشجرة الزيتون" بأنها جعلت من قطر قوة دافعة دولية".
هل يمكن أن يكون لدى السياسة الجديدة في دولة قطر قدرة على التكيّف بالاتجاه المعاكس للاتجاه الذي بنت عليه استراتيجيتها وسياستها في السنوات السبع عشرة الأخيرة لتكون كتلة حرجة في الإقليم والعالم.
إن هذا يعتمد في الدرجة الأولى على صحة ما يشاع من صراع قوى، وإلى النتائج التي ستفضي اليها. فإذا خرج الشيخ حمد بن جاسم من الحكم، فلا شك أن لذلك مغزى واضحاً بأن قطر سوف تسلك وبالتدريج طريقاً أخرى. وسوف تبدأ في إعادة النظر في علاقاتها مع دول مثل المملكة العربية السعودية والأردن، ولربما مع مصر التي يسعى رئيسها لإصلاح ذات البين مع المملكة العربية السعودية. وواضح أن تركيا حليفة قطر في عدد من الملفات، وأهمها الملف السوري، ربما تبدأ في إعادة حساباتها...
صحيح أن الموضوع كله قد يعتمد في النهاية على مصير رئيس وزراء قطر، ولكن الشخص في هذه الحالة ليس مجرد منصب، بل هو سياسة وتوجه ومواقف قد تكون لقمة أكبر من ان يتسع لها بلعوم قطر.
تحليل: قطر لن تكون قطر دون حمد بن خليفة
د. عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسة، الإمارات/cnn بالعربية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (cnn) -- خص للدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، cnn بالعربية بمقال تحليلي حول التطورات بقطر جاء فيه: عودتنا قطر خلال حكم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على القرارات الجريئة والمثيرة للجدل والتي تطرح من التساؤلات أكثر مما تعطي من إجابات. وقرار الأمير المتوقع إعلانه غدا عن عزمه نقل السلطة والتنازل عن الحكم طوعا سيكون أكثر القرارات جرأة وإثارة للجدل على الإطلاق من حيث مضمونه وتوقيته وتأثيره على قطر التي تعيش بدايات عصرها الذهبي.
قلة قليلة من الحكام في التاريخ السياسي الخليجي والعربي وحتى العالمي تتحلى بجرأة وجسارة اتخاذ قرار التنازل عن الحاكم والتخلي عن السلطة طوعا. فمن بديهيات السلوك السياسي كما يقول مكيافيللي، مؤسس المدرسة الواقعية في السياسة، أن "من هو في السلطة يفعل كل ما في وسعه للبقاء في السلطة مدى الحياة، ومن هو خارج السلطة يلجأ لكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول الى السلطة". لا يوجد في قاموس من هو في الحكم التنازل عن الحكم. أمير قطر على وشك أن يكسر هذه القاعدة الذهبية في دنيا السياسة، كما كسر مرارا وتكرارا قواعد كثيرة بقيادته لدولة صغيرة أصبحت فجأة تقوم بأدوار سياسية غير تقليدية.
ليس من عادة رجل السياسة وهو في كامل قواه العقلية التخلي طوعا عن كرسي السلطة. لذلك فإن قرار نقل السلطة لولي عهده في هذه اللحظة هو قرار استثنائي وجريء ولا بد أن هناك ظروفا شخصية ملحة جدا واستثنائية جدا دفعت بأمير قطر لاتخاذ هذا القرار الذي يأتي خارج سياق المألوف في دنيا السياسة.
الأمير حمد بن خليفة من مواليد الأول من يناير/كانون الثاني 1952، فهو بكل المعايير العمرية في مقتبل العمر نسبيا. هناك حكام في دول الخليج أكبر سنا منه بكثير ولم يفكر أي منهم التنازل عن السلطة. بل إنه لم تجر العادة في هذه المنطقة أن يتخلى الحاكم عن الحكم ويتنازل لولي عهده مهما كان مستعدا لممارسة الحكم. بعض الحكام في دول الخليج العربي تجاوز العقد التاسع من العمر، ويعاني مشكلات صحية مزمنة ومن الترهل الواضح في الحركة والإلمام بما يجري من حوله، لكنه مصر كل الإصرار على ممارسة مهامه السيادية وصلاحياته الدستورية الكاملة غير المنقوصة ولا يتنازل عن شبر منها لولي عهده الأمين.
حاكم قطر السابق، 61 سنة، يبدو بالمقارنة في ربيع العمر وفي عز المجد، وقمة العطاء ولم يكمل مشروعه التحديثي في قطر وأمامه الكثير ليحقق أجندته الطموحة على الصعيد الإقليمي.
تولى حمد بن خليفة آل ثاني الحكم في يونيو/حزيران 1995 بعد انقلاب أبيض على والده، والملفت أنه اختار أن يعلن تنازله لولي عهد أيضا في يونيو/حزيران 2013. بما لا توجد دلالات معينة للتوقيت، لكن المؤكد أن الشيخ حمد لم يكمل عقدين في الحكم، وهو بالتالي في ربيع عمره السياسي، وسجله التنموي ناصع، ويعيش في قمة مجده بعد أن أصبح رقما صعبا في المعادلة السياسية العربية. ما أنجزه أمير قطر داخليا وخارجيا خلال 18 سنة في الحكم يفوق كل التصورات.
فدولة قطر تمتلك اليوم ثالث أكبر اقتصاد في المنطقة العربية حيث بلغ إجمالي ناتجها القومي 189 مليار دولار عام 2013، وهي الأولى عالميا وبدون منافس في معدل دخل الفرد الذي بلغ 102800 دولار عام 2012، أما نسبة النمو الاقتصادي فقد بلغت 6.4 في المائة عام 2013 وكانت أكثر من 16 في المائة عام 2011 وهو الأعلى في العالم. كما اتخذ الشيخ حمد بن خليفة فور تسلمه للحكم سلسلة قرارات جريئة بالاستثمار مبكرا في قطاع الغاز الطبيعي مما حول قطر إلى الدولة الأولى عالميا في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي.
لذلك وبعد ان كانت قطر من أكثر الدول الخليجية انعزالا وانغلاقا وفي موقع التبعية للشقيقة الكبرى السعودية، أصبحت فجأة وبفضل سياسات أميرها بارزة كل البروز على الخارطة الاقتصادية والسياسة العالمية. والمؤكد أن الشيخ حمد لم ينجز كل ما كان ينوي انجازه حيث كان من المتوقع أن يعيش لحظته في التاريخ عندما تستضيف قطر كأس العالم عام 2022. لذلك فإن قرار نقل السلطة والتنازل عن الحكم مدهش ولا يتسق مع معطيات السياسة وحيثيات المهام الكبرى التي تتطلب الانجاز في الداخل والخارج. حتى لو كانت دوافع التنازل عن الحكم صحية بحتة كما يتوقع على نطاق واسع، فبإمكانه الاستمرار كحاكم رسمي وشرفي حتى آخر العمر دون اتخاذ قرار التنازل المبكر. وبإمكان الشيخ تميم بن حمد، الذي هو من مواليد الثالث من يونيو/حزيران 1980، ممارسة كافة صلاحيات الحكم والسلطة الفعلية نيابة عن والده دون ان يتنازل الحاكم فعليا عن الحكم ويترك فراغا سياسيا في هذه اللحظات المفصلية لقطر والمنطقة العربية.
الشيخ حمد بن خليفة رجل سياسة من الطراز الأول، وقرار التنازل عن الحكم هو قرار سياسي وتم بوعي سياسي متقدم. فالسياسة جزء من كيانه وتسري في دمه ويستنشقها كما يستنشق الهواء بدون كلل وملل. وأمير قطر انغمس في القضايا الإقليمية الساخنة حتى النخاع، بل هو حتما أكثر انغماسا في التحولات التأسيسية التي شهدتها المنطقة العربية خلال مرحلة الربيع العربي من بقية حكام الخليج العربي. لقد اكتسب الشيخ خليفة لقب "شيخ الثوار العرب الجدد،" وشيخ الربيع العربي، لذلك فإن تركه لهذه القضايا، وخروجه المبكر، وابتعاده المفاجئ عن مشروع العمر سيترك فراغا لا يمكن لكائن من كان ملؤه بيسر.
قطر حاضرة بثقل أينما كان الحدث هذه الأيام، وحضورها في جله هو حضور لحمد بن خليفة على المستويين الشخصي والسياسي. فهو الذي يفكر ويخطط ويشرف ويدير كافة الملفات الاقليمية، خاصة الملف السوري الذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم. كما أن تأثير قطر في ما يجري على الساحة العربية أكبر بكثير من تأثير أي دولة عربية أخرى، ومعظم هذا التأثير له علاقة مباشرة بأجندة الأمير أكثر من ارتباطه بأجندة دولة قطر. فأجندة قطر هي أجندة حمد الذي تمكن من أن يجعل الدوحة العاصمة الدبلوماسية والسياسة للنظام الإقليمي العربي بعيدا عن العواصم العربية التقليدية التي تراجع دورها وانحسر تأثيرها. ومعظم النشاط الدبلوماسي القطري مركزه ومحوره هو حمد شخصيا. ومن الصعب تخيل كيف ستتطور بدونه.
حتى هذه اللحظة القريبة لا يمكن تخيل قطر بدون الشيخ حمد بن خليفة، ولا يمكن فهم الدوافع الحقيقة لقرار نقل السلطة في قطر إلى ولي العهد. هذا القرار الجريء سيدخله الشيخ حمد بن خليفة التاريخ من أوسع الأبواب أكثر من بقية القرارات الجريئة التي اتخذها خلال 18 سنة من حكمه. قطر بدون الشيخ حمد بن خليفة لن تكون قطر التي عرفها العالم خلال العقدين الماضيين، وسيترك الشيخ حمد بن خليفة الحكم ولم ينجز مشروعه التحديثي كاملا مكتملا.
كما ان المسرح السياسي العربي المعاصر الذي يعج بالتحولات سيفقد بوصلته وسيكون فقيرا بل حزينا بدون "شيخ الربيع العربي" الذي ساند بكل ثقله المعنوي والإعلامي والمالي والسياسي الشعوب العربية في معركتها المصيرية وغير المكتملة من أجل الحرية والكرامة.


رد مع اقتباس