النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: المقالات في الصحف المحلية 17/06/2014

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    المقالات في الصحف المحلية 17/06/2014

    المقالات في الصحف المحلية



    الثلاثاء
    17/06/2014





    المقالات في الصحف المحلية





    الموقع إرادة شعبنا لن تنكسر
    حديث جريدة القدس
    «شاليط» في الأفق...
    يونس السيد
    إسرائيل: الخطر يكمن في الداخل
    ألون بن مئير
    ثلاثون نبضة ووردة واحبكِ...
    عيسى قراقع
    صرخة في ظل الهزيمة!!
    يونس العموري
    السلطة الرابعة
    ماهر العلمي

    أطراف النهار - المكنّى "أبو أدهم"
    حسن البطل
    عمليّة الخليل: صاعقة في سماء صافية
    هاني المصري
    متى يعود الوعي للإسرائيليين؟!
    رجب ابو سرية
    الاختطاف الذي لخَّصَ مرحلة !
    مهند عبد الحميد
    أقدام خرساء
    زياد خدّاش
    مريض بالقلب وميكانيكي سيّارات!!
    حسن خضر


    حياتنا - تأملات الظهيرة
    حافظ البرغوثي
    مدارات - فيما يرى النائم الامبريالي
    عدلي صادق
    ومضة - المونديال للأغنياء أم للأشقياء؟
    د. صبري صيدم
    نبض الحياة - أوقفوا ارهاب اسرائيل!
    عمر حلمي الغول
    "ابو اياد ... عملاق فلسطين"
    عيسى عبد الحفيظ
    مقالات جريدة القدس,,,,,
    الموقع إرادة شعبنا لن تنكسر
    حديث جريدة القدس
    ما يجري من حملة واسعة النطاق يشنها الجيش الاسرائيلي على خلفية اختفاء آثار ثلاثة مستوطنين، وهي الحملة التي طالت عشرات الآلاف من أبناء شعبنا في مختلف أنحاء الضفة الغربية وخاصة منطقتي الخليل وبيت لحم ومحيطهما، من عقوبات جماعية واعتقال العشرات والحصار والاغلاق وتقييد حرية الحركة تزامنت مع الحملة السياسية - الدبلوماسية التي تشنها اسرائيل منذ أسابيع ضد القيادة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني والتي تصاعدت بعد اختفاء آثار المستوطنين الثلاثة وسط أجواء من الترويع للمدنيين العزل وسقوط ضحايا، وهو ما يعني تصعيد اسرائيلي آخر وإمعان في انتهاك القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف.
    وفي الوقت الذي تؤكد فيه هذه الممارسات الاسرائيلية الخطيرة ،التي بدأت منذ ما قبل اختفاء آثار المستوطنين الثلاثة، من استيطان وتهويد ومصادرات وحملات دهم واعتقال وسد الطريق أمام مفاوضات جادة ..الخ، في الوقت الذي يؤكد فيه ذلك وما تبعه من تصعيد اسرائيلي ان الحل الوحيد لغياب الأمن والاستقرار ولمغامرات جبروت القوة والاحتلال هو انهاء هذا الاحتلال غير الشرعي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني تخرج علينا أصوات من حكومة نتنياهو نفسها ومن نتنياهو نفسه تهدد وتتوعد الشعب الفلسطيني وقيادته او تدعو الى ضم أجزاء واسعة من الأراضي المحتلة لاسرائيل او تتدخل بشكل سافر في الشأن الداخلي الفلسطيني وهو نهج ثبت عقمه في كسر إرادة الشعب الفلسطيني او النيل من عزيمته وتوقه للحرية والاستقلال.
    وازاء هذا العبث الخطير بأمن واستقرار المنطقة وهذا النهج الاسرائيلي الذي يسعى لتكريس الاحتلال والغاء حقوق شعب بأكمله لا بد من تدخل جدي وفاعل للمجتمع الدولي لوضع حد لهذه الغطرسة الاسرائيلية وإنقاذ المنطقة من هذا العبث الاسرائيلي الذي يهدد بتفجير الأوضاع وتداعيات لا يعلم احد الى أين ستقود الشعبيين الفلسطيني والاسرائيلي وشعوب المنطقة فلا يعقل ان يبقى العالم متفرجا على ما يرتكب من انتهاكات فظة للقانون الدولي من قبل هذا الاحتلال أو ان تتواصل مأساة شعب بأكمله أقرت الغالبية الساحقة من دول العالم بحقوقه الثابتة وبدولته فلسطين الخاضعة للاحتلال.
    لقد حان الوقت كي يتحرك الجانب العربي - الاسلامي بهذا الاتجاه لوضع هذا الملف الساخن على رأس أولويات المجتمع الدولي وأمام مجلس الأمن كي تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها وتقوم بواجباتها التي يمليها ميثاق الأمم المتحدة خاصة فيما يتعلق بحفظ الأمن والسلم الدوليين او ما يتعلق بحقوق الشعوب ورفض الاحتلال غير الشرعي.
    وفلسطينيا، من الواضح تماما أن شعبنا بأسره يقف اليوم موحدا في مواجهة هذا التعسّف الاسرائيلي وفي الدفاع عن حقه وهويته وكرامته الوطنية، فلا مجال اليوم للحديث عن خلاف هنا او هناك فالكل الوطني شعبا وفصائل، سلطة ومنظمة تحرير، مستهدف من هذا الاحتلال الذي لا يتورع عن ارتكاب كل هذه الانتهاكات وكل هذا العدوان، ولكن على حكومة نتنياهو ان تدرك ان إرادة شعبنا وتصميمه على الحرية والاستقلال سيظل أقوى من جبروت القوة العسكرية وأقوى من لغة التهديد والوعيد التي يطلقها نتنياهو ومتطرفو حكومته.

    «شاليط» في الأفق...
    يونس السيد
    الغضب الفلسطيني، الذي انفجر أخيراً في صورة أسر المستوطنين الثلاثة شمال مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وبات يلوح في أفقها شبح نسخة ثانية من عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت في قطاع غزة عام 2006 جاء تتويجاً لمعركة الأمعاء الخاوية للأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، وبعد أكثر من 50 يوماً على إضراب المعتقلين الإداريين، وفي ظل عجز السياسة، وعدم اكتراث المجتمع الدولي، وسياسة القوة الإسرائيلية وضربها عرض الحائط بكل الشرائع والقوانين الدولية .
    قد تكون السيناريوهات وربما النتائج مختلفة في الحالتين . فالأولى، جاءت من خلال عملية عسكرية تمكنت فيها المقاومة من اقتياد "شاليت" إلى أحد الأنفاق في غزة المحررة آنذاك من الاحتلال، من دون أن يمنع ذلك بالطبع، اجتياحاً إسرائيلياً مدمراً، لكنه فاشل، لتتمكن العملية من تحقيق أهدافها، في نهاية المطاف، بتحرير مئات الاسرى من السجون الاسرائيلية . وفي الثانية تمكنت فصائل المقاومة من أسر المستوطنين الثلاثة في نقطة حيوية، بالغة الخطورة، على مداخل مجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني بين مدينتي بيت لحم والخليل، في الضفة، لتحدث المقاومة خرقاً أمنياً لافتا في مكان يخضع مباشرة لسيطرة القوات الاسرائيلية..
    فالعملية، بحسب تسريبات، استغرقت وقتاً طويلاً من الإعداد، بدءاً من اختيار الهدف واستطلاعه وجمع كل ما يمكن جمعه من معلومات، ثم التخطيط المحكم والتنفيذ الدقيق، الذي ظهر جلياً في القدرة على التمويه وسرعة الحركة وصولاً إلى الإخفاء والتأمين، ما أحدث مفاجأة مدوية أربكت حسابات الجانب الاسرائيلي، حيث أطلق حملة "بيت بيت" لتفتيش كل منازل الفلسطينيين، مع ما رافقها من عمليات اعتقال للمواطنين الفلسطينيين، فيما ذهب القادة الاسرائيليون الى التهديد باجتياح جديد يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة معاً .
    ويدرك القادة الاسرائيليون أن التهديد بالاجتياح لن يكون مجرد نزهة، هذه المرة، فالكلفة قد تكون باهظة والمردود غير مضمون، فيما يدرك الأسرى، بالمقابل، ان باستطاعتهم أن يفرضوا أجندتهم على رأس أولويات العمل الوطني الفلسطيني، على الأقل، كي لا نذهب بعيداً في الرهان على الدعم العربي والدولي، خاصة وأن الأرض الخصبة باتت مهيأة الآن لانتفاضة ثالثة، قد تكون أكثر قوة وأبلغ أثراً من سابقتيها، فهل ينجح الأسرى في قيادة المقاومة لتحقيق ما عجزت عنه السياسة هذه المرة أيضاً؟


    إسرائيل: الخطر يكمن في الداخل
    ألون بن مئير
    يستمر الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي ناهز عقده السابع في إلقاء ظلاله على الصراع المتنامي ما بين الأغلبية اليهودية والأقليَة العربية في إسرائيل. وهناك أدلة دامغة على فشل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في التوفيق ما بين الحفاظ على الهوية الوطنية اليهودية للدولة وديمقراطية تتضمن أيضاً المساواة، وهما المبدآن اللذان أُسّست عليهما دولة إسرائيل.
    تستطيع الحكومات الإسرائيلية بدعمٍ من القطاع الخاصّ أن تقوم بدمجٍ كامل للمواطنين العرب في التيارات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية للبلد، لا بل يجب عليها القيام بذلك. وفشل إسرائيل في القيام بذلك سيقربها بشكلٍ لا مفر منه من أن تصبح دولة تمييز عنصري "أبارتهايد" (مهما كان هذا الاصطلاح بغيضاً ومثيراً للإشمئزاز) ويحوّل العرب الإسرائيليين إلى أعداء ألداء بدلاً من جعلهم مواطنين مخلصين ومعطائين. لقد عمقت الممارسات التمييزية المستمرة إحساس الإغتراب لدى العرب الإسرائيليين وهذه تواصل أيضاً تعزيز شعور الإستياء الجماعي ضد النظام القائم وضد شريحة واسعة من اليهود الإسرائيليين لقبولهم هذه الممارسات، إن لم يكن مشاركتهم الفعلية فيها.
    لم تسفر التعهًدات المتكررة من طرف الحكومة لتحسين حياة العرب الإسرائيليين إلى شيء يذكر أكثر من كونها أداة دعائية لخلق مفهوم بأن الحكومة تتخذ إجراءات لتخفيف المشكلة فيما العكس في الواقع هو الصحيح.
    وللتأكيد، تنظر الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والعديد من الإسرائيليين للعرب الأصليين على أنهم تهديد أمني. وقد قدّمت الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو مجموعة كبيرة من القوانين التمييزية والعنصرية للبرلمان (الكنيست)، وهذه القوانين مصمّمة على فصل العرب الإسرائيليين عن نظرائهم اليهود. وتتضمن: قانون النكبة الذي يمنع العرب الإسرائيليين من إحياء ذكرى نكبة عام 1948، ثم قسم الولاء والقانون الأساسي الذي ينصّ على أن "إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي"، وهو بهذا التعريف يصنّف العرب الإسرائيليين على أنهم ليسوا جزءاً من الدولة.
    وقانون آخر يستحق التوبيخ والشجب هو قانون "الجنسية والدخول لإسرائيل" الذي يحدّ من الهجرة لإسرائيل بموجب لمّ شمل العائلة وقد تمّ تمديد نطاق صلاحيته حديثاً وأخذ طابع الأمر المؤقت. وعلاوةً على ذلك، تستمر الحكومة في ممارسة التمييز الوظيفي بمنع التعيينات للوظائف الحكومية وعدم المساواة في تمويل مشاريع عامة ما بين المناطق اليهودية والعربية.
    ولمنع العرب من أن "يصبحوا أغلبية" وللحفاظ على الهوية الوطنية اليهودية للدولة، فقد اقترح وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في عام 2004 خطة صفيقة تدعو إسرائيل للإحتفاظ بمناطق في الضفة الغربية مقابل إعطاء السلطة الفلسطينية مناطق مأهولة بالعرب الإسرائيليين داخل إسرائيل. وحيث أن تقريرا صدر في الآونة الأخيرة عن المكتب المركزي للإحصائيات يبيّن بأن عدد سكان إسرائيل سيصل في عام 2035 إلى 11.4 مليون نسمة وسينمو عدد السكان العرب ليصبح 2.6 مليون نسمة، يخلق المسئولون الإسرائيليون الإنطباع بأن هناك "تحوّل ديمغرافي خطير" لصالح العرب الإسرائيليين، هذا بالرغم من أن نسبة اليهود الإسرائيليين للعرب ستبقى تقريباً في عام 2035 بدون تغيير. وهذا ما يبيّن أيضاً سخف الزعماء الإسرائيليين اليمينيين العاجزين حتّى عن التفكير بإمكانية أن يعيش اليهود والعرب جنباً إلى جنب ويزدهروا معاً، فتراهم مستعدين للجوء إلى إجراءات التطهير العرقي التي عانى منها اليهود تاريخياً وبشكلٍ مأساوي.
    إن تربية وتعزيز ولاء العرب الإسرائيليين للدولة يحتاج بالطبع لأكثر من التأكيدات الكاذبة التي تصرّح بها الحكومة الإسرائيلية أو بعض الأفراد "الصالحين" اللذين يؤكدون بأنه لا يوجد تمييز ضد العرب الإسرائيليين.
    وبالرّغم من أن الحكومة تدّعي بأن العديد من العرب الإسرائيليين يدرسون في أرقى جامعات إسرائيل والآلاف يعملون يداً بيد مع نظرائهم اليهود، وهو أمر صحيح، إلاّ أن ذلك ليس إلاّ واجهة لتغطية واقع وحقيقة التمييز العنصري المنهجي. ولذا أرى أنه على الحكومة والقطاع الخاص بشكلٍ خاص أن يتعاونا معاً لتخفيف هذه المشكلة المستأصلة مع جميع الأخطار الناتجة عنها إن لم تُعالج، لأن الوقت عامل أساسي.

    دور الحكومة:
    يجب على الحكومة أن تعترف بالعرب الإسرائيليين كأقلية قومية بحقوق كاملة ومتساوية حسب القانون الذي يجب أن تمتد صلاحيته لجميع النواحي التي تسيطر عليها الحكومة، شاملاً التعيينات السياسية. ويجب على هذا القانون بطلان جميع القوانين التمييزية وعدم إدخال أية قوانين جديدة تميّز ما بين الأغلبية اليهودية والأقليّات القومية العرقية الأخرى. وبالرّغم من أنّه على العرب الإسرائيليين من الناحية المثلى أن يخدموا بلدهم أيضاً في الجيش، غير أن هذا الأمر قد يكون في هذه المرحلة في غير محله لأن لا اليهود الإسرائيليين ولا الحكومة سيجيزان تجنيد عدد كبير من العرب الإسرائيليين في الجيش.
    لكن هذا لا يعني بألاّ تطلب الحكومة من الشباب العرب الإسرائيليين القيام بدلاً عن ذلك بخدمات مجتمعية، الأمر الذي سيعزّز بشكل جوهري عملية الإندماج وتطوير الثقة ما بين الجاليتين العربية واليهودية. أضف إلى ذلك، على الحكومة أيضاً القيام بكلّ ما بوسعها لتسوية المطالبات العديدة المرفوعة من العرب الإسرائيليين فيما يتعلّق بمصادرة ممتلكاتهم وذلك بتعويض أصحاب المطالبات الشرعية الذين يشعر العديد منهم بأنهم ُمرحّلون أو ُمشرّدون كما لو كانوا لاجئين في وطنهم.
    إن للقرابة والألفة المتبادلة ما بين العرب الإسرائيليين والفلسطينيين في المناطق المحتلة تأثير مباشر على محنة كلّ منهما تجاه الآخر. فما دام العرب الإسرائيليون يعانون من التمييز الإجتماعي والإقتصادي والسياسي في إسرائيل، يصبح حلّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أكثر من أيّ وقتٍ مضى بعيد المنال.
    وبالعكس، حتّى لو تمّ دمج العرب الإسرائيليين بالكامل في المجتمع الإسرائيلي وأخذوا يتمتعون بكامل حقوقهم المدنية، ولكن من الناحية الأخرى ما دام الاحتلال قائماً، سيبقى العرب الإسرائيليون "ممزقين" ما بين ولائهم المتوقع منهم للدولة والقرابة لإخوتهم الفلسطينيين. ولذا على قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية عدم إظهار أي تسامح بهذا الخصوص لاعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، حيث أن هذا يؤثر سلباً بشكل مباشر على رؤية العرب الإسرائيليين لإمكانية التعايش الإسرائيلي – الفلسطيني مستقبلاً وتأثيره بعيد الأمد على طبيعة ونوعية وجودهم وتعايشهم وولائهم للدولة.

    دور القطاع الخاص:
    على المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والتربوية والمنظمات غير الحكومية أن تلعب دوراً أكبر لتطوير وتعزيز حوار مفتوح يسمح للعرب الإسرائيليين بالتعبير عن إحباطهم ويسمح كذلك لهذه المؤسسات والمنظمات للتكاتف بجهودٍ جماعية لمساعدتهم في الإندماج في المجتمع، وعليهم أيضاً مساندة التعايش بين اليهود والعرب على طراز "نيفي شالوم" (واحة السلام) و"النضال" من أجل الحصول على الإعانات المالية الحكومية والبحث عن مستثمرين ومقاولين لبناء وحدات سكنية جديدة في المناطق المختلطة. ستحسّن مثل هذه الجهود والمساعي الأحوال الإجتماعية والإقتصادية لهذه المناطق وتخفف من الصراعات وتعزّز الوئام بدلاً من العداء.
    الإسرائيليّون المتشدّدون يغزون بكلّ ما في الكلمة من معنى الأحياء المختلطة وذلك لشراء المناطق العربيّة المتخلّفة عمرانيّا ً وتحويلها إلى مدن كما في يافا وعكّا واللدّ. وهؤلاء يعترفون بصراحة بأن هدفهم هو ترحيل العرب الإسرائيليين بدلا ً من تشجيع التعايش السّلمي والتعاون. أضف إلى ذلك، فإنّ النّداء المروّع الذي يطلقه رجال الدين اليهود برفض تأجير أو بيع ممتلكات لعرب إسرائيليين هو مسعى ً آخر جدير بالإزدراء لتغيير الطابع الديمغرافي في هذه المجتمعات والأحياء، الأمر الذي سيؤدي في النهاية لاضطرابات اجتماعيّة إن لم يكن لمواجهة مسلّحة حقيقيّة.
    وأخيرا ً، على القطاع الخاصّ أن يلعب دورا ً نشطا ً بتوفير فرص عمل للعرب الإسرائيليين لتسهيل اندماجهم ليصبحوا مواطنين مساهمين وفعّالين في نموّ إسرائيل ونجاحاتها، هذا في الوقت الذي يعزّزون فيه إحساسا ً بالملكيّة.
    يجب على جميع الإسرائيليين والحكومة أن يتوصّلوا إلى نوع ٍ من المصالحة مع واقع العرب الإسرائيليين. هؤلاء موجودون وسيبقون في أماكنهم ولو بالتهديد بطرد ٍ قسري الذي لا مجال حتّى للتفكير فيه من قبل الإسرائيليين اليمينيين الأكثر هوسا ً وتطرّفا ً. وعلى الإسرائيليين، أكثر من قادتهم السياسيين المضلّلين، أن يستيقظوا لهذا الواقع المصيري وأن يقرّروا أي نوع ٍ من المستقبل يريدون أن يرسموا لأنفسهم وللأجيال القادمة. فبإمكانهم اختيار مسار فاسد ومشوّه بالممارسات التمييزيّة العنصريّة التي ستضحّي بالديمقراطيّة وتدفع البلد تدريجيّا ً حتّى تصبح دولة تمييز عنصري "أبارتهايد" مع كلّ ما تتضمّنه هذه التسمية من معنى ً أو يناضلون من أجل تعايش سلمي وتعاوني.
    وباختيار هذا الأخير يستطيع الطرفان النموّ والإزدهار وأن يجعلا من إسرائيل دولة ديمقراطيّة فعليّة دون المخاطرة بالهويّة الوطنيّة. هذا سيمحو الخطر من الداخل وسيسهّل أيضا ً التوصّل لحلّ النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.
    - ألون بن مئير أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدولية بجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسط بمعهد السياسة الدوليـــــــــــــــــة

    ثلاثون نبضة ووردة واحبكِ...
    عيسى قراقع
    كتب لها بأصابع مخدرة مرتجفة: بأني احبك رغم ضعفي وانهيار جسدي وذوبان أحلامي بعيدا بعيدا عنك، وقريبا قريبا من عينيك اللامعتين العاشقتين الحاملتين هدوء السماء وحرث الأرض وذكرياتي.
    ثلاثون نبضة في الدقيقة يضخها قلبي بعد خمسة وخمسين يوما من إضرابي المفتوح عن الطعام، وقد اخبرني الطبيب أنها تزداد انخفاضا كلما مرت الأيام واشتعل الملح في دمي وهبط وزني وتلاشت رؤيتي، واقتربت أكثر من شبحي منفصلا عن ظلي وأحلامي.
    ثلاثون نبضة ووردة في قلبي ولازالت احبكِ، وعندما ساومني السجان بين إعطائي المدعمات والفيتامينات وبينكِ، اخترتك أنتِ، وضعت يدي على قلبي وأعلنت الصلاة المفتوحة إلى أن ينسحب الوجع من حولي أو أغرق في صمت صوتكِ دافئا كالإيمان.
    كانوا يخشون أن أحضنكِ وآخذكِ معي إلى حيث قررنا أن نحيا، وأن نكون كما نريد أن نكون، فقيدوا يدي وقدمي بسرير مستشفى برزلاي الإسرائيلي، صادروا قلمي وأوراقي، ومزقوا صورتك المثبتة على حائط أمامي، وقالوا لي: أنت ذاهب في صحراء إلى المجهول، لا ماء ولا امرأة ولا قمر ولا شجرة، ولم يفهموا انكِ في أعماقي تحركين الماء في عروقي وتشرقين في ليلي كلما زاد ألمي واختفى فجر يقظتي.
    ثلاثون نبضة ووردة وأحبكِ، وقد هرع كل الأطباء والضباط إلى غرفتي محذرين من إصابتي بسكتة قلبية فجائية، من موت يزحف نحوي صارخين: أوقف إضرابك المجنون ولا تتحدى دولة تملك الصواريخ والجيوش وقنابل النووي، قلت لهم: هي معي، حبيبتي الجميلة، تسقيني الحليب والقهوة، وتأخذني إلى بيتي وأولادي واشتال النعنع في حقلي الصغير، لا تروها ولكني أراها، تغازلني وتقبلي وتزرع في جسدي حياة أخرى، تتوحد معي وتحلق بي خارج المألوف ولا تروها، هي سر قوتي وسر ضعفكم معا.
    ثلاثون نبضة ووردة وأحبكِ، وأنت معي، في زنزانتي الصغيرة المحشورة، أنت الهواء الذي منعوه، وأنت عكازتي بعد أن ضعفت قدماي، وأنت ندائي المسموع بعد أن عزلوني عن العالم، ولم يصدقوني عندما قلت لهم بأني في القدس اصلي، وأني على شاطئ البحر المتوسط امتطي الأمواج، وبأني هناك دائما جسدا واسما وروحا وهوية ميلاد.
    ثلاثون نبضة ووردة وأحبكِ، لم أمت بعد، وكانوا جاهزين لطقوس الأبدية الموحشة، احضروا كيسا اسود، وتدربوا على استقبال موتي امنيا وسياسيا وإعلاميا، واجتمعوا كثيرا بعد منتصف الليل، راقبوني بالكاميرات على مدار 24 ساعة، ولكنهم لم يروكِ قرب عيني، تلبسين ثوبك الوردي، تقرأين قصيدتك التي تسيل قوافيها على شفتي مطرا مطرا، تضعين يدك على صدري وتنامين في حضني طويلا طويلا، تجمعين كلاما بين الزمان والمكان وتدثريني.
    ثلاثون نبضة ووردة وأحبكِ، ها هم استنفروا بقواتهم الخاصة وقضاتهم وبوليسهم وعصيهم وغازهم، حياتي طالت أكثر مما قرره طبيب الموت، وحياتي طالت أكثر مما توقعه قاضي محكمة عوفر عندما جدد لي الاعتقال الإداري خمس مرات، وفي كل مرة يراهن أن اسقط في منتصف الطريق، ولأنهم لا يعرفون الحب ويكرهون الحياة، ولأنهم غرقوا في عنصريتهم وجبروتهم، واعتقدوا أن الحياة حرب، لم يروا وجهكِ يقترب من وجهي، وشعرك الخروبي يحميني كمدينة تتمرد على الغزاة.
    ثلاثون نبضة ووردة واحبكِ، تقولي لي: أنتَ لي وليس لهم، وأنت روحي التي لا تفنى ولا ترحل، كن كما عرفتك منذ أن سمعت نشيدك في ساحة المدرسة الابتدائية إلى أن التقيت بكَ بين بندقية وشمس وحبة قمح في تلك الساعة الفلسطينية، أنتَ لي، وتعود لي، كل شي في انتظارك ، السيجارة، وخبز الطابون، قهوتك الحلوة، دفاترك الأولى، وألف نهر يجري نحوك.
    ثلاثون نبضة ووردة وأحبكِ، مسجى على سرير مستشفى «برزلاي» الإسرائيلي، هي معي حبيبتي الأولى والأخيرة، مجدليتي وخطواتي، ماء بئري وهويتي وأمنياتي التي لم تستطع إسرائيل اغتيالها، لأنها دولة لا تملك الحب، تملك ذاكرة موت فقط.
    ثلاثون نبضة ووردة وأحبكِ، تصرخ حبيبتي خائفة كما صرخ ابن المخيم الشاعر سميح فرج:
    انتبه
    فلينتصر فيك الجمال
    ولينكسر فيك الخشب



    صرخة في ظل الهزيمة!!
    يونس العموري
    في ظل الموت، وفي ظل ارادة القابعين بالعلب الاسمنتية، وفي اللحظة التاريخية الفاصلة ما بين الحياة والخلود، وفي ظل الاستكانة والخنوع والخضوع وجعجعة الكلام، لابد من الصراخ الآن، ولابد من العويل، ولابد من محاولة رسم لوحة الواقع الذي نحيا، ولابد من مواجهة الحقيقة بمواجهة الذات، ولابد من ان نعي ان ثمة انكسار بانفسنا قد حدث، وان في النفس الكثير من التناقض وثمة ضجيج مشاغب يغزو الوجدان.
    فما بين ممارسة القتل على الاشهاد على ايدي الاحتلال، وتشويه ابتسامة طفل يحاول ان يعبث بسنين عمره الشقي، وما بين القمع بميادين المدن المحتلة من قبل من يلبسون بزات العسكر الوطني، وما بين النوم في بحر التنظيرات بالوطن المسلوب يكمن تمزق الذات والهوية، تلك الهوية التي اصبحت مشرذمة منقسمة ما بين الجغرافيا وقوانينها والتي لطالما اعتبرناها واحدة موحدة.
    لنا احلامنا وصراخنا وآمالنا التي كنا نعتقد انها ممزوجة بتلك المعاناة من صلف الاحتلال والة التدمير والقتل، الا ان المشهد هذه المرة مختلف، ويأتي اختلافه باختلاف وقائع البلد في ظل اللحظة الراهنة بعنوانها الابرز معركة الامعاء الخاوية لأسرى الحرية والانعتاق من عبودية السجان، حيث مجريات الفعل العدواني على الاسرى وفي اتون هذه المواجهة نلاحظ الكيفية التي تعاملت وتتعامل معه جماهيرنا الفلسطينية وهو ذاته كما تتعامل جماهير اي عاصمة عربية او اوروبية بالمساندة واعتقد ان هذا ما اذهل الكل، بل انه قد شكل صدمة لنا بالأساس، فمن غير المعقول ان تتظاهر رام الله بشكل سلمي من خلال مسيرات الشموع وتسير تظاهرات الاطفال وتنظيم فعاليات غنائية. فهذا غير منوط بجماهير الأرض المحتلة، ومن غير المعقول ان تكون المهرجانات الخطابية سيدة الموقف هنا.
    اعتقد ان ثمة هزيمة قد لحقت بنا هنا، هزيمة صارخة امام الدم وازهاق الارواح ، وثمة خجلا يتبلور الأن بذواتنا من مواجهة اللحظة، التحدي يتسلل الى ثنايانا والهراوة سيدة الموقف، والسؤال يتبلور ويتضح اكثر تحت المجهر.
    فما العمل يا سادة القول البليغ في ظل اختطاف جماهيرنا واقناعها بإمكانية رغد العيش تحت جنح التسليم بواقع الأمر والإستسلام لحيثيات معادلة العقلنة والتعقل؟؟؟ اعلم واعرف اننا نعيش لحظة تاريخية فيها الكثير من مشاهد التناقض، حيث أنجز الانقسام انجازاته وفعل مفاعيله، فقد اصبح للنضال وجهة نظر اخرى، وللكفاح ايضا تعريف مختلف عن ذاك المرتبط بتاريخ المسيرة التحررية، وصرنا مختلفين حتى على تعريف فعل المقاومة واحقيتها برد العدوان بكل اشكاله.
    ولأول مرة صرنا نراقب المشهد وكأننا نعيش بغير فلسطين المحتلة، وكأننا بواحة رام الله المحررة نحيا بكنف الأمن والأمان وتحقيق اهدافنا الإنسانية على الاقل. والكل يعلم ويعرف ان الحد الأدنى من ضرورات الحياة الانسانية غير متوافق او متوافر وتلك المسماه حياة في المدن المحتلة.
    هو الصمت من جديد يغزونا وكأن عدواه قد اصابتنا بمقتل واصبحنا نلوذ بالفرار حتى من انفسنا حينما يغزونا الخجل، ولا مبرر لنا مهما حاولنا التفسير، وبصرف النظر عن القمع او ما يسمى بالمصلحة الوطنية العليا ...
    نصرخ من وجع اللحظة وكيف تحولنا الى اداة مهجنة ومدجنة كما يُراد لنا ان نكون نستقبل انباء القتل والموت بالسجون ولربما نشفق على انفسنا من تلك المشاهد الأتية الينا عبر الأثير.
    وهو السؤال الذي يقض مضاجعنا ليل نهار، هل نحن بالفعل بمستوى الحدث ..؟؟ ام هو العجز ..؟؟ ام صار لنا تعريفات ومفاهيم مختلفة ...؟؟ وهنا لا استثني احدا، جماهير وقادة ونخب ثقافية وحتى ممن يمتشقون اليوم بنادق الكفاح بالازقة والحواري.
    صرخة مدوية تكاد تهز اركان كل فلسطين المحتلة اليوم ... اين نحن من كل هذا ..؟؟ اين انتم من كل هذا .. بل دعوني اقول اين حماس رافعة شعار المقاومة نهجا وخيارا ...؟؟ اين ادبيات اليسار واقتناص اللحظة الجماهيرية وتثوير الفعل وتطويره ... ؟؟ اين تراكمات التاريخ والبناء عليه ...؟؟ اين حركة فتح بكل تراثها مما يجري؟؟ لا يكفي القول ان الوقائع مختلفة اليوم عن السابق، ولا يكفي القول ان الحصار وتقطيع الأوصال قد حال دون ان نأخذ مواقعنا في ملحمة الدم الأسطورية ...
    فاذا كان ثمة اختلاف فيما مضى حول تفسير فعل الانقسام فقد اصبح الأنقسام واضح المعالم اليوم في هذا الوطن، بعد ان اصبح للانقسام اشكال اخرى يتمثل بانفصال الجماهير عن قضاياها وانقسام القضايا عن بعضها البعض واقصاء المقاومة بالتصدي لمتطلبات المرحلة وتحدياتها.
    لأول مرة لا تلتحم جماهير الارض المحتلة مع قضاياها بالشكل العملي وقضية الاسرى كانت اولوية اولويات بالمواجهات الميدانية مع الاحتلال واسناد مقاومة الحركة الاسيرة التي لطالما كنا نسميها خط الدفاع الاول وراس حربة المقاومة، ولأول مرة يصبح الميدان متشرذم ومشتت وغير متوافق ... لأول معركة تكون المواجهة هكذا، قمع هنا وقمع هناك وضرب امام شاشات التلفزة بكل ميادين التعبير عن الذات.
    اعذر لنفسي وسأسمح لذاتي بان اواجه الذات بالحقيقة المرة، فثمة هزيمة هنا تتضح معالمها ايها السادة الكرام بكل الأماكن وعلى مختلف المستويات، هزيمة اصبحت مكرسة بكل ثنايا يومياتنا، وثقافة المساندة كانت فارغة ايضا من مضامينها ومن معانيها ومن الحد الأدنى من الفعل وردة الفعل ...
    يا سادتي في كل مكان وفي شوارع وطن الممزقة اوصاله، لاشك ان صراخ الاسرى وفقراء الوطن المسلوب منكم وبكم قد بات يزعجكم وانتم تنعمون بالعيش في جنان روابيه هل لكم ان تسمعوا هذا البيان.

    السلطة الرابعة
    ماهر العلمي
    حصاد خبرتي في عالم الصحافة، وخاصة التحرير، البالغة عشرات السنين، يؤكد ادمان غالبية الناس والمسؤولين، على ابراز اخبارهم، وتصريحاتهم، ونشاطاتهم، واجتماعاتهم ولقاءاتهم، ورعاياتهم، وافتتاحاتهم للمعارض والمتاجر والدكاكين وصالونات الكوافير والحلاقين، فحب الشهرة يسري في عقول هؤلاء اجمعين!
    .. يتفقدون قاعات امتحان الثانوية العامة مبتسمين، وتنشر الصحف، ومختلف وسائل الاعلام، صور المسؤولين النشيطين، المهتمين بالطلاب والطالبات، وكل المواطنين.
    ... المسؤولون يطلعون ضيوفهم الاجانب من برلمانيين واكاديميين، ودبلوماسيين على معاناة الفلسطينيين من الخليل حتى جنين، وفي كل انحاء فلسطين، وكيف يتألمون من قمع المحتلين، والجدار الذي شتت شملهم، وحرمهم من العناية بأشجار الزيتون والتين.. امر جيد، ان يساهم المسؤولون في حشد التضامن العالمي والتعاطف الشعبي، مع شعب فلسطين.
    .. جميل ما تفعلون، ولكن لماذا الاصرار على نشر ذلك، وان تقبلوا بدور الجنود المجهولين.. أليس الاحسان، اكثر ثوابا، اذا كان صادرا عن فاعل خير، يفضل ان يكون من المجهولين..
    .. عندما يرد خبر اجتماع رئيس بلدية او محافظ مع مسؤول اجنبي، يحتل «المضيف» 90٪ من الخبر، وما قاله لضيفه، الذي قد لا ينال اكثر من ذكر اسمه، والتعبير عن شكره لمضيفه على حفاوة الاستقبال والتكريم...!
    .. واحيانا قد يكون هناك حدث او لقاء مهم، او ندوة، فان ما يحدث ان يبدأ الخبر بسرد قائمة طويلة من اسماء الحاضرين، والمستقبلين (بكسر الباء) والمستقبلين (بفتح الباء)، ولا يترك لنشر ما حدث سوى حيز يسير..!
    .. وهناك اخبار يعلم مرسلها، انها لا تهم احدا سواه، او بورش عمل دكاكين المنظمات غير الحكومية، بهدف القبض من المانحين، او اخبار تخريج اطفال «البامبرز» من الرياض بحضور حشد من المحتفلين، او زيارة مسؤول من الدفاع المدني، لمسؤول من التوجيه السياسي، او زيارة وفد فتحاوي من اقليم ما الى فتح اقليم اخر في دولة فلسطين.. او تكريم شرطي مرور لتنظيمه حركة سير في شارع يكاد يخلو من المركبات..
    .. والمهم انه خلال التصريحات والاجتماعات يجب ان يكال المديح للرئيس، وانه اصدر توجيهاته وتعليماته لينالوا الرضا، ولعل الواحد منهم يحصل على مرتبة وزير، ليضمن بعد تقاعده العيش الكريم...!
    .. الاعلام وعلى الأخص الصحافة المكتوبة، في مجتمعاتنا العربية، منبر لممارسة النفاق السياسي، والمجتمعي، والوصول من خلاله الى مآرب ومنافع شخصية..!
    .. اللهم اكثر من تغيير الوزارات، لتزداد اعلانات تهنئة الوزراء الجدد المحظوظين في «ے»، صحيفة كل الفلسطينيين .
    .. اللهم زد من عدد الوكلاء المساعدين، والمديرين العامين، ورؤساء الدوائر والمصالح والسلطات برتبة وزير، فهذه التهاني مجاملات ملونة، وهادفة وممهدة لمطالبة المهنئين (بفتح الهمزة) بمساعدة ما او توظيف احد اولاد المعلنين.
    .. وهذه الاعلانات تدل على نجاح صحيفتنا، وشعبيتها وانتشارها الواسع في كل محافظات فلسطين، وثقة الناس المعلنين بها، وان هذه التهاني ستبعث السرور والفخر في انفس المهنئين..!
    .. وهناك مراسلون يستهترون بالمحررين، فيرسلون اخبارا مشحونة بالدعاية، اي يجب ان تكون مأجورة، او يرسلون اخبارا او تقارير قديمة سبق نشرها، متوهمين بأن ذاكرة المحرر من طين، ولن يتذكر مادة وردته، وانه سينشرها بعد حين..!
    .. اذكر ان احد المراسلين، بعث بتقرير طويل عن اجتماع مجلس ادارة شركة فاختصرته الى بضعة اسطر، تتضمن قرار المجلس توزيع ارباح على المساهمين، وابلغت المراسل انه خبر مأجور، ولما راجع الشركة وافقت على نشره خبرا مأجورا فنشر دون اختصار وتم نسف افتراض المراسل ان المحرر من المغفلين..!
    وهناك مراسلون، يستغلون جهل بعض المواطنين، فيتقاضون منهم مقابل نشر اخبارهم، او مقالاتهم، او صور اطفالهم في صفحة الاطفال، او نشر شكاواهم وقضاياهم وهمومهم في زاوية بريد القراء.. المشتكين..!
    وهناك من يحاول ارسال اخبار للتشهير او التشكيك، او تدمير سمعة شخص ما، ولكن يقظة المحررين، دائما بالمرصاد، ورد كيد المشككين.
    ... الصحافة، مهنة المتاعب، والمصاعب، والمخاطر، ومن يحترفها يجب ان يكون من المغامرين الحذرين..!
    الصحافة، خير معين، على معالجة مشاكل المجتمع والمظلومين والمحرومين..
    .. الصحافة الحقيقية تنقل نبض الشارع، وتشخص امراض المجتمع، وتكشف الفساد ومن يقف وراءه، واسبابه.
    الصحافة الحرة الحقيقية، تطيح برؤساء، كما حصل مع الرئيس الاميركي نيكسون، والكثير من الرؤساء، ورؤساء الحكومات في الانظمة الديمقراطية!
    .. الصحافة الحقيقية يحسب حسابها، ولا تخش احدا سوى الله.
    ... الصحافة الحقيقية، لا تنافق، ولا تداهن، بل تكون ندا لكل السلطات، تقوم اعوجاج السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وكل المعوجين، لتستحق فعلا ان نطلق عليها السلطة الرابعة، التي يخشاها الجميع ولا تخشى احدا من المسؤولين...!




    مقالات جريدة الأيام,,,,,
    أطراف النهار - المكنّى "أبو أدهم"
    حسن البطل
    من هو رائد زراعة شجر النخيل من صنف "مجول" الفاخر؟ إنه "أمير الأرض" المكنّى "أبو أدهم"، واسمه الرباعي الكامل: غسان أدهم عبد القادر الضامن.
    في "الجفتلك" واحة كالجنة، ذات "مضافة" تليق بسليل أمير عشائري صار أمير الأرض، وكبير في عشيرة الضامن.. ومدير عام مؤسسة "الأيام"، وصديقي.
    في جنّة أمير الأرض "غابات" تتوالد من شجر المجول، تجاورها كروم الأعناب، وتجاور الكروم حقول من الخضراوات والبقوليات، وتجاور هذه دفيئات، وجميعها تروى، بحساب معلوم، بالتنقيط من أحواض مياه في أعلى نقطة من العزبة، دون أن ينسى عاشق الأرض حصة الزهور والورود، والنباتات المزهرة، وتدوير وتخمير السماد العضوي المخلوط بتربة دبالية (نباتية).
    عوّدنا الأمير ـ المدير على سخاء ضيافته وشهامته في عادة ربيعية نزور فيها عزبته الجنة، وعادة آخر الصيف بإهدائنا من ثمار نخيله الأشهى من صنف المجول، في علبة مشغولة وفاخرة.
    عوّدني، شخصياً، على كتابة رقعة، بين الآونة وأختها، على الورق بخطه اليدوي الجميل إن أحسنت في التعبير على شأن ما، أو حتى أحياناً يضع مقالتي في إطار يُعلّقه في غرفته.
    بشوش، خلوق، كريم.. متواضع لكن حازم وقت الحزم، ومثقف، أيضاً، واسع الاطلاع على الأدب، وعلى تاريخ الأغوار وتاريخ البلاد بأسرها وشعبها.. ومن عمري تماماً (69) حولاً.
    عادة، يقولون في نعوة الرثاء "بعد عمر قضاه في طاعة الله" وهو حقاً مؤمن ومسلم حقيقي متنوّر، يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويتبع أركان الإسلام وأركان الإيمان ودستوره "الدين معاملة"، ويتقي الله في صحته، فلا يدخّن ولا يشرب المشروبات الغازية، وحتى القهوة والشاي يرتشف القليل منها احتراماً لضيفه.
    أحياناً، كنت أسأله فكان يعطيني الجواب حول الشعر والشعراء، وخاصة الأوّلين منهم.. وأحياناً أستشيره في شأن سياسي فيشيرني. هذا ما كتبه لي، يوم 26/11/2013 على ورقة مطرّزة حوافها الأربع بأشجار النخيل، دون أدنى تعديل:
    الأغوار ـ الجفتلك
    ومجتزأ الرواية
    حدّثنا الرّاوي: أن حدثاً جللاً وقع في منطقة "الجفتلك"، وتمثل في قطع شريان الحياة الزراعية في 17/11/2013، وذلك بفصلٍ كيديٍّ للتيار الكهربائي عدّة أيّام عن "12 بئرا جوفية" فانقطع الريّ عن 12 ألف دونم، وعن بيوت الصفيح، والبلاستيك، مأوى المزارعين، وعمّ البلاء بين استهانة الأهل وشماتة الأعداء... وهناك هبّت الحميّة: الظاهرة والمستترة، الأبيّة والغبيّة، وتعالت الفتاوى: الفقهية، والأخلاقية، والوطنية، والسلطوية، وتفنّن الجمع في رسم الصورة على مستوياتها العديدة: وكأنّها بين تقيٍّ وفاسق، ولصٍّ وشريف، ووطنيٍّ وخائن، ونادى مناد، إن سفينة الوطن بحاجة إلى بحّارتها الشرفاء للتصدّي للقراصنة الفجّار، وإن الأوصياء على رفعة الوطن، سيضربون بيدٍ من حديد، وعندها سيبرأ "الغلابا"، من ظلم المقتدرين.
    ... وهكذا تمّ تناول بقعة ساخنة بذاتها، وبطريقةٍ بدائيّةٍ، عوضاً عن مناخها الواسع المحيط، والمتشابك الهموم. وأصبحت فاتورة الكهرباء بالذات في "الجفتلك" ـ وبالذات في أبو العجاج، سبب البلاء، والانهيار، ومنحت البراءة للاحتلال، والفساد، والتهرُّب الضريبي، وتحيُّز العدل والمساواة، وتميع الانتماء والولاء، وتدنّي الأداء، وسوء الإدارة، وضيق الأفق.
    ... وهنا التفت الرّاوي يسأل المريض: هل أصابك مرض الامتناع عن دفع المستحق من استهلاك التيار الكهربائي، واستسلمت لهذه الحمّى متآمراً على نفسك ووطنك، ومستقبل الأجيال... ، ويتنهّد "الجفتلك" المريض، المهدّد، والمستهدف، والمهمّش، قائلاً: أقمت شبكة الكهرباء على نفقتي، ولطالما دفعت المستحق عليّ، إلاّ أنّ عدوى طاعون التخلُّف عن دفع المستحق أصابتني متأخراً، ولم يسعفني الطبيب المداوي الذي أسهب في منح الوعود، والتملُّص منها... مع العلم أنني صاحب تقنية حديثة. وللكهرباء فيها ريادة الطريق...
    ـ ثم تساءل بمرارة:
    1. هل يقتصر دعم الاستثمار على النشاط التجاري، ويسقط عن الإنتاج الزراعي "المسمّى شعاراً سلّة الغذاء"، ويظلّ يئنّ تحت وطأة "الحصار والهجر".. "وشحّ المياه"، الذي أصبح معه أهل "الجفتلك" أصحاب رحلة الشتاء والصيف يغتربون في حزيران، ويعودون في أيلول، لولا أشجار النخيل وعد المستقبل.
    2. لو ذهب المريض واشترى دواءه من الصيدلية على نفقته وبتشخيصه، فهل يقع عليه أجر طبيب الصحة الذي لم يتعرّف عليه؟!

    عمليّة الخليل: صاعقة في سماء صافية
    هاني المصري
    في الوقت الذي اعتقدت فيه حكومة نتنياهو أنّها وصلت إلى أفضل وضع أمنيّ منذ احتلالها برغم استمرارها في تطبيق المشروع، الاستعماريّ الاستيطانيّ الاحتلاليّ العنصريّ العدوانيّ، وبمعدلات غير مسبوقة؛ جاءت العمليّة النوعيّة باختطاف ثلاثة مستوطنين من وسط منطقة "غوش عتصيون" في الخليل المحميّة أمنيًا من قوات الاحتلال كصاعقةٍ وقعت على رأسها في سماء صافية، لتعيدها إلى الواقع من خلال تذكيرها أنّ الاحتلال يولّد المقاومة ضده، وتلاحق مرتكبي الاحتلال مهما طال الزمن.
    ليس مهمًا من ولماذا نفذت العمليّة؟ لأنها رد فعل طبيعي، وكما قال جدعون ليفي، الكاتب الإسرائيلي، في مقال له حمل عنوان "الاختطاف استدعته إسرائيل": "الذين يرفضون في عناد الإفراج عن سجناء فلسطينيين وما زال عدد منهم سجناء منذ عشرات السنين حتى منذ الفترة التي سبقت اتفاقات أوسلو، وعدد منهم التزمت إسرائيل بالإفراج عنهم؛ والذين يسجنون منذ سنين معتقلين دون محاكمة؛ والذين يتجاهلون إضرابًا عن الطعام لـ 125 معتقلًا "إداريًا"، يحتضر بعضهم في المستشفيات؛ والذين ينوون إطعامهم بالقوة، والذين يريدون أن يسنوا قوانين جائرة تعارض الإفراج عنهم – ينبغي ألا يُظهروا أنهم فوجئوا أو زُعزعوا بسبب عمل الاختطاف فهم الذين استدعوه".
    ويضيف ليفي "مع إماتة المسيرة السياسيّة وإنزال الستار على آخر أمل فلسطيني بالإفراج عن السجناء بمسيرة سياسيّة؛ يكون الطريق الوحيد المفتوح أمام الفلسطينيين ليذكّروا الإسرائيليين بوجودهم ومشكلتهم هو طريق الكفاح العنيف، لأن كل طريق آخر أغلق في وجوههم. فغزة إذا لم تطلق صواريخ القسام غير موجودة. وتغيب الضفة عن وعي الإسرائيليين إذا لم يختطف طلاب معهد ديني".
    إضافة إلى ما ذكره ليفي، أورد أن الذي يكثف الاستيطان، بحيث وصل عدد المستوطنين إلى أكثر من 700 ألف مستوطن ويخطط لكي يصل العدد إلى مليون خلال سنوات قليلة، والذي يواصل تهويد وأسرلة القدس، وقسّم الحرم الإبراهيمي مكانيًا وزمانيًا، ويحمي الاعتداءات اليوميّة ضد المقدسات، وخصوصًا الأقصى، وسط دعوات معلنة لتقسيمه زمانيًا ومكانيًا تمهيدًا لهدمه وبناء "هيكل سليمان" الثالث المزعوم على أنقاضه، والذي يطلق قطعان المستوطنين ليعيثوا في الأرض الفلسطينيّة فسادًا في سلسلة اعتداءات يوميّة منهجيّة تستهدف إبقاء عيش الفلسطينيين في جحيم لدفعهم للهجرة القسريّة داخل وطنهم وخارجه، والذي يواصل تقطيع أوصال الأرض الفلسطينيّة واستكمال بناء جدار الضم والتوسع العنصري، ويفرض الحصار على قطاع غزة والعدوان المستمر ضدها؛ ليس من حقه أن يستغرب وأن يستنكر عمليّة الاختطاف، وما سبقها من عمليات مماثلة تم إحباطها وفق زعم موشيه يعلون، وزير الحرب الإسرائيلي، الذي قال "إنه تم إحباط ثلاثين عمليّة اختطاف خلال العام 2013 و14 عمليّة منذ بداية هذا العام.
    ردة الفعل الإسرائيليّة أكبر بكثير من الرد على عمليّة الاختطاف، ما يدل على أن الحكومة مرتكبة وغاضبة، وتريد أن تتهرب من المسؤوليّة عن الفشل والقصور الفادح، وتصدر أزمتها إلى السلطة الفلسطينيّة لأنها تصالحت مع "حماس"، من خلال الادعاء بأنها لم تف بالتزاماتها التي تفرض عليها التعاون التام مع إسرائيل في محاربة الإرهاب ومنفذيه ومنع وقوعه، متجاهلة أن العمليّة وقعت في منطقة (ج) الخاضعة كليًا للسيطرة الإسرائيليّة.
    فإسرائيل منذ سنوات طويلة أنهت التصنيفات (أ، ب، ج)، وتقوم بشكل يومي باقتحام المدن واعتقال من تشاء ومتى تشاء، وبعد أن تجاوزت الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة التزاماتها باتفاق أوسلو وإزاء ما يسمى "عمليّة السلام"، وتريد التزامًا كاملًا بالالتزامات الفلسطينيّة؛ فهذا الأمر من المفترض أن يكون ليس معقولًا ولا مقبولًا، ومن غير الممكن استمراره حتى لو أعلن الرئيس أبو مازن أن التنسيق الأمني "مقدّس".
    إن التجربة الماضية تدل على أن الحملات العسكريّة التي نظمت على إثر عمليات الاختطاف السابقة، بما فيها "من بيت إلى بيت" لم تؤد إلى تحرير المخطوفين، إلا أن الحكومة الإسرائيليّة أعلنت حربًا شعواء ضد الخليل، ونظمت حملة بمشاركة آلاف الجنود بعد استدعاء جزء من قوات الاحتياط وزج الوحدات المختارة، وتم اعتقال أكثر من 150 فلسطينيًا، معظمهم من كوادر ونواب "حماس"، وإغلاق الضفة، وترويع السكان، وتنفيذ عمليات اغتيال وقصف ضد غزة، والتهديد بشن عدوان واسع على القطاع، وتدفيع "حماس" ثمنًا باهظًا وشن "عمليّة السور الواقي 2"؛ ما يعنيه ذلك من إفلاس وتغطية على الفشل في تحديد هويّة ومكان الخاطفين رغم الادعاءات بقرب إنهاء هذه القضيّة، وتنفيذ عقاب جماعي وإعادة احتلال الضفة المحتلة أصلًا، التي تتعرض لمداهمات واعتقالات يوميّة. كل ذلك استعراض قوة ومحاولة لطمأنة الإسرائيليين الذين قدرتهم على الاحتمال محدودة، ولممارسة أقصى ضغط نفسي على الفلسطينيين حتى يضيقوا ذرعًا بالخاطفين ويضغطون عليهم وعلى من يقف وراءهم قبل تصاعد المواجهات إلى نقطة اللاعودة.
    وفي ذات السياق، صرح مسؤول إسرائيلي بأن حصار الخليل مستمر والحملة ستطال الجميع، وطالب وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي الأسرة الدوليّة بتحميل السلطة مسؤوليّة الاختطاف، لأنها شكلت حكومة وفاق مع "حماس"، أما رئيس المعارضة، زعيم حزب العمل، فتوقع أن يؤدي تنشيط التنسيق الأمني بعد العمليّة إلى زعزعة، وربما انهيار، المصالحة الفلسطينيّة، بينما دعا وزير الإسكان إلى تطبيق حكم الإعدام ضد المخربين المعتقلين في السجون الإسرائيليّة، وطالب عضو كنيست بقتل بعض الأسرى. كما هناك تهديد بهدم منازل قيادات "حماس" وإبعادهم إلى غزة. ونظمت حملة على الفيس بوك تطالب بقتل فلسطيني كل ساعة حتى عودة المخطوفين، وانضم لها خلال ساعات أكثر من 10 آلاف شخص، وطالبت منظمة "بيتار" العالميّة - وهي حركة شباب صهيونيّة - في رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيليّة بقتل إسماعيل هنيّة ومروان البرغوثي.
    هل ستؤدي العمليّة إلى تغيير إستراتيجي في القواعد التي تحكم العلاقات الفلسطينيّة - الإسرائيليّة منذ تولي أبو مازن سدة الحكم وحتى الآن؟
    من السابق لأوانه الإجابة الحاسمة عن هذا السؤال، لأننا بحاجة قبل ذلك لمعرفة كيف ستنتهي عمليّة الخطف، وماذا يمكن أن يحدث قبل انتهائها؟. يمكن أن يكون الخاطفون قد تمكنوا من تهريب المخطوفين إلى غزة أو سيناء أو الأردن، وفي هذه الحالة ستبدأ مفاوضات ساخنة وناعمة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى، ويمكن أن يكون الخاطفون قد قتلوهم واختفوا داخل فلسطين أو خارجها، ويمكن أن تكون خليّة لـ "حماس" أو الجهاد أو كتائب الأقصى، أو بتعاون بين أكثر من تنظيم، ويمكن أن تكون العمليّة فرديّة أو مناطقيّة أو ناتجة عن قرار مركزي، والردود عليها في هذه الحالة ستكون مختلفة، وستكون هناك عمليات أخرى. ويمكن أن تكون خليّة تابعة لـ "داعش" أو غيرها من تنظيمات السلفيّة الجهاديّة، انتقامًا لاغتيال ثلاثة من أعضائها، وخصوصًا أن العمليّة تزامنت مع التقدم المفاجئ لـ "داعش" في العراق.
    يمكن أن تؤدي العمليّة إلى تصعيد إسرائيلي لا تحتمله السلطة، ما قد يدفعها إلى وقف التنسيق الأمني وإطلاق يد أفراد الأجهزة الأمنيّة للدفاع عن شعبهم، أو لتمرد هؤلاء كما حصل مع أحد الأفراد الذي أطلق النار على قوات الاحتلال. وقد تؤدي إلى تقوية الوحدة الفلسطينيّة أو إلى إضعاف وانهيار المصالحة الوطنيّة، خصوصًا أنها لا تزال في البداية وهشّة وتتعرض لمعارضة إسرائيليّة واسعة، وقد تتمكن قوات الاحتلال من الوصول إلى مكان المخطوفين وإطلاق سراحهم، أو إلى قتلهم مع الخاطفين وعدد من أفراد القوات المهاجِمة.
    إن الوضع صعب وتؤثر عليه أطراف وتطورات كثيرة، ومفتوح على كل الاحتمالات، والفلسطينيون رغم حكومة الوفاق الوطني ليسوا مستعدين لمواجهة هذا الموقف الجديد، ما يطرح الحاجة مجددًا إلى بلورة رؤية وإستراتيجيات جديدة وبرنامج موحد وقيادة واحدة ومؤسسة جامعة بأسرع وقت وقبل فوات الأوان، أو الندم حين لا ينفع الندم.


    متى يعود الوعي للإسرائيليين؟!
    رجب ابو سرية
    في أول رد فعل للإدارة الأميركية على الانتصار الخاطف الذي حققته الميليشيات العربية / السنية على قوات حكومة المالكي الشيعية في العراق، اعتبر المسؤولون الأميركيون، ما حدث يهدد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، ورغم أن هذه العبارة، باتت، ومنذ وقت طويل جملة متكررة في الخطاب السياسي الأميركي، إلا أنه، آن الأوان لأن نتساءل، عن معناها ودلالتها، حقا، ماذا تعني المصالح الأميركية في المنطقة بالتحديد، وهل يحق لأصحاب القرار الأميركي، من إدارة ومؤسسة عسكرية وأمنية، فقط، ان يحددوا معنى هذه العبارة، ثم هل يحق أصلا لأميركا أن تكون لها مصالح خاصة في هذه المنطقة، تتعاكس مع مصالح دولها وشعوبها، والأهم من كل ذلك، هل يحق لأميركا، بل هل يجوز لها، أن تشن حروبا، أو أن تشارك في حروب، من أجل ما تسميه او تعتبره مصالحها في المنطقة.
    ولو تعاملنا مع هذا المنطق، وفق منطقه، وفقط عاكسناه، أو قلبناه على وجهه الآخر، وهو إذا كان الأميركيون يقولون بان لهم مصالح في المنطقة، تحتم عليهم ان يحافظوا عليها، بالطريقة أو بالشكل الذي يرونه مناسبا، أليس بالمقابل، لدول هذه المنطقة مصالح في أميركا، بل وفي الولايات المتحدة نفسها، فهل يحق لهم ان يدافعوا عنها بما يرونه مناسبا، فإذا كان من حق أميركا أن تشن حربا على العراق، وأفغانستان، وقبل ذلك على فيتنام، وان تذهب بعيدا الى ما وراء البحار والمحيطات، ألا يحق لشعوب هذه الدول أن ترد على أميركا، بفعل، هو من جنس العمل، هل يمكن لنا أن نفكر في يوم "تغزو فيه جماعة ما ولاية أميركية ما بحجة ان لها مصالح فيها، ثم أليس لأميركا مصالح في روسيا، الصين، أوروبا، فلم لا تجرؤ على التدخل هناك؟!
    وبسبب من التشابه بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن إسرائيل، سارعت الى اعتبار ما حدث في نينوى، صلاح الدين وديالى، أمرا يهدد امنها، وانه يثبت حاجتها للاحتفاظ بغور الأردن، من أجل توفير العمق الإستراتيجي لأمن إسرائيل، وبالطبع إسرائيل اعتادت، ومنذ وقت طويل، على ذكر أمنها، دون أن تحدد معناه بالضبط، لكنها تجعل من المعنى أمرا فضفاضا، حتى تصد كل محاولات التوصل لحل وسط سياسي مع الجانب الفلسطيني، عموما، فإذا كانت إسرائيل " تتحوط " لأسباب أو لدوافع أمنية، من أن تمتلك إيران السلاح النووي، بل وتحمّل الفلسطينيين وزر أن تظهر قوة مناوئة لها في "أندونيسيا" بعد ألف سنة، بحجة الحفاظ على أمنها، يظهر فورا سؤال واجب، ماذا عن أمن الفلسطينيين، والآخرين، في عموم المنطقة، أليس من حقهم " تجريد " إسرائيل من سلاحها النووي، بل ومن كل أسلحة الدمار الشامل، ومن كل أسلحة الهجوم المتطورة التي تمتلكها، وتوفر لها امكانية شن حرب جوية على إيران، بل وتصل، الى اي مكان في القارات الثلاث؟!
    أليس من حق الفلسطينيين، ان يوفروا الأمن لأطفالهم، وان يتحرروا قبل ذلك، من كل مظاهر الاحتلال الغاشم، والذي ليس قبله ولا بعده، إرهاب ولا عنف ولا قهر بشري أو إنساني؟ وبمناسبة، ما يشاع عن خطف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين، في منطقة الخليل، والرد الإسرائيلي العنيف والإرهابي، متعدد الأشكال والصور، نقول : أولا _ أن القصة تتعلق بخطف، وليس بقتل، مستوطنين، وليس مواطنين إسرائيليين، والسؤال، ماذا يفعل هؤلاء المحتلون في بلادنا، يا سيد نتنياهو، أليس الأجدر بك أن تسحبهم جميعا، وفوراً، من بلادنا التي تحتلها منذ نحو خمسين سنة، أليس وجود هؤلاء، في هذه البلاد، أمراً غير مشروع ولا شرعي، أليس وجود الاستيطان والمستوطنين، في كل الضفة الغربية والقدس، إنما هو وجود احتلالي غير مشروع، ثم هو عقبة في طريق أمن وسلام المنطقة ؟!
    متى يعود الوعي للإسرائيليين، وخاصة حكومتهم، وتدرك، بان إغلاق طريق التسوية، والاستمرار في اضطهاد الفلسطينيين، باحتلال أرضهم أولا، وثانياً، بمنعهم من تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم في إقامة دولتهم المستقلة، على جزء من أرضهم التاريخية، وما يحتويه ذلك الملف من مظاهر القهر اليومي، من الاعتقال العشوائي، وحتى لمن يقاوم الاحتلال (ولو كان لديهم عقل لمنحوا كل من يقاوم وساماً من الدرجة الأولى، لأنه يحررهم هم أيضا من نزعة الاحتلال، التمييز والتطرف) الى حجر الحركة والتحرك، وحجر تطور الاقتصاد وحرية العباد، كل ذلك يدفع الفلسطينيين للمقاومة، وللاحتجاج والثورة؟
    سبق لنا وأن حذرنا، مرارا وتكرارا، من أن إغلاق نوافذ الأمل بوجه الفلسطينيين، وبقاء الاحتلال كل هذه السنين الطويلة، لن يمر دون انفجار، خاصة وان الفلسطينيين يرون ويتابعون، العين التي تناطح المخرز في كل دول المحيط العربي، وحيث إن إضراب المعتقلين قد دخل أسبوعه الثامن، دون ان تبدي حكومة نتنياهو المتطرفة، أية بوادر للاستجابة لمطالب عادلة جدا، بإلغاء الاعتقال الإداري، الذي يقره احتلال غير شرعي أولاً، وثانياً بحجة أنه للحفاظ على "الأمن" وفق ما يفسره الضابط العسكري الإسرائيلي.
    من الطبيعي، إذا أن يفكر أبناء وأخوة وأهل وأصدقاء المعتقلين بوسيلة لإطلاق سراحهم، ومن الطبيعي ان يلجأ الشعب الفلسطيني لكل الوسائل ليتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، وهو بذلك لن يفكر _ ولو للحظة _ لا في "مصالح أميركا" ولا في "أمن إسرائيل" ومن الضروري، أن لا يفكر في ثقافة التمييز بين البشر، والتي كانت أبجدية الثقافة الفاشية، التي ما زلت تطل برأسها، في الأوساط الإسرائيلية وبعض دوائر اتخاذ القرار الأميركي، للأسف!


    الاختطاف الذي لخَّصَ مرحلة !
    مهند عبد الحميد
    خلال بضع ساعات، أكثر من 10 آلاف إسرائيلي أيدوا الحملة التي انطلقت على موقع "فيسبوك" تحت عنوان "تنفيذ عملية قتل كل ساعة لمخرب حتى عودة المخطوفين اليهود الثلاثة". ووصف المؤيدون للحملة في القتل عودة "للأخلاق اليهودية"! ودعا مسؤول الحملة، نتنياهو الى تحمل المسؤولية والشروع بقتل مخرب كل ساعة "وبهذا يمكن إزالة المنظمات الإرهابية واستعادة التعقل".
    مقابل ذلك فإن مواقع التواصل الاجتماعي تعاملت بسخرية من الإسرائيليين عبر نكات وتعليقات ساخرة وصور ورسوم كاريكاتورية ودبلجات تعكس روح الفكاهة التي تساعد على تحمل المعاناة الناجمة عن الغطرسة الإسرائيلية. هذا ما قدمه تقرير مصور ممتاز لوكالة معا. أشار التقرير الى تطور أساليب الساخرين بتطور وسائل الاتصال الجماهيري ووفرة التكنولوجيا التي مكنت البعض من استغلال الوسائط المتعددة "الملتميديا" لإخراج فيديوهات ساخرة تظهر الموقف من زاوية مختلفة عن الجدية التي تتمتع بها وسائل الإعلام الرسمية في مثل هذه المواقف. قدم التقرير حوارا حقيقيا بين الفلسطيني ثائر العبد الله الذي كتب على صفحة (أفيخاي أدرعي) الناطق باسم جيش الاحتلال. قال العبد الله : قسما بالله أنني أعلم مكان الثلاث مستوطنين الذين اختطفوا. رد أدرعي: لقد أقسمت أين هم؟ رد العبد الله: مع اللي خطفهم....
    وفي نهفة أخرى قال والد أسير إسرائيلي عبر الهاتف: أنا بوجه تحياتي لابني جلعاد داخل السجون الخليلية، وبحكيلو إنشالله الفرج قريب. يابا رحت أطلع تصريح زيارة بس الخلايلة رفضوني، المهم وديتلك مع جارتنا أم آفي شوية أغراض. بطش واستعلاء وغطرسة إسرائيلية وسخرية ونكات فلسطينية، نموذجان على طرفي نقيض، سيكولوجية أصحاب القوة وسيكولوجية "ناس بدهم حرية وكرامة".
    مواقف الحكومة الإسرائيلية المرتجلة التي كالت التهم جزافا واستهدفت بالاعتقال رئيس المجلس التشريعي وأعضاء وقيادات من حماس، واتخذت من العملية مناسبة لهدم الشرعية الدولية التي اكتسبتها حكومة الوحدة الوطنية، فعلت كل هذا دفعة على الحساب قبل ان تمسك بأي خيط يعرف بالجهة المسؤولة عن الاختطاف. كذلك فإن الإجراءات الأمنية التي وصلت حد استباحة محافظة الخليل وإشاعة الفوضى ومحاولة تعميم الاستباحة في مخيمات ومدن الضفة الغربية، دون ان تنسى قطاع غزة من القصف والاعتداء وتعميق الحصار، هذه السياسات والاجراءات المتخبطة التي تمارسها حكومة نتنياهو على مدار الساعة لا تقل عدمية وتطرفاً عن أصحاب حملة "اقتل فلسطيني كل ساعة".
    ردود الفعل الدولية تركزت حول الفئة العمرية للمختطفين دون سن الثامنة عشرة، حيث لا يجوز استهداف الأطفال بالاعتقال او الخطف او القتل كما ينص عل ذلك القانون الدولي. وهذا صحيح ومطلوب من الجميع الالتزام به. ورغم انه لا يجوز الوقوع في خطأ ردا على خطأ الآخر، يجدر القول ما أكثر الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأطفال الفلسطينيين قتلا واعتقالا وتدميرا لطفولتهم. من المنطقي وقد عم التهديد أطفال فلسطين، الطلب من المعترضين على خطف أطفال إسرائيليين وتعريض حياتهم للخطر وهم محقون في اعتراضهم وفي المطالبة بالإفراج عنهم، مطلوب إتمام موقفهم بالاعتراض على اعتقال أطفال فلسطينيين وتشويش طفولتهم والمطالبة بالإفراج عنهم قبل حادثة الخطف واثناءها وبعدها، اي في كل الأحوال. يذكر ان عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية يصل الآن الى 190 طفلا.
    بعيدا عن ردود الفعل الإسرائيلية والدولية، ليس من الصعب توقع حدوث مفاجآت، كعملية الاختطاف وغيرها، ذلك ان الاستباحة الإسرائيلية للأرض والموارد ولحرية وكرامة المواطنين وزيادة الضغط والخنق وكبح كل عمل سياسي وإغلاق كل الأبواب والنوافذ أمام أي أمل بالخلاص من الاحتلال. في وضع كهذا فإن كل من يستخدم عقله سيتوقع انفجارا هنا او هناك. ولن تصمد قواعد اللعبة السياسية أمام متغير وجد فيه جيل واكثر من الفلسطينيين ما يخسرونه. دولة الاحتلال تعرف جيدا أن غطرستها في كل شيء بدءا من موقفها العدمي والعدائي من المعتقلين الإداريين، مرورا بسياسة التطهير العرقي في القدس، وانتهاء بالاستيطان الزاحف واعتداءات المستوطنين اليومية، تعرف أن سياساتها ستقود الى الانفجار، غير ان ثقتها بقوتها المادية يدفعها الى الاعتقاد بأنها قادرة على تدمير وإبطال مفعول اي ثورة واحتجاج وتمرد شأنها في ذلك شأن اي سلطة مستبدة ومضطهدة وناهبة.
    لقد نجحت حكومة نتنياهو في تقويض دور السلطة في الحفاظ على الأمن في ظل سياسة تعميق الاحتلال، فقد اعتقدت السلطة بأن الحل السياسي الذي ينهي الاحتلال قادم او يقترب من التحقيق وكان هذا يسوغ التنسيق الأمني والدفاع عن الأمن. ومع أفول الحل وتدمير مقومات الدولة فقد انتفى موضوعيا دور السلطة الأمني وانتفت علاقة تعاونها في مختلف المجالات مع دولة الاحتلال، بل لقد أصبحت العلاقة تنافرية موضوعيا، وقد تصل الى أبعد من تصادم سياسي ودبلوماسي الى مبادرات خارج اتفاق أوسلو وردود وإجراءات إسرائيلية تعصف بالسلطة او تستبدلها. قد لا تصل السلطة الى هذه النتيجة الدراماتيكية لكن عدم اقتناع السواد الأعظم من الشعب باستمرار ذلك الدور الأمني والاقتصادي يجعل مهمتها عسيرة ويهدد بانفصال المواطنين تدريجيا وربما مرة واحدة عن سلطة تقوم بدور امني وتخضع لعلاقات اقتصادية بدون هدف سياسي مشترك مع الشعب، او بهدف سياسي يخص دولة الاحتلال وحدها. هذا التطور مطروح للنقاش في المزاج الشعبي وغير مطروح للبحث في إطار القوى السياسية للأسف. وفي غياب توضيح المتغير الجديد والبحث في سبل وطرائق للخروج من المأزق فإن الثقة تتضعضع وتفتح الأبواب والشوارع أمام تصدر العفوية والشعبوية والتطرف للمشهد الفلسطيني.
    ثمة علاقة بين السلطة والمعارضة، والسلطة التي نحن بصددها هي سلطة الاحتلال. السلطة الديكتاتورية الدموية والطائفية التي لا تعرف اي مرونة للتراجع وتقديم اي تنازل تنتج معارضة على شاكلتها من التطرف والعدمية. السلطة السورية انتجت داعش والنصرة وأخواتها، والسلطة العراقية انتجت داعش وقبائلها. وكانت غطرسة القوة الأميركية قد انتجت قاعدة بن لادن. أما سلطة الاحتلال فقد انتجت ظاهرة العمليات الاستشهادية بعد إخفاق المفاوضات، وهي الآن بصدد انتاج ردود من طراز يصعب التنبؤ به. هذا النوع من المعارضة الداعشية منتج السلطة المستبدة يحضر فقط في غياب معارضة ينتجها الشعب وقواه الحية، فأي معارضة تتصدر مشهدنا الفلسطيني في قادم الأيام؟


    أقدام خرساء
    زياد خدّاش
    أخطأ نادل مقهى بيت الدرج برام الله، حين تجاوزنا على غير عادته ليعطي فنجانيّ قهوتنا لعجوزين ثمانينيين يجلسان على الطرف الآخر من دوار الساعة، وحين سألناه محتجين على فعلته الغريبة، ابتسم بهدوء وواصل طريقه إلى زبائن آخرين.
    مشيت باتجاه العجوزين، المنهمكين في حوار هامس بلا أسنان، ألقيت عليهما سلام دهشتي وارتجاف قلبي، طويلا وقفت أمامهما مصدوما، أخرس القدمين ولا أعرف إن كان صديق دواري وقهوتي وذكرياتي وسرّي ومساءاتي قد صدّقني حين عدتُ إليه:
    (لم يخطئ النادل يا صديقي، لم يخطئ، لقد أعطانا قهوتنا بعد ثلاثين عاما من الآن).


    مريض بالقلب وميكانيكي سيّارات!!
    حسن خضر
    لم أشعر بقلق، منذ هجمات 11 سبتمبر، كما حدث بعد سماع نبأ استيلاء داعش على الموصل. كان للحدث الأول تداعيات هائلة، أطاحت برؤوس، وأنظمة، ومجتمعات، ومستقبلات. وستكون للثاني تداعيات لا تقل هولاً تطيح برؤوس، وأنظمة، ومجتمعات، ومستقبلات.
    الثاني سليل الأوّل، والأوّل سليل الحرب الباردة، التي انخرط فيها العرب إلى جانب الأميركيين ضد الروس، وقاتلوا فيها بالدولارات النفطية، "والمجاهدين"، وأيديولوجيا الجهاد الإخوانية الوهابية. وما بين الثاني والأوّل فرض الأميركيون قائمة مصالحهم الاستراتيجية في الشرق الأوسط: أمن إسرائيل، والنفط، وطرق التجارة العالمية، وحرية السوق. وهذا ما التزم به العرب.
    التزم البعض من منطلق أن بقاء نظامه مشروط بالتزامه، فلا أحد يقول لا للأميركيين ويبقى، بل ويمكن حتى ابتزازهم بمنطق خدمة مقابل خدمة. والتزم البعض من منطلق تصفية الحساب مع أعدائه السابقين من الناصريين والاشتراكيين، والعلمانيين، وكل أولاد الحرام الآخرين.
    وطالما أن لكل شيء إذا ما تم نقصان، وإذا كان الالتزام، في أحد جوانبه، قابلاً للتجارة والتسليع، فلم لا تكون مقاومته قابلة للتجارة والتسليع. وفي هذا برع الحكّام البعثيون في بغداد ودمشق بدرجات متفاوتة من النجاح. بل وكانوا على استعداد لتقديم خدمات للأميركيين، كما فعل حافظ الأسد في حفر الباطن، وصدام في الحرب على إيران.
    وطالما أن لكل شيء إذا ما تم نقصان، أيضاً، جاءت الثورة الإيرانية، فأفسدت حلم النوم في العسل على الأميركيين والملتزمين. لم تكن الثورة دينية في الجوهر، ولا كان الموالي في طليعتها، لكنها سقطت، للأسف، في قبضتهم. وقد استدعى الرد عليها، علاوة على الحرب بالوكالة التي تكفّل بها الحكّام البعثيون في بغداد، استدعاء الذاكرة التاريخية ـ التي لم تخضع يوماً للقراءة الموضوعية ـ لتكريس العداء بين العرب والفرس، وبالتداعي بين ما يدعى بالسنة والشيعة.
    لم تكن الحرب العراقية ـ الإيرانية حرباً بين العرب والفرس، بل كانت حرباً بالوكالة بين الملتزمين بقائمة المصالح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، والدولة الإيرانية، التي سقطت في قبضة الموالي، ودخلت على خط التفاوض والمقايضة بشأن قائمة المصالح الأميركية نفسها، ولكن من المنظور القومي للدولة/الأمة، مُغلّفاً بلغة ومفردات الموالي.
    وفي المقابل، لم يكن انخراط العرب في الحرب الباردة، والجهاد الأفغاني، ترجمة لمنظور الأمن القومي للدولة/الأمة، (فهم دول كثيرة، وبعضها لا يعرف الفرق بين الأمن القومي وأمن النظام) بل كان ترجمة لغلبة فريق من العرب على فريق آخر، وترجمة بالغة السخاء لضريبة الالتزام بقائمة المصالح الأميركية. وهذا ما فرض استدعاء الذاكرتين الدينية والتاريخية، وكلتاهما تختلف عن الأخرى، لكن إلغاء الفرق بينهما يمنح الأولوية للديني على الدنيوي، ويمكّن، في مفارقة من مفارقات العرب الكثيرة، من تحويل كيانات تنتمي إلى ما قبل الدولة الحديثة إلى نماذج تحتذى.
    في سياق الالتزام بقائمة المصالح الأميركية، والرد على الثورة الإيرانية، والانخراط في الحرب الباردة، وذروتها الجهاد الأفغاني، ومع الطفرة النفطية منذ أواسط السبعينيات بطبيعة الحال، وُلد العالم العربي الذي نعرفه الآن، حيث المدارس، والمعاهد، والجامعات، ورياض الأطفال، والنوادي (وكل ما شئت) تقوم بدور أهم وأكبر وأخطر مدرسة للكادر عرفها بنو البشر على مر العصور، لتعطيل العقول، وتربية المتطرّفين.
    حتى في السعودية (تخيّل، أو تخيّلي لكي لا نُغضب النسويات) يقول وزير التربية السعودي "تركنا لهم التعليم فاختطفوا أبناءنا". والصحيح أن اختطاف "أبناءنا" يُترجم يومياً على مدار أربعة عقود في عالم يمتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، والصحيح، أيضاً، أن الإخوان المسلمين (الذين يقصدهم الوزير) ليسوا سوى مخلب قط، بين مخالب كثيرة، فحتى صدّام حسين، وحافظ الأسد وابنه بشّار، دمّروا التعليم على طريقتهم.
    وما تعجز مدارس الكادر الأهم والأكبر والأخطر في تاريخ البشرية، عن ترجمته، يقوم به التلفزيون (وما أدراك ما التلفزيون، ولننس شيوخ الفضائيات)، فالمسلسلات "التاريخية"، و"البدوية"، و"التراثية"، التي يشاهدها الناس، عادة، في رمضان، تمثل ما عدا استثناءات قليلة (منها أسامة أنور عكاشه، ومدرسته المصرية) أهم وأكبر وأخطر عملية غسيل دماغ عن طريق الدراما، والصورة، في التاريخ الإنساني كله. لم يسبق لتاريخ أن تعرّض لهذا القدر من المكياج، والفوتوشوب، والقص واللصق، والتمثيل والتدجيل، كما حدث ويحدث كلما استدعى التلفزيون الذاكرة التاريخية والدينية، على مدار أربعة عقود مما تعدون.
    فلنضع هذا جانباً، الأميركيون لم يخالجهم الشك في ولاء بعض الملتزمين، وفي سير البعض الآخر مع اتجاه الريح، ولم تزعجهم كثيراً ممانعة البعض، وقد انصب تفكيرهم في لحظة ما على ضرورة وجود نموذج لدولة إقليمية تُحتذى، تقوم بدور القاطرة الأيديولوجية والسياسية للعالم العربي، وتمثل حائط صد أمام الإيرانيين، والعرب القوميين والراديكاليين.
    ولم يخالجهم الشك في ضرورة أن يكون هذا النموذج إسلامياً. لم يقنعهم لا النموذج السعودي، ولا المصري في صيغتيه الساداتية والمباركية، أرادوا شيئاً أكثر استقراراً وجاذبية. كان في النموذج التركي ما يرشحه لدور القاطرة. وقد اصبحوا بالتأكيد عمليين أكثر بعد هجمات 11 سبتمبر.
    ثورات الربيع العربي لم تكن في الحسبان، قلبت المعادلات والحسابات. بعض المعادلات سقطت، وبعض الحسابات أصبحت عاجلة. أعقب الارتياح صعود الإسلاميين، وتجلت مشاعر الحيرة والتردد والغضب الأميركية، بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر.
    على هامش هذا كله، وبه ومعه، نشهد انفجار العالم العربي، مريض القلب الذي يداويه ميكانيكي سيّارات، على الجثة يتقاطر ويتكاثر ذباب، وتغني "الجزيرة" لداعش وأخواتها: "أمجاد يا عرب أمجاد".



    مقالات الحياة الجديدة,,,,,
    حياتنا - تأملات الظهيرة
    حافظ البرغوثي
    عرقان أم عباس.. سلسلة صخرية طويلة تمتد شمالا وجنوبا فوق السفح الجبلي غربي القرية.. ويعلوها مقام الخواص.. فوق الصخور تتقافز حيوانات «الوبر» الحذرة جدا وتتسلق الصخر بسرعة وتختفي في ثقوب صخرية لا يصلها حيوان ولا انس وأحيانا أرى خنزيرا ضخما يتسلل هاربا من تحت شجرة بلوط.. ونادرا أرى غزالا شاردا يختصر المسافات وهو يقفز كأنما يطير على ارتفاع منخفض.. كثيرا ومنذ الصغر اعتدنا على هذه الصخور المطلة على الوادي وأسفلها تمتد أراضي الجردة وتعني الأرض الجرداء لأنها صخرية لكن السواعد المثابرة زرعت فيها الأشجار ومات صاحبها فيها وأنجب من واصل استصلاحها والعناية فيها حتى مات هو الآخر قبل سنة.. كان فقد الذاكرة تماما ولم يعد ينطق الا باسم أرضه حتى فارق الحياة..
    هنا على هذه الصخرة كان يحط صياد الحيايا بعد أن ينتشل بمخالبه أفعى من وسط أشجار البلوط ويخلع رأسها أولا ثم يقطعها اربا وينقل قطعها الى فرخه فوق زيتونة على السفح.. بعض الجهلة سرق الفرخ العام الماضي لبيعه.. كما يقوم جهلة آخرون باصطياد فراخ «الهوي» والصقور من أعشاشها لبيعها.. أشفقت على صياد الحيايا وأعددت له شجرة بلوط بعد تشذيبها لكي تعلو ويعشش فيها لكنه حتى الآن لم يستخدمها وفر غربا الى سفوح قريبة حيث حط عشه على شجرة زيتون محاطة بالعليق والبلوط بحيث يصعب الوصول اليها..
    في مثل هذه الظهيرة الحارة كنت في السابق أسترخي الى جذع زيتونة واستمتع بقيلولة بعد الظهر وحيدا..
    وعندما أصحو أفرك عيني وأبحث عن قطف عنب أو ثمار التين.. لأمسح فمي كما يقال.. الآن لا تين ولا عنب فلا سواعد تعيد استنبات الأرض.
    من كان يعمل في الزرع والاستنبات مات وخلف بنات، وربما لم يخلف.


    مدارات - فيما يرى النائم الامبريالي
    عدلي صادق
    أعلنت بريطانيا أمس، أنها أدرجت "داعش" ضمن قائمة الحظر والتصنيف الارهابي، لكنها أضافت اليها ثلاثة تنظيمات أخرى، واحد منها، هو "كتيبة الكوثر" التي رأتها السلطات البريطانية في المنام، وهي واحدة من خمس "كتائب" يضمها ما يُسمى "جيش الراشدين" السُني في العراق، ما يعني - في تفسير خاطئ - ان "الكتائب" الأربع الأخرى حازت على السلامة الأمنية البريطانية (الفردوس، جنود الرحمن، الفجر الصادق ومسلم بن عقيل). وضمت وجبة الحظر، ما يُسمى "كتائب عبد الله عزام" ومنظمة يسارية تركية تُدعى "جبهة التحرير الشعبي الثوري". لكن العجب العُجاب، أن كلمة "جبهة" ربما هي التي ذكَّرت السلطات البريطانية بـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي لا تُسمع قعقعة لها أو ضجيج، سوى المطالبة بجلاء الاحتلال الارهابي العسكري الأخير في هذه الدنيا، عن صدرنا وعن بلادنا!
    في الواقع، سيجد المتقصي مشقة في التعرف على "الكوثر". فهي اسم يصلح لكل شيء نوراني، من الاستهداء باسم السورة القرآنية الكريمة القصيرة، مروراً بالجمعيات الخيرية، مثلما يصلح لشاشات التلفزة وحتى لإطلاقه على الـ "بيبسي كولا" في ليبيا أيام المرحوم معمر القذافي.
    لم تتخلل الرؤيا البريطانية، رؤية "بدر" الشيعية ذات المئة ألف مهووس طائفياً، التي سفكت دماء المواطنين العراقيين، من أساتذة وكفاءات وعلماء، ودم مواطنين فلسطينيين لاجئين أبرياء، ذلك لأن مؤسسها عبد العزيز الحكيم، كان يتأبط ملفاً يدخل به الى البيت الأبيض، متلفتاً يميناً ويساراً، كثعلب خائن، ويلتقي بوش الابن، الذي نكب العراق وغيرها بغباء. فأمثال هؤلاء لا يُدرجون على قوائم الإرهاب!
    ماذا فعلت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" لبريطانيا لكي تتقصدها، إن كانت هي نفسها الفصيل الذي أسسه الرمز جورج حبش؟! فإن كان التصنيف الذميم، يحل على القوى والتنظيمات بأثر رجعي؛ فلماذا لا يُصار الى تصنيف "الهاغاناه" و"أراغون" و"إيتسيل" و"ليحي" الصهيونية الإرهابية، التي قتلت شقيقة جورج حبش واقتلعت الأسرة من منزلها في اللد، وقتلت صديقه وجاره "أمين حنحن" أمام عينيه بلا سبب؟!
    مؤسف أن تختلط ردود الأفعال على تطورات الأحداث، بالرياء وبالكوابيس وبهلوسات النائم المتأسي على مجده الإمبريالي. فما الذي يجمع "داعش" بـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في وجبة حظر وشيطنة؟!
    لم تقتنع بالطبع، أن تقول بريطانيا كلمة حق، في جريمة قتل الشهيد "أبو علي مصطفى" الأمين العام الأسبق لهذه "الجبهة" في مكتبه، بصاروخ إرهابي من الجو، وهو الذي امتطى مخاطر "السلام" الموهوم وعاد الى الوطن، استجابة للحد الأدنى من أمل الحرية لشعبه. كأن الصواريخ التي تطلق من الجو، صُنعت لاغتيال الساسة في مكاتبهم. إن هؤلاء يهذرون بحظر وبتصنيف شائن، لفصيل فلسطيني ضمن حركة تحرر، وهذا ما يستوجب رداً مشروحاً.
    كأنهم، بهذا المنطق، يريدون خلعنا من ثوبنا وخلع عقولنا من رؤوسنا، لكي نتعاطف مع "داعش". نطمئنهم بأننا لا نرضى بديلاً للمشروع الوطني الديمقراطي في كل بلد عربي، وسنظل مشعلاً للحرية في هذه المنطقة من العالم، واثقين أن الظلاميين الصهاينة سيندحرون عاجلاً أم آجلاً، ولسوف نظل نستذكر جرائم المستعمر البريطاني، وإرهابه القبيح، الذي نصَبَ المشانق لأحرار فلسطين ومصر والعراق. وحبذا لو أبرقنا للبريطانيين للاحتجاج، باسم منظمة التحرير الفلسطينية، مع استفسار عن سبب الربط بين "داعش" والفصيل الفلسطيني. فبئس هكذا منطق، وبئس هكذا رؤيا رآها الحالم البريطاني بمجده الامبريالي!


    ومضة - المونديال للأغنياء أم للأشقياء؟
    د. صبري صيدم
    ليس من حق أحد كثر ماله أو قلَّ أن يحرم الناس من حقها الآدمي في متابعة مباريات كأس العالم. فلعبة الفقراء التي ولدت في الأزقة والحارات والشوارع لا يمكن أن تبقى حكراً على أباطرة المال في العالم ممن قزّموا معشوقة المليارات من البشر بمستقبلات رقمية مدفوعة الاشتراك رغبة منهم في "تكويم" المزيد من المال.
    الساحرة المستديرة كما يحلو للبعض تسميتها لم يصنعها إلا الفقراء والمسحوقون من اللاعبين الذين باتوا نجوماً بالقدر والمال. وهم ذاتهم من يعلمون شغف الناس بكرة القدم وفنونها ومغامراتها وحتى فضائلها وفضولها وحديث كواليسها وحروب أصحابها ومعارك أنديتها. هؤلاء الفقراء وبدورهم "يستحثون" اليوم كل من يوّفر لهم وسيلة لحضور المباريات دونما أن يدفع المرء ثمن متابعة الواحدة منها ما يعادل خبز يومه.
    لذا لا عجب بأن يلجأ البعض إلى وسائل غير تقليدية في إتاحة المباريات للناس عبر محطات فضائية كسرت حظر المحتكرين أو محطات تلفزية أرضية أو حتى إذاعاتٍ محلية قررت مجتمعة بث المباريات بعيداً عن التكاليف المرهقة للناس بل بصورة مجانية كاملة.
    ولا عجب أيضاً أن نرى بعض التصرفات المتمردة التي نراها اليوم والتي تقودها مجموعة من المحطات الفضائية الاوروبية التي كسرت الحظر وباتت تبث كأس العالم بلغاتها المحلية.
    كرة القدم كما الإنترنت لا يمكن أن تبقيا متاحتين مقابل المال وإنما يجب أن تكونا مجانيتين للجميع، ليس فقط لولع الناس بهما بل أيضاً لما تقدمانه من بعٍد ترفيهي ورياضي وعلمي ومعرفي.
    وفي ظل تعسف شروط البث عالمياً اليوم وإصرار "المتعسفين" على جني المال رغم إرادات الناس، يخرج عمالقة من "الأشقياء" الذين يستطيعون وعبر الانترنت أن يفككوا شيفرات اللواقط الرقمية التي ساهمت في حجر كأس العالم عن البشر وبذلك يصبح نادي الأغنياء متاحاً أمام "الأشقياء" ومنهم العالم برمته.
    محتكرو المباريات لا يحتاجون إلى لواقط رقمية مشفّرة ولا إلى بطاقات ممغنطة لفك تلك الشيفرات لسداد تكاليف البث ونقل المباريات، وإنما يحتاجون إلى تكثيف المواد الدعائية وإيجاد وسائل إبداعية لهذا النوع من التكثيف خلال بث المباريات كاملة.
    العالم الحر لا يحتاج إلى موانع في وجه ما يحب ويرضى بل إلى موانع في وجه كل ما لا يحبه ويرضاه من جرائم ومكاره وحروب .. فإذا كان المرغوب محظوراً والمكروه مفروضاً فلا بارك الله في هذا العالم .. وعاش.. عاش "الأشقياء"!
    نبض الحياة - أوقفوا ارهاب اسرائيل!
    عمر حلمي الغول
    لم يتوقف ارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني منذ ما قبل قيامها من خلال المنظمات الارهابية الصهيونية، وواصلت القيادات الاسرائيلية ذات السياسة والنهج بعد اقامة اسرائيل في أعقاب نكبة الشعب العربي الفلسطيني أيار/ مايو 1948، وما زالت حتى اللحظة الراهنة.
    ولكن بين الفينة والاخرى يفلت الارهاب الاسرائيلي من عقاله مستغلا ذريعة واهية او حدثا ما ليبطش بأبناء الشعب الفلسطيني، كما يحدث هذه الأيام حيث قامت مؤسسات اسرائيل العسكرية والأمنية بشن حملة اعتقالات واسعة ضد عدد من أعضاء المجلس التشريعي والوزراء السابقين وغيرهم من المواطنين، وتنفيذ عمليات مداهمة وفرض الطوق على الجماهير الفلسطينية في الخليل وبيت لحم ورام الله/ البيرة وبيتونيا والمخيمات الفلسطينية نموذجا عنها مخيم الجلزون الذي سقط به فجر الاثنين شهيد وعدد من الاصابات، وحرمان المواطنين من السفر بحجة البحث عن مستوطنيها الثلاثة المختفين من يوم الخميس الماضي.
    وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها اسرائيل ضد المواطنين العزل تتناقض مع القانون الدولي واتفاقيات جنيف الاربع، كما انها تصب الزيت على نار الغضب والسخط الشعبي الفلسطيني وتدفع الأمور دفعا ممنهجا نحو الهاوية، الهدف منها: اولا خلط الأوراق على المسار الفلسطيني الاسرائيلي. ثانيا، تحميل القيادة الفلسطينية وخاصة الرئيس عباس المسؤولية عما ستؤول اليه الاحداث والتطورات، ثالثا تبديد أي بارقة أمل باتجاه التسوية السياسية، رابعا السعي للخروج من العزلة الدولية، التي تأخذ في الاتساع، خامسا الغمز من قناة المصالحة الوطنية الفلسطينية وتحميل الأطراف الدولية المؤيدة لها نتائج لمستوطنيها الثلاثة.
    مع ان جميع القوى الدولية والاقليمية المحلية لا تستبعد سيناريو وقوف اسرائيل ذاتها خلف عملية «الاختطاف» لتحقيق مجموعة الاهداف المذكورة آنفاً وغيرها.
    وهذا يملي على جميع القوى الدولية والاقليمية والعربية والاسرائيلية التدخل المباشر مع حكومة نتنياهو والزامها بايقاف فوري لسياسة العقاب الجماعي، والالتزام باستحقاقات عملية السلام والاندفاع الى طاولة المفاوضات لترسيم الحدود الفاصلة بين الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية على أساس حدود حزيران 1967 والانسحاب النهائي والكلي من الأراضي الفلسطينية وخلق المناخ الملائم لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السياسة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.
    وان لم تفعل، فانها تكون متساوقة مع دولة وحكومة اسرائيل وارهابها المنظم وعندئذ عليها ان تتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه ما ستؤول اليه الأمور في المنطقة.


    "ابو اياد ... عملاق فلسطين"
    عيسى عبد الحفيظ
    اثارت كلمات الشاعر الصديق احمد دحبور الاخيرة على صفحات جريدة (الحياة الجديدة) حول مساواة الماء والخشب ذكريات مع القادة الذين سبقونا على درب النضال، والى العالم الآخر. واحد ابرز هؤلاء القادة الشهيد صلاح خلف (ابو اياد ) ابن يافا الذي غادرها وهو في مقتبل العمر مع اهله الى غزة، ليعيش لاجئا مرغما على المثول امام المحققين باستمرار فقط لأنه فلسطيني حتى وصلت به الامور الى تأليف كتابه المشهور "فلسطيني بلا هوية".
    وفي الكتاب يروي الشهيد ابو اياد شيئا من المعاناة التي فرضت على الفلسطينيين بالهجرة واللجوء، والأدهى والأمر معاناتهم مع أجهزة المخابرات الشقيقة.
    وخارج نص الكتاب، كان ابو اياد يذكرنا نحن الاصغر منه سنا بما سبق أن تعرض له هو وغيره من ابناء شعبنا من قهر واضطهاد وجلسات تحقيق طويلة على يد ابناء الجلدة الواحدة، ليبين فضل الثورة وضرورتها للشعب الفلسطيني، الذي وان كان لم يستطع تحقيق اهدافه في الحرية والاستقلال واقامة دولته المستقلة وبناء كيانه الذاتي الفلسطيني الوجه العربي العمق، والعالمي الابعاد. الا انه استطاع ان يعيد الكرامة الوطنية التي تحققت بفضل انتزاعه كرامته الذاتية من مخالب الوصاية والتبعية والهيمنة ومحاولات سلب التمثيل، وسياسة الاحتواء. وكل ذلك بفضل الثورة التي فجرتها حركة فتح والتي كان ابو اياد احد مؤسسيها الاوائل. كان يفتخر بان الشعب الفلسطيني بفضل ثورته ? ثورة المستحيل ? وثورة بساط الريح قد استطاع ان يمسك بقضيته بيده، وان يقرر هو وليس غيره ما يجب ان يكون.
    في احدى جلساته مع الرئيس الراحل حافظ الاسد، وفي بدايات الصدام معه حول لبنان والتواجد الفلسطيني هناك، كانت حجة الاسد ان لا قرار فلسطينياً مستقلاً بل قرار قومي عربي. فوافقه الشهيد ابو اياد على ذلك الطرح، لكنه طلب ان يوضع القراران السوري والفلسطيني معا على الطاولة، وحينها سيتحقق القرار القومي، وبديهي ان ذلك الطرح لم يعجب الرئيس السوري!
    ابو اياد القيادي الفتحاوي، صاحب القامة العالية، المعتز بفلسطينيته، هاجم معظم القادة العرب علانية وجهارا عبر خطبه الصريحة الساخنة، خطيب مفوه،عندما يعتلي المنصة يأسر القلوب قبل الاسماع، لا يهاب سطوة الحكام مهما علا شأنهم، فقد كان عند استقلالية القرار الوطني الفلسطيني عنيدا الى حد الصدام والى استعداد تام لتحمل النتائج مهما كانت.
    احتفظت بصورته اعتى أجهزة المخابرات الدولية، وكان حضوره طاغيا مهابا مؤثرا على السياسة الاقليمية والدولية. نسج شبكة علاقات واسعة وكانت قاعدته الاساسية في العمل المعاملة بالمثل، والند بالند، حتى مع دول كبيرة كفرنسا والمانيا.
    مهندس العلاقات الفلسطينية ? اللبنانية والذي حاول جاهدا ان يجنب لبنان الحرب الاهلية باجتماعاته المتكررة مع امين الجميل وشقيقه بشير ووالدهما بيار، لكن المؤامرة كانت اكبر من محاولاته، ورغم كل الاجتماعات السرية التي عقدت بينه وبين آل الجميل في منزل السيدة المرحومة شيرمين حنيني، حفيدة السلطان عبد الحميد الثاني في منزلها في الرملة البيضاء في بيروت، الا ان التورط الكتائبي مع اجهزة الامن الاسرائيلية كان قد قطع شوطا بعيدا، وكان المئات منهم قد توجهوا الى اسرائيل للتدريب والتزود بالاسلحة والذخائر.
    ومع ذلك لم يقطع ابو اياد الامل فبقي يحاول لتجنب سفك الدماء وانهيار الدولة اللبنانية الذي حدث بعد رحيل الرئيس سليمان فرنجية، فحدث الفراغ الرئاسي وتشرذم الجيش وسقطت الدولة.
    ابو اياد اسطورة فلسطينية، تفتخر به فلسطين وكل احرار العالم فقد كان صديقا لكل حركات التحرر في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية.
    اذكر انه في احدى زياراته للجزائر، روى لنا قصته الشخصية مع الانظمة العربية وضرب مثلا واحدا، تستطيع ان تستشف منه كل شيء في احدى سفراته لعلاج احدى بناته، وصل الى بيروت قادما من الكويت برفقة عائلته، فتم حجزه مع كامل افراد اسرته في ترانزيت المطار لأنه يحمل وثيقة سفر فلسطينية، وتم حجز كلب لاحدهم لأنه لم يحمل شهادة التطعيم في الغرفة نفسها، وبعد قليل استطاع صاحب الكلب ان يستصدر له الشهادة المطلوبة فجرى اطلاق سراح الكلب وبقي ابو اياد وكامل عائلته في الحجز؟
    يعلق ابو اياد على هذه الحادثة بانه ومن ساعتها قرر ووصل الى قناعة تامة ان قدر الفلسطيني هو الثورة، فالفلسطيني مطلوب ولو حمل كل جنسيات العالم، فهويته سلاحه وهكذا كان.
    ابو اياد لن افيه حقه في هذه العجالة لكن للحديث بقية.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. المقالات في الصحف المحلية 04/06/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:32 PM
  2. المقالات في الصحف المحلية 21/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:19 PM
  3. المقالات في الصحف المحلية 20/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:18 PM
  4. المقالات في الصحف المحلية 19/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:17 PM
  5. المقالات في الصحف المحلية 18/05/2014
    بواسطة Haneen في المنتدى الصحافة المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2014-12-18, 12:17 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •